المصالح تحكم علاقات الدول
بوتين لم يتوقع رد فعل فرنسا على مهاجمة المصالح الفرنسية فى أفريقيا
في ٢١ (يناير) في حزب الجمهورية السيادية بفرنسا استمعت باهتمام إلى الحوار الذي دار بين بيير كونيسا وألكسندر ديل فال. إذ يعد هذا النقاش من أكثر المناظرات إثارة للاهتمام بين المتحدثين رفيعي المستوى، وقد لفتت انتباهي خلال هذه المناظرة تأكيد ديل فال علي فكرة "العدو" عند الحديث عن روسيا.
إذ يذكرنا هذا العالم الجيوسياسي بفكرة أن "العدو هو الذي يأتي ليهاجمك في حوض الاستحمام الخاص بك"، مع الأخذ في الاعتبار، مرة أخرى، الإسلام السياسي الذي انتشر في بلادنا منذ عقود بدعم من بعض الدول التي تمول الجماعات الإسلامية.
الأمر ليس كذلك بالنسبة لروسيا فلاديمير بوتين التي لا تصل دبابتها الي جبال فوج والتي لا تمول العناصر التخريبية في مدننا بالروبل. روسيا ليست عدو لكنها أصبحت خصما عدوانيا منذ فترة طويلة في الواقع، لم يتوقع فلاديمير بوتين هجومه على أوكرانيا كما لم يتوقع رد فعل فرنسا على مهاجمة المصالح الفرنسية في أفريقيا على وجه الخصوص.
كما قال الجنرال ديجول، "الدول ليس لها أصدقاء، لها مصالح فقط". ربما نتردد في قبول هذه الفكرة لفترة طويلة، لكن تاريخنا، وتاريخ بونابارت لا ينسى موقف المملكة البريطانية في عام ١٨٧٠، أكد لنا ذلك هذه الحقيقة. تتباعد مصالح فرنسا وروسيا اليوم في العديد من النقاط بينما كان لديهما إمكانية العمل معًا بشكل مختلف. هذا التباين في المصالح يصل إلى "ذروته" في القارة الأفريقية بسياسة أفريقية جديدة من موسكو على حساب باريس.
قررت روسيا بعدغياب طويل عن القارة الأفريقية منذ نهاية الحرب الباردة، استعادة موطئ قدم لها في أفريقيا من خلال المساعدات العسكرية ولكن أيضًا الاقتصادية، من خلال إلغاء الديون التي تعاقدت عليها بعض الدول الأفريقية مع موسكو. إذا كانت بعض الدول، كجيبوتي استطاعت مواجهة التوغل الجارجي، فهذا ليس هو الحال في السودان وإثيوبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا وأنجولا. إذا كانت هذه عودة روسيا لأفريقيا تمثل حرجا لفرنسا على المستوى الاقتصادي، فيمكننا القول إنها "اللعبة" ويجب علينا تعزيز قوتنا التجارية. ومع ذلك قررت روسيا قبل القضية الأوكرانية بوقت طويل، تغيير طريقة القيام بالأشياء في جمهورية أفريقيا الوسطى، في مالي، في بوركينا فاسو، من خلال تنفيذ استراتيجية معادية للفرنسيين بشكل علني تجاوزت المرحلة البسيطة المتمثلة في الاستيلاء على السوق من أجل التعدين أو موارد الطاقة في هذه البلدان.
إذا لم تكن هناك مواجهة مباشرة بين فرنسا وروسيا في القطاع الساحلي، فإن الانقلابات التي ترعاها موسكو، وأعمال شركة فاجنر، ورعاية الحركات المناهضة لفرنسا ليست أعمال صداقة.. فلاديمير بوتين قرر أن يتعمد استهداف فرنسا في هذا المجال حتى لو سمح ذلك للمنظمات الإسلامية بالتقدم وعلى المدى البعيد أو القريب لتشكل تهديدًا لأوروبا وفرنسا.
عدو.. أنا لا أعرف ولكن بالتأكيد لست صديق..
معلومات عن الكاتب: