الإثنين 04 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

حوارات

عام على الحرب الروسية الأوكرانية| السفير الأوكرانى ميكولا ناهورنى فى حواره لـ «البوابة نيوز»: روسيا تشكل خطرا على العالم كله.. نحن غير مستعدين للاستسلام .. ولا نخوض حربا بالوكالة بل نواجه استعمارًا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

السفير الأوكرانى ميكولا ناهورنى فى حواره لـ «البوابة نيوز»:

 موسكو تستهدف ضم أوكرانيا بالكامل إلى أرضها.. والحرب قديمة وبدأت منذ 9 سنوات

أمريكا والدول الغربية تساندنا لأننا أثبتنا قدرتنا على الدفاع عن مصالحنا 

موسكو خرقت المبادئ الرئيسية لميثاق الأمم المتحدة

روسيا تسعى إلى كسب الوقت لتعويض خسائرها وتدريب جيش جديد.. والصراع تحول إلى حرب استنزاف

الانضمام للاتحاد الأوروبى حق طبيعى لنا.. وعضوية «الناتو» ضمان أكثر لاستقرارنا 

كبدنا خسائر للجيش الروسى تقدر بعشرات الآلاف من القتلى بين جنود ومرتزقة 

هناك تعاون روسى كورى شمالى لتوريد الأسلحة.. كما تشترى الطائرات المسيرة من إيران 

روسيا تسعى إلى كسب الوقت لتعويض خسائرها وتدريب جيش جديد.. والصراع تحول إلى حرب استنزاف

الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة تايوان نتائجها سيئة على مصر 

موسكو تشكل تهديدا لحلف الأطلسى

أقول للروس: أنتم تحاربون أوهامكم الداخلية وليس الحقيقة 

أوروبا غير مستعدة لإتاحة الفرصة لانتصار روسيا

الحوار غدا في جريدة البوابة

اليوم، وفى الذكرى الأولى للحرب الروسية الأوكرانية تلك الحرب التى أضرت بالعالم أجمع، ليس فقط فى عدد الضحايا، أو أصوات الصواريخ والدبابات التى تدوى يوميا فى عالم أصبح مليئا بالصراعات، مع خريطة عالمية جديدة تتشكل، إنما أيضا للأضرار الاقتصادية الكبيرة التى طالت العالم كله من جراء هذه الحرب، بالإضافة إلى تداعياتها على زيادة أعداد المهاجرين ونقص الطاقة وتأجيج الصراعات بين الدول. 
ومع مرور عام على الحرب، ووسط تصاعد التصريحات الإعلامية النارية بين الجانبين الروسى والأوكراني، أجرت «البوابة نيوز» هذا الحوار مع السفير الأوكرانى فى القاهرة، ميكولا ناهورني، لمعرفة إلى أين وصلت الأوضاع على أرض المعركة، وما هى أفق التسوية لذلك الصراع، وهل من الممكن أن نجد سبيلا للتفاوض حتى نوقف نزيف الحرب.. فإلى نص الحوار.. 


كيف تصف المشهد الآن على الأرض، من حيث الاشتباك الميدانى والعسكري، ومن حيث الوضع الاقتصادي؟ 

بالرغم من أننا أكملنا عاما كاملا منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، ولكن هذه الحرب قديمة منذ ٩ سنوات، وتحديدا فى عام ٢٠١٤م، عندما احتلت القوات الروسية شبه جزيرة القرم، والمرتزقة الروس دخلوا إلى المناطق القتالية فى اكتانيوس ولوجانس وغيرها، ومن ثم اتخذت وروسيا قرارا بخصوص ضم القرم إلى الاتحاد الروسي، أكيد نحن نقدر هذه السنة كمرحلة جديدة وتصعيدية من الجانب الروسي، حيث انتقلت روسيا لسياسة جديدة تجاه أوكرانيا بهدف وضعها تحت سيطرتها بالكامل سياسيا واقتصاديا. 
من بداية الحرب وحتى الآن، روسيا لا تعترف بأنها تشن الحرب، والنظام الروسى يقول إن هذه عملية عسكرية، لكن هل هناك عملية بمشاركة أكثر من ٣٠٠ ألف جندى والآلاف من الدبابات والطائرات والمدفعية؟ 
وفى الأيام الأولى، روسيا كانت تتوقع أنها ستحتل أوكرانيا فى أيام، لكن الهدف الرئيسى من هذه الحملة الروسية هى السيطرة على أوكرانيا بالكامل وعلى مواردها سواء المدنية أو البشرية وضم أوكرانيا إلى روسيا بالكامل. 


هناك من يقول إن أوكرانيا اتخذت خطوات فيما يتعلق بالانضمام للاتحاد الأوروبي، كخطوة للانضمام لحلف "الناتو"، وتناست أنها دولة جوار، وهو ما كان سببا فى استفزاز روسيا، وأنه كان يجب على الأوكرانيين مراعاة مصالح وقلق روسيا المشروع على أمنها القومي، فما ردك على ذلك؟ 

روسيا لديها حق أن تخشى مما تشاء، لكن عندما نعود للتاريخ فيجب أن نتذكر أنه بين  أوكرانيا وروسيا اتفاقيات ومعاهدات، وبما فى ذلك معاهدة السلام ومعاهدات حول العلاقات الاستراتيجية والقاعدة البحرية الروسية كانت موجودة فى شبه جزيرة القرم المحتلة حاليًا منذ عام ١٩٩١م، وروسيا كانت تعترف منذ زمن بوحدة وسلامة الأراضى الأوكرانية وكانت من الدول الداعمة لاستقلال أوكرانيا، وعندما نعود لمذكرة تفاوض بودابست عندما تخلت أوكرانيا عن ترساناتها النووية، نجد الدول النووية الرائدة (الولايات المتحدة وفرنسا والصين وروسيا وبريطانيا) كانت تضمن سلامة الأراضى الأوكرانية، بالرغم من ذلك روسيا بدأت الحرب منذ عام ٢٠١٤ بدخولها بقواتها للأراضى الأوكرانية. 
وفكرة انضمام أوكرانيا إلى حلف "الناتو" تم إدخالها إلى الدستور الأوكراني، ولكن فى عام ٢٠١٨، أى بعد أربع سنوات من بداية الحرب الروسية الأوكرانية، وبالنسبة للاتحاد الأوروبى وانضمام أوكرانيا للأسرة الأوروبية هذا حق طبيعى للشعب الأوكرانى فالشعب يختار مصيره ومستقبله، لكن روسيا بدأت الحرب قبل تلك الفكرة كما ذكرت بأربع سنوات، وفى الوقت الحاضر نحن نرى أن انضمام أوكرانيا إلى الناتو يعد ضمانا أكثر لاستقرار أوكرانيا. 
وأهداف روسيا قديمة، ومنذ مائة عام وهى تقول إن الشعب الأوكرانى غير موجود وأنه جزء من الشعب الروسي، وأن التاريخ الروسى الأوكرانى مشترك، والأدب الأوكرانى مشترك، ولا يوجد خصوصية للشعب الأوكراني، والمسألة كانت عبارة عن مسألة وقت وروسيا اختارت توسيع الحرب فى ٢٤ فبراير ٢٠٢٢. 


بعد عام من الحرب، إلى أى مدى تعتبرون أنفسكم حققتم انتصارًا ما فيها؟ 

قبل بداية الحرب واسعة النطاق، كان هناك عدد قليل من الدول والسياسيين فى الخارج اعتقدوا أن أوكرانيا قادرة على الصمود وصد الهجوم، أما روسيا وجهاز الاستخبارات التابع لها، فاعتقدوا أنهم سوف يحتلون أوكرانيا خلال فترة وجيزة (عدة أيام)، لكن فى المرحلة الأولى روسيا دخلت إلى المناطق والمحافظات المختلفة لأوكرانيا، القوات الروسية كانت فى طريقها إلى العاصمة الأوكرانية ومدينة كييف كانت تحت ضرب المدفعية الروسية، وروسيا احتلت جزءا كبيرا فى شمال أوكرانيا وكانت تضرب مدينة جنيف وسومى والمدن الأخرى، واحتلت جزءا من محافظة زاباروجيا، ودنيبر، ومدينة خيرسون، لكن نتيجة عمليات القوات المسلحة الأوكرانية، تم تحرير حوالى ٥٠٪ من الأراضى التى احتلتها روسيا فى بداية الحرب، وتم طرد القوات الروسية من مدينة كييف إلى الحدود البيلاروسية، ومن مدينة تشرنيجوف ومدينة خراكوف، كما نتذكر العمليات الأخيرة فى أغسطس وسبتمبر ونوفمبر عندما تم تحرير مدينة خيرسون، فالقوات الأوكرانية كبدت خسائر للجيش الروسى وهذه الخسائر تقدر بعشرات الآلاف من القتلى بين جنود ومرتزقة روس. 
والحرب مستمرة ونحن نطمح ونتمنى طرد القوات الروسية من كافة الأراضى الأوكرانية، والهدف الرئيسى للسياسة الخارجية الأوكرانية والقوات الأوكرانية استعادة كامل الأراضي، ونحن جاهزون لطريق المفاوضات والطريق الأخير هو التحرير بالقوة. 


ولماذا لم يكن هناك دور كبير للدبلوماسية الأوكرانية والروسية معا من قبل بداية الحرب، لتقريب وجهات النظر والوصول لحلول سلمية بدلا من شن الحرب؟ 

للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نعود من جديد لأهداف الحرب، فمن وجهة نظر روسيا أنها تخشى على أمنها القومي، وتخشى الأسلحة الباليستية وخطر حلف "الناتو" عليها، ولكن الحلف قريب منها منذ زمن، وأقرب بكثير من الجزء الخاص بأوكرانيا، كما أن روسيا تشكل أيضا تهديدا لحلف الناتو. 
ونحن يجب أن ننظر إلى التاريخ، فكان هناك تعاون وثيق بين الاتحاد السوفيتى وحلف الناتو، وكانت هناك عمليات مشتركة وكانت روسيا تمنح مطاراتها لعمليات الناتو فى أفغانستان، وأهداف الناتو قبل كل شيء هى حفظ السلام، وكانت أهداف الحلف وروسيا إيجاد أرضية مشتركة للتعاون وإقامة علاقات الشراكة بينهما. 
وأنا لا أستبعد أن روسيا كان لديها فرص للتنسيق والانسجام والاندماج أكثر مع الحلف لحفظ السلام، لكن الأهداف الروسية تغيرت، فروسيا دخلت إلى جورجيا وشنت حروبا مختلفة ضد جيرانها، وهذا يشكل خطرا على القارة الأوروبية، لأن أوكرانيا جزء لا يتجزأ منها، فحلف الناتو لم يهدد روسيا، ولم يشن أى حروب فى الفترة الأخيرة فى هذه القارة فى منطقة شرق أوروبا، وليس لديه التزامات تجاه روسيا، وعندما تغيرت الأهداف الروسية تغيرت العلاقات بين روسيا وحلف الأطلسى من شراكة إلى مواجهة، وكما نرى حتى الآن يحاول الحلف أن يبتعد عن الحرب، وعدم دخول حلف الناتو للمواجهة المباشرة. 
وأقول للروس: أنتم تحاربون أوهامكم الداخلية وليس الحقيقة.  


إذًا، ألا يوجد أفق للتسوية السياسية لهذه الحرب، وما الحلول المطروحة لديكم؟ 

خلال قمة العشرين، رئيس أوكرانيا اقترح خطة السلام المكونة من عشر نقاط، وهذه النقاط تتعلق بصورة عامة بضرورة سحب القوات الروسية من الأراضى الأوكرانية ووقف إطلاق النار وتأمين الأمن الغذائى والطاقة وتحرير جميع الأسرى والسجناء، وهناك خطوات أخرى وأوكرانيا مستعدة للمفاوضات، لكن أين الجانب الروسى من هذه الاستعدادات، حتى فى خطاب أمس لم يكن هناك أى ذكر من جانب الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بخصوص مفاوضات السلام، بل تحدث عن عملية جديدة ومستمرة وتحقق أهدافها. 


لكننا نرى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكى يتحدث عن الاستمرار فى الحرب، وأيضًا على الجانب الآخر الرئيس الروسى يتحدث عن حرب نووية، فنحن لا نرى لغة من الجانبين تسعى للتفاوض، فإلى أى مدى تتفق معى فى ذلك؟ 

أنا لا أتفق معكم فى ذلك، لأننى كما قلت إن رئيس أوكرانيا اقترح وتقدم بخطة السلام، والفكرة الرئيسية استعادة الأراضى الأوكرانية بالكامل، ولم نر أى مبادرة من الجانب الروسي، وهناك تصعيد وتهديدات وروسيا لديها مطلب واحد، هو استسلام أوكرانيا ونحن غير مستعدين للاستسلام. 


وهل ترى أن الجانب الروسى يعطل المفاوضات، خاصة أننا رأينا فى الفترة الاخيرة أن الصين دخلت على الخط فى الحديث عن الحرب الروسية الأوكرانية، ودعت إلى التفاوض وأنها سوف تكون شريكا فيه؟ 

نحن نرحب بجميع الجهود الحقيقية، لكن نحن لا نرى أى استعداد أو رغبة من الجانب الروسى للاستجابة للمتطلبات العالمية بخصوص إحلال السلام، بالإضافة إلى أن روسيا هى التى أجرت حملة تجنيد الجنود، واتخذت قرارا بخصوص زيادة عدد أفراد الجيش وتحويل الاقتصاد الروسى إلى اقتصاد الحرب، ومستمرة فى ضرباتها لأوكرانيا، وليس لأهدافها العسكرية، بل من أجل تدمير البنية التحتية وقطاعات الطاقة والمواصلات، وتحاول أن تؤثر على الشعب الأوكرانى لإجباره على الاستسلام، وهنا أسأل أين النية لإجراء المفاوضات؟ 


ولكن البعض يقول إن أوكرانيا تضع شروطا تعجيزية، وتطلب الانسحاب الكامل ومن ثم تجلس على طاولة المفاوضات، فلماذا إذًا لا تجرى مفاوضات فى ظل الوضع الراهن، وحينما يتفقون على شيء يتم تنفيذه، وذلك لدعم جهود التفاوض، فهل ترى أن هذه الشروط تعرقل التفاوض بالفعل؟ 

هذا الكلام يروجه الروس من أجل هدف واحد فقط، وهو كسب الوقت لتعويض خسائرهم البشرية لتدريب جيش جديد، ولتزويد الجيش بالأسلحة والذخائر والصواريخ الجديدة وشراء الأسلحة من الدول الأخرى، ونحن نرى أن روسيا فى الوقت الحاضر متعاونة فى هذا المجال مع كوريا الشمالية وتشترى الطائرات المسيرة من إيران والمصانع الروسية تعمل ٢٤ ساعة للإنتاج العسكري. 


هل ترى أن العالم وقف فى وجه روسيا، وإلى أى مدى أنتم راضون عن هذا الدعم؟ 

فى هذا المجال لا يجب أن نتكلم فقط بخصوص الدول الكبيرة، بل يجب النظر إلى موقف العالم كله، التصويتات الأخيرة فى إطار الجمعية العامة فى ١٢ أكتوبر أكدت أن ١٤٣ دولة أيدت مشروع القرار بخصوص أوكرانيا وهذا القرار كان يعتمد على المبادئ العامة وهى الاحترام لسلامة الأراضى وميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، وهذا يؤكد أن أوكرانيا مدعومة من المجتمع العالمي، وليس فقط من الجيران أو الولايات المتحدة، لأن روسيا خرقت المبادئ الرئيسية لميثاق الأمم المتحدة بشنها الحرب على أوكرانيا. 


ولكن أوكرانيا متهمة فى هذه الحرب بأنها تحارب بالوكالة، وأنها تنفذ أجندة أمريكية، ما ردك على ذلك؟ 

لكل طرف أهدافه، نحن تحدثنا بخصوص روسيا وأوكرانيا، وبخصوص أمريكا والدول الغربية، فى رأيى الشخصى يبدو أن الغرب والولايات المتحدة تدافع عن المبادئ والقيم التى نشاركها مع الدول الغربية، أمريكا لا تساعد روسيا ولا تساعد أى دول تخلت عن المبادئ والقيم المشتركة. 
وأمريكا والدول الغربية تساند أوكرانيا، لأننا أثبتنا قدرتنا على الدفاع عن مصالحنا فى مواجهة الجيش الروسي، وبالتالى فهى ليست حربا بالوكالة، هى حرب أوكرانيا ضد الاستعمار الروسي، ومن الواضح والجلى للجميع أن روسيا تريد استعادة إمبراطوريتها وتجدد أمجاد الاتحاد السوفيتى بالكامل، وبالتالى أرى من منظورى أن المستعمر الروسى لن يتوقف، وهناك دول أخرى سيأتى دورها لتحقيق تلك الأمجاد، مثل مولدوفيا وكازخستان، وبعض من دول حلف الأطلسي، ومنها ليتوانيا، وإستونيا، ولاتفيا، وحتي  فنلندا، وبولندا كانت أجزاء من الإمبراطورية الروسية، ففى الوقت الحاضر روسيا أصبحت لا تشكل فقط خطرا على أوكرانيا، ولكن على العالم كله. 


بعض المراقبين يتهمون الرئيس الأوكرانى بالرغبة فى الاستمرار بالحرب والتضحية بمصالح شعبه، للانتقام من روسيا، وذلك فى ظل الحديث عن فساد داخل أوكرانيا والاستيلاء على المساعدات، فكيف ترد على ذلك؟ 

هذه التصريحات والمقالات التى تنشر، مجرد بروباجاندا ودعاية روسية، كما أن روسيا نفسها تعانى من الفساد بشكل كبير فأين الدبابات الروسية وأين الطائرات الروسية الجديدة، وأين الجيش الروسي، فحتى ملابس الجيش يشترونها. 
وبخصوص أن الرئيس الأوكرانى يضحى بشعبه للتغطية على الفساد، فهى فكرة مجنونة وغير مقبولة. 


وما تعليقك إذن على الإعلان عن قضايا فساد والاستيلاء على أموال داخل وزارة الدفاع الأوكرانية؟ 

دعينى أوضح لكى أن من طرح ذلك الملف هو الشعب الأوكرانى نفسه من الداخل وليس من الخارج، لا بد أن ننظر إلى قرارات الرئيس زيلينسكى بخصوص إقالة عدد من المسئولين ومحاسبتهم، وهذا يؤكد أن المجتمع الأوكرانى مجتمع مدنى ويتابع ويراقب الأوضاع رغم ظروف الحرب. 


هل تفسر ذلك بأنها شفافية؟ 

نعم، شفافية لأن وزارة الدفاع قدمت التقارير للمجتمع، وتم اتخاذ كافة الإجراءات لمكافحة الفساد، ويتم الآن وحتى قبل الحرب، كان هناك قرارات بدعم المؤسسات المكافحة للفساد، وإدخال التعديلات على قوانين مكافحة الفساد. 
والفساد ليس داخل أوكرانيا فقط، ولكن الفساد موجود فى العالم كله، وكل دول العالم تكافح الفساد وتعدل القوانين الرامية إلى ذلك. 


وما حجم الخسائر التى تكبدتها أوكرانيا جراء الحرب، وأعداد الضحايا واللاجئين؟ 

الاقتصاد الأوكرانى خسر حوالى ٤٠٪ نتيجة الحرب الروسية، بالإضافة الى خسائر كبيرة فى البنية التحتية بقطاع الطاقة، وهناك خسائر أخرى غير معروفة للعالم كله، منها نصف الأراضى الزراعية فى الوقت الحاضر أصبحت مليئة بالذخائر ومخلفات الحرب، وسنحتاج إلى سنوات لتعود الزراعة مرة أخرى لسابق عهدها. 
و٥٠٪ من قطاع الطاقة باوكرانيا أصبح فى خراب نتيجة الضربات الروسية، فروسيا احتلت جزءا كبيرا من محطات الكهرباء بما فى ذلك أكبر محطة وهى "زابوريجيا" التى تنتج ٤٠٪ من الطاقة الكهربائية الأوكرانية، ودمرت روسيا شبكة التوزيع للطاقة الكهربائية، و٧٠ ألف مصنع والآلاف من المؤسسات الاجتماعية ومستشفيات ومدارس، والكثير من الضحايا بين المدنيين، والتى تقدر رسمياً من ٨٠٠٠ إلى ٩٠٠٠، ولكنى أعتقد أن الأرقام الحقيقية أعلى بكثير، ويقدر عدد المهاجرين من الشعب الأوكرانى للدول الأوروبية بين ٦ و٨ ملايين، والأغلبية الساحقة منهم نساء وأطفال وأعتقد أن قطاعا كبيرا منهم سوف يستمر فى الدول الأوروبية حتى بعد الحرب لأنهم اندمجوا هناك، والدول الأوروبية تدعمهم وتوفر لهم كل سبل العيش. 


ولكننا سمعنا عن أوضاع صعبة يعانى منها المهاجرون بالدول الغربية؟ فما مدى صحة ذلك؟ 

أتابع مع أصدقاء كثر أوضاع المهاجرين فى بلغاريا وألمانيا، ولكنى لم أسمع حتى الآن عن أى عقبات أو مشاكل واجهتهم، نحن على ثقه بأن الاتحاد الأوروبى يقدم كافة المساعدات والتسهيلات للمهاجرين الأوكرانيين، ومن ناحية أخرى يقدم خدمات التأمين الصحى والدراسة، والاتحاد الأوروبى والدول الأوروبية تقدم يد العون للمهاجرين. 
ابنتى أيضا قبل الحرب كانت تدرس فى أستونيا، وبعد الحرب قدمت هذه الجامعة منحا مجانية للتعليم للأوكرانيين وليست أستونيا فقط، وإنما كل الدول الأوروبية تقدم للأوكرانيين كل المساعدات والتسهيلات للعيش. 


فى ظل وضع اقتصادى صعب يعانى منه العالم أجمع، إلى أى مدى تتوقع استمرار هذا الدعم المادى من دول الاتحاد الأوروبي؟ 

بلا شك أن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت اقتصاديًا على العالم كله، وليس على الدول الأوروبية فقط، ولكن نحن نرى بالرغم من هذه الصعوبات أن أوروبا أصبحت تتأقلم وتتكيف على الظروف الجديدة، العيش بدون المواد الروسية، مثل النفط والغاز الروسى تقريبًا، أوروبا تخلت عنها، وأوروبا تطور قدراتها فى مجال الطاقة المتجددة ووجدت مصادر جديدة للتزويد بالغاز بما فى ذلك أفريقيا ومصر والولايات المتحدة الأمريكية، ما أدى إلى انخفاض الكبير فى سعر الغاز والنفط الروسى فكان تقريبا سعرة ١٠٠٠ دولار مقابل الألف متر مكعب، الآن أصبح نفس الكمية مقابل ١٠٠يورو. 
وواضح أن الاقتصاد الأوروبى يعانى من الصعوبات ولكن فى نفس الوقت نحن لا نرى أن أوروبا مستعدة لإتاحة الفرصة لروسيا للانتصار على أوكرانيا، ونرى أن المواجهة الأوكرانية لروسيا تعتمد على الدعم الأوروبى الاقتصادى والعسكرى والسياسى والمادي.
وقادة أوروبا أكدوا أكثر من مرة أنهم سيقدمون الدعم لأوكرانيا حتى الانتصار، سواء كان هذا الدعم ماديا أو عسكريا، الاتحاد الأوروبى فى الوقت الحاضر هو الجهة الرئيسية التى تقدم المساعدة المالية لمساعدة أوكرانيا عن الأضرار التى تكبدها الاقتصاد نتيجة الهجوم الروسي، والمساعدات الأوروبية تقدر فى ٢٠٢٣م بـ ١٥ مليار دولار وهذا دليل على أن أوروبا مستعدة لمواصلة الدعم الأوكراني.

 
وهل من الممكن أن تؤثر الأزمة الاقتصادية العالمية على حجم الدعم المقدم لأوكرانيا؟ 

أكيد أن الأزمة الاقتصادية تؤثر على اقتصاد الدول الأوروبية وروسيا أيضا، لأن لديها خسائر كبيرة فى الاقتصاد وعجز كبير فى الميزانية الروسية، وأوروبا تدعم أوكرانيا، بالمساعدات، لأنه إذا هزمت أوكرانيا فأوروبا ستقدم ضحاياها، لذلك فإن أوروبا ستستمر بالرغم من كل الصعوبات الاقتصادية فى دعوكرانيا. 


هل سيستمر الحماس الأوروبى والأمريكى فى العام المقبل؟ 

نعم، فنحن رأينا زيارة مفاجئة للرئيس الأمريكى لأوكرانيا، وهذا أفضل إثبات على أن أمريكا مستعدة لتقديم الدعم لأوكرانيا، وزيارة بايدن كانت أول زيارة منذ ١٥ عاما لرئيس أمريكى إلى كييف، وجاءت فى ظروف الحرب وهذا أكبر إثبات على استمرار الدعم. 


فى النهاية، كيف ترى العام الجديد فى الحرب الروسية الأوكرانية، وما توقعاتك لهذه الحرب، هل ممكن أن نرى مفاوضات جديدة وتؤدى الى السلام، أم تعتقد أن الحرب مستمرة لسنة مقبلة؟ 

جميع المحللين يقولون إن الحرب تحولت إلى حرب استنزاف للأسف فى الوقت الحاضر، وروسيا بدأت الحملة الهجومية الجديدة على أوكرانيا، ونرى المعارك الجديدة فى مناطق شرق أوكرانيا (باخموت، لوجانسك) وهذا يعنى أن روسيا راهنت على القوة وإلحاق الهزيمة بالجيش الأوكراني. 
ومن جانب آخر، نحن نستعد للعمليات الهجومية المضادة لتحرير الأراضى الأوكرانية، ونملك الدعم الأوروبى ووعودا بتزويد أوكرانيا بالدبابات الحديثة وأطقم وفرق أوكرانية تتدرب فى أوروبا لاستعمال الأسلحة الحديثة، والتدريب على أحدث أنظمة الدفاع الجوي، ونحن نتمنى السلام لكننا نتعامل مع الواقع، والكل يعلم أن انتهاء هذه الحرب هو قرار روسي، وأؤكد دائما أن الخسائر المادية يمكن تعويضها، إنما الضحايا وتداعيات الحرب على الأطفال والتعليم صعبة وتعويضها أكثر صعوبة.