الإثنين 04 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

أسعد على طريق الأشواك.. الابنة الصغرى تخوض صراعًا شرسًا ضد الكانسر حتى الرمق الأخير.. مي جمال حاربت السرطان بـ"التضامن مع مرضى الملكوت"

مي جمال
مي جمال
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

استشهد الماء ولم يزل يقاتل الندي.. استشهد الصوت ولم يزل يقاتل الصدي، ومي بين الماء والندى، مي بين الصوت والصدى، فراشة تطير حتى آخر المدى، وكما كتبنا عن الإبداع والعائلة الأسعدية، من شادي الفنان والزميل السابق في «البوابة نيوز» إلى رمز لتحدي الآلام، وهي  الابنة التي رحلت منذ عامين.

فقد المفكر جمال أسعد ابنته الأصغر مي، بعد صراعها مع مرض السرطان لسنوات، في أول زيارة لمنزل جمال عام 1990 كانت مي عمرها خمس سنوات، طفلة جميلة تتعلق بأهداب أمها أم جون كما يسمونها، بريق عينيها كان يدل كما يقال على أنها (بنت موت)، وآخر مرة أراها في فرح أخيها الفنان شادي، تفيض من عينيها السعادة الممزوجة بحب الحياة، وتنتقل علي خطي ابتسامتها بين الضيوف، صباح رحيلها سمعت الخبر المشئوم المنتظر. 

قلبت في صفحات الفيس فوجدت كل مصر تنعيها ولكني توقفت أمام ما كتبه الفنان شادي أخيها.

 كتب الفنان شادي جمال أسعد: "مقاتلة شرسة ضد الكانسر: (مي اختي كانت من المقاتلين للكانسر، قعدت أكثر من خمس سنين تحاربه وهو ينتشر في كل مكان في جسمها لحد ما شالت أجزاء من المخ والقفص الصدري والطحال والبنكرياس والكلية اليمين، ده غير الأماكن إللي مكنش ينفع يتعمل فيها عمليات زي الرئة والكبد وعظام الضهر، ورغم كل ده كان لا يمكن حد يشوفها يقول عليها إنها مريضة أورام ولا عاملة كل العمليات دي، لأن ربنا كان دايما يسندها بعد كل عملية وكل جلسة علاج كيماوي أو إشعاع وكانت بتروح تساعد المرضى المسنين ومقاتلين الكانسر المحتاجين، وكانت تهتم بتفاصيل كشوفاتهم وعلاجهم حتى وهي طالعة من العمليات وتكلف بيها حد من اللي حواليها مي هي اللي عملت صفحة "مرض الفردوس" عشان تجمع فيها أكبر عدد من مرضى السرطان وتحاول توصلهم بسمة أو تديهم طاقة إيجابية تخليهم يقدروا يغلبوا المرض اللعين ده، أو على الأقل يقاوموا لسنين ويتعايشوا معاه.. تقريباً ربنا بارك في صحة مي عمرها طول الخمس سنين إللي فاتوا عشان الحاجات دي، وعشان الطيبة والرضا والبسمة إللي مكانوش بيفارقونا أبدا الصفحة دي هتفضل مفتوحة، وأي حد يقدر يشارك فيها ويدعم مقاتلين الكانسر ولو بكلمة أو بسمة خفيفة تنسيهم وجعهم للحظات ربنا يرحمك يا قلب أخوكي ويشفي كل مريض.) 

مي من مواليد 1985، حصلت على دبلوم تجارة وتزوجت في 2003، من زوجها بهاء نشأت وأنجبت في 2004 ابنتها الأولى ثم ولد وبنت أخرى، وعندما أصابها اللعين الكانسر صممت صفحة "مرض الملكوت"، وصارت تعطي من ألمها تضامنا للمتألمين، وتقول صديقتها بالصفحة نعمت محمد : (دائما كانت تدعو للتفاؤل .. حبوبة رغم الألم.. مبتسمة، ربنا يرحمك.. تعبتي وتحملتي كثيرا واستحملتي أكثر، ربنا يصبر ماما وبابا وزوجك وأولادك علي فراقك).

 وتكتب مريان جابر شنودة: (أن مي كانت صحبتي ودفعتي فلمست ءد أيه هي كانت زي الملايكة اللي الكل يحبها والكل موجوع علي فراقها.. لما فتحت الفيس لقيت الصفحة كلها مليانة عنها وصورها بابتسامتها الجميلة المشجعة وكلام كله حلو عشانها وده بجد تستحقه تعويضات ربنا ليها مش بس ع الأرض في كمية المحبة الكبيرة اللي للكل ليها مش بس كمية الكلام الحلو اللي بيتقال في حقها هي كمان بتاخد تعويضات السنين اللي أكلها الجراد.. تعويضات كل لحظة وجع كل لحظة حزن واحتمال فوق طاقة البشر.. يا بختك حبيبتي لأنك احتملتي بشكر وحاليا متوجة فى السماء وفي حضن ربنا يدينا ربع احتمالك وقوتك ورضاكي وصبرك.. انتي احتملتي كتير وجه الوقت اللي تاخدي فيه كل التعويضات الحلوة اللي تستحقينها بجدارة هنا في الأرض وطبعا فوق في السما.. بصلي من قلبي وبترجي ربنا يسند كل حبايبك ويعزيهم علي أد غلاوتك ويداوي جرح فراقك.. بقوله يا رب ياللي سمحت أرجوك يحفظ أولادك ويرعاهم ويسندها هما وكل أسرتك.. ربنا يدينا نكون مستعدين للقائه زيك يا مي يا حبيبتي).

ويبقى من كأس الحزن الممزوج بالألم جرعات، ويدركني كلام السيد المسيح في جثماني: "من يرفع عني مر هذا الكأس" ويرفع عن جمال وأم جون وشادي والأسرة وأولادها مر هذا الكأس، بعد أن شاهدوا ابنتهم تقاتل الوحش الذي يفترسها قطعة قطعة وهي مبتسمة وتساعد المتألمين، لذلك أكتب إلي صديقي الفنان الكاتب شادي جمال: كنت صديق لمي علي الفيس وفي صفحة "مرض الفردوس" وكنت أتابعها يوميا منذ سنوات، وآخر مرة قابلتها كانت في فرحك تفيض من عينيها السعادة الممزوجة بحب الحياة، وبعد رحيلها تابعت كتابات صديقاتها في مواجهة الألم وأدركت معنى التضامن تحت صليب الألم، هكذا نروي ما هو دفين في قلب أيام جمال أسعد، أسطورة ابنته التي تحدت الألم وتضامنت مع رفاقها المرضي حتي النهاية كجزء من كشف المخفي في قلب جمال من جمال الحزن.

قصة مي جمال تستحق أن نتابعها بالكتابة في كتاب "تحت صليب الألم " وتجمع كتاباتها وكتابات رفيقاتها على درب الألم.

 

الفتاة المهاجرة إلي رحاب السماء
الفتاة المهاجرة إلي رحاب السماء
جمال اسعد والبابا تواضروس (1)
جمال اسعد والبابا تواضروس (1)
جمال وابنته في حضرة الأنبا توماس
جمال وابنته في حضرة الأنبا توماس