لم تضع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أوزارها بعد، على الرغم من مرور عام على انطلاقها فى ٢٤ فبراير من العام الماضى، فيما زالت العمليات العسكرية دائرة حتى الآن فى عدة مناطق ساخنة وسط توقعات بامتداد أتون الحرب إلى أشهر أخرى فى ظل عدم وجود خريطة طريق واضحة لوقف إطلاق النار وتوقف المفاوضات بين موسكو وأوكرانيا، وسط توقعات بمعركة حاسمة تخطط لها روسيا فى الربيع.
وتلقى أوكرانيا دعما كبيرا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وعدد من حلفائهما، فى مواجهة روسيا، ويأتى هذا الدعم فى أشكال مختلفة فبين دعم عسكرى ومادى، توجد أيضا عقوبات اقتصادية على روسيا تهدف إلى تقويض قوة الدب الروسى ليتوقف عن القتال.
بدأت هذه العقوبات مع اللحظات الأولى لاعتراف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بالانفصاليين فى دونيتسك ولوهانسك بوصفهم مستقلين، فى ٢٢ فبراير من العام الماضى، حيث سارعت دولة عدة لإعلان عقوبات على موسكو لإجبارها على التراجع عن قرارها، ونيتها بغزو الأراضي الأوكرانية بعد تقارير مخابراتية أن هذه الخطوة المقبلة لموسكو، إلا أن تلك القرارات لم تساوي الحبر الذي كتبت به.
ولم تلقَ روسيا بالا بتهديدات الدول الغربية والولايات المتحدة، إذا هاجمت القوات الروسية الأراضى الأوكرانية فى عملية عسكرية كبيرة فى ٢٤ فبراير من العام الماضى ليتم إعلان مزيد من العقوبات على الدولة الروسية.
شملت تلك العقوبات عددا من الأشخاص المقربين من النظام الروسى وكيانات عديدة، وكذلك قيود على واردات النفط والغاز والفحم الروسى، وقيود على واردات وتصدير المعادن الروسية، وكذلك قيود على تصدير واستيراد السلع الكمالية، وقيود على تصدير التكنولوجيا والخدمات المهنية مثل الاستشارات وخدمات المحاسبة إلى روسيا، وقيود على وصول روسيا إلى أموال صندوق النقد الدولى والبنك الدولى وعلى حسابات البنوك المراسلة للبنوك الروسية وعلى وصول البنوك الروسية إلى نظام سويفت.
أيضا شملت العقوبات إلغاء صفة الدولة الأولى بالرعاية، وعلى الديون السيادية، بالإضافة إلى قيود على بث وسائل الإعلام الروسية المملوكة للدولة، بالإضافة إلى تحديد بيع سعر النفط الروسى للحد من مكاسب الدولة الروسية مع تعطش السوق العالمية، وفرض قيود على نقل النفط الروسى.
وتقسم العقوبات على روسيا قبل وبعد ٢٢ فبراير، ففى ٢١ فبراير اعترف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بالانفصاليين فى دونيتسك ولوهانسك بوصفهم مستقلين وأمر القوات الروسية فى المنطقة بالتدخل، فردت الولايات المتحدة وحلفاؤها فى ٢٢ فبراير بأول إجراء والذى تحول إلى آلاف العقوبات.
ووصل عدد الكيانات والأشخاص الروس الواقع عليهم عقوبات قبل ٢٢ فبراير إلى ٢٦٩٥، وبعد هذا التاريخ حتى الآن وصل عدد الكيانات والأشخاص المعاقبون إلى ١١٣٢٧، ليصل مجموع العقوبات على موسكو إلى ما يقرب من ١٤ ألف عقوبة فيما وصف بأنه «حرب نووية مالية» على موسكو.
وتعد أمريكا الدولة الأكثر فرضا للعقوبات على روسيا بواقع ١٩٤٨ عقوبة، متجاوزة سويسرا ١٧٨٢ وكندا ١٥٩٠، والمملكة المتحدة ١٤٢٩، وذلك بحسب موقع castellum المتخصص فى رصد العقوبات على روسيا.
وقبل روسيا، كانت إيران فى الصدارة من حيث عدد العقوبات التى طالت ٤١٩١ كيانا، وفرضت على مدار عقد من الزمن، تليها سوريا ٢٦٤٣ وكوريا الشمالية ٢٠٩٧.
وعلى الرغم من العقوبات الكبيرة التى فرضتها القوة الاقتصادية الكبيرة فى العالم مدعومة من الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية، بهدف إيقاف الآلة العسكرية الروسية إلا أن تلك العقوبات لم تنجح سوى فى إيلام دول العالم الفقيرة ودول أوروبا نفسها والولايات المتحدة الأمريكية، ولم تحقق مبتغاها حتى الآن.
ورسم مساعد الرئيس الروسى مكسيم أوريشكين مستقبلا مشرقا للاقتصاد الروسى فى ٢٠٢٣، وأفاد بأن الاقتصاد الوطنى فى بداية ٢٠٢٣ ينتظره دفعة إيجابية يتبعها تسارع فى الديناميكيات الاقتصادية.
فيما توقع صندوق النقد الدولى نمو الاقتصاد الروسى فى عام ٢٠٢٣ بنسبة ٠.٣٪ من الناتج المحلى الإجمالى، وهو أفضل بنسبة ٢.٦٪ من التوقعات فى أكتوبر من العام الماضى، وفى عام ٢٠٢٤، سينمو الاقتصاد الروسى بنسبة ٢.١٪، وهو أفضل بنسبة ٠.٦٪ من توقعات أكتوبر للفترة نفسها. وقبل أيام، أظهر تقرير للأمم المتحدة أن حجم الاقتصاد الروسى تقلص بنحو ٣٪ فى عام ٢٠٢٢، مقارنة بتوقعات سابقة لحدوث انخفاض بنسبة ١٥٪، وكذلك أكد البنك الدولى، أن روسيا نجت من عاصفة العقوبات الدولية نتيجة ضوابط وسياسات سارع الكرملين إلى تبنيها ردا على حزم العقوبات المتتابعة.
وتشكل هذه الأرقام صدمة للغرب الذى يفرض عقوبات على روسيا، خاصة السلطات الأمريكية التى تشعر بـ«خيبة أمل كبيرة» بسبب عدم وجود «آثار كبيرة» للعقوبات المفروضة على روسيا، والتى توسعت مجالاتها وتصاعدت حدتها، بصورة كبيرة، بعد العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، حيث توقعت أن هذه الإجراءات، مثل تعطيل سويفت وجميع عقوبات الحظر ضد البنوك الروسية، ستدمر الاقتصاد الروسى تماما، وأن يكون الاقتصاد الروسى فى حالة أسوأ مما هو عليه الآن.
الإجراءات التأديبية تطال «الفياجرا»
من أغرب العقوبات الغربية التى تم فرضها على الجانب الروسى، فرض عقوبات على عقار الفياجرا، الذى قد يكون منشطا جنسيا فى بعض الأحيان بالإضافة إلى استخداماته الطبية.
وأبلغت شركة الأدوية الأمريكية «Viatris»، الحكومة الروسية العام الماضى بأنها ستتوقف عن بيع الدواء فى شكل أقراص.
وتعد الأدوية والمعدات الطبية الأخرى لا تخضع للعقوبات الاقتصادية الشاملة المفروضة على روسيا من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبى وداعمى أوكرانيا الآخرين بعد الغزو الروسى.
وحذرت شركات الأدوية الغربية من أن إمدادات منتجاتها إلى روسيا قد تتعطل نتيجة العقوبات التى قطعت البنوك الروسية عن النظام المالى الدولى «سويفت» ودفعت شركات الشحن الكبرى إلى تعليق عملياتها فى البلاد.
وردت وزارة الصناعة والتجارة الروسية، أنها تعمل على إنشاء صناعة محلية من عقار شبيه بـ«الفياجرا» بعد إيقاف الشركة الأمريكية المصنعة لهذا الدواء إمداداتها لروسيا.
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، انتقدت تصريحات أدلت بها ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة براميلا باتن، حول استخدام الجيش الروسى للفياجرا فى «عمليات اغتصاب» بأوكرانيا.
يذكر أن المبعوثة الأممية لشئون العنف الجنسى فى أوقات الصراع، براميلا باتن، اتهمت روسيا باستخدام الاغتصاب والعنف الجنسى كـ«استراتيجية حرب» فى أوكرانيا.
وذكرت زاخاروفا تصريحات سابقة للمفوضة السابقة لحقوق الإنسان فى أوكرانيا، ليودميلا دينيسوفا، التى اعترفت بنفسها بأنها اختلقت ببساطة العديد من تصريحاتها من أجل الحصول على تمويل وأسلحة من الغرب.
ولم تكن العقوبة على الفياجرا الأغرب فى سلسلة العقوبات الغربية على روسيا، فعوقبت أيضا القطط الروسية، على سبيل المثال، حيث اتخذت جمعية لمحبى القطط حول العالم قرارا غريبا يقضى بفرض قيود صارمة على سلالات القطط التى يتم تربيتها فى روسيا.
وقال المجلس التنفيذى للاتحاد الدولى للقطط «FIFe»، إنه يشعر بالصدمة والرعب من غزو الجيش الروسى لأوكرانيا، وأن المجلس يشعر أنه لا يستطيع الاكتفاء بمشاهدة هذه الأعمال الوحشية دون فعل أى شيء، لذلك قرر حظر تسجيل القطط المستوردة من روسيا بغض النظر عن أى منظمة أصدرت نسبها.
أما أغرب تلك العقوبات وأكثرها عبثية على الإطلاق فكان قرار جامعة «ميلانو بيكوكا» فى إيطاليا إلغاء سلسلة محاضرات دورة دراسية عن الكاتب الروسى البارز فيدور دوستويفسكى والذى عاش فى القرن السابع عشر.
العالم
موسكو تنجو من 14 ألف عقوبة غربية.. وخيبة أمل أمريكية
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق