يعتبر «مرض الثلاسيميا» ، اضطراب وراثي في الدم يحدث بسبب إنتاج شكل غير طبيعي من الهيموجلوبين، وهو البروتين المتواجد ضمن خلايا الدم الحمراء التي يحتاجها جسم الإنسان لنقل الأوكسجين. ويقود هذا الاضطراب إلى الإصابة بمرض فقر الدم (الأنيميا) والعديد من المضاعفات الحادة مثل تشوهات العظام وقصور النمو. ويتعين على مرضى الثلاسيميا غالباً الخضوع لإجراء نقل الدم طيلة حياتهم لدعم نموهم وتطورهم الطبيعي، والحفاظ على جودة حياتهم وزيادة متوسط عمرهم المتوقع.
ووفقاً للاتحاد الدولي للثلاسيميا، يولد نحو 56000 طفل مصاب بالثلاسيميا سنوياً. وفي مصر، تشير التقديرات إلى أن ألف طفل من أصل 1.5 مليون طفل يولدون كل عام وهم يعانون من هذا المرض .
يُذكر أيضاً أن معدل الحاملين للمرض في مصر يتراوح بين 9 إلى 10% من السكان ، ويتلقى العلاج نحو 10000 مريض من جميع الأعمار.
حيث قالت الأستاذة الدكتورة منى حمدي، أستاذ طب الأطفال وأمراض الدم بجامعة القاهرة: "على مدى السنوات القليلة الماضية، لم تدخر الحكومة المصرية جهداً للوقوف على بيانات دقيقة تساعد على تحديد السكان المصابين بمرض الثلاسيميا وتعزيز رعاية المرض وإدارته. وبفضل توجيهات القيادة، أصبحت مصر إحدى أوائل الدول في المنطقة التي تحصل على هذا الدواء الجديد، لعلاج المرضى الذين يعانون من اضطرابات الهيموجلوبين. ولا شك أن التعاون بين وزارة الصحة والسكان، وهيئات الرعاية الصحية المحلية بما فيها هيئة الدواء المصرية والهيئة المصرية للشراء الموحد، وشركات الأدوية الرائدة مثل شركة ’بريستول مايرز سكويب‘ سيلعب دوراً رئيسياً في جهودنا لبناء قطاع رعاية صحية قوي وضمان وصول المصريين إلى الأدوية المبتكرة بشكل مستمر".
من جانبه، قال أوسكار ديلجادو، المدير العام لاحدى شركات الادوية بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا: " لقد قمنا بإطلاق دواء جديد في إطار التزامنا بتحقيق رسالتنا الرامية إلى اكتشاف وتطوير وتقديم الأدوية المبتكرة التي تساعد المرضى على التغلب على الأمراض الخطيرة، ونسعى لجعل هذه العلاجات متاحة للمرضى في مصر. يمثل طرح دواءنا الجديد في السوق المصري علامة فارقة مهمة من شأنها أن تفتح باب الأمل للمرضى وعائلاتهم، ورغم أنه لا يمثل علاجاً نهائياً لمرض الثلاسيميا إلا أنه يخفف من حدته فضلاً عن الأعباء المصاحبة له من عملية نقل الدم. يعد هذا الدواء الأول منذ 96 عاماً الذي يستهدف السبب الكامن وراء الإصابة بالثلاسيميا بيتا في مصر. وحتى الآن، لا تستطيع الدولة معالجة المرضى إلا من خلال زراعة نخاع العظم، وهو أمر قابل للتطبيق على جزء صغير من المرضى".
وفي حديثها عن عبء مرض الثلاسيميا، علقت الأستاذة الدكتورة آمال البشلاوي قائلة: "أدى انتشار المرض إلى تشكيل عبء كبير على نظام الرعاية الصحية وأثر على المصريين. يمكن أن يتسبب هذا المرض في الإصابة بفقر الدم الشديد والإرهاق ومضاعفات صحية أخرى تؤدي إلى تدني جودة الحياة وزيادة معدلات الوفيات، لا سيما في الحالات التي لا تتم فيها إدارة المرض بشكل صحيح. ويمكن أن تؤثر أيضاً تكلفة العلاج والرعاية لهؤلاء الأشخاص بشكل كبير على العائلات المتضررة، خاصة تلك التي تنتمي إلى فئات منخفضة ومحدودة الدخل".
وحول الخطط والإجراءات الحكومية للتوعية بالمرض، أضافت الدكتورة آمال: "لقد أدركت الحكومة المصرية الحاجة الملحة لتحسين رعاية مرضى الثلاسيميا والأمراض الوراثية الأخرى. وقد اتخذت تدابير مختلفة لمواجهة المشكلة، منها تقديم العلاج المجاني أو المدعوم. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات، مثل قلة الوعي بالمرض ومحدودية الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية المتخصصة في مناطق معينة".
وتحدث الأستاذ الدكتور محمد موسى عن العلاج المتاح حالياً في مصر، قائلاً: "حالياً في مصر، يعد العلاج المعتاد لمرض الثلاسيميا هو عمليات نقل الدم المنتظمة التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة كمية الحديد. ولمنع ذلك، يتلقى المرضى أيضاً العلاج لإزالة الحديد الزائد من الجسم. ورغم أن هذا العلاج كان فعالاً في إدارة المرض، إلا أنه لا يزال من الممكن أن يؤدي إلى مضاعفات وآثار جانبية ويشكل عبئاً على العائلات".
وسلط الأستاذ الدكتور علي طاهر الضوء على تجربته العالمية وناقش العلاجات الجديدة، وقال: "على مدى السنوات القليلة الماضية، كان هناك قدر كبير من التقدم في تطوير علاجات جديدة للثلاسيميا، بما في ذلك العلاج الجيني وتحرير الجينات. لقد قطعنا أيضاً خطوات كبيرة في تطوير علاجات جديدة يمكن أن تساعد على إدارة مضاعفات مرض الثلاسيميا. لقد علمتني تجربتي في علاج المرضى الذين يعانون من هذا المرض على مدار الأعوام الماضية أهمية اتباع نهج شامل متعدد التخصصات لا يشمل العلاج الطبي فحسب، بل أيضاً الدعم النفسي والاجتماعي للمرضى وعائلاتهم".
جاء ذلك خلال مؤتمر علمى يناقش مرض انيما البحر الابيض المتوسط وطرق علاجه فى مصر، وذلك بحضور عدد كبير من خبراء أمراض الدم المحليين والعالميين، بما في ذلك الأستاذة الدكتورة آمال البشلاوي، أستاذ طب الأطفال وأمراض الدم في كلية الطب جامعة القاهرة، والأستاذ الدكتور علي طاهر، أستاذ الطب في وحدة أمراض الدم والأورام في قسم الطب الباطني ومدير معهد نايف باسيل للسرطان في الجامعة الأمريكية في بيروت، والأستاذ الدكتور محمد موسى، أستاذ الباطنة وأمراض الدم في كلية الطب جامعة عين شمس، والأستاذة الدكتورة منى حمدي، أستاذ طب الأطفال وأمراض الدم بجامعة القاهرة، وأوسكار ديلجادو، مدير عام احدى شركات الادوية بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وعدد من كبار المسئولين .