الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

المصور هشام إبراهيم في حوار لـ«البوابة نيوز»: فاروق إبراهيم أصبح أيقونة النجومية وتراثه ليس للبيع.. الأرشيف بالكامل في منزلي ومكتبة الإسكندرية قادرة على رقمنته.. ومشهد زويل بالشيشة سببه الثقة في والدي

مدير التصوير هشام
مدير التصوير هشام فاروق إبراهيم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حقق معرض «الأسطورة» للمصور الراحل فاروق إبراهيم، نجاحًا باهرًا خلال فترة عرضه ضمن «أسبوع القاهرة للصور الفوتوغرافية» الذي نظمته فوتوبيا، والذي أقيم في مطلع فبراير 2023 بدعم من السفارة الأمريكية، وهو المعرض الذي يقام لأول مرة يضم فيه مجموعة من أرشيف الصور الفوتوغرافية للأسطورة فاروق إبراهيم هذا النجاح الذي أسهم في استمرار المعرض لنهاية فبراير منذ افتتاحه في 8 فبراير واستمر حتى 28 من ذات الشهر. 

المعرض ضم صورًا لرؤساء مصر، منهم جمال عبد الناصر وصور نادرة تعرض لأول مرة للرئيس أنور السادات والرئيس محمد حسني مبارك ومجموعة كبيرة من النجوم ومنهم أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد شوقي وسعاد حسني ونيلي ونجوى فؤاد وصلاح ذو الفقار وماجدة الخطيب وفرقة رضا ونجيب محفوظ والدكتور أحمد زويل، ولقطات جسدت لحظات تاريخية مهمة في تاريخ مصر الحديث ومنها أحداث زلزال 1992 وثورة يناير.
في الحقيقة المعرض، رغم صغره إلا أنها كان تجسيدًا عن الواقع المصري وجزء من ذاكرته الفوتوغرافية، وكان لـ«البوابة نيوز» حديثًا مع ابنة المصور ومدير التصوير هشام فاروق إبراهيم حول أرشيف فاروق إبراهيم وكيف استطاعوا المحافظة عليه وما هي خططتهم بعد النجاح الذي حققه المعرض وإلى نص الحوار.. 

** في البداية .. حدثنا عن أرشيف فاروق إبراهيم وكيف استطعتم الحفاظ عليه طوال هذه الفترة؟ 

في الحقيقة أرشيف فاروق إبراهيم يتعدى الـ 700 ألف صورة، وهو رقم كبير جدًا، فلو أخذنا عينة من أعماله فسنجد أن العندليب الأسمر – على سبيل المثال – نصيبه فقط نحو 35 ألف صورة من هذا الأرشيف، وأهم ما يميز أرشيف فاروق إبراهيم أنه مرتبط بعمالقة كبار من نجوم وسياسيين وغيرهم الكثير، أما عن موضوع الحفظ فأستطيع القول أن أرشيف فاروق إبراهيم هو الأرشيف الوحيد الذي استطاع النجاة عن أي أرشيف أخر لأى مصور في مصر حتى أساتذة فاروق إبراهيم انتهت أرشيفاتهم من الصور ولم تستطع النجاة والهروب والتي تعرض أغلبها للبيع أو التلف أو وصلت في نهاية المطاف إلى بائعي الروبابيكيا ولم يتبقى أي شيء من تلك الأرشيفات.

وفي الحقيقة أن الفضل في هذا الأمر يعود لفاروق إبراهيم نفسه، إذ أنه غرس بداخلنا هذا الوعي بأهمية الأرشيف وأهمية الحفاظ عليه باعتبار أن هذا الأرشيف هو رأس المال الحقيقي لنا، وهو الإرث الذي سيتركه بعد رحيله، ومن حسن الحظ أن فاروق إبراهيم قد أنجب ثلاثة أولاد جميعهم عملوا في مجال التصوير، وكنا على دراية كبيرة بأهمية الحفاظ على هذا الإرث ولدينا الوعي الكامل، خاصة أن والدي قد مكنه القدر في التواجد بيننا لسن كبير لأكثر من سبعين عامًا . 

** كيف وصل الأرشيف إليكم وما هي كانت أهم النصائح التي وجهها فاروق إبراهيم لكم ؟ 

أبي كان لديه وعي كبير بأهمية هذا الأرشيف، فالبداية كانت من عنده دائمًا، وقبل وفاته بأربعة أو خمس سنوات قام أبي باستدعائي وأوصاني بهذا الأرشيف باعتباري أكبر أخوتي، وقال لي نصًا «خذا هذا الحمل وأنت مسئول عنه لأنه هو الإرث الحقيقي الذي سأتركه لكم» وأن هذا الأرشيف خلاصة تجربة دامت أكثر من ستون عامًا في عالم الصحافة، ووسط كواليس النجوم والرؤساء. 

** تتجسد عبقرية فاروق إبراهيم ليست فقد في استطاعته الحصول على صور للنجوم في حياتهم الخاصة وإنما أيضًا في الثقة التي اكتسبها من خلال عمله معهم.. كيف استطاع "فاروق إبراهيم" اكتساب تلك الثقة؟ 

لقد عشت مع أبي الكثير من كواليس تلك الصور وأحداثها، وعملت معه جنبًا إلى جنب ما يقرب من الـ 30 عامًا، فأبي كان يتمتع بذكاء فطرى قوى جدًا، وربنا رزقه من محبة الناس رصيد مرعب ومحبة ممزوجة بثقة عمياء استطاع اكتسابها ممن يقفون أمام عدسته من عمالقة، فكان النتاج في الأخر هو ما نراه في معرضه الآن مثل عمر الشريف الذي استطاع أن يقنعه بأن ينزل به إلى شارع الأزهر وسط الجمهور، وكان يتركه يفعل ما يريد بكل ثقة، كما أنه استطاع أيضًا اكتساب ثقة الدكتور أحمد زويل وينزل به إلى خان الخليجي ويلتقط له صورته الشهيرة وهو ممسك بالشيشة على قهوة الفيشاوي، والتي أثارت ضجة كبيرة عبر صفحات التواصل الاجتماعي. 

فقد استطاع من خلال تلك الثقة التي منحوها له في تحقيق نجوميته الخاصة، فأصبح فاروق إبراهيم أيقونه مطلوبة عند الناس، تلك النجومية التي ارتبطت بالفن والسياسية وكل شيء، فأصبحت المقولة الشهيرة لكل هؤلاء «نحن نريد فاروق إبراهيم ليقوم بتصويرنا». 

 

** لقطات فاروق إبراهيم لا تتوقف فقط على جودة الكادر واللقطة وإنما ذهبت إلى أبعد من ذلك وهو استطاعته نقل روح الحدث نفسه وكأن الصور تتجسد أمامك في لحظة كيف تفسر لنا ذلك ؟ 

في الحقيقة كل هذا يعود إلى الثقة التي استطاع أن يخلقها فاروق إبراهيم مع معظم من قام بتصويرهم تلك الثقة التي جعلتهم يتركون أنفسهم بمنتهى الحرية أمامه ليفعل بهم ما يشاء، فكان فاروق إبراهيم لديهم القدرة على كسب ثقة الجميع من الرئيس وحتى أبسط الناس من الشعب المصري، ويقوم بإذابة الجليد بينه وبين من يقوم بتصويره بسرعة شديدة جدًا ويحدث نوع من الصداقة بحيث يصبح فاروق إبراهيم جزء من مجتمع النجم وليس مجرد مصور، فقد كان يجمع بين الصداقة والمهنية، فنجومية فاروق إبراهيم صنعت من كل هؤلاء النجوم وأن نجوميتهم صنعت جزءًا من نجومية فاروق إبراهيم نفسه. 

فقد استطاع فاروق إبراهيم أن يظل على قمة النجومية ولم تخفت نجوميته مطلقًا إلى أن أصبح هو بذاته النجم . 

** «ابن الوز عوام» هل تنطبق تلك العبارة على أبناء فاروق إبراهيم؟

في الحقيقة أنني واخوتي على الرغم من أننا كل منا يعيش بعيدًا على الأخر لكن مازال التصوير يجمعنا سويًا، فجمعنا نتشارك معًا في كل ما يتعلق بالتصوير وفنونه ونتشارك بشكل مستمر في كل ما يحدث من تطورات وتقنيات في عالم الصورة، وكل هذا يحدث لأننا نتعامل مع التصوير ليس باعتباره كحرفة إنما هواية، وذلك انطلاقًا من مقولة أبي فاروق إبراهيم، والذي كان يظل يقول «أنه هاوي ولست محترف» وحينما كنا نسأله عن أجمل صورة قام بتصويرها في حياته كان يقول «أن أجمل صورة لم أصورها بعد»!. 

أما عن تجربتي في عالم التصوير فقد اتخذت منحنى آخر عن والدي فقد عملت بالسينما، كمدير تصوير وقمت بتصوير فيلم وحيد هو فيلم «عين شمس» والذي حقق نجاحًا كبيرًا، وحصل على العديد من الجوائز، وأغلب الفترات التي عملت بها في مجال التصوير الصحفي كان في وكالات الأنباء العالمية وأغلب تليفزيونات العالم، وقمت بتغطية أربعة حروب عالمية ومنها حرب الصومال وحرب الخليج وحرب رواندا، وعلى مدار تلك السنوات قد اكتسبت العديد من الخبرات وأغلب عملي كان خارج مصر . 

** الصورة الفوتوغرافية .. ليست مجرد لقطة.. وإنما هي تعتبر وثيقة تعبر عن الزمن.. وقد شهد عالم التصوير والكاميرات العديد من التغيرات بدءًا من التصوير عبر الكاميرات الفيلمية ووصولاً لمرحلة التصوير الديجيتال.. كيف تعامل فاروق مع هذا التطور التكنولوجي والتقني؟ 

كان فاروق إبراهيم يرى دائمًا أنه حتى يكمل المسيرة فكان مجبر على التعامل مع كل التطورات التكنولوجية والتقنيات الجديدة في عالم التصوير، وإلا سيقف الزمن عند نقطة واحدة ولن يستمر ، ولمواكبه كل هذا كان مضطرًا للتعامل مع كل تلك المستجدات. 

** أرشيف الصور الخاص بفاروق إبراهيم يقع أغلبه في صورة أفلام «النيجاتيف» بشكلها القديم والمصنوعة من البلاستيك المطلى بمواد كيميائية والتي تحتاج إلى عناية وطرق حفظ معينة لحمايتها من الضوء والحرارة .. كيف يتم الحفاظ على أرشيف فاروق إبراهيم؟  وهل فكرتكم في رقمنة هذا الأرشيف؟ 

أرشيف فاروق إبراهيم موجود كله في منزلي، وهو يلقى عناية فائقة، وأن كل صور هذا المعرض تم تحميضها، أما عملية الرقمنة فلم يتم رقمنة أرشيف فاروق إبراهيم حتى الآن، وللقيان بهذه العملية نحن نحتاج إلى منظمة اليونسكو ، حتى يتم رقمنته بالشكل الصحيح، والجهة الوحيدة في مصر التي تستطيع القيام بعمليات الرقمنة لما تركه فاروق إبراهيم من تراث فوتوغرافي هي مكتبة الإسكندرية، ذلك أنني قد شهدت المعدات الخاصة بالمكتبة والتي يتم من خلالها عمليات الرقمنة وهي من أحدث الأجهزة في هذا النطاق والتي تشبه غرفة العمليات، ومكتبة الإسكندرية هي المكان الوحيد الذي يمكن أن يضم تراث فاروق إبراهيم. 

** هل عرض عليكم من قبل شراء تراث فاروق إبراهيم؟ وكيف كان ترون دعم السفارة الامريكية لإقامة المعرض؟

في الحقيقة أن معرض فاروق إبراهيم كان سببا في وجود الكثير من العروض وطرح العديد من الأفكار التي سنقوم بمناقشتها بعد انتهاء المعرض. 

أما عن دعم السفارة الأمريكية  فالفضل يعود إلى أخي كريم فاروق إبراهيم هو من قام بالتنسيق مع السفارة وكان أكثر المتحمسين لهذا المعرض وقام بالتنسيق معهم والذي أخرج المعرض على هذا الشكل العظيم والذي نال اعجاب الكثير. 

أما عن عملية بيع مقتنيات وتراث فاروق إبراهيم، في الحقيقة جاءت لنا عروضًا كثيرةً منذ رحيله لشراء ما يملكه من تراث خاصة من بعض الدول العربية، ولكننا جميعًا نعرف قيمة أرشيف إبراهيم باعتباره جزء من ذاكرة مصر الحديثة وأن أرشيف فاروق إبراهيم ليس للبيع، وإذا لم يكرم في بلده لا يمكن أن يكرم في بلد آخر. 

 

بروفايل 

ولد فاروقُ إبراهيم أبو العلا في 6 أغسطس 1939 في حيِّ المناصرةِ في الموسكي بالقاهرة. بدأ فاروق حياتَه المهنيّةَ في التصوير الفوتوغرافي في فترةٍ مبكرة من حياته. في عام 1949 ، طلبَ منه عمُّه ، الذي كان يعمل في مطبعة صحيفةِ المصريِّ ، الذهابَ معه إليها. كان نظام التصوير في ذلك الوقت يتمُّ من خلال التعاقد مع مكاتب التصويرِ العاديّةِ، وقرّرَ صاحبُ مكتبِ التصويرِ المتعاقد مع جريدة "المصري"، "كاربو زخاري"، التعاقدَ مع فاروق. 

بدأ فاروق العملَ خلال تلك المدّةِ، بالإضافة إلى أعمال التنظيفِ، حيث كان دخولُ غرفةِ التحميض وطباعةِ الصورِ في الغرفة المظلمةِ بمثابة حلمٍ تحقّقَ لفاروق الذي أعجبَ كثيرا بهذا الفنِّ.

ثم انتقلَ فاروق بصحبة زخاري، وبعد إغلاقِ "المصريّ" انتقل مع زخاري إلى جريدة الجمهوريّةِ. بعد ذلك أصدرت الثورةُ مجلةَ "بناء الوطن"، وأسندتْ أعمال التصويرِ إلى مكتب زخاري الذي تعاقدَ أيضا مع جريدة الحزبِ الوطنيِّ "الوطن". وأخيراً وضع اسمه في إطار وكتب فيه "تصوير كاربو زخاري وفاروق إبراهيم".

في 7 مايو 1961 انضمَّ فاروق إبراهيم إلى أخبار اليوم، وخلالَ هذه المدّةِ استطاعَ تحقيقَ انتصاراتٍ صحافيّة من خلال صورِه الفنيّةِ المعبِّرةِ. كما التقطَ صوراً نادرةً للرئيس السادات، ونتيجةً لمثابرتِه وجهودِه ، فازَ فاروق بجائزة "مصطفى أمين وعلي أمين" كأفضلِ مصورٍ في عام 1984.