الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الودان التي كادت أن تقتل صاحبها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كان يشتكي من طول ودانه عن المألوف "عيب خلقي" وما أكثر العيوب الأخرى الأخلاقية في دنيا البشر ولكنها مستترة لا تعرف إلا من خلال التعامل!

ولكننا تراجعنا حينما جعلنا للمظهر الحكم الأول والأخير .

وكانت الآفة حين تناسينا أن ربنا سبحانه وتعالى خلق كل شئ لحكمة كبيرة والإنسان فينا ملئ بالأشياء الجميلة ولكننا للأسف ننظر إلى الأشياء السلبية وحسب!

الكثير منا ينظر إلى نصف الكوب الفارغ!

ولا يوجد انسان كامل فالكمال لله وحده وان كنا لن نصل إلى الكمال المطلق ولكننا ننشده...

ومسألة الجمال هي مسألة نسبية وتتفاوت من انسان لآخر وخيط الشعرة الرفيع هو الثقة في النفس.

بعد صراع كبير مع رفضه لحالة أذنيه قرر إجراء عملية تجميل رغم نصيحة من حوله من الأصدقاء بعدم الإقدام على هذه الخطوة خوفا من خطورتها....

ولكنه أقدم بكل إصرار على هذه الخطوة لكونه بات يشعر أن كل من يراه ينظر إلى طول ودانه عن المألوف... 

بالفعل قد يكون معظم من يراه لا يلتفت إلى هذا العيب أصلا ولكنه أصيب بفوبيا الوسواس القهري.

فالناس معظمهم مشغولون بضغوط الحياة وأثقالها الكبيرة .

كان رده على من حوله أن كل من يلقاه ينظر إليه شاخصا عينيه ومحدقا في أذنيه!

نسى أو تناسى أن أذنيه ليست هي شغل المجتمع الشاغل حتى ينتظر الناس مرورها للفرجة عليها غدوا ورواحا.

ولكن مع ضغط هذا الوسواس بداخله على نفسه نسى أن الناس أضحوا يسيرون شاخصي الأبصار وكل منهم في واد يواجه متطلبات الحياة في رحى حرب ضروس لا تنتهي!

وفي مدينة الإسكندرية وأثناء ترجله شاهد لافته أعلى الأبراج المرتفعة تشير إلى أستاذ جراحات التجميل وعلى الفور دلف إلى العيادة وحجز دوره وبعد انتظار دام ساعتين كان في حجرة الطبيب واتفق معه على موعد إجراء العملية الجراحية فور الانتهاء من الفحوصات الطبية المبدئية.

وبالفعل تم إجراء العملية بتقصير الأذنين ولفهما بالشاش والأربطة الطبية اللازمة.

الغريب في الأمر أن الطبيب الذي أجرى له العملية التجميلية كان يعاني هو الآخر من طول ملفت للغاية في (الأنف) وهذا بدوره لم يشد انتباه  هذا المصاب بهوس طول ودانه!

وكيف أن هذا الطبيب أستاذ جراحة التجميل ترك أنفه الطويل جدا على حاله ولم يأخذ خطوة واحدة نحو إصلاحه من خلال مشرط أحد زملائه الجراحين؟

كثيرا اشاهد إعلانات حول زراعة الشعر والقائم  على الزراعة طبيبا أصلع

كما أشاهد اعلانات لتجميل الأنف والقائم على التجميل ذا انف كبير!

السعي إلى التجمل وحسن المظهر مطلوب.

ولكن مواطن الجمال تختلف من إنسان إلى آخر

فقد يكون الجمال في شعر خفيف او في انف ممتلئ كي يكون متسقا مع وجه كبير .

في الماضي كان  يطلق على صاحب الأنف الطويل أنه ذا أنف روماني..واليوم يسعى أصحاب الانوف الطويلة لقطعها بمشرط جراح دون نظرة إذا كانت ستتسق مع الوجه أم لا !

لسنا ضد عمليات التجميل فهي ضرورية لمواجهة الكثير من التشوهات في أجسام البعض من الناس ولكن الإشكالية في عدم دقة اختيار المرضى لأطبائهم والعكس وعدم الدقة والأمانة ومن هنا تكون الإشكالية الكبيرة!

بعد اسبوع من المتابعة تم إزالة اللفافات والأربطة الطبية وإذا به يفجر صرخة مدوية داخل حجرة نومه

لم تأت العملية التجميلية بالنتيجة المرجوة وبما كان ينشده من العملية التجميلية...فقد قصرت الأذنين عن المألوف قصورا مشينا مشوها ملامحه لأبعد مدى..

وأضحى نادما على إقدامه على هذه الخطوة متمنيا لو أن الزمان يعود به إلى الخلف وترك أذنيه على حالهما 

ولكنه الندم حين لا ينفع الندم وكما يقولون (لقد سبق السيف العذل)!

أصبح بعد هذا اليوم كثير الوقوف أمام المرآة باكيا ومنتحبا حتى أصيب بالأكتئاب فبدأ شوطا جديدا مع طبيبا نفسيا ولكن دون جدوى!

فكانت النتيجة أن عاد إلى حجرته حبيسا لا يريد أن يواجه أحد أو يرى أحد.

قد يكون أنه لم يقترف إثما إثر بحثه عن علاج قطعي لمعاناته وهذا حقه المشروع ولكن أيضًا قد يكون إثمه الوحيد صراعه الداخلي وأنه لم يحسن اختيار طبيبه المعالج فرمى بنفسه في دائرة أخرى مغلقه!

فهل جنى على نفسه أم أن نظرات الغير هي من جنت عليه؟

إن الرضا والسعادة تمثل أدوات عظيمة للتجميل، وأيضا تمثل أدوات أخرى للخداع من أجل الحفاظ على الشكل الشاب!

قمة السعادة أن يرضى الإنسان عن نفسه وعن شكله وهيئته وإذا كان الله جميلا يحب الجمال الا أن باطن الإنسان وطباعه هي الفيصل والجوهر..

بإمكان المرء الابتهاج بالقليل الموجود بين يديه، وأن يجعل من هذا القليل مصدر للسرور المديد، لو اتصف بالرضا فرضى عن خالقه ورضي عن نفسه.

كثيرون من ذوي الهمم والظروف الخاصة وما اعظمهم يعيشون بلا أعين ترى أو أقدام تسير أو بلا لسان ينطق وغيرهم الكثير والكثير وقد انخرطوا في مجتمعاتهم محققين الريادة والتفوق في كافة الميادين بل وصل المئات منهم إلى العالمية باصرارهم فكرًا وابداعا .

تحكي الأمثلة الشعبية أن هناك دبه كانت تحب صاحبها حبا كبيرا ولم تك تقصد إيذاءه أبدا...

وكل ما في الأمر أنها أرادت ألا تقلقه تلك الذبابة التي تطن حول رأسه وأذنيه فلا يعرف للنوم طريقا... فينتفض من نومه منزعجا 

حاولت تلك الدبة المتعافيه أن تراضي صاحبها ولذلك أمسكت بحجر ضخم وقذفت به بأقصى قوتها لتبعد الذبابة عن رأسه!

كانت تظن في قرارة نفسها أنها ستقتل الذبابه ولكن الفاجعة أنها قتلت صاحبها!