الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عندما اعتذر الناقد الأدبي الكبير للمفكر العملاق عباس العقاد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عندما أجريت حوارا مع الناقد الأدبي الكبير "رجاء النقاش" الذي غير وجه الثقافة العربية خلال القرن العشرين وهو من أهم رموز الثقافة المصرية والعربية، كان من أهم محاور الحوار  معرفة سبب المعركة الأدبية التى كانت  بينه وبين المفكر الكبير "عباس العقاد " وقد اعتذر صراحة فى هذا الحوار له.

سألته:

**ما سبب هجوم سيادتك  على المفكر الكبير "عباس محمود العقاد"؟

- المعركه التي دخلتها مع الكاتب الكبير الأستاذ "عباس محمود العقاد"   لم أكن أقصد أن أهاجمه ولكن هو الذى فتح النار عليّ.

**كيف؟

  • كنت في ذلك الوقت مسئولا عن الصفحه الأدبية بجريدة "الأخبار" بدلا من الأستاذ أنيس منصور الذي ترك الصفحة والجريدة.. سافرت إلى الجزائر  ضمن وفد إعلامي بعد استقلال الجزائر وظللت هناك أسبوعين وتركت الصفحة الأدبية لزميل لي ونشر هذا الزميل خبرًا بأن الكاتب الألماني "برخت" سوف يزور مصر والتقط الأستاذ عباس العقاد هذا الخبر وعلق عليه في يومياته التي كانت تنشر "بالأخبار" وكانت كتاباته عنيفة جدا وهجومه فظيع.

 **ما هو سبب هجوم الأستاذ العقاد على هذا الخبر؟

  • هذا الخبر نشر خطأ وهو خبر مضحك لأن الكاتب الألماني برخت كان قد مات منذ 10 سنين ولم ينتبه زميلي إلى هذا الخطأ وانا أرجعه إلى تشابه اسماء الأدباء الألمان  واسم "برخت" كان  متداولا فى الأوساط  الأدبية والثقافية ولكن الأستاذ "العقاد" اعتبرني مسئولا ولذلك ظل يهاجمنى كل يوم أربعاء فى يومياته وبهدلني بكتاباته هذه.

 **هل هجوم الكاتب الكبير عباس محمود العقاد كان عليك شخصيا أم على من نشر هذا الخبر؟

  • لا عليّ أنا شخصيا...

**وما سبب هجوم المفكر  الكبير عليك...؟

  • أبدا.. كان الأستاذ "العقاد" يعقد ندوة كل يوم جمعة يذهب  إليها كل الأدباء والصحفيين والمهتمين بصفحة الأدب ولكنني لم اذهب اليها فاعتبرني لا أهتم به ولا أخفي أن هناك أيضا من كان يملأ الأستاذ  "العقاد"  ضدي ولكنني لم أسكت على الهجوم.. رددت بأعنف مما كتب فانا أعلم أنه كاتب عملاق وأنا على بداية الطريق ومقالاته هذه قد تدمرني.

**ماذا كتب الأستاذ رجاء النقاش عن المفكر الكبير عباس محمود العقاد؟

  • كتبت مقالا بعنوان ماذا يريد "العقاد"؟ وأوضحت أن هناك خطأ وقع في الخبر ولكن لا يستحق كل هذا الهجوم خاصه أنني كنت مسافرا وأنني ما زلت على بداية الطريق وأنا وزميلي من الجيل الصاعد وأن هجوم عملاق مثله فيه قسوة شديدة ثم عرجت في كتاباتي على أن الاستاذ "العقاد" يريد من الجيل الجديد إلا يتحرك إلا بإذن منه.

** بصراحة شديدة... ألم تجدها فرصة للشهرة في أن تهاجم كاتبا كبيرا مثل "العقاد" ويهاجمك؟

-نعم..اعتبرتها فرصة. ولكن بيني وبين نفسي كنت أحب الأستاذ "العقاد" وأذكر لك واقعة صغيرة.

**تفضل

  • ذهبت مع الاستاذ سعد الدين وهبه قبل هذا الهجوم بخمس سنوات  لزياره الاستاذ  "العقاد" بمنزله وكان  عندي أربع وعشرين سنة آنذاك وكتبت مقال بعنوان "نصف ساعة في بيت العقاد"  ذكرت فيها انطباعي عنه بابهار شديد  ومن المفيد أن أقول لك أن الأستاذ "العقاد" جامعة وإنني أكثر من استفدت  من كتبه وفكره. بل وكتب الأستاذ" العقاد" جامعة كاملة لكل  من يريد أن يقرأ فهو للحق كاتب عظيم ملم بثقافات العالم وبكل الاتجاهات المختلفة للثقافة ومن ناحية أخرى لديه قدرة فائقة على الاستنتاج والعرض.. ولو قرأ اي انسان ما كتبه  الأستاذ "العقاد" لحصل على ثقافه  عاليه جدا.. علمه غزير وثقافته واسعة.. وأقول ايضا أن  زيارتى للأستاذ "العقاد" غيرت كثيرا من انطباعاتي عنه بالصورة عنه  ’نه رجل متجهم وجاد ولكنني وجدته لطيفا جدا خفيف الدم لا يكف عن الضحك والسخريه ويمثل الشخصيات التي يحكي عنها وفيه طفوله.. كلمة تبهجه وكلمة تغضبه.

**والى متى استمرت المعركة بين سيادتك والمفكر الكبير الاستاذ "العقاد"؟

 - في مارس سنه 1964 مات الاستاذ "العقاد" وحضرت الجنازة ثم عدت لأكتب مقالا فى  صفحة كاملة في جريدة "الجمهورية" واعتذرت فيها على الملأ وقلت  إنني أسأت إلى الأستاذ "العقاد "وعكنت عليه شيخوخته وإنني كنت مندفعا وأنه لم  يكن عندي مبررا واحدا لهذا الاندفاع الا قسوة الاستاذ "العقاد".

ختاما.. هذا هو أعظم اعتراف واعتذار من ناقد أدبي كبير  للمفكر العملاق.