شهدت أسواق الذهب العالمية أسبوع مثير في مسيرة المعدن النفيس سيطر فيه الهبوط على أسعار السلع بشكل عام بعد أن عاد الدولار الأمريكي للسيطرة على مجريات الأمور بدعم من البنك الاحتياطي الفيدرالي وبيانات التضخم القوية، بحسب تقرير جولد بيليون، انخفضت أسعار أونصة الذهب العالمية خلال الأسبوع المنتهي يوم أمس الجمعة بنسبة 1.6% لتغلق عند المستوى 1810.77 دولار للأونصة بعد أن سجلت أدنى مستوى عند 1808.85 دولار للأونصة، مسجلة انخفاض للأسبوع الثاني على التوالي بينما على مستوى شهر فبراير حتى يومنا هذا خسر الذهب 117 دولارا من قيمته منخفضاً بنسبة 6.1%.
في المقابل شهد الدولار الأمريكي ارتفاع كبير في الأسواق ليسجل 5 أسابيع متتالية من الارتفاع وفقاً لمؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الفيدرالي مقابل سلة من 6 عملات رئيسية، حيث ارتفع مؤشر الدولار خلال الأسبوع الماضي بنسبة 1.2%.
محضر اجتماع الفيدرالي يزيد الضغط السلبي على الدولار
أشار البنك الاحتياطي الفيدرالي في محضر اجتماعه يوم الأربعاء الماضي والذي يناقش تفاصيل اجتماعه الأخير بداية فبراير الذي شهد رفع الفائدة 25 نقطة أساس إلى النطاق ما بين 4.5% - 4.75%، أن البنك مستمر في مواجهة التضخم حتى الوصول إلى الهدف عند 2% وذلك عن طريق الاستمرار في رفع أسعار الفائدة.
بعض أعضاء البنك طالب برفع الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، ولكن أغلبية أعضاء البنك وافق على خفض وتيرة زيادة الفائدة بهدف التأكد من نتائج عمليات الرفع العنيفة التي بدأت منذ العام الماضي، بالإضافة إلى إعطاء فرصة للبيانات الاقتصادية للتعبير على وضع التضخم والاقتصاد الحقيقي.
البيانات الاقتصادية تحمل مفاجأة غير سارة للذهب
صدرت عدد من البيانات الاقتصادية عن الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأسبوع المنقضي كان أبرزها بيانات النمو عن الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الرابع من العام الماضي، حيث شهد مؤشر الناتج المحلي الإجمالي نمو بنسبة 2.7% أقل من التقييم الأولي بنسبة 2.9%.
بينما شهد مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي خلال الربع الرابع ارتفاع بنسبة 3.7% أعلى من التقدير السابق بنسبة 3.2%.
أما عن مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي عن شهر يناير والذي يعاد مقياس التضخم المفضل لدى الفيدرالي فقد ارتفع بنسبة 0.6% من ارتفاع سابق بنسبة 0.2% في ديسمبر، وارتفاع المؤشر السنوي الذي يقيس التضخم في 12 شهر حتى يناير 2023 بنسبة 5.4% من 5.3%.
انتعاش الإنفاق الاستهلاكي بشكل حاد في يناير يأتي وسط نمو قوي في الدخل وبالتالي في معدلات الإنفاق، الأمر الذي يضغط بشكل إيجابي على مستويات التضخم، وقد يجبر البنك الفيدرالي على تغيير نظرته خلال اجتماعه القادم في مارس.
في ظل هذا التعافي في مستويات التضخم تأثر الذهب بشكل سلبي كبير بسبب قوة التوقعات برفع الفائدة الأمريكية وقوة الدولار الأمريكي التي تجبر الذهب على الهبوط منذ كونه سلعة يتم تسعيرها بالدولار.
الذهب فقد جميع المكاسب التي سجلها خلال شهر يناير واقترب من المستوى 1800 دولار للأونصة، والذي يرى البعض أنه قد يوقف حركة الهبوط بعض الشيء ليحدث إعادة تقييم لأوضاع المعدن النفيس من قبل المستثمرين.
السندات الحكومية الأمريكية تزيد من معاناة الذهب
شهدت السندات الحكومية الأمريكية ارتفاع في العائد بشكل كبير منذ محضر اجتماع الفيدرالي الذي زاد من توقعات رفع الفائدة خلال الاجتماعات الثلاث القادمة للبنك، فقد سجل العائد على السندات الحكومية لأجل 10 سنوات الأكثر متابعة من قبل الفيدرالي أعلى مستوى في 15 أسبوع عند 3.978%.
أما السندات لأجل 3 أشهر فقد سجلت أعلى مستوى في 6 أسابيع عند 4.877% قبل أن تغلق الأسبوع عند المستوى 4.833%.
قوة السندات الأمريكية دعمت الدولار الأمريكي بشكل كبير وأثرت بالسلب على أسعار الذهب، فالسندات الحكومية الأمريكية قادرة على سحب الاستثمارات من الذهب لأنها تقدم عائد في طريقه إلى الارتفاع مقارنة مع الذهب الذي يعد مخزن للقيمة ولا يقدم عائد للمشترين.
نسبة الذهب إلى الفضة تنذر ببيع الذهب
نسبة الذهب إلى الفضة يقصد بها كمية الفضة اللازمة لشراء أونصة من الذهب وهي نسبة تاريخية يتم استخدامها من قبل العديد من المستثمرين وتجار الذهب كمؤشر لتحديد أفضل وقت للشراء والبيع. فإذا كانت نسبة الذهب إلى الفضة مرتفعة فهذا يعني أن هذا هو الوقت المناسب لشراء الفضة وبالتالي بيع الذهب لأن النسبة أكثر ملاءمة للفضة.
التحليل الفني لجلود بيليون يظهر ارتفاع نسبة الذهب إلى الفضة منذ بداية عام 2023 ويظهر ايضاً اقتراب النسبة من الوصول إلى منطقة مقاومة قد تدفع النسبة إلى الهبوط خلال الفترة القادمة، الأمر الذي يعكس تزايد العوامل التي تشجع على هبوط أسعار الذهب خلال الفترة القادمة.
صناديق الاستثمار في الذهب عند أدنى مستوياتها
الرسم البياني التالي لصندوق الاستثمار SPDR Gold Trust GLD المختص في التداول في الذهب، والذي يعد أكبر صناديق الاستثمار في الذهب بأصول تبلغ 54.13 مليار دولار في العام الماضي.
يظهر الرسم البياني أن أداء الصندوق قد تراجع بداية من شهر فبراير الجاري ليدخل في اتجاه هابط وصل به إلى أدنى مستوى منذ نهاية شهر ديسمبر الماضي، الأمر الذي يعكس تأثر صناديق الاستثمار بالتوجه الحالي للبنك الاحتياطي الفيدرالي.
التراجع الحالي في صناديق الاستثمار العالمية على الذهب يعكس خروج لرؤوس الأموال من الاستثمار في الذهب لصالح السندات الحكومية، وأدوات الدين المدعومة بالدولار الذي عاد ليكون الاستثمار الأفضل في الأسواق حالياً في ظل تمسك الفيدرالي الأمريكي بالوصول لهدف التضخم عن طريق رفع أسعار الفائدة.
أسعار الذهب في مصر
لا يزال الهبوط يسيطر على أسعار الذهب محلياً ليشهد المزيد من التراجع التدريجي ليصل سعر جرام الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً إلى 1680 جنيه، حيث يستمر السوق المحلي في أن يعكس حركة الهبوط في أسعار الذهب العالمية.
حافظ سعر صرف الجنيه مقابل الدولار على مستويات 30.68 جنيه لكل دولار، في ظل استمرار الدولار في الارتفاع في الأسواق العالمية بعد أن وجد الدعم من سياسة البنك الفيدرالي المستمر في رفع أسعار الفائدة.
شهد هذا الأسبوع عودة مصر إلى أسواق الدين العالمي للمرة الأولى منذ العام الماضي، وذلك عن طريق طرح الصكوك الإسلامية بأجل 3 سنوات باستهداف 1.5 مليار دولار، وقد لاقى الطرح نجاح مساعي الحكومة المصرية التي حصلت على طلبات شراء تخطت المستهدف بأربعة أضعاف لتصل إلى 6.1 مليار دولار.
بدأ طرح الصكوك الإسلامية المضمونة بأصول عقارية بسعر فائدة استرشادي 11.625% ومع تزايد الطلب تراجعت الفائدة إلى 11%، ولكن تبقى الفائدة هي الأعلى التي قدمتها مصر على سندات الدين، وأعلى من الفائدة الأمريكية بمقدار 7%.
السبب وراء ارتفاع الفائدة على الصكوك الإسلامية السيادية لهذا المستوى هو تراجع التصنيف الائتماني لمصر من قبل وكالة موديز إلى B3 مع استقرار النظرة المستقبلية إلى جانب تصنيف برنامج الصكوك الذي أسسته مصر بمقدار 5 مليارات دولار عند B3 وهو ما يرفع المخاطرة بالنسبة للمستثمرين وبالتالي يطلب سعر فائدة مرتفع لاجتذاب المستثمرين.