الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تشابهت قلوبهم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدأ فجر جماعة الإخوان الإرهابية بقصة صغيرة لم يلتفت إليها أحد، وهي أن المؤسس الحقيقي لهذه الجماعة هو السكري، ثم أزاحه حسن البنا ليتبوأ هو منصب الرجل الأول، ولأمور كثيرة بعضها حلال وكثيرها حرام بنى حسن البنا علاقته بعناصر القوة التي تدعمه وتحافظ له على جماعته، فبدأ منافقًا للملك تارة وللأمريكان تارة أخرى، فتروي المصادر القديمة والحديثة عن تاريخ الجماعة الإرهابية بأن أول شيك حصلت عليه جماعة الإخوان كان من هيئة قناة السويس، وهي الشركة الإنجليزية لجيش الاحتلال البريطاني وكان بمبلغ 500 ج في ذلك الوقت بما يوازي اليوم قرابة 5 ملايين من الجنيهات، وعندما سئل حسن البنا لماذا أخذ هذا الدعم من الإنجليز؟
فما كان رده إلا أن قال إنها أموالنا، وقد حصلنا عليها، هكذا بمنتهى السذاجة والاستخفاف يتلاعب حسن البنا بعقول أتباعه ليبرر لهم ثمن الخيانة للحركة الوطنية المناهضة للاستعمار البريطاني، ونجحت بريطانيا بعزل جماعة الإخوان عن الحركة الوطنية، كما نجح إسماعيل صدقي رئيس الوزراء الخائن أيضا بعزل جماعة الإخوان عن النضال مع الحركة الوطنية، عندما وعد حسن البنا بأن يفتح لجماعته مقرًّا في القاهرة مقابل انفصال الإخوان عن الحركة الوطنية المناهضة لإسماعيل صدقي والإنجليز، فوافق حسن البنا على خيانة الحركة الوطنية وشق صفوفها وخرج من الإخوان من يقول: واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صديقًا نبيًّا، كل ذلك مقابل التنازل للبنا عن فيلا في حي الحلمية اتخذها مقرًّا له في مدينة القاهرة، وهي الآن قسم الدرب الأحمر، بينما استفرد إسماعيل بشباب الحركة في أثناء توجه مظاهراتهم من جامعة فؤاد "القاهرة" إلى وسط المدينة، وقام بفتح كوبري الجامعة عليهم، وغُرق وقتل من الطلبة في ذلك اليوم قرابة الـ40 فردًا، وهو عدد كبير إذا قيس بنسبة السكان في ذلك الوقت، ثم كان اللقاء الأول بين حسن البنا والسفير الأمريكي "إيرلاند" في بيت السفير الأمريكي في سنـــة 1947 بالزمالك، عندما عرض على حسن البنا دعمه بالمال، ويقوم البنا ورجاله بمحاربة الفكر الاشتراكي والشيوعي عن طريق الخطب والمنابر، وتقود جماعة الإخوان حربًا ضروسًا ضد الاشتراكيين والشيوعيين بدعم من الأمريكان ماديًّا، وقد وافق حسن البنا على ذلك وهو شبيه بعد مرور أكثر من ستين عامًا لدعم الرئيس الأمريكي باراك أوباما بدعم مادي قوي لجماعة الإخوان ومعاونتهم للاستيلاء على حكم مصر وقامت بتهديد طنطاوي وزير الدفاع الحاكم في ذلك الوقت، إذا أعلن فوز شفيق في الانتخابات، وعندما وضع طنطاوي إعلان مارس حماية للقوات المسلحة من التفكك، وللحد من تدخل جماعة الإخوان لتفكيك الدولة المصرية ذهبت السفيرة الأمريكية إليه، وكلمته بحدة، طالبة منه إعطاء الرئيس محمد مرسي كامل صلاحيته وقالت: نحن نريد رئيسًا كامل الصلاحية حتى يتمكنوا من خلاله ومن خلال صلاحيته إنفاذ الأجندة الأمريكية في مصر كما نجحوا في العراق وسوريا وهي هدم الدولة باستخدام مواطنيها.
فهكذا رغم التباعد الزمني بين لقاء حسن البنا والسفير الأمريكي إيرلاند وبين لقاء مرسي المعزول والسفيرة الأمريكية آن باترسون، إلا أن التشابه يكاد يكون متطابقًا تمامًا، فخيانة الوطن طبع متأصل في جماعة الإخوان، وفي حوار المستشار عدلي منصور مع الإعلامية لميس الحديدي سألته عن سر تعليق صورة مصر في صدر الصالون الذي جرى فيه الحوار، فأجابها الرجل بأن هذه الصورة موجودة منذ عصر الملك فؤاد وعليها التاج الملكي وتوضح الحدود الإقليمية لدولة مصر، أي أنها مضى على وجودها قرابة الثمانين عامًا لم ترفع إلا عامًا واحدًا فقط، وضعت في المخازن، وهو العام الذي حكم فيه الإخوان مصر، فلا يوجد عند الإخوان وطن، ويخدعون أتباعهم السفهاء والسذج بأن الإسلام دين عالمي. إذن ما علاقة الدين العالمي والأوطان والحدود، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل الرسائل إلى الملوك ويقول في رسائله عليه الصلاة والسلام من محمد بن عبد الله... إلى هرقل ملك الروم أو إلى كسرى ملك الفرس.. إلخ، اعترافًا منه صلى الله عليه وسلم بالحدود والأوطان، أما هذه الفزلكة والاستهبال هو طبع وسياسة الإخوان في خداع أتباعهم.
وحقيقة الأمر أن أتباع الإخوان كما قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم سفهاء الأحلام أي أن عقولهم سفيهة، إذ بالأمس فقط من يطلقون على أنفسهم المعارضة السورية وعلى رأسهم تنظيم الإخوان بقيادة عصام حتيتو قاموا ببيع مرتفعات الجولان لإسرائيل مقابل أن تمدهم إسرائيل بالدعم المادي والسلاح، ومرتفعات الجولان هي أرض سورية تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وبعد أن أعطى الأمين العام لجامعة الدول العربية مقعد سوريا في الجامعة للمعارضة السورية، وهو رجل قطري الهوى، قامت هذه المعارضة التي يزعمها الإخوان بإجراء مفاوضات سرية مع الكيان الصهيوني تتنازل المعارضة له عن مرتفعات الجولان، مقابل الدعم الإسرائيلي والمعاونة في الإطاحة ببشار الأسد، وفي ضوء استبعاد صورة القطر المصري من قصر الرئاسة سنة كاملة، تستطيع أن تفهم مفهوم الوطن عند هؤلاء الخوارج عملاء الاستعمار، وتستطيع أن تفهم تصرف المعارضة السورية، وتستطيع أن تفهم تنازل حكومة الإخوان عن جزء من أرض سيناء لحل المشكلة الإسرائيلية الفلسطينية، والتنازل عن حلايب وشلاتين، ولو عادت بناء الذاكرة التي تتفق مع عنوان المقال "تشابهت قلوبهم"، فنجد بعد ثورة 52 زعم الإخوان بأنها ثورتهم وغدر بهم عبد الناصر، نفس ما يقال عن السيسي إنه غدر بالإخوان، وفي 52 تفاوض الإخوان مع الإنجليز، على أن يتولى الإنجليز دعم الإخوان في الوصول إلى حكم مصر، مقابل أن يقوم الإخوان بالتخلص من الرئيس عبد الناصر على أن تبقى حكومة الإخوان الإنجليز في إقليم قناة السويس، مقابل أن تكون إدارة القناة مشتركة بين الإنجليز والإخوان، ثم قام الإخوان بتدبير محاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في أثناء إلقاء خطابه التاريخي بتأميم قناة السويس شركة مساهمة مصرية، ونزعها من الإنجليز، حيث أطلق عليه محمد عبد اللطيف عضو التنظيم السري بجماعة الإخوان قرابة الثماني رصاصات من مسافة لا تسمح له بإصابة الهدف جيدًا، وقبض عليه وأدلى باعترافات أدت إلى الزج بجماعة الإخوان خلف السجون فيما يعرف بقضية الإخوان 54، وحكم على محمد عبد اللطيف وعبد القادر عودة وعلي هنداوي دوير، وتم تغييب الإخوان في السجون سنوات طويلة، عاود الإخوان الكره مرة أخرى عندما ظهرت توجهات عبد الناصر في التصنيع الحربي، وبدأ بإطلاق صواريخ باليستية 1965، ولم تكن الصين والهند قد بدأوا في الظهور كقوة صاعدة، وفكرت إسرائيل وأمريكا في القضاء على طموحات عبد الناصر بأي ثمن، فلم تجدا سوى الإخوان مطية لتنفيذ مخططاتهما، وسرعان ما تم استدعاء عبد العظيم رمضان وهو زوج بنت حسن البنا هرب من قضية 54 إلى السعودية، وكان قريبًا من الأسرة الحاكمة، فسرعان ما هرول عبد العظيم إلى أمريكا، وعرضوا عليه رغبتهم في التخلص من عبد الناصر مقابل دعم الإخوان في حكم مصر، إلى أن نجحوا في الإطاحة بعبد الناصر، وتم دعم عبد العظيم بالأموال اللازمة، وأخبرهم بإرسال أموال إلى التنظيم في مصر، وبالفعل تم تحويل مبالغ من الأموال إلى عضو التنظيم "علي عشماوي" وعند القبض عليه عثرت المباحث على عدد من هذه الشيكات، وبالفعل قام التنظيم بشراء الأسلحة، وكان المفترض أن يتم تفجير موكب عبد الناصر عن طريق تأجير أحد المحلات التجارية بمدينة الإسكندرية وتعبئة المحل بالمتفجرات، وعند مرور موكب عبد الناصر تقعد عملية التفجير عند مرور الموكب من أمام المحل وطبعًا الإخوان لا يهمهم الضحايا من الأبرياء، فهم يرون أن الشعب يجب أن يعاقب على حبه لجمال عبد الناصر، فعبد الناصر عندهم كافر، وكل من يحبه كافر مثله فليذهب الجميع إلى الجحيم على حد زعمهم، وتم القبض على هذا التنظيم وأدلوا باعترافات تفصيلية عن هذه القضية وحكم على علي عشماوي وعبد الفتاح إسماعيل وسيد قطب بالإعدام، وبالفعل تم تنفيذ حكم الإعدام فيهم.
وبالأمس القريب عرض المعزول محمد مرسي على اللواء محمد زكي قائد الحرس الجمهوري أن يقوم باعتقال السيسي زير الدفاع أو قتله مقابل أن يعينه مرسي وزيرًا للدفاع فقال له اللواء محمد زكي نحن في الجيش المصري تربينا على احترام القيادات وليس على خيانتهم، وهذا العرض يدل على جهل وغباء وسوء تقدير قيادات الإخوان لطبيعة العسكرية المصرية المحترمة، وهكذا رغم تباعد الزمان بين الحادثة والتي تليها، إلا أن التشابه في الخيانة والغدر طبع يسري في دماء الإخوان منذ زمن الغدر بالسكري، وحقًا "تشابهت قلوبهم".