نحن أمام أزمة حقيقية تجاه شعوبنا ودول الغرب، وحان الوقت للتصدي لقضية الاجتهاد والبدء من الاجتهادات السابقة
«هل يُعقل أن يظل المسلمون يحتكمون ويرجعون في علاقاتهم بغير المسلمين من مواطنيهم إلى أفكار وآراء صيغت لتناسب حال الحرب التي كانت سائدة في وقتٍ ما»
الاجتهاد، الذى أمرت به نصوص عديدة من القرآن والسنة، معناه بذل الجهد العقلى والفكرى فى التعرف على الحكم الشرعى لما يعرض للفقيه أو المفتي أو القاضي من مسائل.
وأصل الاجتهاد مقرر فى الشريعة بفعل النبى صلى الله عليه وسلم نفسه، وبأمره أصحابه بالاجتهاد فى حضرته، وبإقراره اجتهاد من اجتهد منهم فى غيبته، ووقائع ذلك مذكورة بالتفصيل فى كتب أصول الفقه وكتب تاريخ التشريع وكتب عديدة خصصها مؤلفوها لموضوع الاجتهاد دون سواه.
وفى النصف الثانى من القرن الرابع الهجري، نشأ القول بمنع الاجتهاد وعُرفت المسألة باسم: "قفل باب الاجتهاد". وقيل بعد ذلك بوجوب التقليد مطلقًا دون تحديد من الذى يجب تقليده من العلماء... ثم تطور الأمر إلى القول بوجوب تقليد واحد من الأئمة الأربعة.
وعلى الرغم من أن مسألة القول بقفل باب الاجتهاد لم يرد فيها نص من الكتاب ولا السنة، فقد لجأ إليها القائلون بها من العلماء لأسباب، من أهمها:
- تدوين المذاهب وتكامل نصوص مؤسسيها وأتباعهم.
- الضعف السياسى الذى أصاب هيكل الدولة الإسلامية فتفتت إلى دويلات متنافسة.
- تولية القضاء لأتباع المذاهب، فشاع تقليدها طمعًا فى الولايات الدنيوية.
- أهم من ذلك كله أن العلماء وجدوا من لم يتأهلوا للاجتهاد يدعون أنهم مجتهدون ويفتون الناس بآرائهم، فأرادوا سد الطريق أمام هؤلاء المدعين فقالوا بقفل باب الاجتهاد، بل قالوا: إن هذا محل "إجماع".
فلم يكن الذين قالوا بمنع الاجتهاد من أعداء الأمة أو أعداء الدين - كما قد يفهم البعض - ولكنهم كانوا فقهاء أرادوا تحقيق هدف نبيل لكنهم أخطأوا الطريق إليه. أرادوا منع أولئك المدعين من إضلال العباد باجتهادهم المزعوم، وأخطأوا بادعاء ما ليس لهم أن يدعوه.
ولذلك، فإن الصحيح الذى يذهب إليه الفقه العصري، بلسان أعلامه وأقلامهم، أن الاجتهاد باقٍ ما بقى الإسلام نفسه، لا يملك أحد منع من استكمل التأهل له من ممارسته.
ومن أعجب الآفات التى تعانى منها مجتمعاتنا العربية اليوم آفة طلب كل ذى رأى أن يكون له الحق والحرية فى إبداء رأيه وإعلانه والدعوة إليه، ثم حجره هو نفسه على الآخرين أن يتمتعوا بمثل هذا الحق وأن يمارسوا مثل تلك الحرية.
والإيمان بالحق فى الاجتهاد يقضى على هذه الآفة ويحاصرها ويمنع انتشارها ويئد مضارها الكثيرة، وأخطرها نشوء أجيال من المتعصبين الذين لا يرون إلا رأيهم، ولا يسلمون إلا بحقوق أنفسهم، وهؤلاء هم وقود الغلو والتطرف الذى يقضى فى نهاية مطافه على الأخضر واليابس من حياتنا الفكرية والثقافية.
هل يعقل أن يظل المسلمون أسرى ما قاله علماء أجلاء فى القرون السابقة فى وصف نظم الحكم التى كانت سائدة لديهم، وهى كلها نظم فردية محورها هو الحاكم الذى تدين له بالطاعة، وتستمد منه القدوةَ سائرُ السلطات والهيئات والأفراد؟
وهل يُعقل أن يظل المسلمون يحتكمون ويرجعون فى علاقاتهم بغير المسلمين من مواطنيهم إلى أفكار وآراء صيغت لتناسب حال الحرب التى كانت سائدة فى وقتٍ ما، بعد أن مضت على الحياة المتآخية بين الفريقين قرون؟
إن النصوص الصريحة واجبة الاتباع.
وإن هدف الاجتهاد هو تطبيق هذه النصوص فى الزمن الذى يقع الاجتهاد فيه.
إن فى الإسلام سماحةً ويسرًا، تنطق بهما آيات الكتاب الكريم، وتجسدهما سيرة النبى العظيم، وتقوم عليهما شرائعه وشعائره وآدابه.. إن الإيمان لا يلغى دور العقل.. وشمول الإسلام لا يعنى أن النصوص تعالج كل صغيرة وكبيرة من أمور الحياة، فذلك -فضلًا عن استحالته- غير مقبول فى ظل ما تركه الإسلام للعقل من حرية الحركة وواجب الاجتهاد.. وخلود الإسلام لا يعنى "جمود شريعته"، وإنما يعنى قدرتها على التجدد والإبداع لملاقاة حركة الحياة وتغير أشكالها، وأصالة المسلمين لا تعنى عزلتهم عن الناس وانغلاقهم على أنفسهم، وإنما تعنى الاتصال بالناس والعيش معهم.
إن الشريعة، كما يؤكد العلامة الدكتور أحمد كمال أبوالمجد فى كتابه الرائع "حوار لا مواجهة" غير الفقه، كما أن الدين غير التدين.. فالشريعة هى مجموع أحكام الله تعالى الثابتة عنه وعن نبيه صلى الله عليه وسلم، والتى تنظم أفعال الناس.. ومصدرها كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أما الفقه فهو عمل الرجال فى الشريعة، استخلاصًا لأحكامها، وتفسيرًا لنصوصها، وقياسًا على تلك النصوص فيما لم يرد فيه نص، وطلبًا للمصلحة فيما يعرض من أمور السياسة، وإذا كانت الشريعة حاكمة كما يقال.. فإن الفقه محكوم بكل ما يحكم عمل الرجال وسلوكهم فى الجماعة.
والطاعة الواجبة على المسلم إنما هى طاعة الشريعة.. وليست طاعة الفقه ورجاله.
إن مجال الاجتهاد فى التشريع مجال واسع وكبير؛ لأن ما لم تتناوله النصوص كثير بالقياس إلى ما تناولته. وليس ذلك - كما يتوهم البعض - قدحًا فى الشريعة ولا هو نيل من قول الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩]، بل هو آية الحكمة ودليل الكمال فى شرع الذى خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه والذى يعلم - وله المثل الأعلى - أن العالم يتطور، وأن أشكال الحياة تتغير، وأن مشاكل الناس تتبدى فى قوالب جديدة؛ لأنه سبحانه كما أودع ناموس الحركة فى الكون والمجتمع، أودع نعمة العقل فى الرؤوس ليلاقى شرعة الحركة بمثلها، وليستجيب للتطور فى الحياة بتطوير فى الأحكام، وهو وحده الكفيل بحماية الشريعة وتحقيق مقاصدها النبيلة.
وعلى الرغم من علق باب الاجتهاد فى منتصف القرن الرابع الهجرى إلا أن التاريخ الإسلامى ذخر بعدد كبير جدا من المفكرين والفلاسفة الذين حاولوا كسر هذا الطوق المفروض حول قضية الاجتهاد وقدموا اجتهادات عظيمة يمكن البناء عليها إذا توفرت الإرادة.
الفارابي.. المعلم الثاني
صاحب الفضل الأول على الفلسفة الإسلامية؛ لأنه هو الذى وضع أساسها، ورتب مسائلها، ولهذا يعتبر أول فلاسفة الإسلام على الحقيقة، ولُقب بالمعلم الثاني، كما كان أرسطو المعلم الأول.. أجاد اللغات التركية والفارسية واليونانية والسريانية والعربية.. وكان له جهد فى تأسيس الفلسفة الإسلامية، فجمع ما تُرجم قبله إلى العربية من علوم الفلسفة وهذبه ورتبه، وبهذا كان له فضل التجديد الفلسفى وقتها.. وكان ينظر فى المسائل والآراء الفلسفية المختلفة بنظرة المجتهد، ويدعو إلى الحقيقة ولو خالفت رأيه أو رأى أرسطو.. كما سعى لإصلاح آلية الحكم الإسلامى من خلال كتابه (آراء أهل المدينة الفاضلة)، حث فيه على أهمية حرية الرأي والاعتقاد باعتبارها السبيل الوحيد لنهضة الأمم والارتفاع بالفلسفة إلى مراتبها الأقصى.
ابن سينا.. الشيخ الرئيس
فى زمنه كان العباسيون يحاربون أي فكر يخالف مذهبهم.. ويناوئون الفلسفة ويتهمون الفلاسفة بالميل لأفكار أعدائهم "الفاطميين" ويرمون من يخالفهم بالكفر.. لم يرهبه هذا المناخ، ودرس الفلسفة، ورفض الجمود و"الإرهاب الفكري"، وخرج من دائرة التقليد إلى براح التجديد، وكان يقول: "حسبنا ما كتب من شروح لمذاهب القدماء، فقد آن لنا أن نضع فلسفة خاصة بنا".. وقد حرص على التعامل الموضوعى العاقل مع الآراء والأفكار.. واجتهد فى إصلاح الفلسفة الإسلامية واستحق لقب الشيخ الرئيس.. وقد حكم عليه أصحاب الجمود بالكفر.. ولكن ذلك لم يمنعه من الإخلاص للفلسفة وآراء الفلاسفة ذات إخلاصه لدينه وعقيدته؛ لأنه كان يؤمن بأنه لا خلاف بينهما.
ابن رشد
امتاز عن كل من قبله من الفلاسفة بجمعه بين العلوم الدينية والفلسفية، فاستحق أن يعد من أئمة الفقه، كما يعد من أئمة الفلسفة. أطلق عليه فلاسفة أوربا فى أوائل عصر النهضة لقب "الشارح".. لأنه كان أفضل من شرح فلسفة أرسطو.. أدرك ابن رشد مبكرًا أنه لا عداء بين الفلسفة والدين، لكن أنصار الجمود - من رجال وفقهاء الدين - تآمروا عليه وحاربوه واتهموه بالكفر؛ لمخالفته آراء أصحاب نظريات الجمود والتقليد، ورد الاعتبار للفلسفة، التى أهدرها الغزالى فى كتابه "تهافت الفلاسفة" وجعل الجمود يخيم على العقول، فكان كتاب ابن رشد "تهافت التهافت" الذى أبطل فيه مزاعم الغزالى عن كفر الفلاسفة، وكان رأيه بأنهم مجتهدون يثابون إن أصابوا ويُعذرون إن أخطأوا. ثم كان كتابه "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال" أكد فيه أنه لا خلاف بين الفلسفة والشريعة؛ لأنه لا خلاف بين الدين والعقل، وأعلى ابن رشد من قيمة العقل وحرية الفكر والتفكر، وهو القائل: "إن الشريعة الخاصة بالحكماء هى الفحص عن جميع الموجودات؛ إذ كان الخالق لا يُعبد بعبادة أشرف من معرفة مصنوعاته التى تؤدى إلى معرفة ذاته سبحانه على الحقيقة التى هى أشرف الأعمال عنده وأحظاها لديه".
نجم الدين الطوفي
جاء الطوفي الفقيه الحنبلى بمبدأ صارم قضى على الأسلوب المراوغ الذى عالج به الفقه السلفى المصلحة، وكان يفتئت عليها ويضيق بها، كأن يقول: إن الشرع يأخذ بالمصلحة ثم يعود ليقول إن المصلحة الحقيقية هى فى الشرع!
فتح الطوفى هذا الباب الموارب على مصراعيه وأعلنها مدوية صريحة "أن المصلحة هى المقصد الأسمى الذى يجب الأخذ به إذا حدث تعارض ما بينه وبين النص أو الإجماع كل على سواء".
وأكد الطوفى أن الأخذ بالمصلحة عند التعارض بينها وبين النص لا يتأتى من باب الافتئات على النص، ولكن من باب تأويله، ولا يقال: إن الشرع أعلم بالمصالح، فلتؤخذ من أدلته؛ لأننا قررنا أن رعاية المصلحة من خصائص الشرع، وهى أقواها وأخصها، فنقدمها فى تحصيل المصالح.
فى الطوفى نجد المعالجة الصريحة الجذرية لقضية المصلحة، ونجد الإقامة الأصولية لها على أسس شرعية؛ لأنه انتهى إلى مبدئه عن طريق تفسيره لحديث "لا ضرر ولا ضرار"، وقد أثارت آراؤه ثائرة الفقهاء منذ أن قال بتقديم المصلحة، التى تفتح الباب على مصراعيه للعقل وحرية الفكر والاجتهاد.
ابن خلدون
عند ابن خلدون نجد الرجل الوحيد - تقريبًا - الذى تحرر من روح عصره بحيث استطاع أن يحكِّم العقل والمنطق فى كل ما تركه الأسلاف من تراث، فى الفقه، وفى الحديث، وفى التفسير، عقلانيته غلبت روح عصره بحيث كان تحرره شاملًا، واستطاع بهذه الصفة أن يرسى نظريته فى الحضارة والعمران، وأن يقرر أن الحكم يقوم على "العصبية" أو "الغلبة" أو "القوة"، وأن حكم الرسول والخلفاء الراشدين كان استثناءً ولا يمكن إدراجه فى صنوف الحكم، ثم تعرض لأكبر سببين يؤديان إلى تدهور الحضارات، وهما ظلم الحكام وترف المترفين، وأن هذين إنما هما حصيلة لمبدأ قيام الحكم على العصبية أو الغلبة، فكأنهما لصيقان بالحكم.
هذا كله بالإضافة إلى ما تضمنته المقدمة من تعقيبات وملاحقات لكل ثقافات عصره، سواء كانت فى الفنون أو الآداب أو قواعد الاجتماع... إلخ.
وقد كسب الغرب من ابن خلدون واستعاد آراءه كما استفاد من ابن رشد من قبل. وكانت بلاده وأهله هم آخر المستفيدين منه، بل إن فكرته عن الدولة كان يمكن أن تنقذنا من غوائل "الحاكمية" الساذجة إذا كنا قد أوليناها اهتمامًا كافيًا.
الأسماء السابقة تمثل بعض النماذج المضيئة فى تاريخ الفكر الإسلامي، والعرض الموجز الذى قدمناه يستهدف تسليط الضوء على بعض القيم والمفاهيم العصرية التى ينبغى التسلم بها والإفادة منها، وفى مقدمتها:
١- التسامح الدينى مقولة قائمة فى التراث الإسلامي، وليست معطًى عصريًّا منقطع الصلة بما كان.
٢- حرية الرأى والاعتقاد من الركائز المهمة التى توقفت أمامها الفلسفة الإسلامية.
٣- التجديد الفكرى ضرورة، ومسايرة روح العصر من الحتميات التى يهتم بها التراث الإسلامي.
٤- المصلحة الإنسانية هى الهدف الأسمى، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لإعمال العقل من ناحية، والإيمان بحرية الفكر وحق الاجتهاد من ناحيةٍ أخرى.
٥- التراث الإسلامى جزء من التراث الإنسانى العام، وإذا كان الغرب قد أفاد منه تمهيدًا لصعوده وازدهاره، فلا حرج من أن يفيد المسلمون المعاصرون من التراث الغربي، ولا ضير فى الاقتباس منه.
الإمام محمد عبده
ويعتبر مجدد القرن العشرين بامتياز ؛ يقول فى كتابه "الإسلام بين العلم والمدنية": إن الأصل الأول من أصول الإسلام هو النظر العقلي. والنظر عنده هو وسيلة الإيمان الصحيح.
والأصل الثاني: هو تقديم العقل على ظاهر الشرع عند التعارض.
أما الأصل الثالث: فهو البعد عن التكفير؛ فقد اشتهر بين المسلمين وعُرف من قواعد أحكام دينهم أنه إذا صدر قول من قائل يحتمل الكفر من مائة وجه ويحتمل الإيمان من وجه واحد؛ حُمل على الإيمان، ولا يجوز حمله على الكفر.
والأصل الرابع: الاعتبار بسنن الله فى الخلق: وهو ألا يعول بعد الأنبياء فى الدعوة إلى الحق على غير الدليل، وألا يُنظر إلى العجائب والغرائب وخوارق العادات.
والأصل الخامس: هدم السلطة الدينية: هدم الإسلام بناء تلك السلطة ومحا أثرها حتى لم يبقَ لها عند الجمهور من أهله اسم ولا رسم. لم يدع الإسلام لأحد بعد الله ورسوله سلطانًا على عقيدة أحد ولا سيطرة على إيمانه، على أن الرسول عليه السلام كان مبلِّغًا ومذكِّرًا لا مهيمِنًا ولا مسيطرًا.
لكل مسلم أن يفهم عن الله من كتاب الله، وعن رسوله من كلام رسوله، بدون توسيط أحد من سلف ولا خلف، وإنما يجب عليه قبل ذلك أن يحصل من وسائله ما يؤهله للفهم، كقواعد اللغة العربية وآدابها وأساليبها وأحوال العرب خاصة فى زمان البعثة وما كان الناس عليه زمن النبى صلى الله عليه وسلم، وما وقع من الحوادث وقت نزول الوحي، وشيء من الناسخ والمنسوخ من الآثار، فإن لم تسمح له حاله بالوصول إلى ما يعده لفهم الصواب من السنة والكتاب فليس عليه إلا أن يسأل العارفين بهما، وله بل عليه أن يطالب المجيب بالدليل على ما يجيب به، سواء كان السؤال فى أمر الاعتقاد أو فى حكم عمل من الأعمال.
فليس فى الإسلام ما يسمى بالسلطة الدينية بأى وجه من الوجوه.
الإمام الأكبر محمود شلتوت
سعى الشيخ شلتوت باجتهاداته لسد فراغ كبير فى الفكر الإسلامى المعاصر.. وتصدى للإجابة عن الأسئلة التى تشغل بال مسلمى اليوم وهو يواجه الأفكار والإشكاليات والقضايا المحيطة بعالمه.
وفى كتابة "الإسلام عقيدة وشريعة".. يقرر أن الإسلام (القرآن والسنة) أقر بمشروعية الاجتهاد الفردى والجماعي، والذى يفتح لأهل البحث والاستنباط أوسع الأبواب لتخيُّر القانون الذى تنظَّم به شئون المجتمعات الإسلامية على اختلاف ظروفها، غير مقيدين فيما يختارون إلا بشيء واحد: وهو عدم المخالفة لأصل من أصول التشريع القطعية مع تحرى وجوه المصلحة، وسبل العدل.
ويضيف شلتوت فى موضع آخر من كتابه المهم: "وإذا دلت طبيعة الإسلام هذه على شيء، فإنما تدل على أنه دين يتسع للحرية الفكرية العاقلة، وأنه لا يقف - فيما وراء عقائده الأصلية وأصول تشريعه - على لون واحد من التفكير، أو منهج واحد من التشريع، وقد كان بتلك الحرية دينًا يساير جميع أنواع الثقافات الصحيحة، والحضارات النافعة التى يتفتق عنها العقل البشرى فى صلاح البشرية وتقدمها مهما ارتقى العقل ونمت الحياة.
إننا أمام أزمة حقيقية ليس فقط أمام شعوب ودول الغرب ولكن هنا فى الداخل أمام شعوبنا باعتبارنا مجتمعات مختلطة بين عدة ديانات لذا بات من واجب اللحظة التصدى لتلك القضية المهمة والبدء من عند هؤلاء الذين سبقونا عبر قراءة ما كتبوه واستيعابه والبناء عليه.. فهل نحن فاعلون؟!.
لمطالعة موقع ديالوج.. اضغط هنا