باستثناء الفرعون الذهبي الأشهر في العالم "توت عنخ آمون" ، يعتبر الملك خوفو، من الأسرة الرابعة في عصر الدولة القديمة، أشهر ملوك مصر على الإطلاق، بسبب الهرم الأكبر، أحد عجائب الدنيا السبعة في العالم القديم، الذي لا زالنا نكتشف أسراره إلى الآن. والذي كشفت سلطات الآثار المصرية، الخميس الماضي، النقاب عن سرداب اكتشف حديثا داخله، ظل مخفيا طيلة 4500 عام، لتقفز مرة أخرى التساؤلات بشأن ما يوجد في نهايته.
ولد صاحب الهرم في قصر أبيه، أول ملوك الأسرة الرابعة المصرية. وتربى خوفو واسمه بالكامل "خنوم خو آف وي" بمعنى "خنوم يحميني".
وكتب الأثري الكبير الدكتور زاهي حوّاس "يبدو أن مرضعته كانت من قرية بالمنيا أطلق عليها اسم «منعت خوفو» بمعنى «مرضعة خوفو»".
ويلفت حوّاس إلى أن سنفرو حقق إنجازاً معمارياً عظيماً قبل أن يغادر الحياة، عبر بناء أربعة أهرامات، في محاولة منه للوصول إلى بناء هرم حقيقي مستوي الزوايا، وليس مجرد هرم مدرج مثل أسلافه "ونتيجة للنشاط المعماري العظيم للملك سنفرو، أطلق عليه المؤرخون اسم "سيد البناءين".
يوجد اختلاف حول مدة حكم الملك خوفو، ومن أهم الأدلة التي جاءت متعلقة بمدة الحكم هي "بردية تورينو"، والتي تشير إلى مدة حكمه وهي 23 عام. بينما يقول المؤرخ الإغريقي هيرودوت إن حكم الملك خوفو استمر 50 عاما. كذلك، ذكر كاهن مصري يدعى مانيتو أن فترة الحكم كانت 63 عاما.
أثناء عهد الملك خوفو أرسل بعثتان واحدة إلى واحة الداخلة في الصحراء الغربية -توجد كتابات منقوشة على صخور موجودة بالقرب من واحة الداخلة كتبت في العام الـ24 من حكم الملك خوفو - بينما كانت البعثة الأخرى التي أرسلها إلى سيناء للعثور على النحاس والفيروز. وتوجد منقوشات على صخرة موجودة في وادي المغارة في سيناء، وتفيد تلك المنقوشات أنه حامي المناجم. كما توجد بعثات أيضًا ترجع إلى حكم خوفو ومنها البعثات التجارية إلى فينيقا.
شهد البلاط الملكي للملك خوفو مجموعة كبيرة من الموظفين، وقديمًا أن الوظائف العليا خاصة فقط بالعائلة الملكية. لذلك، شغل منصب الوزير -تياتي- مجموعة من الأشخاص منهم "عنخاف" و"خوفوخايف"، وتوجد بعض الأدلة التي تُشير إلى أن "كا وعب" كان وزيرا أيضا في البلاط الملكي لخوفو.
بمجرد أن تولى خوفو الحكم بعد وفاة أبيه، بدأ في تحقيق حلمه ببناء أعظم مقبرة ملكية على شكل هرم. ليصير أضخم مبنى من صنع البشر حتى الآن وتم تشييده في عام 2650 قبل الميلاد. وقد تولى المشروع المهندس المعماري المصري الفذ حم إيونو - ابن عم الملك خوفو "ومعاً بدآ أعظم ملحمة في التاريخ المصري القديم. بناء الهرم الأكبر بارتفاع 146 متراً وسمي ناطحة سحاب العالم القديم ومعجزته الوحيدة الباقية والخالدة على ظهر الأرض"، كما يصفه زاهي حوّاس، الذي تابع "أثار الهرم خيال الناس على مدى العصور. وقال عنه الرحالة العرب الأوائل: «يخشى الإنسان الزمن ويخشى الزمن الأهرامات».
هرم الملك خوفو يبلغ طول جانبه 230 متر، والارتفاع يبلغ 147 متر. وقد تم استخدام تقريبًا ما يقرب من 2 ونصف طن من الحجارة لبناء الهرم، وكانت الأحجار تُقطع بالقرب من هضبة الجيزة في محجر. وتم استخدام الجرانيت لعمل سقف خاص بحجرة التابوت.
يقدر العلماء أن الهرم تم الاعتماد به على ما يقرب من 25 ألف عامل متخصص في أعمال البناء، حتى أنه تم إنشاء مدينة خاصة بهم، يوجد بها مطاحن ومخابز ومصانع مخصصة لصناعة البيرة والنبيذ لهم ولأسرهم. كما يوجد أعلى الناحية الشرقية للهرم معبد جنائزي له، لكن لا يوجد إلا الأحجار الأساسية كما لم يتم العثور على معبد الوادي.
توجد بضع تماثيل للملك خوفو، وغالبا ارتفاعها بين 5 و7 سنتيمتر، وتم الاعتماد على سن الفيل في صنعها. كما تم العثور على تمثال صغير موجود في المتحف المصري تم العثور عليه في أبيدوس في عام 1903 على يد باحث أمريكي. التمثال به تاج باللون الأحمر -تاج الوجه البحري- وكان يوجد على التمثال خرطوش محفور عليه اسم الملك خوفو لكنه لم يعد واضحًا الآن.
