لم تكن جولة سامح شكرى وزير الخارجية نحو سوريا ودمشق مفاجأة لمتابعى الشأن السياسى المصري، فقد سبق تلك الجولة اتصالا مهما أجراه الرئيس عبد الفتاح السيسى مع الرئيسين بشار الأسد ورجب أردوغان، وسبق أيضا لقاء الرئيس السيسى بأردوغان فى الدوحة فى إفتتاح كأس العالم وهو ما أسماه المراقبون فى حينها بلقاء المصافحة، أى لم يتعد الأمر سوى السلام باليد.
فى عالم السياسة الخارجية لا يمكن الاستهانة بالمؤشرات الصغيرة فهى تخفى خلفها جهودًا دبلوماسية من كل اتجاه.
والآن جاءت الإتصالات والتحركات المصرية فى ظل كارثة إنسانية صعبة خلفتها سلسلة الزلزال غير المعتادة، وفى الفعل السياسى يمكننا أن نشاهد زلازل موازية سواء باختراقات لجدران كنا نعتقد أنها صلدة أو بتحركات يمكن البناء عليها فى المرحلة المقبلة مستفيدين من وقائع مريرة يعرفها الجميع.
المهم هو أن عواصم ثقيلة مثل القاهرة ودمشق واسطنبول هى عواصم حاكمة على الخريطة الإقليمية لذلك رأينا فى عز تصاعد الخلاف المصرى التركى فى السنوات الماضية بسبب الموقف من جماعة الإخوان الإرهابية أن كلًا من العاصمتين كانت تزن جيدًا نظرتها للأخرى.
أما دمشق والتى تكالب عليها قطعان الإرهاب والتآمر العالمى فسوف تظل رغم الصعاب عاصمة الصمود والفن والحياة، دمشق رئة سياسية يقظة قادرة على تجاوز المحنة وواثقة من الإنتصار.
ومن حسن الطالع أن يكون على رأس الخارجية المصرية اسم كبير وخبرة رفيعة تتبلور فى سامح شكري، الرجل الذى أثبت كفاءة فى إدارة ملفات شائكة فى أوقات صعبة مرت بها مصر منذ 2013 حتى هذه اللحظة.
وقد استمعنا إلى الكلمة المعتبرة من مولود جاويش أوغلو، وزير الخارجية التركى عن مصر، وكشف فيها عن حجم المساعدات فى السفينة المصرية الداعمة لتركيا بعد أحداث الزلزال، مؤكدًا أنها تحمل 520 طنا من الأغذية والمواد الطبية، وغيرها من المستلزمات.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفى مع نظيره المصرى سامح شكري، خلال تسلم الشحنة السادسة من الدعم المصرى وبالنص يقول اوغلو "نشكر مصر وحكومتها وشعبها، والصداقة والأخوة تظهر فى الأوقات العصيبة، ونفتح صفحات جديدة مع مصر".
هكذا "خبط لزق" يتلاشى الجمود التركى الذى عاند معنا طويلًا.. وفى نفس المؤتمر يرد سامح شكرى برصانته المعتادة موضحا أن المساعدات التى قدمتها مصر أقل ما يمكن فى إطار الحرص على رفع المعاناة عن المصابين وتوفير سبل لمواجهة الكارثة، وأضاف ان ما تقوم به مصر من جهود من خلال تقديم المساعدات لا يتوقف على الأدوية وغيرها ولكن مصر تقوم بالتيسير على الآخرين من خلال عبور السفن المحملة بالمساعدات لتركيا عبر قناة السويس، ويخلص شكرى من ذلك إلى التأكيد على العلاقة الخاصة بين "الشعبين المصرى والتركى".
صحيح مازال فى الجو بعض الغبار ولكن اليوم يختلف عن الأمس ومصالح مصر فى غاز المتوسط بارزة فى ملفات مصر الخارجية لذلك ينشط الجانب الدبلوماسى المصرى فى حوض البحر المتوسط ليكتب مستقبلا مشرقا لبلادنا.