التراجع عن الوعود، متلازمة إسرائيلية لا تفارق قادة دولة الاحتلال منذ زرعها في الأرض العربية بفلسطين، وكانت آخر الوقائع التي تؤكد تراجع قادة الاحتلال عن أي وعود هو الاقتحامات التي شهدت الأراضي الفلسطينية اليوم الأربعاء، وتجدد الاشتباكات مع الشبان الفلسطينيين، في الضفة الغربية ونابلس.
وهدمت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء 22 فبراير 2023، منزلين في منطقتين مختلفتين بالضفة الغربية المحتلة، واندلعت مواجهات أطلقت قوات الاحتلال خلالها قنابل الغاز والصوت، ما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين الفلسطينيين بالاختناق، وفي محافظة "أريحا"، هدمت قوات الاحتلال منزلا مكونا من طابقين في قرية "الديوك التحتا"، بحجة البناء دون ترخيص.
واقتحمت قوات إسرائيلية خاصة، البلدة القديمة في نابلس وأصيب عدد من الفلسطينيين، بسبب اندلاع اشتباكات.
وتفتح هذه التحركات من جانب الاحتلال الإسرائيلي، الباب للعودة إلى سؤال أثير خلال الساعات القليلة الماضية بشأن تراجع الموقف الفلسطيني عن التصعيد ضد حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، في مجلس الأمن الدولي وسحب مشروع القرار الإماراتي الذي كان يحظى بتأييد من الصين، وكان يناقش وقف قرار نتنياهو ببناء بتوسيع المستوطنات، والمتخذ في ١٢ فبراير الجاري.
وتراجع الرئيس الفلسطيني عباس أبو مازن، عن طرح المشروع الإماراتي على أعضاء مجلس الأمن، جاء بعد صفقة توسط فيها مسئولين أمريكيين، بعد مباحثات أجريت خلال فبراير الجاري، مع الفلسطينيين والإسرائيليين، كان هدفها الأساس هو رفع الحرج عن الإدارة الأمريكية التي كانت ستجد نفسها في مأزق بشأن التصويت على مشروع القرار الإماراتي لوقف توسيع المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمخالف لقرارات الشرعية الدولية.
صفقة أمريكية
الصفقة الأمريكية تقضي بتجميد التصعيد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لمدة 6 أشهر، ووضع الرئيس محمود عباس خمسة شروط لقبول الطرح الأمريكي، تتخلص في التقدم بطلب لإسرائيل باعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس لخدمة الفلسطينيين، وموافقة تل أبيب على تغيير نظام الجمارك على معبر اللنبي بين فلسطين والأردن الذي يحقق أرباح قدرها ٦٥ مليون دولار سنويا للسلطة، بالإضافة إلى تقليص اقتحام البلدات الفلسطينية في المنطقة "أ"، ووقف ترحيل الفلسطينيين في المنطقة "ج"، إلى جانب توجيه دعوة للرئيس أبو مازن لزيارة واشنطن.
في المقابل على السلطة الفلسطينية التراجع عن طرح مشروع القرار الذي تبنته الإمارات في مجلس الأمن، إلى جانب عدم ذهاب الفلسطينيين إلى أي جهة دولية أخرى لمقاضاة إسرائيل.
السعي الأمريكي لإقرار التهدئة في الأراضي المحتلة، له أسباب عديدة على رأسها أن إدارة بايدن لا تريد صداعا قبل الانتخابات الأمريكية المزمع إجراؤها ٢٠٢٤ حي أن طرح مشروع القرار في مجلس الأمن، يضعها في اختبار أمام المجتمع الدولي، وحال استخدام الفيتو وإجهاض المشروع، فإن ذلك سيمثل إحراجا كبيرة لواشنطن خاصة وأنها تسعى لتركيز كل الجهود الدولية على الحرب الروسية الأوكرانية.
تراجع أبو مازن، قابلة تراجعا من نتنياهو، وهو الأمر الذي أشعل الجبهة الإسرائيلية في الداخل ضده، حتى أن المعارضة زعمت أن واشنطن باعت إسرائيل للفلسطينيين بثمن بخس.
مشروع القرار الإماراتي
كان بديل مشروع القرار في مجلس الأمن، وهو البيان الرئاسي وهو أول تحرك أممي منذ ٧ سنوات، كان القرار الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي في ديسمبر ٢٠١٦ هو آخر تحرك لصالح الفلسطينيين، حيث امتنعت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عن التصويت للسماح للمجلس بتبني قرار يطالب إسرائيل بوقف بناء المستوطنات.
وكان من المفترض دعوة مجلس الأمن للتصويت على مشروع القرار يوم الاثنين الماضي، إلا أن يوم الأحد أبلغت الإدارة الأمريكية الإمارات بتوصلها لتفاهمات مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لذا أبلغت الإمارات مجلس الأمن الدولي بأنها لن تدعو للتصويت على مشروع قرار يطالب إسرائيل "بوقف فوري وكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، وفقا لما أوردته وكالة رويترز.
وجاءت الخطوة الإماراتية بإعداد مشروع القرار بالتنسيق مع الفلسطينيين، بعدما أصدرت حكومة نتنياهو تراخيص لتسعة مواقع استيطانية يهودية في الضفة الغربية المحتلة وأعلنت عن بناء منازل جديدة في مستوطنات قائمة منذ أسبوع.
وكان مشروع قرار مجلس الأمن الذي قدمته الإمارات سيؤكد من جديد على أن "إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ليس صحيحا من الناحية القانونية ويمثل انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي".
كما ندد مشروع القرار جميع محاولات ضم أراض فلسطينية، بما في ذلك القرارات والإجراءات التي تتخذها إسرائيل بخصوص المستوطنات.
والسؤال هو هل يعود مشروع القرار الإماراتي إلى أروقة مجلس الأمن لكبح جماح العنجهية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين؟