وزير الخارجية الأمريكي السابق «السيسى» أبلغنا أن مصر لديها إرادة حاسمة للسلام والاستقرار
القاهرة شريك استراتيجي في مكافحة الإرهاب
وزير الخارجية السابق يُجمل وجه «ترامب» ويتجاهل تجاوزاته ضد الديمقراطية والانتخابات
معظم القادة الأوروبيين ليست لديهم غريزة لرؤية الصين كتهديد
أسرار كثيرة وخبايا كشفها مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي السابق، تتعلق بعلاقة الولايات المتحدة الأمريكية بمصر خلال فترة التغيرات السياسية بداية من أحداث ثورة يناير وتنحي الرئيس الأسبق حسني مُبارك، ووصول الإخوان للحكم ورحيلهم بثورة 30 يونيو.
“بومبيو” كشف في مذكراته التي حملت عنوان: "لا تتنازل أبدا، الدفاع عن أمريكا التي أحبها"، عما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي، لوفد أمريكي إبان قراره بالترشح للانتخابات الرئاسية.
وتكتسب هذه المذكرات أهمية خاصة، لأن “بومبيو” تولى حقيبة الخارجية الأمريكية في وقت خطير، ومعروف أنه ملك الاختراقات السياسية الخارجية لإدارة ترامب، والجامع بين منصب أكبر دبلوماسي في أمريكا ورئيس وكالة التجسس الأولى فيها، وهو من فرض الضغوط الساحقة على إيران، وفى نفس الوقت تجنب أزمة نووية مع كوريا الشمالية، وأكثر من قدم دعمًا لإسرائيل، وهو أيضًا قائد التحول الأهم فى علاقة أمريكا بالصين، والمساعد لإدارة ترامب في صياغة نهج أطلق عليه America First، المتصدر دوما لمواجهة وسائل الإعلام ذات النزعة الديمقراطية، والمهدد بالاغتيال من إيران.
في مذكراته التي تحمل عنوان "لا تتنازل أبدا، الدفاع عن أمريكا التي أحبها"،Never Give an Inch: Fighting for the America I Love والتي تناولت فترة عمله وزيرا للخارجية في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، تحدث وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو فى الفصل الرابع عشر عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذى كان وزيرا للدفاع عندما التقاه أول مرة، والذي كان شريكًا مهمًا للغاية لإدارة ترامب، حيث أكد له “السيسى”، أن مصر لديها إرادة حاسمة للسلام والاستقرار.
يؤكد “بومبيو”، أن مصر فى ذلك الوقت كان يبلغ عدد سكانها مائة مليون نسمة، وأنها تعرضت لخطر حقيقي نابع من البلاد، بعد تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011 وحدوث انتقالية فوضوية، حيث أمضى الإخوان المسلمون شهورا في السلطة حتى عام 2013، وكانت مصلحة أمريكا فى الالتزام بمساعدة مصر فى قمع شبكات الإرهاب.
يقول “بومبيو”: التقيت السيسي لأول مرة في مارس 2014، عندما كان لا يزال السيسي قائدًا عامًا للقوات المسلحة ووزيرًا للدفاع، واجتمعنا مع عضوين آخرين من لجنة الاستخبارات: مايك روجرز، جمهوري من ميشيجان، والديمقراطي جيم هيمز، أخبرنا السيسي شيئين مهمين ذلك اليوم، أولًا: أنه كان ذاهبًا إلى إعلان ترشحه للرئاسة في اليوم التالي، وقال لنا إنه إذا زرناه في غضون عام واحد، كان هناك احتمالان فقط: أما ينعم بالنجاح.. أو نجده جالسًا في السجن، تمامًا مثل أسلافه الذين كانوا في ذلك اليوم محتجزين في السجون المصرية.
البند الثاني كان طلبًا منه ونصه: "من فضلك قل للرئيس أوباما أن يعطينا مروحيات آباتشي التي اشتريناها.
وتابع “بومبيو”: أوباما وإدارته كانا من المرجح أن يرضخا لضغط السيناتور باتريك ليهي الرافض تزويد مصر بالمروحيات، متحججا بمخاوفه من إهدار مصر حقوق الإنسان، وهذا السيناتور هو رئيس اللجنة الفرعية للمساعدات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي حينذاك، أكد أنه لن يوافق على إرسال مساعدات للجيش المصري، وقال في كلمته بالمجلس: "لست مستعدا للموافقة على تسليم مساعدات إضافية للجيش المصري، لست مستعدا لفعل ذلك إلى أن نلمس أدلة مقنعة على التزام الحكومة (المصرية) بسيادة القانون" - على حد قوله.
جاء ذلك عقب إعلان إدارة الرئيس باراك أوباما إنها ستسلم عشر طائرات هليكوبتر حربية آباتشي و650 مليون دولار للجيش المصري من المساعدات المعلقة، عقب ثورة 30 يونيو التى أطاحت بحكم جماعة الإخوان.
ويؤكد مايك بومبيو فى كتابه: اتفقت أنا وروجرز على أن السيسي يجب أن يحصل عليها، خاصة أن القوات المصرية يمكن أن تستخدمها لمواجهة الإرهابيين في سيناء، وكانت مصر ولا تزال شريكا مهما في مكافحة الإرهاب، وحرمان هذا البلد من الأدوات التي تساعدها على محاربة الإرهاب كان غير مفهوم.
من خلال هذا الكتاب يمكننا استكمال خارطة طريق للاتجاهات واللاعبين الذين يشكلون العالم اليوم، فالكتاب يتجاوز أنه مجرد مراجعة تاريخية لأعظم انتصارات إدارة ترامب، إنه قراءة أساسية لمن يريد أن يفهم تحديات المستقبل.
من المعروف أن مايكل آر بومبيو شغل منصب وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية السبعين ومديرًا لوكالة المخابرات المركزية خلال إدارة ترامب، عمل كضابط سلاح فرسان في الجيش الأمريكي قبل تخرجه في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، من 2011-2017، مثل الدائرة الرابعة في كانساس في مجلس النواب الأمريكي.
لكن اللافت للنظر أنه في عام 2016، بصفته عضوًا في الكونجرس، حذر الجمهوريين في كانساس من الخطر الذي يشكله دونالد ترامب، أعرب بومبيو عن أسفه لأن الولايات المتحدة قد تحملت بالفعل أكثر من سبع سنوات من "رئيس استبدادي تجاهل دستورنا" - أي باراك أوباما - وحذر من أن رئاسة ترامب لن تكون مختلفة.
يتجاهل بومبيو بشكل أساسي التمرد الذي أشعله ترامب والهجوم على الكونجرس الذي نتج عنه، إنه يشير إلى "الفوضى في مبنى الكابيتول" في 6 يناير 2021 ويستهدف "اليسار الديمقراطى" للتطلع إلى استغلال أحداث اليوم، لكنه لا يذكر شيئًا عن جهود ترامب المنسقة لتخريب الديمقراطية وقلب الانتخابات.
يشير “بومبيو”، إلى أن سفيرة الأمم المتحدة (والمنافس الرئيسي المحتمل) نيكي هايلي خططت لتصبح نائب الرئيس لدونالد ترامب.
ويشير مايك، إلى أن أزمته مع تركيا تكمن فى أن هيئة الأركان المشتركة المكونة منه وجو دانفورد والوزير تيلرسون كان لديها خيارين، الأول كان العمل مع القوات الكردية في سوريا، المعروفة باسم قوات سوريا الديمقراطية، لمساعدتها في استعادة الأراضي السورية التي يسيطر عليها تنظيم داعش من محافظة إدلب في الشمال الغربي، أسفل نهر الفرات الأوسط الوادي، ومن ثم إلى الحدود العراقية، وكان الخيار الثاني هو دعم الاقتراح التقليدي بالتعاون مع الأتراك، الذين زعموا أن لديهم قوات ضخمة يمكنها القضاء على داعش واستعادة النظام في سوريا.
يقول: لقد تشككت بالأمر، حيث بدت خطتهم وكأنها بمثابة التطهير العرقي للأكراد، سوف يستغل أردوغان هذه الفرصة لتحقيق هدفه الطويل الأمد المتمثل في سحق الشعب الكردي في جميع الأنحاء.
يتحدث بومبيو عن زيارته لأنقرة في عام 2017 كرئيس لوكالة المخابرات المركزية، وقال “بومبيو”، عن اجتماعه مع رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان وإبراهيم كالين، المتحدث باسم أردوغان ومدير الأمن القومي التركي الفعلي: "لم أرى قط مثل هذا الغضب ينفجر بهذه السرعة في الغرفة. انفجر كالين وفيدان ثم غادرا بسرعة"، ورغم أنه لم يكن رائعًا بالنسبة للعلاقات الثنائية، إلا أن الولايات المتحدة اتخذت القرار الصحيح، هذا القرار كان ناتجا من أن واشنطن أدركت أن الجيش التركي لم تكن لديه القدرة على هزيمة داعش.
بل إن بومبيو يؤكد فى كتابه إنه عندما قضى نائب الرئيس الأمريكي قرابة الساعة بمفرده مع أردوغان، أراد اختراق الباب للدخول.
يقول بومبيو: أخبرت نظيري بأننا سنخترق الباب - كنت قلقًا من أن نائب الرئيس بنس يتعرض لنفس الفيديو الذي مدته ثلاث ساعات لانقلاب عام 2016 والذي أُجبرت على مشاهدته في زيارتي الأولى لتركيا كمدير وكالة المخابرات المركزية في عام 2017.
يرى مايك بومبيو، إنه من بين العشرات من قادة العالم الذين التقى بهم كوزير للخارجية الأمريكية، وجد الرئيس الصيني شي جين بينج "قاسيًا" وبمثابة "جهاز شيوعي مثالي".
وتحدث عن مطالبه بالانتقام من المظالم التي حدثت قبل ولادة أي منهما بوقت طويل"، أنه متشوق دائمًا لفرض آرائه، حتى عندما يتظاهر بأنه يستمع إليك، يلاحظ بومبيو أنه يتلاءم مع الصورة النفسية لشيوعي ألماني شرقي أو سوفيتي.
يشير “بومبيو”، إلى أن شي تحدث "بنبرة جوفاء" وكان دائمًا يبحث عن الكلمات والعبارات والأمثال الصينية القديمة ذات المعانى المشكوك فيه، قال “بومبيو”: بعد أن رأيت الآن النظام فى الصين يتجسد على أعلى مستوى، شعرت بمدى اختلاف قادته عن الشعب الصيني.
يقول بامبيو:"لقد جئت لأنى أحب الشعب الصيني، وما زلت أحبه، لقد أحزنني أن النموذج الأمريكي للتعامل مع الصين قد شجع نظامًا يتسم بمثل هذا الازدراء التام للكرامة الإنسانية الأساسية، وكان ينظر إلى شعبه على أنهم تروس في النظام الماركسي من السلطة.
فى مذكراته التي تحمل عنوان "لا تتنازل أبدا، الدفاع عن أمريكا التي أحبها"، كتب بومبيو أنه في ذروة أزمة Covid-19، أخبر شي الرئيس آنذاك دونالد ترامب أن الدعوات المستمرة للمساءلة ستعرض للخطر قدرة أمريكا على استلام معدات الحماية الشخصية التي يتم شحنها من الصين.
يقول بومبيو: "كانت الولايات المتحدة لا تزال في المراحل الأولى من فهم ما كنا نواجهه، وأطلق الرئيس نداءً صارمًا بأن وضع أمريكا أولًا يعني عدم تعريض قدرتنا على شراء المعدات المنقذة للحياة من الصين للخطر، لكن في الوقت نفسه، كنت مصممًا على فرض المساءلة بقول الحقيقة، قال بومبيو: كنت أعرف أن الحزب الشيوعي الصيني لم يكن سعيدًا بي بالفعل.
يقول إنه يشك في أن كلماته القاسية أثرت على مكالمة ترامب التي كانت مقررة مسبقًا مع شي؛ وأنه انضم إلى المكالمة من مكان آمن بدأت المكالمة بشكل ودي، حيث عرض شي الأدوية التي أكد لنا أنها ستوقف أعراض COVID-19.
وتابع “بومبيو”: هاجمني شي قائلا: لقد أساء بومبيو إلى الشعب الصيني. بومبيو عدائي وملاكم بلا سبب، يخاطر بومبيو باتفاق التجارة الذي وقعناه قبل شهرين. بومبيو غير ناضج ويهدد كل ما بنيناه معًا.
وفقًا لم يقوله بومييو، بعد بضعة أيام عندما كان بومبيو في المكتب البيضاوي، دخل ترامب ورآه شخصيًا لأول مرة منذ مكالمة شي.
قال ترامب: أنتم بحاجة إلى معرفة أن شي يكره ذلك الرجل، أنت تعرضنا جميعًا للخطر، توقف.
يقول بومبيو: "عندما عدت إلى المنزل في تلك الليلة، أخبرت سوزان أن رحلتي الجيدة ربما اقتربت من نهايتها، لن أمدح شي أو الحزب الشيوعي الصيني على أكاذيبهما المتعلقة بالموت.
بومبيو يرى أن عادة ما تضع الدبلوماسية الأمريكية طوكيو في قلب آسيا، وسيول فى موقعها الرئيسي للوصول الجغرافي الاستراتيجي. ومع ذلك كان الإهمال الأمريكي للهند فشلًا من الحزبين على مدى عقود.
الهند ينافس الصين فى عدد السكان، أيضًا به سوق طلب هائل على الملكية الفكرية الأمريكية والمنتجات، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي في جنوب آسيا، لذلك جعل بامبيو نقطة ارتكاز دبلوماسيته لمواجهة الصين، فى الكتلة المضادة للصين المكونة من الولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا، على أن يكون لكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وزن اقتصادي لا يقل عن ثلاثة أضعاف وزن الصين.
تعميق العلاقات بين الولايات المتحدة والهند لم يكن بالأمر الهين، الهند لديها أيضا اقتصاد حمائي بشدة وموجه من قبل الدولة، كانت أسلحة الهند في الغالب روسية، العلاقة التجارية والحدود الدولية الطويلة مع الصين يحد من الهند الرغبة في المخاطرة.
القادة الهنود يركزون باهتمام كل دقيقة على باكستان، كقوة نووية يسيطر عليها جيشها وأجهزة المخابرات المتعاطفة مع الإسلاميين - وليس حكومتها المنتخبة. والنزاع المستمر منذ عقود حول منطقة الحدود الشمالية لكشمير.
كما هو الحال مع عالم الدبلوماسية، فإن الأشخاص الذين يعملون في حل المشكلة لهم أهمية كبيرة، كنت محظوظًا لوجود أعضاء فريق عظيم، ليس أكثر من كين جاستر، الذي يتمتع بقدرات مذهلة، كين يحب الهند وشعبها، والأهم من ذلك كله، إنه يحب الشعب الأمريكي، والدبلوماسي، ديفيد هيل، كان أيضًا سفير الولايات المتحدة في باكستان.
يقول بامبيو فى مذكراته كان التعامل مع الاتحاد الأوروبي من بين أكثر المهام غير السارة، عملت مع نظيرين على مستوى وزير الخارجية.
في البداية كانت فيديريكا موجيريني، العضو السابق في اتحاد الشباب الشيوعي الإيطالي، والآخر هو الاشتراكي الإسباني جوزيب بوريل، هناك الكثير مما يمكن قوله عن الاتحاد أوروبا وتشكيلته والاستقلالية التي امتصها من دول مثل اليونان والمجر وإيطاليا وبولندا، تستغل ألمانيا وفرنسا سلطتهما على تلك البلدان، وغالبًا ما تكون أوروبا هي الأسوأ بالنسبة لها، الحقيقة المحزنة هي أن معظم القادة الأوروبيين ليست لديهم غريزة لرؤية الصين كتهديد، البلدان الصغيرة مثل ليتوانيا (التي يقل عدد سكانها عن ثلاثة ملايين شخص) وجمهورية التشيك (أحد عشر مليونًا) وسلوفينيا (مليونان) هم القادة الأخلاقيون الحقيقيون في أوروبا الذين يقاومون، ويمكن الاعتماد على بولندا باعتبارها أقوى داعم أوروبي لحملة الضغط الأقصى ضد إيران، حتى لو كان على البولنديين فعل المزيد لوقف التوغل الاقتصادي الصيني في بلادهم، أنا فخور بشكل خاص بكيفية تعزيز العلاقات مع اليونان، الدولة التي كانت معادية لأمريكا بشكل مسعور في السبعينيات ولكنها تنظر إلينا الآن على أننا الشريك المفضل.
المذكرات بها أسرار مهمة عن التعامل مع إسرائيل وكوريا الشمالية؛ والدور الأخطر الذى لعبه فى الاتفاقيات الإبراهيمية؛ واغتيال قاسم سليمانى، والتعاون مع الموساد بشكل مباشر.