شريف حلمي:
تعلمت منه أن أقرأ كثيرا وفى مجالات عدة وليس فى الفن فقط
يرى الريحاني قيمة كبيرة.. ورصيده قليل بالقياس لإمكانياته الحقيقية
نعيش بحسه وقيمته.. وأراه عميد الفن والفنانين
يقول إنه لا يبالغ حينما يضع نفسه ضمن قائمة المقربين من "الزعيم"، ويفضل أن يلقب نفسه بأنه واحد من مريدى عادل إمام، أو واحد من الشخصيات التى يطلب "الأستاذ" أن يكون موجودا فى جلساته الخاصة.
هو الفنان شريف حلمي، كاتب مضبطة جلسات "الزعيم"، الذى قال إنه لا يرغب فى أن يظهر كمن يقفز على اسمه للاستفادة، وأنه شرف كبير له مجرد أن يراه، كما أنه ليس من حقه الحديث عن حياته، ولكنه يعشق أن يتكلم فقط عن عادل إمام الفنان، فالكلام عن شخصه أولى به شقيقه المنتج الكبير عصام إمام وأولاده المخرج رامى إمام والفنان محمد إمام.
لكنه أكد أنه أمام رغبة "البوابة" فى عمل ملف تاريخى عن ذلك النجم الكبير، رأى ضرورة المساهمة بالحديث عن الأستاذ كما يراه.
"البوابة نيوز" التقت بالفنان شريف حلمى أحد الشخصيات التى تسهم بشكل مستمر فى الصالون الفنى والثقافى الذى ينظمه الفنان عادل إمام بمنزله بمنطقة المنصورية، حيث تحول "شريف" بمرور الوقت إلى كاتب "مضبطة" هذه الجلسات، ليكشف لنا الكثير من كواليس هذا الصالون.. فإلى نص الحوار..
فى البداية.. كيف ترى الأستاذ؟
- الأستاذ ليس قيمة كبيرة جدًا فحسب، لكنه فنان على درجة كبيرة من الوعي، فقد عملت مع عدد كبير من النجوم، لكن الحقيقة لم أر فنانًا يحب مهنته وشغله مثل هذا الرجل، لم أر فنانًا يقدس الفن مثله، لم أر فنانًا لديه وجهة نظر بعيدة المدى مثله، فالحقيقة أنا استفدت كثيرًا جدًا من ثقافته وحكاياته عن تاريخه وعلاقاته والأزمنة التى عاش فيها والنجوم والمخرجين الذين تعامل معهم، ورحلاته المسرحية خارج مصر، حكايات عديدة وغنية وثرية، لذا أنا أراه عميد الفن والفنانين، ولا أبالغ حين أقول إننا كفنانين نعيش بحسه حتى الآن، ولو سألت أى نجم سيقول لك هذه الجملة، نحن نعيش بحس وقيمة عادل إما، لأن الزعيم عندما يذكر اسمه يقف احترامًا له.
وعندما كنت فى السعودية منذ فترة، وكان وقتها يعرض أحد المسلسلات للزعيم، فوجدت الشوارع فارغة والدنيا هادئة جدًا، وحينما سألت عن السبب، قالوا: "علشان مسلسل الزعيم"، فمن مثله يستطيع أن يصل لهذه الحالة المتوهجة من النجومية والشعبية الجارفة، هو واحد فقط عادل إمام.
وماذا تعلمت منه على المستوى الفنى والإنسانى؟
- علمنى أول حاجة فى عملى أنك تحترم شغلك ولو أنت فنان حقيقى لا تتنازل، وتظل تدافع عن الفن وتذاكر وتحضر نفسك طوال الوقت وتكون جاهزًا دائمًا، وعلى المستوى الإنسانى تعلمت منه الصبر، فلا تحكم على الأشياء بسرعة، كما تعلمت فكرة أن ترى الموضوع من أكثر من زاوية، فهذا الرجل غير عشوائى ولا يحكم على الأشياء بشكل عشوائي، عنده وجهة نظر وبعد نظر، دائما يرى الجانب الآخر من الأشياء، تعلمت منه أيضًا كيف تصل لمرحلة أن تكون محط اهتمام ونظر كل من يحيط بك، فهو صاحب حضور طاغ وتعليقات لطيفة وثقافته عالية، تعلمت منه أن أقرأ كثيرا وفى مجالات عدة وليس فى الفن فقط.
هل تقتصر موضوعات الصالون على مجال الفن فقط أم تتطرق لأشياء أخرى؟
- التنوع فى الموضوعات هو ما يميز تلك الجلسات، فأحيانا نتكلم عن أبى العلاء المعرى وطه حسين، وندخل فى مناقشة جدلية، هل فعلا طه حسين متأثر برسالة الغفران للمعرى كما قيل، أم لا، نظل نتناقش ونصل لمرحلة عصف ذهنى حتى نلجأ للمراجع، هنا المناقشة تكون جادة للغاية.
وحينما نتحدث فى الفن، ويأتى اسم فنان على سبيل المثال نجيب الريحاني، نرى الزعيم وهو يحلل الريحاني، وكيف يرى أنه قيمة كبيرة جدًا ورصيده فى السينما كان قليلًا جدًا قياسًا بقيمته وإمكانياته الحقيقية، وحينما تأتى سيرة الراحل فؤاد المهندس، يتكلم بكل صدق عن "الأستاذ" وكيف منحه الفرصة وكان صاحب الفضل عليه.
هكذا هو عادل امام، شعلة نشاط وكتلة من التوهج والحضور، ثقافة واسعة فى كل المجالات، يتكلم عن السينما الأمريكية زمان، يتكلم عن السينما الصينية والسينما الفرنسية، يتحدث عن "هيكل" وعلاقته به، جلساته ثرية بكل المقاييس، بجانب طبعا أن كل هذا لا يخلو من الفكاهة والضحكات والقفشات والإفيهات الحاضرة والمواقف الكوميدية.
وماذا تطلقون على هذه الجلسات؟
- نطلق عليها قعدة "الجيم"، لأن المكان الذى نجلس فيه هو "الجيم" فى جزء من منزله، كما عملنا "بادجات" خاصة به للضيوف، والأستاذ هو من يحدد قائمة الضيوف، ومن الممكن أن يتصل بهم بنفسه أو عن طريق أحد الضيوف، حيث نتلقى مكالمة منه أو من أحد أعضاء الصالون، يقول: "الأستاذ بيقولك النهاردة متتأخرش".
الزعيم يحب الناس جدا، وله مقولة رددها أمامنا أكثر من مرة: "أنا معرفش أعيش من غير الناس"، وإذا تابعت مسيرته منذ بدايته، ستجده كان يشتغل مسرح طول الوقت وسينما طول الوقت، وحينما كان ينتهى من تصوير أحد أفلامه، يذهب للمسرح قبل العرض بساعتين، يجلس فى غرفته ويستعد للعرض، وبعد العرض يذهب ليقابل أصدقائه سعيد صالح وسعيد طرابيك وسمير خفاجي، وبعدها يعود لمنزله للحصول على قسط بسيط من النوم، ويستيقظ ليستعد للذهاب للتصوير، وهكذا، عايش مع الناس كل حياته وميعرفش يعيش من غير الناس.
منذ متى بدأت علاقتك بالزعيم؟
- بدأت علاقتى بالأستاذ فى فيلم "عمارة يعقوبيان"، لكن توثقت العلاقة بشكل كبير منذ عام ٢٠١١، وأذكر أننى قابلته فى بيوت أصدقاء مشتركين، وتحديدًا منزل الحاج عمر زايد، عضو مجلس الشعب، فهو راجل صعيدى محترم وصديقنا، وكان الحاج زايد الكبير صديق الأستاذ وجيران، وفى هذه المرة بدأنا نتكلم ونتناقش، وبعدها قال لى "ما تيجى توصلني"، وفعلا مشيت معه ورافقته حتى وصل لمنزله، وقبل أن أتركه قال لي: "إحنا بنقعد هنا ابقى تعالى"، ثم بدأت المقابلات المستمرة، والذى ربط بينى وبين الأستاذ أكثر، أنه يبحث دائما عن كل ما هو مثقف ومفكر، ودائما كنت أتحدث معه عما يحدث فى الأوساط الفنية والثقافية، أو نجلس نتكلم فى موضوع فنى أو قضية أدبية، أو فى السينما العالمية، أو نتحدث عن دور من أدواره، فبدأت الحكاية تتطور كثيرًا، حتى أننا قلنا لأنفسنا فى فترة من الفترات: "ما تيجوا نوثق هذه الجلسات"، وبالفعل بدأنا نعمل ما يشبه "المضبطة"، حيث كنت أكتب أسماء الضيوف، والموضوعات التى تحدثنا فيها وهكذا.
متى تبدأ هذه الجلسات ومتى تنتهي؟
- نتقابل فى السابعة مساء ونستمر حتى الرابعة فجرا، حتى أنه من الممكن أن يكون لديه تصوير فى اليوم التالي، ولكن هذا لم يمنع أبدًا الاستمرار حتى وقت متأخر، وأذكر أيضًا أنه كان يطلبنا فى بعض الأحيان لنذهب له لمكان التصوير ونجلس معه فى "البريك"، فهو دائمًا يستأنس بالناس.
وأذكر أنه فى إحدى المرات امتدت الجلسة وبدأ الضيوف يغادرون واحدًا تلو الآخر، حتى حان موعد آذان الفجر، فقلت له: "أروح أصلى يا أستاذ الفجر فى البيت"، فقال لي: "ما تصليه هنا"، وبالفعل صليت الفجر، فقال لي: "اقعد بقى نشرب شاى قبل ما تمش"، وبعد الشاي، قال لي:"استنى لما تشوف الشروق قبل ما تمشى ووصلنى لغاية جوة وتمشي"، هو هكذا يحب الناس ويعشق الحياة وسطهم.
حدثنا عن أبرز طقوسه اليومية التى يحرص على أدائها؟
- حتى الآن يقرأ كل الصحف اليومية، هذه الصحف لا بد أن تكون موجودة أمامه ليلًا يقرأ العناوين، وفى اليوم التالى يقرأ التفاصيل ويحل الكلمات المتقاطعة، هو دائما يقول "لازم أتابع الجرائد الورقية كاملة، لازم أشوف الكتابة إيه والدنيا إيه والناس بتفكر فى إيه واعرف الاتجاهات"، فما زال يحتفظ بهذه الثوابت منذ سنوات طويلة.
هل هذه الثوابت جعلته لا يهتم بالسوشيال ميديا؟
- بالفعل هو لا يتعامل مع السوشيال ميديا، حتى حينما يبلغه البعض بأن هناك من كتب عنه أو من أشاع عنه شيئًا لا يهتم بالرد، وأذكر فى الفترة الأخيرة حينما انتشرت شائعة "الزهايمر"، ووقتها كتبت بوست نفيت فيه هذا الأمر تماما، وحينما ذهبت له وأبلغته بما فعلت، قال لى "أنا عجبنى اللى أنت كتبته وجميل شيء راقى ومحترم بس ليه؟ أنا حتى قلت لعصام أخويا متردش ماهما موتونى كتير".
ودعنى أقول لك: هو واعى وفنان قدير عنده، شغل بيعمله ومعندوش قاعد فى بيته فى سلام مع أولاده وأحفاده، راض كل الرضا، حالة رضا فى منتهى الجمال، ومتابع كل شيء، مش قاعد وخلاص، ومتابعة بوعي، وكثيرا ما كنت أذهب إليه ومعايا ناس كتير، لأنه مدينى مساحة شوية عارف إنى فاهم دماغه شوية، يعنى راح معايا الأستاذ أحمد المسلمانى وإبراهيم عيسى والمخرج مجدى أحمد علي، وتامر حسنى أنا اللى خدته ورحنا عنده.
أقصد أقول إننى أأتى له بناس يعرف يتكلم معهم، ومرات كنت أذهب له بالشخص دون أن أخبره، لأننى عارف يحب يرى من ومع منّ يحب أن يتكلم.
فى أى وقت يمكن أن توثق تلك الجلسات سواء فى كتاب أو عمل فني؟
- هناك الكثير من الكتابات عن عادل إمام، ولكن هو لديه وجهة نظر فى هذا الأمر أنا أعلمها جيدا، وتحدثت فيها معه مرات عديدة، أذكر أننى سألته ذات مرة: "اللى اتكتب عنك دا كله أنت مبسوط منه ولا ايه"، فقال لي: "يا شريف ما هو دا كله موجود فى الأرشيف، مثل كام فيلم ومثل مع مين وأرشيف وبتاع، مش دى الكتابة عن عادل إمام"، وتناقشنا كثيرًا وأنا هنا أفهم قصده تمامًا، هو نفسه لم يحدد من يفعل ذلك.
ودعنى أقول لك أنه لا يمكن أن تتحدث عن فنان بحجم عادل إمام بمعزل عن الأحداث التى حدثت حوله فى كل فتراته العمرية، فعلى سبيل المثال، كان يقول لي: "أنا دلوقتى بقدم فيلم هل ينفع كنت قدمته من سنتين أو أصبر عليه شوية، وليه أنا قدمته دلوقتي، أكيد كان فى أشياء خلتنى قدمته فى الوقت دا".
وأعود وأقول: الكتابة من هذا النوع تحتاج لمجهود كبير وبحث وتحتاج شخص يعرف فن كويس جدا ويعرف تاريخ وجغرافيا كويس جدا، لازم حد يبقى فيه الصفتين دول يعمل ما يليق باسم عادل إمام، لأنه ليس بمعزل عن المجتمع".
وعن نفسي، أنا أجمع أشياء كثيرة جدا، ولكن هذا الموضوع يحتاج وقتا كبيرا، فالموضوع ضخم وكل كلمة يقولها لا بد من عمل بحث كبير ومكثف حتى تعرف ظروف المجتمع وقتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لا يمكن الكتابة عن عادل إمام بمعزل عن المجتمع والظروف التى عاش فيها، نجمع كل شيء، أنا أكتب أو غيرى يكتب ليست هذه المشكلة، كما أننى لن أقفز على هذا الأمر ولا أبحث عن ربح أو مجد، لأننى أقل من أن أكتب عنه، لكن الأهم دائمًا هو أن تكون كل المعلومات موثقة وموجودة، ولكننى أريد أن تتحقق فكرة الكتابة عنه بشكل يليق به ويريده.
ومن الوارد أن يكون هناك شخص مثل أحمد المسلماني، فهو من المهتمين جدا بتاريخ عادل إمام، وفى كل جلساته معه تأتى أسئلته دقيقة ومهمة، فهو يعلم قيمته بشكل كبير ومدى تأثيره، لذا من الممكن أن يكون "المسلماني" واحدا منهم، ومن الممكن أيضًا أن يكون يوسف معاطي، الذى عاش فترة كبيرة بالقرب منه، لكن الأهم كما قلت هو توفير المعلومات بشكل كامل وهذا يحتاج لوقت طويل.
لماذا لم يفكر فى أى فترة من الفترات أن يكون نقيبا للممثلين؟
فى وقت من الأوقات اجتمع كل النجوم فى بيت يوسف شعبان وطلبوا من الزعيم أن يكون نقيبا لهم، ولكنه رفض بشكل قاطع، فهو فنان مبدع لا يعرف سوى الفن، ودقيق تراه مثل التلميذ حينما يستعد للامتحان، وقد حضرت معه مرات عديدة، حينما كان يذهب ليوسف معاطي، كان يأخذ معه شنطة تشبه شنطة المدرسة، يضع فيها حلقتين سوف يذاكرهما مع "يوسف"، ويضع الشنطة تحت إبطه، ويركب مع السواق ثم يجلس مع المؤلف، ويبدأ من مشهد واحد، وليس من دوره فقط، ويتناقش مع المؤلف ويدخل معه فى نقاش وحوار، حلقة حلقة ومشهد مشهد، وهذا ما يجعله يدخل كل عمل وهو يعلم تمامًا كافة تفاصيله بما فيها كافة الأدوار حتى الصغيرة منها، من غيره يفعل ذلك، هو دائما يقول إن الكلمة هى الأصل وكان يعى جيدًا أنه الوحيد الذى سيتحمل مسئولية عمله.
ورغم ابتعاده عن العمل الخدمي، لكنه ساعد مواهب كثيرة ليس فقط فى التمثيل، ولكن فى مجال الغناء ساعد مطربين، كما ساعد كتاب سيناريو ومخرجين، فهو لم يقم بالعمل الخدمى أملا فى أى منصب، وذات مرة قال لى إنه رفض أن يكون موظفا، فهو "مش بتاع مناصب".
كما أنه يدين بالفضل لما وصل إليه إلى كلية الزراعة، وكان يقول: "أنا كنت بحط الحشرة تحت الميكرسكوب وأشوفها وأقول سبحان الله على كل هذه التفاصيل الدقيقة فى حشرة بسيطة، هذه التفاصيل علمتنى الدقة فى كل شيء وأن أضع كل شيء فى حياتى تحت الميكروسكوب".
فكلية الزراعة ساهمت فى تكوينه، والمسرح المدرسى ثم المسرح الجامعي، وكان يقدم أيام الجامعة أعمال موليير وشكسبير وثورة الفلاحين.
كيف يكون رد فعله حينما يعلم بخبر رحيل أحد الفنانين من أصدقائه؟
بدون مبالغة هو إنسان صوفي، رغم كم الأضواء عليه التى هى عكس فكرة الصوفية، فهو غريب جدا فى رده، يقول فقط: "الله يرحمه خلاص رحلته خلصت، أنا دفنت أبويا ورحت المسرح، وأنا هموت هدفن والحياة هتمشي".
فهو يرى أمامه الحياة مثلما شاهدها فى رواية "حديث الصباح والمساء، حيث يستقبل الخبر ببعض الحزن ويجتر ذكرياته مع هذا الراحل لكنه يقول "طب زعلت وقفت تلطم هترجع حاجة مش هيحصل؟".
يبقى عادل إمام من أبرز الفنانين الذين يعون تماما معنى الحياة الأسرية، فما رأيك؟
تركيبته تجعله يؤمن بالعلم والمنطق، وهو رجل مستنير جدًا وثقافته عالية، ومؤمن بفكرة العائلة ولديه أسرة مترابطة، ودائما يقول إن الحاجة هالة الشلقانى صاحبة الفضل الأول على عادل إمام، هو اشتغل وهى التى ربت الأولاد وطلعتهم بشكل محترم، وربنا ألهمه وأكرمه بهذه السيدة العظيمة، وبصراحة ربنا كرمه بالحاجة هالة، وهذا ما جعل النتيجة أولاد فى قمة الأدب والأخلاق، والثقافة والرقى والاحترام.
ويحرص أن يجتمع بكل أفراد أسرته بشكل يومى أثناء تناول وجبة الغداء، فهم يعى تماما قيم الأسر المصرية الأصيلة، وله حياته الخاصة جدًا مع أحفاده.
أتذكر عندما نجح "عادل" ابن رامي، ودخل الجامعة أهداه سيارة كبيرة، وقال له "أول عربية من جده"، وكان سعيدا للغاية وهو يحكى لنا عن كل أحفاده، كما أننى أود أن أشير إلى شقيقه المنتج المحترم عصام إمام، فهو نعم الأخ ويعتبره ابنه البكري، يوميا يزوره ويقضى معه معظم الوقت هو وأخواته البنات، فهو تربى فى أسرة مترابطة ونقل هذا الترابط إلى أولاده وأحفاده.
وما أكثر نصيحة قدمها لك؟
هو لا ينصح فى المطلق، ولكن نصائحه دائمًا تأتى وسط الكلام، ذات مرة قال لي: "متضعفش وخليك واقف وقاوم مهما كانت الظروف"، علمنى فكرة لازم أبقى قوي، وعلمنى حاجات لا أستطيع ذكرها تبين كيف أن هذا الرجل قيمة وعنده قناعة.
حاجات مثلًا أنا كنت طرفا فيها إنه يتم إنشاء أكاديمية باسمه مسرحيات وستوديهات وسينمات ومكان كبير وبأرقام فلكية، والأمر يتوقف على موافقته هو، وأتينا له بالورق، وهذه كيانات كبيرة فى العالم العربى لأنه معشوق لديهم، فقال: "لى ما تيجى تعملنا كوباية شاى بالنعناع، وهو ولا فى ذهنه، وحاولت وكان معى أحمد المسلماني، "فى حاجات هتتكلف ملايين الملايين وهتبقى مؤسسة ضخمة ومجلس إداراتها يرأسه "رامي" لكن لا تغريه هذه الأشياء، ومفيش حاجة تزغلل عينه، لا يمكن أبدا إغراء عادل إمام ماديا، ويمكن ميقولش سبب الرفض لكن بيسيب اللى حواليه يفهموه من خلال تعامله، هذه كلها نصائح يقدمها من خلال المواقف".
وما الأغانى التى يهوى ترديدها؟
يهوى ترديد أغنية مسرحية "مدرسة المشاغبين"، دائما أذكره بها ونرددها جميعًا، ثم يقول: "دى كلمات عبدالرحمن شوقي، لو سمعت الأغنية مليانة كلام وبتتكلم عن أهمية العلم، طب إزاى كانوا بينتقدوا مدرسة المشاغبين احنا بنقول الرسالة بتاعتنا ايه"، كما يردد أغانى مسرحية "الزعيم"، واغنية "بطلوا دا واسمعوا دا"، وأغنية اخرى وطنية للراحل إبراهيم الحجار.
أستطيع أن أقول إنه يعيش كل لحظة فى حياته باستمتاع، مفيش خوف ولا قلق ولا من الموت، هو عايش حر ويتكلم فى كل شيء، ونجح فى الوصول لمرحلة الحب والحياة والرضا.
حدثنا عن مكتبته وأبرز قراءاته؟
يقرأ كثيرا، وأذكر أننى تحدثت معه عن رواية اسمها "القدم الحديدية" لكاتب أمريكى اسمه جاك نيلون، وطلبها منى وقرأها وتناقشنا فيها، أيضا لو هناك ديوان شعر لطيف عند محمد هاشم فى دار "ميريت" أحضره له، هو يسأل عن الثقافة والكتاب الشباب ويريد دائمًا معرفة اتجاهاتهم.
أذكر مرة أننا قلنا فى إحدى الجلسات: "تعالوا نعمل حاجة فرعوني"، فقال لى "أوك نعمل"، قلت له "هتعمل إيه يا أستاذ"، قال "هعمل دور كبير الكهنة"، "طب مين زوجتك يا أستاذ"، قال: "هجيب لبلبة"، وظللنا نتخيل المشاهد، وكافة التفاصيل ونكتب ونلقى بالإيفهات "المحمل فظيع وإفيهات رهيبة وكرينات وأقول له: "إحنا شايلين إيه لكبير الكهنة" يقول لى "شايلين إزازة بيبسي"، عارف انت الإفيهات العظيمة ونروح ونيجى ونكتب الشخصيات متعة، هو ذلك الفنان الذى يسرى الفن فى أوصاله طوال الوقت، يتحدث عن مصطفى حسين وأحمد رجب وصلاح حافظ وفتحى غانم وإحسان عبدالقدوس نروح ونيجى فى كل المجالات.