يوافق اليوم الأحد 26 فبراير / شباط 2023 الذكرى الرابعة والثمانين لميلاد أسطورة الكوميديا اللبنانية شوشو، أو حسن علاء الدين (26 شباط 1939 - 2 تشرين الثاني 1975) وهو فنان مسرحي لبناني كوميدي ناقد، كان من مؤسسي المسرح الوطني اللبناني وقدّم العديد من المسرحيات والبرامج التلفزيونية.
لم يقتصر مشواره الفني على لبنان بل تجاوزت شعبيته الحدود، فعشقه المصريون من خلال أدواره المميزة التي كانت تضفي بهجة وسعادة وضحكات صافية كما في أفلام زمان يا حب بطولة الفنان الكبير فريد الأطرش ويوسف باشا وهبى وحسناء السينما زبيدة ثروت، كما قدم دورًا مميزًا في فيلم سيدتي الجميلة أمام الفنان القدير محمود ياسين والفنانة الكبيرة نيللي.
حياته
ولد حسن علاء الدين (شوشو)، في بيروت عام 1939، وتوفي في بدايات الحرب الأهلية في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر / تشرين الثاني 1975. كان يحمل أفكارًا مباشرة وغير تجريدية أو سريالية، وأحلامًا في الواقع والحاضر وما وراء الواقع تعبيرًا عن طاقات حيوية بعد 10 سنوات على تأسيس مسرحِه في 11 تشرين الثاني 1965.
بدأ حسن علاء الدين مسيرته المسرحية في فرقة شباب هواة، ووجد طريقه إلى الإذاعة والتلفزيون حين تعرف إلى الفنان محمد شامل عام 1965، وتزوّج من ابنته، وحلّ محلّ الراحل عبد الرحمن مرعي رفيق محمد شامل.
تميز شوشو بصوته التهكمي الطفولي وبشاربيه الطويلين وجسده النحيل، على رأسه قبعة أو طربوش، ويلبس ثياب غير متناسقة للتعبير عن الاختلاف عن عصره ويتحرك بحركات غير معتادة.
هو صاحب تجربة فريدة في تاريخ لبنان الفني جمع من خلالها جيشًا من المحبّين بينهم صغار وكبار وسياسيون وفنانون. يذكر كثيرون (لا سيما من جيل ما قبل الحرب) صوته التهكمي الطفولي وشاربيه الطويلين وجسده النحيل.
فنان بالصدفة
دخل المسرح من باب الصدفة مع فرقة من الشباب الهواة، وكان وقتها موظفًا في مصرف في بيروت. ثم فُتحت له ابواب الإذاعة والتليفزيون بعدما تعرّف على الفنان محمد شامل الذي أعطاه اسم شوشو.
أُعجب شوشو بفاطمة، ابنة محمد شامل، وتزوجها رغم معارضة والدها. رُزق الزوجان بولدين: خضر ومحمد شامل الذي اسمياه على اسم جده في مسعى منهما لنيل رضاه، وابنة اسمها نوّار وهي التي غنّى لها شوشو اغنيته الشهيرة "نانا الحلوي نانا".
بعد لقائه الفنان نزار ميقاتي، أنشأ شوشو بالتعاون معه المسرح الوطني الذي افتتح في ١١ تشرين الثاني عام ١٩٦٥ في وسط بيروت بعرض لمسرحية "شوشو بك في صوفر" وسط حضور شعبي كبير. بعد سبع سنوات، تغيّر اسم المسرح الوطني وأصبح "مسرح شوشو".
بعد انفصال نزار ميقاتي وشوشو عام ١٩٧٠، دخل شوشو مرحلة النضج الفني وعمل مع اسماء كبيرة في ميداني التأليف والإخراج فتعاون مثلًا مع المخرج برج فازليان الذي وقّع مسرحية "اللعب ع الحبلين" وروجيه عساف الذي أخرج المسرحية الشهيرة "آخ يا بلدنا" عن أوبرا القروش الأربعة لبرشت.
عمل شوشو في مسرحياته مع ممثلين لامعين من بينهم ماجد أفيوني وابراهيم مرعشلي وأماليا أبي صالح وآماليا العريس وشفيق حسن ومرسيل مارينا وفريال كريم. واستضاف الفنان عصام رجي في "وصلت للـ٩٩"، والنجمين المصريين نيللي وحسن مصطفى في "الدنيا دولاب"، والنجمة المصرية هالة فاخر في "جوه وبرّه" و"فوق وتحت".
يقول فارس يواكيم الذي كان واحدًا من كاتبي نصوص مسرحيات شوشو، ان حسن علاء الدين كان يتمتع بتقنية "رفيعة في الأداء الكوميدي مقرونة بميزان يقيس ضحك الجمهور ولا يخطئ، فكان لا يجعل الضحكة تطول فيبرد الجو ولا يقتلها في مهدها فيكبح اندماج الجمهور".
مسرح الطفل
أسس شوشو ايضًا اول مسرح للأطفال في لبنان، وقام ببطولة المسرحيات التي قدّمها هذا المسرح.
دخل شوشو مجال السينما وحاول من خلال إنتاج افلام تجارية لبنانية ومصرية، ان يسدّ قسمًا من ديونه التي تراكمت عليه منذ افتتاح مسرحه، لكن الحظ لم يحالفه. فيلمه الأخير "سيدتي الجميلة" كان من إنتاجه وشارك فيه بدور صغير، وقد حقق الشريط إيرادات جيدة انما بعد وفاة شوشو لسوء الحظ.
عُرف شوشو بفنان الشعب ودفع الخوف من تأثير فنّه على الجمهور، السلطات اللبنانية لمحاربته. وبسبب أغنية "شحادين يا بلدنا"، خضع للاستجواب وأمر القاضي بمصادرة أسطوانات الأغنية، لكنه سمح بتأديتها على المسرح!
ورغم النقد السياسي الذي تميزت به اعمال شوشو، كان من بين الجمهور الوفي لمسرحه الرئيسان كميل شمعون وسليمان فرنجية، ورئيس الوزراء صائب سلام والزعيم كمال جنبلاط، كما كان فنانون كثر من جمهور المسرح الوطني وأشهرهم ام كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب ونادية لطفي وفريد شوقي وعميد المسرح العربي يوسف وهبي من عشاق أدائه الساخر.
رحيل مبكر
في ٢ تشرين الثاني عام ١٩٧٥، رحل شوشو، المدخّن الشره وعاشق القهوة، جراء ازمة قلبية، عن ٣٦ عامًا انجز خلالها ٢٨ عملًا مسرحيًا.. نعم مات الرجل فقيرًا ومديونًا ويحكى انه رفض ان يسدد الزعيم الليبي معمر القذافي ديونه عنه، وقبل وفاته بأشهر، احترق "مسرح شوشو" نتيجة القصف مع بداية الحرب الاهلية في لبنان.