السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

نحتاج «مادة نفسية» فى الجامعات والمدارس

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الحقيقية، لم أعد أعرف من أين أبدأ؟ وما الذى يمكن أن أقوله عن كم الأسف بداخلى عن الموضوع الذى أخشى أن يتحول إلى ظاهرة خطيرة لم نستوعبها حتى الآن، ألا وهى  انتحار الشباب.. فمنذ أيام وقع حادث أليم فى منطقة حدائق حلوان، وهو حادث انتحار طالب جامعى  داخل مترو الأنفاق، حيث وقف فوق  قضبان المترو  وأنهى  حياته بهذه الطريقة، حسبما ذكر عدد كبير من شهود الحادث.

أتذكر أيضًا منذ بضعة أشهر، سمعت بالصدفة فتاة تبدو فى  المرحلة الثانوية، تتحدث فى  هاتفها عن صديقة لها توفيت،  وللوهلة الأولى  تألمت لذلك، ولكن ما أفزعنى وقتها هو ما قالته تلك الفتاة عندما استكملت حديثها والتى  قالت فيه إن صديقتها  ماتت منتحرة بسبب خلافات بينها وبين أخيها، والأخطر أن لغة حوار تلك الفتاة مع صديقتها على الطرف الآخر عبر الهاتف كان مليئًا بكلمات اكتئاب وعدم قبولها للحياة.

وقتها شعرت بالمرارة من خلال هاتين الواقعتين اللتين عرفتُ تفاصيلهما، وبحكم عملى فى  الجامعات كمحررة  فى قطاع التعليم العالى  والجامعات، أتعامل مع الطلبة كثيرًا.. وعلى  مدار حوالى ٦ سنوات،  ألاحظ أن الشباب فى  هذا السن أصبح مليئًا بالطاقة السلبية وفاقد الشغف ولديه كم هائل من مشاعر اكتئاب غير طبيعية لا تقارن بأعمارهم.

هذا الأمر يجعلنى  أتحدث معهم عن كيف يكون حالهم هكذا وهم فى  مقتبل الحياة وما الذى  أدى  بهم إلى  ذلك؟.. الإجابة دائما تكمن فى أنهم "لا يرون أمامهم مستقبلًا واضح المعالم"، وهذا أيضًا أمر مخيف، نعم أعلم أن الظروف الحالية قد تكون صعبة، ولكن هذا ليس مبرر لكم الاكتئاب لهؤلاء الشباب، فجميع الأجيال السابقة شاهدت ظروفًا صعبة مثل الأوبئة والمجاعات، وعلى مدار التاريخ يوجد الكثير من ذلك،  وكان الشباب دائمًا هم وقود المجتمع وهم شعلة النشاط الذين يعافرون ويجاهدون للعبور بالمجتمع نحو شاطئ آمن.

ففى  ثورة ٢٥ يناير كان الشباب هم المحرك الأول لها وهم من أعادوا صياغها أيضا فى ٣٠ يونيو، ولكن المؤسف الآن فقدان الشباب لشغف الحياة .

والذى يؤكد هذا الخطر ما أعلنته منظمة الصحة العالمية وفق تقريرها الرسمى، الذى ذكرت فيه أن ضحايا الانتحار يقدرون بنحو ٧٠٠ ألف شخص حول العالم كل عام، وأن شخصًا واحدًا يفقد حياته بسبب الانتحار كل ٤٠ ثانية، مشيرةً إلى أن  هذا العدد لمن انتحروا بالفعل، فى  حين يتجاوز عدد المحاولات الفاشلة هذا الرقم بكثير، وأكدت أن الانتحار يعد رابع سبب للوفاة بين اليافعين من الفئة العمرية بين 15 - 19 عاما، معلنةً فى  تقريرها  أن مصر تقع فى  المرتبة الأولى عربيًا من ناحية معدلات الانتحار، وتليها السودان ثم اليمن فالجزائر.

أمر مرعب حقًا، ولكن عند البحث عن أسباب تلك الكارثة، أشعر أن السبب فى  ذلك يعود إلى الانفتاح التكنولوجى غير الطبيعى والذى  يجعل الإنسان فى  مقارنة حاله بغيره دائمًا،  فيجعله عرضة لنوبات الاكتئاب، هذا فضلًا عن الألعاب التى انتشرت مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت التى تدفع الشباب الصغير إلى الإقدام على  الانتحار، وهذا الانفتاح لا نستطيع أن نغلقه  فى  وجوههم، ولكن أرى  أنه على  المنظمات التعليمية وضع هذا الأمر نصب أعينهم والاهتمام به قبل أن يأكل هذا الخطر الأخضر واليابس، فلماذا لا تدرس مادة حول "التكيف النفسى" تتطرق إلى  الأمور النفسية يكون فيها منهج يضم بعضًا من القواعد النفسية العلمية لكيفية الحياة بشكل إيجابى وكيفية مواجهة الصعاب والأزمات وتوعية الشباب بسلبيات الإنترنت وإدمانه.

 لذلك أتوجه إلى وزيرى التربية والتعليم والتعليم العالى  ورؤساء الجامعات أن يدرسوا هذا الأمر، بإضافة مادة نفسية تدرس فى  الجامعات والمدارس،  وتشكيل مركز دعم نفسى  يعمل بشكل حقيقي.. أعى  أنه يوجد إخصائيون اجتماعيون داخل المدارس ورعاية شباب داخل الجامعات ولكن للأسف بات عملها حاليًا إداريًا  فقط، ولكن نريد تشكيل مركز دعم نفسى  مؤهل من أساتذة علم نفس داخل الهيئات التعليمية حتى نستطيع أن نخرج جيلًا مؤهلًا  نفسيًا وعلميًا، فبدون الصحة النفسية لا إبداع ولا علم ينفع، أيضا دعم الأنشطة الرياضية لأنها عامل أساسى فى  تحسين الصحة النفسية .