الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

جمال أسعد.. القبطى الصعيدى المجروح بأقلام قبطية.. كواليس 5 عصور عاشها بين الوطن والكنيسة.. قلب «جمال» الحزين على صفحات «البوابة نيوز» وصورته الخفية تنشر لأول مرة

جمال اسعد
جمال اسعد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بين التجريج والتحريم.. صمت ابن أسيوط وتحمل الآلام

تبدو تجربة حياتية لمواطن مصرى مسيحى عاش 5 عصور وتعامل مع القيادات الرسمية والدينية «الكنسية» تحمل طياتها الإيجابيات، ولا بد أنها تضمن العديد من السلبيات لسنا ملائكة أو نسير فى دروب المدينة الفاضلة.. للمرة الأولى «البوابة نيوز» تفتح مخازن أسرار جمال أسعد وتسدل الستار على جوانب تبدو خفية للبعض حتى تكون التجربة واضحة الواجهة بجوانبها السلبية قبل الإيجابية.

ذاك الرجل الذى أثار جدلا واسع حتى أصبح حائطا لتلقى السهام والطلقات ونصل خنجر التشريح بعدما نادى بإصلاح دينى بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية على غرار النمط الفاتيكانى الثانى؛ ولم يكن على شاطئ بعيدا عن البطريرك الراحل البابا شنودة الثالث بينما كانوا على مقربة حتى وإن شاب العلاقة شوائب تعكر صفوها بسبب مطالبات التجديد، وأولى جمال الانتصار لفكرة الدولة.

لم يتبدل جمال المطعون عن كونه صوتا مغردا خارج السرب معبرا عن ذاته رأيه مهما كانت الضريبة ابتعد عن السلطة الدينية أو السياسية أو العكس فلم يتبدل حال جمال أسعد ظل هو نفسه بالطبيعة الواحدة والفكر الواحد.

ووسط أحلك الظروف والمحن ظل محبوبا بين أهله ومسقط رأسه فى القوصية بمحافظة أسيوط تشهد أرجاؤها باسمه ومحبته واحتواء الأزمات لم تتأثر علاقته بـ المطارنة والأساقفة المتعاقبين على أسيوط بكافة إيبارشيته ولم يهمد سيف المهاجمين عنه فكان الصوفية والأشقاء المسلمون شهودا لصالح مواطن مصرى مسيحى قد يختلف معه الكثيرون ولكنه ظل حاضنا وطنه وكنيسته فى بطين قلبه داخل السلطة أو خارج أسوارها.


الكتابة عن جمال أسعد تحتاج إلى القدرة على السباحة ضد التيار فى زمن لم يعد فيه إلا الانحياز دون تعقل أو إعادة النظر فى الرؤى القديمة، عرفت جمال أسعد منذ 1976 أى منذ 45 سنة اختلفت معه ليس فى الأفكار ولكن فى صياغة تلك الأفكار ولكنى احترمت رؤيته وقدرته على دفع ثمنها سواء من المؤسسة السياسية أو الدينية.

ورغم خلاف قداسة البابا شنودة الثالث معه لم نسمع عن أى تصريح له ضد جمال ولا أى قرار حرمان، جمال أسعد ابن دير المحرق وقريب الصلة بالراحل الأنبا ساويرس، رئيس دير المحرق المنتقل، ورأيته يقبل فيه العزاء مع الآباء والرهبان، ولا زال قريب الصلة من الأنبا بيجول رئيس دير المحرق الحالى، والأنبا توماس مطران القوصية ودائما يلازمها فى كل المناسبات، رؤية جمال أسعد للكنيسة تحتاج منا جميعا قراء الكتاب وماذا نختلف عليه حتى ندرك كيف نتكلم ونحن تحت الجمر، رحلة متنوعة وشاقة بين الأضداد الإخوان والكنيسة والوطن ولكن جمال ظل الأرخن المعارض لكل الأفكار المحافظة على مر الزمان حاد العبارات نقى السريرة طيب القلب.
الكتاب السفر:
سفر الجمال لابن أسعد 400 صفحة من القطع الكبير صادر عن دار «سما» ومن الدار الناشرة إلى الدار العامرة، حيث يهدى جمال أسعد كتابة إلى ربة الدار وشريكة العمر بالقول: «إلى زوجتى التى شاركتنى المسيرة ودفعت الثمن وكانت سندا لى فى كثير من الأوقات»، ومن يعرف السيدة أم جون يدرك أنها مفتاح الكرم والنبل لدار آل أسعد التى استقبلت أطياف المحبة والضيوف على مر السنين، ولا ينسى بن أسعد أن يوجه رسالة للمستقبل بالإهداء الثانى إلى «شباب المستقبل أمل مصر».


سفر الجمال لابن أسعد يتكون من 45 أصحاحا:

يبدأ بالمقدمة ثم قدم للكتاب شهود مقدرين على سفر الحياة لجمال وتاريخ الوطن:
ـ النبيل عبدالفتاح متنبئ جيلنا ومؤرخ المستقبل الآتى، يكتب  تحت عنوان الكتابة بحبر القلب:
«السيرة شملت تجربة الإخوان المسلمين والسلفيين وحركة تمرد، ولاشك أن آراء جمال أسعد عبدالملاك فى المؤسسة الدينية القبطية وأزمات الطلاق المحتدمة، وأيضا التحول الدينى وأسبابه، والرهبنة وما جرى فيها، وأيضا المعجزات التى سادت الوعى القبطى الجمعى كنتاج للثقافة الدينية واللاهوتية التى أشاعها الاكليروس، وطالب بإصلاح دينى على نمط المجمع الفاتيكانى الثانى، لكن من داخل الفكر الدينى والمؤسسة الدينية القبطية الأرثوزكسية.

ويضيف: «سردية حياة سياسية تعبر بجدية عن نمط السياسى الوطنى الذى يعمل فى إطار الهامش المفتوح للسلطة السياسية الحاكمة، وعبر عن حياته ومواقفه بصدق، سواء وافق بعضهم عليها، أو وجه لها الانتقادات، إلا أنها نشير لواحد من أبرز من عملوا بالسياسة طيلة المراحل التاريخية التى عمل من خلالها».

ـ المستنير صاحب شجرة العابد عمار على حسن: وتحت عنوان «التاريخ من أسفل» ويضيف:  «ويطالب بتجديد الرؤية الدينية المسيحية، وسواء اقترب من المعارضة أو ابتعد عن السلطة السياسية والدينية أو حدث العكس، ظل جمال أسعد نفسه طول الوقت، ولم يسلم رأسه ولا موقفه لأحد أيا كان، بل إنه يختلف حتى مع الذين يكون بصحبتهم فى السياسة والتفكير، دون أن يفسد للود قضية، ودون أن يتضجر من الأثمان المتلاحقة التى يدفعها عن طيب خاطر».

ويكتب الصوفى المحب العارف بالوطن أحمد الجمال: «لم يتغير جمال مع المتغيرات التى صادفت مسيرته كشخص، فالطفل والصبى الذى يرتدى الجلباب وحافى القدمين أو عارى بلبوص متجهة إلى الترعة ليلهو ويلعب، هو الوجيه الأمثل المرتدى البدلة الكاملة ورابطة العنق ويعتلى منصة البرلمان أو منصات الخطابة بجوار رموز مصر من مختلف الاتجاهات، وكذلك نجد المتجهم الجاد حاد العبارات واضح المواقف، هو البسيط الضاحك المعترف بالجميل، إنها مذكرات حافلة تحتشد فيها التفاصيل الدقيقة التى امتلأ بها مشوار هذا العاشق الوطنية والحرية والعدل بكل صورة ودرجاته، التحية والتقدير لكل من جعل الاستغناء دستور حياته».
ويكتب جمال أسعد عن أيامه و5 عصور: «طلب منى بعض الأصدقاء الأعزاء أن أكتب سيرتى الذاتية، لم أكن مقتنعا أن سيرتى الذاتية تستحق أن تحكى، فليس فيها ما لدى أقرانى وزملائى وأصدقائى، ولكنها هى تجربة حياة شاءت فيها الأقدار أن أخرج خارج بلدتى القوصية فى ظروف سياسية مواتية لهذا الخروج، ومارس العمل السياسى والحزبى وصولا إلى عضوية البرلمان انتخابات وتعينا، ولما كانت حياتى وانتمائى الطبقى وقدرتى المالية ونسب إلى الأقلية العددية المسيحية المصرية لا تخول لى الحلم بالوصول إلى عضوية البرلمان هنا وجدت أن التجربة الحياتية يمكن أن تكون هادئا ومحفزا لشباب الأجيال القادمة أن تستفيد من هذه التجربة أيا كانت الظروف الاجتماعية أو الاقتصادية أو الطبقية، فعند الإيمان بالموقف والعمل فى إطار الخدمة العامة من أجل الوطن والجماهير ثم الثقة فى الله وفى النفس بلا غرور يمكن للإنسان أن يحقق ما يريد،  إليكم هذه التجربة الحياتية فإذا كانت بها إيجابيات، فلكم أن تستفيدوا منها وإن كان هناك، بالطبع سلبيات فلكم أن تستفيدوا أيضا بها بأن لا تكرروها.


ضفاف سريان نهر أيام أسعد
تتكون الشهادات من حوالى 45 شهادت و300 عنوان داخلى وتحتوى على 3 موانئ رئيسية: التكوين الذاتى، والعمل السياسى الوطنى والكنيسة.
يبدأ سريان نهر الشهادات بالقوصية: «فى منطقة فقيرة حيث رضع المحبة للوطن والناس، وينتقل إلى بدايات الثقافة الطفولية من حكايات الأساطير وحتى سينما القوصية، وسيرورة الأفلام ما بين حكايات الجدة والفيلم، والمدرسة وارتداء القميص والبنطلون ودور الأساتذة فى تكوين الوعى الجمالى، وصولا لأول شهادة وهى القبول، ومرافقة والدة البقال للقاهرة لشراء البضاعة، ومرافقة عمته فى حى السيدة زينب لشراء احتياجات المنزل على العربة الكارو، وزيارة القلعة وجامع عمرو، ويتدفق نهر الشهادات إلى مدرسة الاتحاد الإعدادية وبداية التعرف على الحياة الكنسية مدارس الأحد والألحان والترانيم، وكيف اندمج الطفل جمال فى الحياة والأنشطة الكنسية».

ويكتب: «وجدت مناخا آخر فيه نوع من الانعزالية ليس ضد الآخر الدينى بل ضد الآخر المشارك فى نفس الدين».
المرحلة الناصرية والمدرسة التجارية: «ثم ننتقل إلى المدرسة الثانوية التجارية وبداية المرحلة الناصرية ورؤية الانتخابات والباشوات السابقين وبدايات المد الثورى والقوانين الاشتراكية وكيف كان المناخ الثورى متوافقا مع المناخ التعليمى والمدارس المشتركة».
ثانيا: العمل السياسى والحزبى والبرلمانى تحت عناوين وتبدأ رؤية جمال أسعد للحياة السياسية وتتعدد الرحلة على صفحات أيامه: «هكذا عشنا أيام 1967، عبور النكسة ولحظة وفاة الزعيم، انقلاب السادات على نهج عبدالناصر، المنابر والأحزاب وزيارة خالد محيى الدين للقوصية، ومشاركة جمال فى تأسيس المنبر اليسارى ثم حزب التجمع، فتنة الزاوية الحمراء واعتقالات سبتمبر، فى سجن طرة وذكريات السجن، إلى سجن أبوزعبل، مأمور السجن يحاول إدخالى الزنزانة وأنا عائد من القصر الرئاسى، من سجن المرج إلى قصر العروبة، الوطنى استولى على مقعدى والأبنودى «زين» رحلة موسكو، حزب العمل والاتحاد السوفيتى، الإخوان ومرشح الأحرار يرفضون تصدرى القائمة، تحالف كابوسى اتجر به الإخوان ولقاء مع مبارك، اعترضت على وصف القذافى لمبارك فقال لى: أنت مسلم!، حينما أطلعنى زكى بدر على صور مخلة لصلاح أبواسماعيل، سعد الدين وهبة ونادية لطفى وعبدالحليم حافظ ، أنا والإخوان وتوظيف الأموال، البعبع كمال الشاذلى، مأساة انشقاق حزب العمل والصدق المستنكر فى «التجمع»، أنا والتجمع ورفعت السعيد، غيرت أفكار عادل حسين وحاورت الترابى والبشير، قصة البيان الذى أزعج أمريكا ورفضه بعض مدعى الوطنية، لقاء عاصف فى السفارة الأمريكية، من مواجهة طرح حماس إلى الانبهار بـ«حارس القدس»، زيارة للجولان المحتل ووقفة على قبر صلاح الدين، وخطبت فوق منبر الأزهر الشريف، مقدمات أحداث يناير 2011 وكيف قصم برلمان عز ظهر البعير، البابا يعارض تعينى بمجلس الشعب لأنى ضد الكنيسة، هكذا كان أحمد عز يدير برلمان 2010، هذا ماحدث فى ليلة 25 يناير وما بعدها، أزمة غياب التنظيم الثورى والتشتت الذى سهل مهمة الإخوان، هكذا واتت الإخوان الفرصة فاستغلوها، مهازل سنة حكم الإخوان، يستعجلون قصف الثمار فيهرولون نحو الهاوية، الثورة على من اختطفوا الثورة واقتلاعهم من الحكم.
ثالثا: جمال أسعد والكنيسة
ويروى جمال أسعد علاقته بالكنيسة تحت هذه الشهادات: مسلمون فى دير المحرق، الكاتدرائية ترفض مبيت الفنانة رغدة وحشود غاضبة بانتظارى، القرب من البابا شنودة ثم الانتصار لفكرة الدولة، هكذا تحولت إلى خائن وعدو للكنيسة، المتاجرة بالمتحولين دينيا، المسكوت عنه فى قضية الراهب المشلوح، الكفاح من أجل الطلاق المسيحى يطرح ثماره، الرهبنة المفترى عليها والأديرة المتحولة إلى موت فى الدنيا، المعجزات الوهمية وسلطة الإكليروس وتجديد الفكر الدينى، فتنة أقباط المهجر والدور المشبوه لقلة متسلقة، قطف ثمار إبعاد الكنيسة عن السياسة.
كتاب لا بد أن يقرأ، من الأجيال الجديدة، واندهشت رغم الحشد من المفكرين والكتاب والصحفيين والنواب الذين كتبوا عن الكتاب أو تحدثوا فى ندوة التوقيع، لم يفز الكتاب بأى من جوائز المعرض، فى وقت يستحق الكاتب إحدى جوائز الدولة، وكم أتمنى أن يقوم المنتجون الفنيون بتكليف كاتب سيناريو لتحويل هذا الكتاب إلى مسلسل أو فيلم.

ومن جمال المشاكس المناضل أو التنويرى إلى الصعيدى الحاضن بيته والساهر على سلامة والحامل أتعابه فى صمت والرضا بحكم الله وأمره.

95
95
116
116
جمال اسعد والبابا تواضروس
جمال اسعد والبابا تواضروس
a1006a11-ae10-4b40-b6bb-422d0b9911dd
a1006a11-ae10-4b40-b6bb-422d0b9911dd
40
40
11
11
12
12