الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

عزت البنا يكتب: عادل.. إلى الأمام دائمًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

رفع عادل إمام طوال مشواره الفني شعارًا غالبًا ما ينصح المقربين منه برفعه وهو عدم الالتفات للوراء، وعدم الاهتمام بالشائعات، فهو يمنح لنفسه دائمًا فرصة التقدم للأمام، وله في ذلك مقولة يعرفها كل من يعيش في فلكه وهى "الاهتمام بالشائعات دائمًا يجعلك تنظر للخلف وتحاول معرفة من حاول أن يضربك، وقتها تجد نفسك مشغولًا بالدفاع عن تهم لما ترتكبها وأفعال لم تقم بها، أما تجاهل ذلك الأمر يجعلك دائمًا تنظر أمامك وتحاول تقديم كل ما هو جديد".
ذاق الزعيم طعم النجاح، فظل يساهم فى صنع هذا الطعم بنفسه، ليقدم تلك الخلطة السحرية لأعماله، التي جعلته طوال الوقت الورقة الرابحة لكل مشروع فنى يقبل عليه، ونحى خلال مشواره المعارك الجانبية التى رأى أنها من الممكن أن تشغله عن استكمال مسيرته، فظل كصفحة بيضاء لا يسمح لأحد أن يلطخها، كما صنع من حب الجمهور له حاجزًا منيعًا أمام منتقديه، ليظل يمنح لهم تلك الضحكة الصافية من خلف هذا السياج المنيع.
منذ أن اعتلى عرش النجومية بعد قيامه ببطولة فيلم "البحث عن فضيحة" عام ١٩٧٣، لم يعد عادل إمام خطوة للوراء لتجسيد دور "السنيد"، بعكس نجوم آخرين سواء فى مصر أو العالم.
لم يعد الزعيم خطوة للوراء حتى حينما جسد شخصية الأب أو الجد، حيث ظل طوال مشواره الشخصية المحورية فى أى عمل يشارك فيه، حيث تلتف حوله الأحداث التى يحركها، ويظل ومضة الضوء التى يستقى منها جمهوره جرعة الكوميديا والضحك العفوي، بمجرد ظهوره على الشاشة. 
استثمر الزعيم الفرصة الأولى مع البطولة المطلقة، وظل يتعامل مع كل عمل وكأنه أول بطولة له، فهو ذلك الفنان الذى يذهب إلى البلاتوه قبل بداية التصوير بوقت كاف، ويقوم بمراجعة "الاسكريبت" مع مساعد المخرج أكثر من مرة، وحينما تنطلق أفكاره يذهب لمن سيشاركه تصوير المشهد من الفنانين ليتدربا سويا على المشهد، كما يجلس مع المخرج ويستمع لانطباعه عن طريقة الأداء، وما إلى ذلك من ضروريات المشهد، ويستمع لنصائحه حتى لو كان فى عمر ابنه الأصغر "محمد".
قبل بداية تصوير أي عمل كان يحرص على الاجتماع بكل الفريق من المخرج والمؤلف والممثلين وطاقم الإنتاج ومهندسي الديكور والصوت والتصوير يتعرف على من لا يعرفهم، يزيل من قلوب من لا يعرفه رهبة التعامل معه ويتقرب للجميع ويحكي لهم عن أدوارهم في الرواية الجديدة وكأنه سيجسد دور كل منهم، فهو لا يحفظ دوره فقط بل يحفظ كل الأدوار.
صادف أن حضرت إحدى الجلسات التحضيرية لأحد مسلسلاته، وجدته يستمع للجميع ويقدم لهم النصيحة تلو الأخرى في كيفية التعامل مع الشخصية التي أسندت لهم، وفي النهاية يقول لكل ممثل "أنا عارف أنك هتعمله أفضل بكتير مما تتصور"، وبنفس الاهتمام يتعامل مع فريق العمل الذي يجلس خلف الكاميرا، ورغم أن هناك جيلًا جديدًا من المصورين ومساعدي الإخراج ومهندسي الديكور والصوت إلا أنه غالبًا ما يكسر أي حاجز بينه وبين هذا الجيل الذي له رؤية خاصة وجديدة.
أكثر من نصف قرن قضاها الزعيم، بين بلاتوهات التصوير وخشبة المسرح ليقدم أعمالًا سينمائية ومسرحية وتليفزيونية، ساهمت بقدر كبير فى إدخال البهجة على جمهوره، وأصبح بمرور الوقت رمزًا من رموز الفن المصرى والعربى فى العصر الحديث.
ساهمت نجاحات الزعيم المتكررة فى رفع أجره، وأصبح رقم واحد فى أذهان المنتجين، حتى أن أى منتج ينجح فى الحصول على توقيعه، يتمكن على الفور من تسويق العمل بمجرد هذا التوقيع، وقبل أن يتم حتى الاستقرار على موضوع العمل، وتكوين باقى الفريق، ليصبح تميمة حظ ونجاح أى منتج، كما ظل - رغم ظهور أجيال من النجوم عبر السنوات الماضية- هو الاعلى أجرًا بينهم.
الزعيم.. ذلك اللقب الذي لم يأت من فراغ فقد قاد مسيرة الكوميديا لسنوات عديدة، وبجانب الكوميديا لم تخل أعماله من تقديم وجبة سياسية دسمة، حارب الإرهاب بالعديد من أعماله، وقدم السعادة لجمهوره علي طبق فني راقٍ، وتفرد أيضًا بتقديم الجديد بعيدًا عن المألوف. 
"البوابة" تهديه هذا العدد التذكاري، بعد أن أهدى الشعب المصري وكل الشعوب العربية رصيدًا هائلًا من الأعمال التي تزداد بريقًا كلما أعيد عرضها، وتزداد القلوب شغفًا بمشاهدتها كما لوكانت تعرض للمرة الأولى.