من بين المعروضات التى سيشاهدها الزائر للمتحف المصرى الكبير «خبيئة العساسيف» المُكتشفة عام 2019
أبرز ما يميز المتحف المصرى الكبير "الدرج العظيم" بالبهو الرئيسى، الذى يحتوى على 108 درجات بارتفاع 26 مترا.. أى ما يُقارب ارتفاع عقار مكون من نحو 9 أدوار
يضم مبنى المتحف المصرى الكبير 7 مداخل، الأول الخاص بالبهو العظيم وهو مخصص لكبار الزوار، والثانى مدخل للزوار والسُيّاح، والثالث مخصص للمنطقة التجارية، والرابع مخصص للإدارة، والمدخل الخامس خاص بدخول القطع الأثرية، والسادس والسابع هما مدخلان للطوارئ.
المسلة المعلقة
فى البهو الخارجى للمتحف، والذى تبلغ مساحته 28 ألف متر مربع، تستقبل المسلة المُعلّقة الخاصة بالملك رمسيس الثانى زوار المتحف. وفى مشهد بانورامى يخطف الأنظار سيتمكن الزائر من الدخول لقاعدة المسلة الأثرية، وبالنظر إلى أعلى يمكنه رؤية خرطوش الملك رمسيس الثانى، والذى ظل بعيدا عن الأنظار ما يقرب من 3500 عام تقريبا.
كما سيجد الزائر كلمة «مصر» محفورة على كسوات الأعمدة وعلى جوانب القاعدة الحاملة للمسلة وبكل لغات العالم، ليصبح هذا التصميم الهندسى الفريد الذى أعده اللواء مُهندس عاطف مفتاح المُشرف العام على المتحف الكبير، مزيج بين عبقرية المصرى فى الماضى والحاضر والمستقبل.
فى 2018، استقبل المتحف المصرى الكبير المسلة قادمة من منطقة صان الحجر الأثرية بالشرقية، وكانت عبارة عن عدة أجزاء، وتم ترميمها بأسلوب علمى حديث، وتعليقها على أربعة أعمدة، بسبب وجود «خرطوش» يوجد به ختم الملك رمسيس الثانى أسفل القاعدة، مع مراعاة الأحمال والاهتزازات على جسم المسلة.
البهو العظيم
يضم البهو الرئيسى للمتحف الكبير التمثال الضخم للملك رمسيس الثانى، الذى تم نقله فى 25 أغسطس 2006، من ميدانه الشهير «باب الحديد» الذى سُمّى على اسمه «رمسيس» بوسط القاهرة إلى مقره النهائى بالمتحف المصرى الكبير بميدان الرماية بالجيزة، وكان يوم نقله بمثابة يومًا تاريخيًا شاهده ملايين الناس من كافه أنحاء العالم. وجاء قرار نقل التمثال فى ذلك الوقت، بهدف حمايته من التلوث البيئى الناجم عن حركة القطارات والسيارات والاهتزازات التى تسببها حركة مترو الأنفاق الذى يَمر قرب موقعه القديم، وكان وصول تمثال الملك رمسيس الثانى للمتحف إيذانا ببدء العمل فيه، حيث كان أول قطعة أثرية يتم نقلها له، فتم تصميم المتحف على أن يكون التمثال أول قطعة يراها السائح عند زيارته لهذا المكان.
قبل أن يتم نقل التمثال من ميدان رمسيس، قام فريق عمل مُتكامل من المرممين والمهندسين بإجراء الترميمات اللازمة له بمعاونة شركة «المقاولون العرب»، واستغرقت هذه العملية قُرابة 8أشهر. وقطع التمثال مسافة 30 كيلو مترا عند نقله بمتوسط 5 كيلو مترات كل ساعة، ووصل محمولا داخل سلة معدنية مرفوعة فوق مقطورتين تجرهما سيارة مخصصة لسحب مثل هذه الحمولات الثقيلة إلى مكانه الجديد فى المتحف المصرى الكبير، وقُدّرت تكاليف رحلته بمبلغ 6 ملايين جنيه فى ذلك الوقت.
يبلغ وزن تمثال الملك رمسيس الثانى بدون القاعدة حوالى 83 طنًا، وارتفاعه 11.35متر، وحجم كتلته 20 مترا مكعبًا، وكان قد عثر عليه عام 1888، فى منطقة ميت رهينة (50 كيلومترًا جنوب غرب القاهرة)، وهو مكسور إلى 5 أجزاء تم نقلها بناء على قرار من مجلس قيادة الثورة 1954، إلى ميدان باب الحديد بواسطة شركة ألمانية، وقام المرمم المصرى الراحل أحمد عثمان بتجميع التمثال واستكمال الساق والقدم الناقصتين إلى جانب ترميم التاج الملكى وبعض الأجزاء الصغيرة فى التمثال.
فى 25 يناير 2018، قامت وزارة السياحة والآثار المصرية بالتعاون مع شركة المقاولون العرب بنقل التمثال مسافة 400 متر داخل المتحف، وسط موكب عالمى ضخم، بتكلفة 13.6 مليون جنيه، ليستقر فى مكانه النهائى فى البهو الرئيسى بالمتحف استعدادا للافتتاح النهائى له.
تمثال رمسيس الثانى مصنوع من الجرانيت الوردى والملامح الفنية له تظهر ملامح بروز الصدر والجسد والملك فى وضع الوقوف، وهو يقوم بتقديم ساقه اليسرى للأمام، ويرتدى ردائه الملكى «النمس»، ويعلوه التاج المزدوج، وهو التاج الأحمر والذى يُمثّل الشمال وهى الدلتا والتاج الأبيض، والذى يُمثّل الجنوب، وتظهر لحيته مستقيمة، وهو يرتدى النقبة القصيرة ويوجد خنجرًا فى حزام النقبة.
تعامد الشمس فى المتحف الكبير
على خطى الأجداد، نجح أحفاد المصريين القدماء فى تطبيق تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى فى البهو العظيم للمتحف، حيث نجح مهندسو المتحف من تطبيق فكرة التعامد مرتين سنويًا قبيل الموعد الأصلى بيوم واحد، على نهج قدماء المصريين الذين طبقوا نفس الفكرة مع ذات الملك قبل آلاف السنين فى معبده الكبير بمدينة أبو سمبل بمحافظة أسوان يومى 22 فبراير وأكتوبر من كل عام وحتى اليوم.
وجاء العمل على إعادة تحقيق هذا الإنجاز مجددا، بعدما تبنّى الفكرة اللواء مهندس عاطف مفتاح المُشرف العام على المتحف، ووجه بدراستها على الفور عندما تقدّم بها أحد المهندسين وتم تطبيقها فى أكتوبر 2019، حيث كوّن فريقا من مهندسى وأثرى المتحف للعمل على إعادة تحقيقها هندسيًا.
عمود النصر لـ«مرنبتاح»
لجوار تثال رمسيس الثانى، يقف فى البهو العظيم للمتحف عمود الملك مرنبتاح المعروف لدى علماء المصريات والآثاريين المتخصصين فى دراسات عصر الرعامسة باسم عمود «المطرية»، وهو أحد أهم الوثائق التاريخية المُتعلّقة بعهد الملك مرنبتاح رابع ملوك الأسرة الـ19 وخليفة وابن الملك رمسيس الثانى. وهو عمود من الجرانيت الوردى يبلغ طوله 5.50 متر، عَثَر عليه الأثرى المصرى الشهير منير بسطة فى منطقة عرب الحصن بالمطرية بالقرب من المسلة أثناء حفائر مصلحة الآثار المصرية أعوام 1967 إلى 1970، وهو الموقع الذى ظل قابعًا فيه لسنوات قبل أن ينتقل إلى قلعة صلاح الدين الأيوبى لترميمه.
نُحت على الجسم الخارجى للعمود نص من أربعة أسطر، يتحدث عن الانتصار التاريخى العظيم الذى حققه الملك الباسل «مرنبتاح» على الليبيين فى العام الخامس من عهده عند حدود الدلتا الغربية حوالى عام 1208 ق.م، وهى إحدى المعارك الحربية الشهيرة والخالدة خلال عصر الرعامسة وخلال عصر الدولة الحديثة، والتى سُجّلت من خلال العديد من آثار الملك مرنبتاح، مثل نقش معبد الكرنك، ولوحة انتصاراته الشهيرة المعروفة بـ"لوحة إسرائيل».
التمثال الثانى لرمسيس
يُزيّن البهو العظيم تمثال ثانِ للملك رمسيس الثانى نُقِل من منطقة صان الحجر بمحافظة الشرقية إلى المتحف المصرى الكبير، ويبلغ ارتفاعه 8 أمتار ووزنه 30 طنًا تقريبا، ويمثل الملك واقفا، مقدمًا قدمه اليُسرى عن اليُمنى، ويُمسك فى يديه بعض اللفائف، ويرتدى النقبة الملكية القصيرة، والحزام الذى يلتف حول الخصر مُزيّن بزخارف، ويحمل اسم الملك.
تماثيل سنوسرت
كما يعرض البهو العظيم للمتحف الكبير 10 تماثيل للملك سنوسرت، وهو ثانى ملوك الأسرة الثانية عشر، الذى تولى حكم مصر من عام 1971، إلى عام 1926 قبل الميلاد، وكان واحدا من أقوى ملوك هذه الأسرة. التماثيل مصنوعة من الحجر الجيرى، واكتشفت عام 1894 داخل حفرة فى المعبد الجنائزى للمجموعة الهرمية للملك سنوسرت الأول بمنطقة اللشت بمحافظة الفيوم وتم نقلها إلى المتحف المصرى بالتحرير عام 1895، وتُصوّر هذه المجموعة الملك سنوسرت الأول فى مرحلة الشباب وهو جالسا على كرسى العرش.
التماثيل الغارقة
سيتمكن زوار البهو العظيم بالمتحف الكبير من رؤية تمثالين نادرين تم العثور عليهما عام 2000، من قِبَل بعثة مشتركة من المعهد الأوروبى للآثار الغارقة مع وزارة السياحة والآثار، تحت الماء بخليج أبى قير، على بعد 6.5 كم قبالة سواحل الإسكندرية. التمثال الأول للملك بطليموس الثانى 277 إلى 270 قبل الميلاد، مصنوع من الجرانيت، ويبلغ ارتفاعه 5 أمتار، وهو تمثال ملكى، يظهر خلاله يرتدى التاج المزدوج، ويقف الوقفة التقليدية، حيث القدم اليسرى للأمام ويداه مضمومتان. أما التمثال الثانى، لإحدى ملكات مصر، ومصنوع من الجرانيت، ويبلغ ارتفاعه 4.90 متر، ويُمثّل ملكة واقفة ترتدى تاجًا مكونًا من قرص الشمس، وريشتين وقرنين، كما ترتدى رداءً شفافًا، والقدم اليسرى للأمام، ومن المُرجح لدى علماء الآثار أن يكون التمثال للملكة «أرسينوى الثانية»، مرتدية زى المعبودة «إيزيس».
الدرج العظيم
أبرز ما يميز المتحف المصرى الكبير، الدرج العظيم بالبهو الرئيسى، الذى يحتوى على 108 درجات بارتفاع 26 مترا، أى ما يُقارب ارتفاع عقار مكون من نحو 9 أدوار، يُعرض عليه 72 قطعة من أكبر القطع الأثرية بالمتحف وسط إضاءة بديعة، ومنها ثالوث الملك رمسيس الثانى مع بتاح وسخمت، وتمثال الملك امنحوتب الثالث، وتمثال الملكة حتشبسوت، وتمثالى الإله بتاح، وتمثال الإله حتحور، وتمثال سنوسرت الثالث، بالإضافة إلى مجموعة متميزة من الآثار الثقيلة الأخرى.
للدرج العظيم سيناريو عرض مميز، يتناول أربعة موضوعات مهمة، الأول يُعرض على بداية الدرج ويُجسّد الصورة الملكية من خلال عرض العديد من التماثيل الكاملة والنصفية الضخمة لملوك وملكات من العصر المُبكّر وحتى العصر اليونانى الرومانى، فيما يُصوّر الموضوع الثانى مفهوم العبادة عند المصرى القديم عن طريق عرض العناصر المعمارية الخاصة بتخطيط المعابد خلال الدولة القديمة، والوسطى، والحديثة والعصر المتأخر.
يتناول الموضوع الثالث لسيناريو عرض الدرج العظيم، فكرة تَمْثِيل الملوك مع المعبودات المختلفة من خلال عرض مجموعات من التماثيل بأحجام متفاوتة تُصوّر الآلهة مُنّفَرِدة، أو مُجتمعة برفقة الملوك، بالإضافة إلى تَمْثِيل الملوك أثناء تأديتهم للطقوس والشعائر الدينية والطقسية أمام الآلهة أو الملوك فى الهيئة الأوزيرية، ويستعرض الجزء الرابع والأخير بالدرج العظيم رحلة الملك المتوفى إلى العالم الأخر والأدوات الخاصة بحماية جسد الملك المتوفى أثناء هذه الرحلة من خلال مجموعة من التوابيت والصناديق الكانوبية والأبواب الوهمية.
خبيئة العساسيف
من بين المعروضات التى سيشاهدها الزائر للمتحف المصرى الكبير «خبيئة العساسيف»، المُكتشفة عام 2019، بجبانة العساسيف الأثرية بمحافظة الأقصر جنوب مصر، وتضم مجموعة متميزة من 30 تابوتًا خشبيًا آدميًا ملونًا لرجال وسيدات وأطفال، فى حالة جيدة من الحفظ والألوان والنقوش كاملة، والتى عُثر عليها بالوضع الذى تركها عليه المصرى القديم، وهى مجموعة توابيت مغلقة بداخلها المومياوات، مُجمّعين فى خبيئة من مستويين، الواحد فوق الآخر، وضم المستوى الأول 18 تابوتًا، والمستوى الثانى 12 تابوتًا.