من بين أربعة معابد كانت موجودة في إسنا بمحافظة الأقصر، تبقى معبد "خنوم" الشهير، والذي يرجع تاريخ اكتشافه وتنظيفه من الرديم إلى عام 1843، في أواخر عصر محمد على باشا. رغم أنه يسبق هذا التاريخ زيارة العالم الفرنسي شمبليون له في عام 1828، حيث ذكر أنه رأى نقوش تحمل اسم الملك تحتمس -الذي جاء ذكر مدينة إسنا باسمها في عهده- في هذا المعبد، ليخمن العلماء أنه أُقيم على أطلال معبد قديم يرجع بدايته إلى عصر الأسرة الثامنة عشرة.
يقع معبد إسنا على الضفة الغربية لنهر النيل، ويتعامد رأسياً عليه على محور واحد. وتنخفض أرضية المعبد بعمق 9 أمتار تقريباً عن مستوى الأرض الحالي. وخصص هذا المعبد لعبادة الإله "خنوم" مع كل من زوجته منحيت – نيبوت أما الإله خنوم فقد مثل برأس كبش وجسد إنسان ويعرف باسم "الإله الفخراني" أو خالق البشر من الصلصال، وباسم "خنوم رع" سيد اسنا. أما الآلهة منحيت، فقد مثلت برأس أنثى الأسد ويعلوها قرص الشمس وجسد أنثى وتشبه الآلهة سخمت لهذه القوة. والآلهة نيبوت الزوجة الثانية لخنوم، ويعني اسمها "سيدة الريف"، فقد مثلت بهيئة أدمية على شكل سيدة يعلو رأسها قرص الشمس بين قرنين وهي هنا تشبة الآلهة ايزيس في هيئتها.
يعتبر معبد إسنا صالة مستطيلة الشكل ذو واجهة ذات طراز معماري خاص بعمارة المعابد المصرية القديمة في العصري اليوناني والروماني. ويحمل سقفه 24 أسطوانة بارتفاع 13 متر، ومزخرفة بنقوش بارزة ذات تيجان نباتية متنوعة. حيث بدأت أعمال تشييد المعبد الحالي في عهد الملك البطلمي بطليموس الملقب باسم "فيلوميتور" أي المحب لأمه، وأضيف إلى المعبد في العصر الروماني قاعة أساطين ترجع لعصر الإمبراطور الروماني "كلوديوس"
يبدأ المعبد بواجهة ذات طراز معماري شاع في العصور المتأخرة يعرف باسم الأعمدة المتصلة أو الحوائط النصفية، ويحلي الجزء الجنوبي من الواجهة بمناظر تمثل خروج الإمبراطور الروماني "تيتوس" في هيئة فرعونية من قصره حاملا رموز إلهية أربعة للإله "خنوم – تحوت – حورس – أنوبيس" -إله التحنيط- ثم يليه منظر يمثل عملية تطهير الإمبراطور بواسطة الإلهين حورس وتحوت بأواني التطهير وبعلامات الحياة أمام الإله خنوم، ثم منظر قيادة إلهيّ الشمال والجنوب للإمبراطور إلى داخل المعبد، والناحية الشمالية تمثل مناظر تتويج الإمبراطور.
تمت زخرفة الصالة في عصر كل من فيسيان وتراجان وهادريات، وآخر نقوشها ترجع لعهد الإمبراطور دكيوس حوالي سنة 249 – 250م على الجدار الغربي للمعبد.
في نهاية ديسمبر الماضي، أعلنت وزارة السياحة والآثار فى بيان لها عن اكتشاف أجزاء من المعبد تعود فترتها الزمنية إلى نحو ألفي عام، وهي بقايا مقصورة من العصر البطلمي، وحمام من العصر الروماني، وعدد من القطع الأثرية من عصور تاريخية مختلفة.
وأضاف البيان: "عثرت أعمال حفائر البعثة التي تمت في المنطقة الواقعة خلف المعبد، على بقايا مقصورة من الحجر الرملي تعتبر امتدادات للمعبد في العصور الأقدم".
كما عثرت البعثة، بحسب البيان، على "بقايا مبنى دائري الشكل من الطوب الأحمر المجوف، وبقايا مبنى آخر أساساته مصنوعة من الحجر وجدرانه من الطوب اللبن، وبه بقايا عناصر معمارية من أعمدة صغيرة تشكل بوابة أو مدخل. وأطلال من مبنى للجباخانة (مخزن للسلاح والحراسة)، معاد فيه استخدام بعض الأحجار من الآثار الرومانية والمصرية القديمة الموجودة بالمنطقة". كما عثرت البعثة في الجانب الشمالي على حمام روماني به أحواض للاستحمام يوجد أسفلها ممرات للهواء الساخن وممرات لوصول الماء إلى الأحواض.