بدأت بجلسات خاصة مع سعيد صالح حتى وصلت إلى الـ«جيم» بالمنصورية
الصالون ينطلق فى السابعة مساءً ويستمر حتى مطلع الفجر وله مضبطة يكتبها شريف حلمى
أن تكون ضمن المقربين منه، تراه بشكل مستمر وتأنس بالحديث معه، فهذا حظ لو تعلمون سعيد، فهو صاحب الحضور الطاغى والشعبية الجارفة، الرجل الذى لا يحكم على الأشياء بشكل عشوائي، لديه وجهة نظر وأيضًا بعد نظر، دائما يرى الجانب الآخر من الأشياء.
على مدار مشواره مع الفن اختار أن يكون وسط الناس، وبمرور الوقت أصبحت لديه "شلة" من الأصدقاء، وتعددت جلساته معهم، كما تغيرت الأماكن التى تجمعهم، وأيضًا تغيرت الأسماء، فذهب من ذهب وبقى من بقى، وانضمت أسماء وشخصيات أخرى.
واتسعت دائرة هذه "الشلة"، حتى أصبحت بمثابة صالون ثقافى وفنى يضم عددًا كبيرًا من المبدعين يلتقون بشكل مستمر، تجمعهم الثقافة ويحتضنهم الفن وتغلف جلساتهم المناقشات الجادة فى العديد من القضايا، ولا يمنع مطلقًا أن تكون الإفيهات والمواقف الكوميدية حاضرة بشكل طاغ، ولِمَ لا، فأولئك يجلسون فى حضرة "الزعيم".
"شلة الزعيم".. هم الذين سنحت لهم فرصة التواجد فى حضرة فنان كبير بحجم الزعيم عادل إمام، فى ذاكرتهم ذكريات تكفى لعمل مجلدات عن هذا الرجل الذى عاش حياته كلها فى محراب الفن.
بدأت جلسات الزعيم مع أصدقائه منذ سنوات طويلة مضت، فكانت "الشلة" تضم فى البداية الراحلين سعيد صالح وسعيد طرابيك وسمير خفاجى ومصطفى حسين وأحمد رجب، ثم يوسف معاطى وضياء الميرغني، وأحمد آدم وحسين توفيق "والد الفنانة روبي"، وأحمد مقبل زوج ابنة الزعيم، والكاتب أحمد المسلمانى وشريف حلمى والدكتور حسن شرشر وعديل الكابتن حازم إمام.
ينضم لهؤلاء بعض الشخصيات التى يطلب الزعيم لقاءها، أو الذين يطلبون لقاءه، مثلما حدث مؤخرًا مع بعض الشخصيات مثل المخرج مجدى أحمد على والفنان تامر حسنى وإبراهيم عيسى وغيرهم، ويظل شقيقه المنتج عصام إمام القاسم المشترك لمعظم هذه الجلسات، فهو يحضر بشكل يومى للجلوس مع الزعيم.
بداية هذه الجلسات كانت منذ زمن طويل، فبعدما كان ينتهى الزعيم من عرضه المسرحى يحرص دائمًا على لقاء الراحل سعيد صالح و"شلة البدايات"، ثم تحول الأمر فيما بعد للقاء دورى فى كافيه بمنطقة المهندسين، إلى أن استقرت الحال بـ"الشلة الجديدة" فى "الجيم"، وهو مكان داخل منزل الزعيم بالمنصورية، حتى أنهم أطلقوا على هذه اللقاءات وتلك الجلسات "الجيم"، ودشنوا "صفحات" خاصة بأعضاء هذه الشلة، بل ووصل الأمر الى أنهم كانوا يسجلون ما يدور فى هذه الجلسات بشكل دوري، لتصبح أكثر تنظيميًا، بعد أن تم عمل ما يشبه "مضبطة" لهذا الصالون الثقافى الفني، ويكتب الفنان شريف حلمى أبرز ما دار فى كل جلسة ليعرضها فى الجلسة الثانية.
هذا الصالون يبدأ فى تمام الساعة السابعة مساءً، ويتوالى حضور الشخصيات التى يطلبها الزعيم أو يخطر أحدهم للاتصال بالباقي، ويمتد اللقاء حتى الرابعة فجر اليوم التالي، وتتنوع الأحاديث وتختلف الموضوعات، حيث يتحدث "الأستاذ" كما يلقبونه، مرة عن السينما الأمريكية القديمة، أو السينما الصينية والفرنسية وغيرها، ويتناقشون أيضًا فى أعمال أبو العلاء المعري، وهل بالفعل طه حسين تأثر برسالة الغفران للمعرى، كما قيل، أم أن طه حسين ظلم، وتزداد حدة النقاشات والعصف الذهني، ويلجأون إلى المراجع.
يتحدث أيضًا عن نجيب الريحانى وكيف أن هذا الرجل رغم عظمته وإبداعه وقيمته الكبيرة، إلا أن رصيده السينمائى كان قليلًا جدًا بالقياس بهذه القيمة، يتحدث أيضًا عن الراحل فؤاد المهندس وكيف منحه الفرصة وكيف ساعده ودوره الكبير فى مشواره، موضوعات متنوعة ونقاشات لا تخلو من الكوميديا والغناء، إذ يرددون بعض الأغاني، يبدأ أحدهم وينضم إليه الباقي، وبطريقته وحضوره المميز يغنى الزعيم أغانى "مدرسة المشاغبين"، كما يهوى ترديد أغنية "بطلوا ده واسمعوا ده"، وأيضًا أغنية وطنية للراحل إبراهيم الحجار.
وتنساب خيوط السهرة إلى أن تنسدل ستائر الليل ويحل الشروق ليعود الجميع إلى منازلهم، ويعود "الزعيم" لداخل منزله حيث يجد فى انتظاره كل الصحف اليومية، فيقرأ العناوين فقط، ثم يخلد للنوم.