الأربعاء 20 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

«البوابة نيوز» تحتفى بمحمود أمين العالم «الأب الروحى» لليسار المصرى..رفقاء الكفاح يتحدثون: انحاز للعلم والفلسفة

فى ذكرى ميلاد «العالم » بأحوال الثقافة المصرية فى أكثر من نصف قرن

محمود أمين العالم
محمود أمين العالم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

جوهرُ القضية يتمثّلُ فى غياب الغاية المجتمعية العامة الواجب التحرك نحوها. فغيابُ الغاية يؤدى إلى فقد الهُوية، بل تصبحُ «الهُويةُ» هى «البحث عن هُوية»، إما فى صفحات الماضى التراثى البعيد، أو فى محاكاة الآخر القوى، أو فى الفردية العدمية المطلقة.. تلك الكلمات ألقاها الأب الروحي لليسار المصري حينما فاز بجائزة «ابن رشد»، برلين يوم 8 ديسمبر 2001، والتي تمر علينا ذكرى مولده في 18 فبراير 1922، لم نرد أن تمر ذكرى «العالم» دون أن نحتفي بها وبه، وهو الجدير بالاحتفاء فهو المفكر والناقد والسياسي اليساري والفيلسوف والأديب «محمود أمين العالم»، وكان السؤال الذي سيطر على كل النقاشات.. كيف نقدم للقارئ وجبة فكرية دسمة تليق بالمفكر الموسوعي وللتاريخ أيضًا؟

برزت فكرة تجسيد أفكاره، ولكن كيف؟ كيف تُحجم كل هذا المنتج الفكري في مساحة ضيقة مهما اتسعت من الثمانى صفحات لجريدتنا الغراء- فأعداد كاملة- لا تكفي.. كانت هي الإجابة، لكن لن نقف مكتوفي الأيدي، وعليه كان لابد من تناول بعض من أهم الكتب التي كتبها «العالم» وأثارت زوابع فكرية في الأوساط الثقافية، وبالفعل تم اختيار كتاب «في الثقافة المصرية»، الذي تسببت مقالاته- قبل جمعها في كتاب- في معركة فكرية وصل صداها إلى جميع أنحاء مصر والعالم العربي- آنذاك- وما زالت تدور حوله النقاشات والسجالات داخل الأروقة الثقافية، كانت مقالات أشبه بسهام صائبة الهدف وبمعنى أكثر دقة كانت مرحلة مفصلية في تاريخ النقد حيث أنها فرقت بين النقد التقليدي أو الكلاسيكي وبين النقد التقدمي أو بالأحرى أوجدته.

أثارت هذه المقالات- التي كتبها «العالم» برفقة «الدكتورعبد العظيم أنيس» صديق عمره- حزمة من القضايا النقدية مثل «الواقعية الاشتراكية» وقد ظهر هذا التيار في بداية ثلاثينيات القرن المنصرم في الاتحاد السوفيتي وتبناه «العالم» وسعى لنشره ضمن مشروعة التنويري الذي عمل عليه دون انقطاع طوال حياته التي عاشها كمغامر.

كانت الأجواء الثقافية والاجتماعية والسياسية أيضا مهيأة لهذا الصراع بشكل أو بآخر، والشواهد تشي بذلك، الأمر بدأ  باشتباك فكري بين الكبيران طه حسين وصاحب العبقريات عباس محمود العقاد، حينما كتب الأول مقالًا بجريدة الجمهورية عام 1954، ناقش فيه قضية «منهج الدراسة النقدية»، واختلف معه الثاني حتى تحول الأمر إلى نقاشات حادة بينهما.حينها تدخل «العالم» و«أنيس» في النقاش، وطرحا وجهتي نظرهما المختلفة تماما في القضية المثارة، إلا أن «العقاد» واجههما بالرفض، قائلًا: «لن أناقش الشيوعيين»، وعلق «حسين» على تلك المقالات بمقال تحت عنوان «يوناني لا يقرأ» وبعد هذا الهجوم صدر قرار من الجامعة بفصلهما- العالم وأنيس- وهذا كان جزءا من صراع عاشه المفكر محمود أمين العالم.

وليس هذا فقط، بل تحدثنا أيضا عن كتب أخرى كان لها كواليس مغايرة، وأهداف ثقافية على جانب آخر، وحينما عرضنا الأمر على باقة من الكتاب انهالت علينا الشهادات والتصريحات حبا في هذا الرجل الذي قدم الكثير والكثير للفكر والثقافة وذاق مرارة السجن دفاعا عن أفكاره.

كما أجرينا حوارا صحفية مع الدكتورة شهرت محمود أمين العالم ابنته الوحيدة وصديقته الوفية وقد تعاونت معنا أشد تعاون وقالت ما لم ينشر من قبل وتحدثت عن معارك والدها الفكرية، كما كشفت لنا عن «محمود أمين العالم» الإنسان، سنقرأ هنا عن هذا الفذ ما لا يعرفه عنه أحد من قبل.
أثارت أفكاره الكثير من المعارك الفكرية، حينما أراد أن يعارض الدكتور طه حسين وعباس محمود العقاد بحديثه عن المدرسة«الواقعية» فى النقد الأدبى، كما كان له نشاط سياسى، حيث إنه التحق بالحزب الشيوعى فى شبابه، واعتقل خلال حكم الرئيس جمال عبدالناصر، وترك مصر وسافر إلى  لبنان خلال حكم الرئيس الراحل أنور السادات فى فترة السبعينيات،وعاد إلى وطنه فى الثمانينيات  خلال حكم الرئيس الراحل حسنى مبارك.

 

أما إنسانيا، فهو رجل له صفات خاصة ربما من الصعب فى هذا الزمان أن تجدها بسهولة، كان صديقا يحمل صفة الإخلاص، هو العالم الجليل محمود أمين، المفكر الذى يحتاج لمجلدات للحديث عن رحلة حياته، والمولود يوم ١٨ فبراير سنة ١٩٢٢ والذى رحل عن عالمنا سنة ٢٠٠٩.

 

حتى بعد رحيله بأعوام، ما زالت تثار حوله الأسئلة على ألسنة الأصدقاء، هل تكبدت مرة العناء للحديث عن رفيق دربك؟، هل ما زالت تحتفظ بتفاصيل اللقاء الأول حينما جمعتكما صدفة لم تكن فى  الحسبان؟، أعتقد أن جميع إجابات هذه الأسئلة قد تكون لا.

 

لكن الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد يكسر هذه القاعدة ليتحدث عن صديقه الذى يحمل له كل المحبة فقد تجسدت معانى الإخلاص والوفاء فى هذه الساعات الطويلة التى تحدث فيها عن رفيقه.

 

ميدان التحرير مارس ١٩٦٤

 

وعن بدايات أول لقاء قال الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد، إن اللقاء بينه وبين العالم والمفكر الكبير محمود أمين العالم كان بالصدفة في ميدان التحرير وبالتحديد فى مارس عام ١٩٦٤، مضيفا: «فى هذا الوقت تم الإفراج عن مجموعة كبيرة من المناضلين اليساريين من سجن استمر لخمس  سنوات، وذهبت لصديقى النوبى الشاعر والمحامى زكى مراد، والذى أصر يومها على تناول الغداء  معه، وذهبنا سويا إلى ميدان التحرير بعدما خرجنا سويا من مقر عمله بوزارة الأوقاف، حتى وصلنا إلى ميدان التحرير وبالتحديد أمام الجامعة الأمريكية وتقابلنا صدفة مع محمود أمين العالم».

 

وتابع:«وقتها زكى مراد نطق اسمى أمامه تذكرنى من خلال إحدى قصائدى التى كانت منشورة فى  جريدة المساء، والتى كانت فى ذلك الوقت تحقق توزيعا كبيرا، ووقتها عرض على أن نذهب لتناول الغداء سويا، أو أن أذهب إليه فى بيته وبالفعل أعطانى عنوانه».

 

وأكد أن فى هذه الزيارة تبادلنا الحديث فى كل شيء، وكنت قارئا جيدا لمقالاته التى كان ينشرها فى  مجلة الرسالة منذ عام ١٩٥٧، وكان ذلك قبل دخوله السجن. 

 

وأشار إلى أن محمود أمين العالم هو الحالة الوحيدة فى جميع جامعات العالم الذى فصل وهو طالب  فى مرحلة الدكتوراه، فقد تم فصله بسبب آرائه السياسية على الرغم من أنه كان مسجلا رسالته فى  الدكتوراه عن فلسفة المصادفة.

 

التعذيب فى السجن

 

وعن فترة سجنه قال، إنه بعد خروج المجموعة من السجن فى مارس ٦٤ كانت هناك أحاديث كثيرة عن التعذيب الذى تعرضوا إليه، وكان وضعه القيادى فى تنظيمه سببا فى مزيد من التعذيب له، لكنه  كان يقابل كل ذلك بصلابة، لكنه لم يكن يتحدث عما حدث له خلال فترة سجنة مطلقا.

 

الخلاف لم يفسد علاقتنا

 

وأوضح أن من أهم الدروس التى تعلمها منه احترام الاختلاف،قائلا:«اختلفنا فى الأفكار السياسية  قرابة العشر سنوات، لكن هذا الاختلاف السياسى لم يؤثر قط على علاقة الصداقة بيننا»، وعن نقطة  الاختلاف قال إنه كان يرى ضرورة حل التنظيمات اليسارية والانضمام إلى الاتحاد الاشتراكى، وأنا كنت معارضا لهذا الرأى، وفى الحقيقة أنه بعد ذلك كان أحد الأشخاص الذين ساهموا بشكل فعال جدا فى إنشاء التنظيماتاليسارية مرة أخرى فى مصر، وهذا يدل على أن«العالم» كان لديه القدرة على إعادة التفكير فى آرائه، ومراجعتها. 

 

وأوضح أنه انتقد ما نشره فى مجموعة مقالاته وكتابه الذى صدر بعنوان«الثقافة المصرية» والذى  نشره هو وعبد العظيم أنيس، وعاد بعد ذلك فى نقد أفكاره وما نشره فى الكتاب. 

 

وأكد أن هذا هو الأمر الرائع فى «العالم» فلم يكن جامد الفكر، فعلى سبيل المثال- كان ينتقد نجيب محفوظ ولكنه عاد بعد ذلك وكتب كتابات نقدية إبداعية عن نجيب  محفوظ.

 

التزام العالم

 

كما تحدث الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد عن التزام محمود أمين العالم على الرغم من ألمه الشديد، إذ قال، إنه فى مرة تم استعداؤه بالمجلس الأعلى للثقافة فى احتفالية بالمبدع الكبير«إدوار الخراط»  بمناسبة عيد ميلاده السبعين،وكنت أدير النقاش يومها، وكان محمود أمين العالم أحد أهم المتحدثين  يومها، وفى هذا اليوم كان محمود أمين العالم يعانى من ألم شديد فى الأسنان ما جعله يذهب إلى  الطبيب.

 

وتابع:«فوجئت به يتصل بى من هناك ويبلغنى بأنه لن يستطيع التحدث فى الندوة لكنه سيقوم بكتابة  شهادته ويرسلها إليه حتى يلقيها، وعلى الرغم من أنه قد كان يتألم بسبب أنه اضطر لخلع ضرسه،  لكنه حضر بنفسه».

 

كشف اعتقال

 

ولفت زين العابدين فؤاد إلى إحدى المرات التى جمعت بينه وبين العالم وهى تواجد اسمهما سويا فى  كشف اعتقال، وتحدث«فؤاد» عن حركة الاعتقالات وهى آخر حملة اعتقالات قام بها السادات والتى كانت حملة واسعة شملت ١٦ وزيرا، وكان من بين تلك الأسماء محمود أمين العالم وحلمى شعراوى والدكتور عواطف عبدالرحمن، وعبدالرحمن الخميسى وأنا، وتصادف أن جميعنا كنا خارج البلاد،  على الرغم من أن الأخبار وقتها قالت إنه تم اعتقالنا.

 

أيام فى باريس

 

وتحدث«فؤاد» عن الخصال التى تحلى بها محمود أمين العالم والتى كان من أهمها التواضع الشديد،  فكان من الممكن أن يوقفه أى شخص فى الشارع ليقرأ له إحدى قصائده أو يناقشه فى إحدى أفكاره.

 

وأضاف أنه كان فى زيارته فى باريس ووقتها تعرف على الدكتور أنور مغيث هناك فكان يدرس  الفلسفة، وحينما دعاه إلى منزله بباريس لم يصدق أن هذا العالم الجليل يعيش فى تلك الغرفة الصغيرة التى لا تتسع سوى لشخص واحد فكانت غرفة صغيرة جدا بها سرير يتسع لفرد واحد، وكان السرير مصنوعا بطريقة أنه يمكن رفعه على الحائط حتى يستطيع التحرك بالغرفة،ومكتب صغير يعمل عليه، ففى هذه الغرفة عاش العالم فى فترة تواجده فى باريس.

 

علم «السيبرنطيقا»

 

يقول محمود أمين العالم فى مطلع كتابه«فلسلفة المصادقة»:«هذا البحث لم يكن بحثا علميا وللحصول على درجة علمية، بل كان بحثا عن الحقيقة عن الاستقرار الفكرى، وكان هذا البحث هو نقطة البداية  إلى ذلك، فى مجال العلوم الطبيعية أو الفيزياء بوجه خاص، وكنت آمل بعد ذلك أن أواصل السير إلى نقطة أبعدن ببحث آخر عن العلوم الإنسانيةحتى يتكامل تصورى الفكرى للكون وللحياة». 

 

ومن هذا المنطلق كان لا بد وأن نتحدث مع الدكتور أنور مغيث رئيس المركز القومى للترجمة السابق، وأحد أقران الدكتور والمفكر محمود أمين العالم، والذى جمعهما اللقاء فى باريس.

 

لماذا فلسفة المصادفة؟

 

وفى هذا الصدد يقول الدكتور أنور مغيث، إن فكرة المصادفةكانت استخدمت للطعن فى مصداقية  العلم، لأنه فى العلم نحاول أن نصل إلى قانون، وأن هذا القانون سينطبق فى جميع الأحوال،ومن هنا نقول أن العلم يقدم لنا معرفة يقينية.

 

وأوضح لـ«البوابة نيوز»، أنه من هنا جاء بحث محمود أمين لرسالة الماجستير بعد أن تخرج من قسم  الفلسفة بجامعة القاهرة،وكان يبلغ من العمر فى ذلك الوقت ٢٢ أو ٢٣ سنة، وكان يرى أن فكرة «المصادفة» فى فلسفة العلوم، لكى يوضح أنه فى النهاية ما نطلق عليه المصادفة هو ليس بالمصادفة وذلك لأسباب لكنا نجهلها. 

 

وأضاف، أن محمود أمين العالم كان يريد الدفاع عن العلوم، ولهذا نجده قد تعمق فى الرياضياتوالعلوم وبالأخص فى الفيزياء.

 

وأكد أن ما نستطيع قوله من تلك التجربة هو أن«العالم» هو رجل منحاز للعلم ويريد الخروج بنا  ويخلصنا من التفكير الخرافى ومن تفسير الأشياء بقوى غير الطبيعية،ومن الغيبيات، وكان هذا هو  الهدف من كتابه فلسفة المصدافة.

 

الخروج بالفلسفة للقارئ العادى

 

ولفت مغيث، إلى أن الشارع الآن منعزل تماما عن الفلسفة،وأن الأمر يقتصر فى الوقت الراهن على  المختصين والعاملين،بالمجال، فلم يعد هناك اهتمام بالفلسفة،ولم تعد الكتب الفلسفية لها رواج فى  الشارع، كما أنه لم تعد  هناك البرامج التليفزيونية التى تهتم بالفلسفة،لكن نرى أن أهم ما يميز محمود أمين العالم أنه فيلسوف استطاع بالخروج بالفلسفة إلى الشارع، فقد نجح فى جعل الفلسفة فى متناول قارئ الصحف العادى. 

 

ولفت إلى أنه كان يدخل فى معارك فكرية مع أصحاب الأطروحات الخطأ ومنها معاركه مصطفى  محمود فى تفسير القرآن، والدكتور محمد كامل حسين والذى تعارض معه حول مفهوم التفسير البيولوجى للتاريخ، ومعاركه مع الكاتب الساخر محمد عفيفى، والذى حاول تقديم تفسير جنسى للتاريخ، من خلال القادة الذين تتحكم فيهم غرائزهم الجنسية، والكثير من الفتاوى الآراء لعلماء الأزهر والتى كان يرى أنها من الممكن أن تكون مضللة أو بها تفسير خاطئ لبعض الظاهر.

 

الكلام فى السياسة

 

وعن فلسفة العالم ورؤيته السياسية، أوضح مغيث، أنه فى العادة حينما يتحدث العالم عادة حينما كان  يريد التحدث فى أمر سياسى كان يلجأ المفكر إلى الشق الأدبى، وهذا ما تجلى بشكل واضح فى  قراءاته النقدية لبعض الأعمال الأدبية.

 

وأوضح أنه كان يرى أن الأدب لا بد أن يكون معبرا عن الجماهيروتطلعاتها وأمانيها، وليس بمعزل عن المجتمع، ولا يوجد ما يسمى الفن للفن، أو أن النص مستقل بذاته، بصرف النظر عن السياق  الموجود فيه.

 

رحلة باريس

 

وعن بداية التعارف مع محمود أمين العالم والتى بدأت فى باريس قال الدكتور أنور مغيث:«إننى بدأت لقائى مع محمود العالم وأن مختلف فى رؤيته، لكننا كنا نتفق فى إيماننا بالاشتراكيةواليسار، وانتهت  بعد علاقة طويلة بأننى ما زالت اختلف معه، وبالرغم من ذلك لم تتغير معاملته معى، بل أنه كان مؤثرا فى حياتى وأفكارى حتى أنه هو من قام بالتوسط لى مع أستاذ فرنسى ليكون مشرفا معى على رسالة الدكتوراه».

 

إعادة طباعة جميع أعمال محمود أمين العالم

 

وقال الشاعر والناقد والإذاعىمحمد إبراهيم أبوسنة، عضو اتحاد كتاب مصر، إن ذكرى ميلاد الراحل محمود أمين العالم، تعبق بالكبرياء والفهم والوعى والإصرار والجمال وكل هذا من سمات محمود  أمين العالم، مضيفا:«عندما رأيته للمرة الأولى فى رابطة الأدب الحديث سنة ١٩٦٢ بهرنى أولا  بذكائه وثقافته».

 

وتابع أبوسنة، أن محمود أمين العالم اختفى لفترة خلال فترة الخمسينيات إلا أن ظهر مرة أخرى فى  نهاية فترة الستينيات، مؤكدا أنه استمتع جدا بصحبة محمود أمين العالم حيث اتسم بعقيدته السياسية.

 

وأوضح الشاعر والناقد، أن كلا من محمود أمين العالم وعبدالعظيم أنيس استطاعا أن يقدما رؤية حقيقية وصادقة وعميقة للثقافة المصرية، وأعتقد أنه ظلم ظلما شديدا  على كل المستويات.

 

وطالب أبوسنة، بإعادة طباعة جميع أعمال محمود أمين العالم لأنه شخصية بارزة فى ثقافتنا المصرية خلال القرن العشرين، مؤكدا أن العالم له عقيدته السياسية المعروفةالتى لا يوافقه البعض عليها.

 

وأكمل، أن محمود أمين العالم شخصية تحتاج إلى الإنصاف، مطالبا الهيئة العامة للكتاب بإعادة نشر  أعماله من جديد وبصفة خاصة الأعمال النقدية وليتركوا أعماله السياسية.

 

صاحب نظرية الأدب المصرى الملتزم

 

وقال الكاتب والباحث والخبير الثقافى يسرى عبدالغنى،إن محمود أمين العالم صاحب نظرية ما يسمى الأدب المصرى الملتزم، ورغم التحفظ على أنه نقد بعض الأعلام والشوامخ من زعماء الأدب  المصرى، إلا أنه فى النهاية كان صاحب نظرية نقدية بصحبة الراحل عبدالعظيم أنيس أيضا.

 

وأكمل، أن نظرية محمود أمين العالم فى الأدب الملتزم نظرية لا تموت بالتقادم،لأن هذه النظرية  تصلح للوقت الحاضر وأننا فى احتياج لها وفى أمس الحاجة إلى أدب يعبر عن مجتمعنا. وِأشار إلى  أننا عند الحديث عن محمود أمين العالم علينا ألا ننسى عبدالعظيم أنيس شريكه فى نظرية الأدب الملتزم، مؤكدا أن محمود أمين العالم لم يكن أديبا ماركسيا كما يزعم ويدعى البعض، بل كان العالم  ناقدا مصريا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لافتا إلى أن محمود أمين العالم تراجع عن نقده لرموز  الثقافة المصرية فى نهاية حياته.

 

واقعية محمود أمين العالم

 

وقال الشاعر والناقد والباحث شعبان يوسف، أن محمود أمين العالم أحد النقاد الذين تركوا آثارا كبيرة منذ أوائل عقد الخمسينيات، وكانت معركته الأولى والفاعلة والعميقةمع الدكتور طه حسين، حينما رد هو وزميله عبدالعظيمأنيس على دكتور طه حسين حول مفهوم الأدب، وكان طه حسين يستنكر أن  يكون هناك دورا اجتماعيا للأدب، ودارت مناقشة طويلة المدى وأحدثت استقطابافى الحياة الثقافية، أنصار طه حسين فى مواجهة أنصار محمود أمين العالم.

 

وأوضح شعبان يوسف، أن محمود أمين العالم كان يكتب مقالاته الأدبية فى مجلة الرسالة الجديدة،  بينما يكتب مقالاته السياسيةفى مجلة «روزاليوسف».

 

وأكمل، أن كتابات محمود أمين العالم خلال تلك الفترة أسست لما سمى بـ«الواقعية الجديدة» فى مصر، وظل كتاب«فى الثقافة المصرية» يشغل الثقافة العربية والمصرية فكتب عنه الكثيرون مثل فيصل  دراج وسعد الله ونوس وجابر عصفور وفاروق عبدالقادر وعلى الراعى.

 

وأضاف، أن بعد خروج محمود أمين العالم من المعتقل سنة ١٩٦٤ تولى مجلس إدارة مؤسسة أخبار  اليوم، وبدأ يهتم بالكتاب والأدباء الشباب، وكان له مقال أسبوعى طويل فى مجلة المصور، وكتب مقالات عن مسرحيات توفيق الحكيم وعبدالرحمن-الشرقاوى.

 

وأشار، إلى أن محمود أمين العالم ترك مصر وسافر للإقامة فى العاصمة اللبنانيةبيروت خلال فترة  السبعينيات ثم عاد إلى مصر مرة أخرى خلال فترة الثمانينيات، حيث أسس مجلة ثقافية هامة جدا  اسمها «قضايا فكرية» كتب فيها عدد كبير من الكتاب.

 

وأوضح أن محمود أمين العالم ظل يكتب حتى رحيله، مؤكدا أنه من أهم وأبرز النقاد الذين تركوا  أثرا عميقا وكبيرا فى الحياة الثقافية المصرية والعربية.