عندما نتحدث عن تاريخ الحركات الطلابية فلا يمكننا إغفال الإطار القانوني ممثلا في اللوائح الطلابية والتي لا يمكن سردها أو فهمها بمعزل عن الظرف التاريخي والوضع السياسي العام، وسياسات الحكومة بشكل عام تجاه الطلاب؛ حيث تصبح الجامعة تارة المكان الذي يتكون فيه وعي الشباب وشخصيتهم، وتارة مكان للعلم، وتارة مكان لممارسة الأنشطة، وتارة حلبة صراع سياسي حسب الظروف السياسية يتغير تعريف الجامعة مكانيا وزمانيا.
شهدت الفترة من 23 يوليو 1952 وحتى أزمة مارس 1954 أجواء انفتاح سياسي واسعا يعد استكمالا لمرحلة ما قبل يوليو 1952، واستمر نشاط التيارات السياسية بين الطلاب، وشاركت الحركة الطلابية بدور بارز في الحياة السياسية ووقفت مع النقابات المهنية إلى جانب محمد نجيب من أجل الديمقراطية خلال أزمة مارس 1954، ثم أخذ الوضع يتحول بسرعة في اتجاه فرض قيود صارمة على العمل السياسي للطلاب، وكانت السمة الأساسية المميزة للوائح خلال تلك الفترة وحتى عام 1967 هي التضييق التام علي كل أشكال العمل الطلابي، مع جعل عميد الكلية جزءا من كيان الاتحاد ومسيطرا علي قراراته، وكذلك النص صراحة علي حظر للعمل السياسي خاصا في الخمسينات.
لائحة ١٩٥٨
بعد ثورة ١٩٥٢ كانت الجامعات أحد منابر الثورة والمناداة بالديمقراطية ونادى الطلاب بإلغاء الأحكام العرفية في ١٩٥٤ ورجوع الجيش لثكناته، ومع اشتعال الاحتجاجات الطلابية ألقي القبض على العديد من الطلاب وأوقفت الدراسة في الجامعات.
استطاع النظام الحاكم السيطرة على الجامعات بصدور لائحة ١٩٥٨ والتي شملت ضمان ولاء طلاب الاتحاد للنظام والحد من الاستقلال التنظيمي للاتحاد وحظر النشاط السياسي والديني.
عقب نكسة ٦٧ حدثت انتفاضة جماهيرية بدأت بعمال مصانع الطيران وشارك طلاب الجامعات في الاحتجاجات وناقشوا وضع محاكمات ضباط الطيران ووضع اللائحة الطلابية، لكن الأجهزة الأمنية ردت باعتقال القيادات الطلابية ما زاد من حدة الأحداث.
لاتحاد العام لطلاب مصر
وجاءت لائحة ١٩٦٨ بعد نكسة ٦٧ لتضفي تحولا رئيسيا من خلال إعطاء مساحة ما (داخل إطار الفكر الناصري ) حيث ظهرت لجنة العمل السياسي، وألغي ريادة عضو هيئة التدريس، ونشأ الاتحاد العام لطلاب مصر الذي كانت مهمته التواصل بين الطلاب في كل جامعات مصر، لمناقشة القضايا الطلابية والوطنية، والتنسيق بين الطلاب، من أجل تكوين رأي عام طلابي تجاه كل ما يحدث، كذلك وجد التأكيد علي بث قيم الوطنية، وأفكار القومية العربية.
ومن الجدير بالذكر أن هذه اللائحة جاءت عن إرادة طلابية، فقد تم إقرارها من خلال المؤتمر العام للطلاب في سبتمبر ١٩٦٨.
وقد شهدت لائحة ٦٨ تعديلا هاما، حيث تم إضافة بند في عام ١٩٦٩ الخاص بريادة أعضاء هيئة التدريس لكل نشاط من أنشطة الاتحاد من خلال تعيين أحد أعضاء هيئة التدريس في رئاسة كل لجنة من لجانه، كما يعين رائد الاتحاد بكل كلية بقرار من عميد الكلية بعد موافقة وكيل وزارة التعليم العالي.
لائحة ٧٦
جاءت حقبة السبعينات بلائحة ٧٦، والتي وضعها اتحاد الطلاب بنفسه في مؤتمره الذي أقامه عام ١٩٧٦ بكلية الهندسة بشبين الكوم و ذلك بإصرارهم على هذا القرار.
وذهبوا في مسيرة إلى منزل السادات في ميت أبوالكوم وطالبوه بإقرار وتصديق اللائحة الجديدة وإلا سيحدث إضراب عام في كافة جامعات مصر، وبالفعل وقبل موعد الإضراب بـ٢٤ ساعة أقر الرئيس السادات اللائحة والتي تعد افضل لائحة للطالب الجامعي حيث تركت مساحة ما من الحركة، وقامت بمنع أي عمل طلابي خارج إطار الاتحاد.
كما اعتبرت لائحة ٧٦ العمل السياسي أحد أشكال العمل الطلابي المتاحة، كما إنها جعلت التواصل مع المؤسسات السياسية خارج الجامعة أحد أهداف اتحاد الطلاب، وأكدت استمرار اتحاد طلاب الجمهورية، واستبعدت أي وجود لأعضاء هيئة التدريس في الاتحاد، وتم اعتبار تلك اللائحة كأحد أفضل اللوائح التي شهدها تاريخ الجامعة.
لائحة ٧٩
وبعد المظاهرات والاحتجاجات التي قام بها الشعب علي السادات عام ١٩٧٧ لغلاء المعيشة والأسعار وبعد توقيع السادات لاتفاقية السلام مع إسرائيل مباشرة، جاءت لائحة ١٩٧٩ الأشهر والأطول عمرا بين جميع اللوائح حيث استمرت ٢٨ عاما حتى تم إلغاؤها عام ٢٠٠٧، وسميت بلائحة "أمن الدولة" بعد أن قام "السادات" بإلغاء لائحة ٧٦ والتي أقرها بنفسه ليضع بدلا منها واحدة أخرى مقيدة للنشاط السياسي للطلبة بعد أن استشعر خطرهم.
وجاء أهم ما يعيب لائحة "٧٩" الغاؤها هيكل طلابي له قيمته على المستوى السياسى هو "الاتحاد العام لطلاب مصر" وإلغاء اللجنة السياسية بموجب المادة ١١ من اللائحة.
وأيضا منعت أي تنظيم على أساس فئوي أو سياسي أو عقائدي داخل الجامعة بموجب المادة ٣٣٢، واشترطت الحصول على موافقة عميد الكلية أو رئيس الجامعة بحسب الأحوال في عمل أي نشاط طلابي ( توزيع نشرات – مجلات حائط – معارض – ندوات – محاضرات – مؤتمرات ).
كما قيدت المادتين ٣٢٩ و ٣٣٣ في لائحة ٧٩ مسألة الاستقلال المالي للاتحادات الطلابية حيث ذكرت أن رئيس الجهاز الفني لرعاية الشباب بالكلية أو المعهد هو أمين صندوق مجلس الاتحاد ومسئول عن جميع التصرفات المالية ولا يجوز التصرف في أموال الاتحاد إلا بناء على شيكات توقع من رائد مجلس الاتحاد المختص وتعتبر أموال الاتحادات الطلابية أموالا عامة.
وأيضا قامت بتكتيف الاتحاد عندما نصت المادة ٣٣٢ من اللائحة على " يحق لرؤساء الجامعات أو نوابهم أو عمداء الكليات أو المعاهد أو وكلائهم بحسب الأحوال إيقاف أي قرار يصدر عن أي مجلس من مجالس اتحادات الطلاب أو لجانها يكون مخالفا للتقاليد الجامعية".
وعد البعض أخطر مادة في لائحة "٧٩" والتي سميت بناء عليه لائحة أمن الدولة هي
(٣١٧) والتي تنص على " تنشأ بكل جامعة وحدة للأمن الجامعي تتبع رئيس الجامعة "، و في سنة ١٩٨٤ صدر القرار الجمهوري رقم ٢٧٨ ليعدل تلك المادة إلى " تنشأ بكل جامعة وحدة للأمن الجامعي تتحدد مهامها في حماية منشآت الجامعة و أمنها و تتبع رئيس الجامعة مباشرة ".
تعديل لائحة ٧٩ سنة ٢٠٠٧
وعدلت لائحة ٧٩ عام ٢٠٠٧ بقرار جمهوري رقم ٣٤٠ لسنة ٢٠٠٧، بتعديل أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات وقام الرئيس المتنحي محمد حسني مبارك منفرداً دون رجوع لمجلس الشعب أو وزير التعليم العالي، ويعتبر ذلك معيباً من حيث الشكل القانوني الصحيح اللازم لإصدارها، بالإضافة لموادها التي تعتبر مخالفة لنصوص الدستور من حيث الموضوع.
واتسمت التعديلات على اللائحة بوجود عدد من القيود منها: حظر العمل السياسي داخل الجامعات، ووضع شروط مجحفة على الترشح والانتخاب منها شرط دفع المصاريف الدراسية، وإلا يكون قد وقع علي الطالب المتقدم للترشيح عقوبة تأديبية، بالإضافة إلى حرمان طلاب الانتساب والوافدين من الترشح أو الانتخاب.
كما أعطت الحق لعميد الكلية في تعيين الاتحاد في حالة عدم اكتمال النصاب القانوني، وتحجيم دور الطلابي في المشاركة في إدارة شئونهم، هذا بجانب أنها تشترط الحصول علي الموافقة لإقامة أي نشاط طلابي.
لائحة ٢٠١٣ وتعديلاتها
مطلع عام ٢٠١٣ أصدر رئيس مجلس الوزراء، الدكتور هشام قنديل، قرارا يتضمن إقرار اللائحة الطلابية الجديدة، والتي أجريت على أساسها انتخابات اتحاد الطلاب الجامعات، وتشكيل اتحاد طلاب مصر، فاز برئاسته محمد بدران الذي أسس بعد ذلك حزب مستقبل وطن.
ليعود من جديد "اتحاد جامعات مصر" والذي أنشأه شباب الإخوان وقاموا بصياغة لائحة تناسب توجهاتهم دون أن يراعوا شركاءهم في الكفاح الطلابي لتخرج لائحة تعبر فقط عن توجهاتهم مع اعتراض علي البند ٣٣١، حيث تشترط ضرورة إخطار اتحاد الطلاب بأى نشاط قبل إقامته بـ٣ أيام، للتنسيق مع الأنشطة الأخرى، وتعطى مجلس الاتحاد الحق فى رفض أى نشاط فى حال تصويت ثلثى أعضائه بالرفض، ويتم إبلاغ وكيل الكلية أو المعهد، ونائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب لاتخاذ ما يلزم لإيقاف النشاط.
بعد عزل الإخوان
بعد أحداث ٣ يوليو ٢٠١٣ وعزل محمد مرسي، جمدت الاتحادات الطلابية وأوقف النشاط الطلابي بسبب أحداث العنف التي شهدتها العديد من الجامعات.
وفي عام ٢٠١٤ صدرت لائحة مالية وإدارية جديدة في عهد وزير التعليم العالي الأسبق، الدكتور السيد عبدالخالق، شددت في شروط الترشح وحددت من صلاحيات مجالس الاتحادات.
نهاية ٢٠١٥ أجريت الانتخابات الطلابية وفاز فيها الطلاب المستقلون، لكن وزارة التعليم العالي رفضت إعلان تشكيل اتحاد طلاب مصر، وبرر وزير التعليم السابق، أشرف الشيحي، رفض الإعلان بوجود أخطا قانونية في إجراء الانتخابات.
ومع بدء العام الدراسي ٢٠١٦/٢٠١٧ قرر "الشيحي" عدم إجراء انتخابات جديدة واستكمال الاتحادات لأعمالها لحين إقرار لائحة طلابية جديدة.
شكلت الوزارة لجنة برئاسة الدكتور عبدالوهاب عزت رئيس جامعة عين شمس وعدد من الطلاب والخريجين والمتخصصين، وسلمت في أبريل ٢٠١٧ مسودة اللائحة الجديدة لوزير التعليم العالي، الدكتور خالد عبدالغفار، لعرضها على المجلس الأعلى للجامعات وإقرارها.
لائحة ٢٠١٧
في عددها الصادر ٢٣ نوفمبر نشرت الجريدة الرسمية مجلس الوزراء، بشأن اعتماد اللائحة الطلابية للجامعات، بموجب القرار رقم ٢٥٢٣ لسنة ٢٠١٧ والخاص بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم ٢٩ لسنة ١٩٧٢. وجاءت اللائحة الطلابية الجديدة في ٣٥٤ مادة، شملت التعريف بأهداف الاتحادات والإجراءات التنظيمية التي تحكم عملها، وكان أبرز معالم هذه اللائحة كان إلغاء اتحاد طلاب مصر، اشتراط نسبة حضور ٥٠٪+١ لصحة الانتخابات الطلابية، وتمثيل الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وطبقا للمادة (٣٢٢) من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٢٥٣٢٣ لسنة ٢٠١٧، تختص اللجان العليا المشرفة على انتخابات الاتحادات الطلابية بالجامعات بما يأتي:
الإعلان عن المواعيد التفصيلية للانتخابات المعتمدة من السلطة المختصة، الإعلان عن شروط الترشح وآليات العملية الانتخابية للاتحادات الطلابية في أماكن تجمع الطلاب، وإعداد وتوفير النماذج والاستمارات اللازمة للترشح للانتخابات وكذا البطاقات اللازمة لعملية الاقتراع. كما تضمنت الإشراف على تجهيز قاعات الانتخابات وتوفير احتياجاتها والإعلان عن أماكنها للطلاب، وقبول الطعون على قرارات لجنة الإشراف على الانتخابات برفض الطعن على قوائم المرشحين المبدئية، ومتابعة أعمال لجان الإشراف على الانتخابات ومستوياتها، واعتماد محاضر الانتخابات ورفعها للسلطة المختصة.