كوارث طبيعية أم كوارث يقف وراءها البشر؟!
هل يمكن للتدخل الإنسانى أن يسمح لفرنسا بالعودة إلى سوريا؟
التقارب بين دمشق وباريس ضرورة.. وسفير سابق للاتحاد الأوروبى: الغرب سيعمل على التطبيع مع النظام السورى بطرق مختلفة
فى الساعات الأولى من يوم ٦ فبراير، تعرضت تركيا وسوريا لزلزال عنيف بلغ قوته ٧ درجات على مقياس ريختر وفى اليوم التالى لهذه الكارثة، لم تتوان دول الخليج والشرق الأوسط فى الاتصال ببشار الأسد لإظهار مساندتها فى هذه المحنة وكذلك كان الحال مع الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسي.
أعلن محمود عمر، مبعوث القاهرة إلى دمشق: "نحن هنا اليوم لاستقبال المساعدات المصرية المرسلة بناءً على طلب الرئيس عبد الفتاح السيسى، وذلك بعد اتصال هاتفى مع الرئيس السورى بشار الأسد".
وفى هذا السياق، أشارت وسائل إعلام رسمية مصرية إلى أن مكالمة الأسد- السيسى كانت الأولى بين الزعيمين منذ تولى السيسى منصبه فى عام ٢٠١٤.
كما أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن مساعدات بقيمة ٥٠ مليون دولار لسوريا. وحتى الآن، وصلت أربع رحلات على الأقل تحمل مساعدات إنسانية من الإمارات العربية المتحدة إلى دمشق، كجزء من عملية من أبو ظبى لتركيا وسوريا كما قامت السعودية بإنشاء جسر جوى لإيصال المساعدات إلى البلدين.
قد يكون الحجم الهائل للكارثة بمثابة نقطة انطلاق للبلدان التى ترغب فى استعادة العلاقات الكاملة مع سوريا وإعادتها إلى جامعة الدول العربية حيث قال فابريس بالانش، الأستاذ بجامعة ليون ٢ ومؤلف العديد من الكتب عن سوريا، "ستكون الأزمة الإنسانية وسيلة لتسريع التطبيع مع بشار الأسد" وأكد فابريس أن تركيا قامت بعمل محاولات فى الفترة الأخيرة، بدعم من روسيا والإمارات العربية المتحدة، لاستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع سوريا وتلك المحاولات كان لها تأثير ثورى فتركيا هى الراعى الرئيسى لمتمردى المعارضة السنية الذين سعوا للإطاحة ببشار الأسد والذين يساعدون الآن أنقرة فى محاربة المسلحين الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة فى شمال شرق سوريا.
ومن هذا المنظور، أصر وزير الخارجية السورى فيصل المقداد قائلًا: "الدولة السورية مستعدة للسماح بدخول المساعدات إلى جميع المناطق، بشرط ألا تصل إلى الجماعات الإرهابية المسلحة”. كان يشير إلى المتمردين السنيين المدعومين من دول أخرى وهيئة تحرير الشام، فرع القاعدة الذى يسيطر على معظم محافظة إدلب على الحدود التركية.
واليوم، يقول رجب طيب أردوغان إنه مستعد الآن للقاء الزعيم السوري.
فى الوقت نفسه، يعتقد إيمانويل ماكرون أن هناك مثابة اتفاق لإعادة تأهيل الأسد بقيادة حلفاء فرنسا العرب، وربما قريبًا الرئيس التركى رجب طيب أردوغان؛ هل سنشاهد القطار يمر ونتابع استبعاد فرنسا من تلك العملية؟ (ملاحظة: أغلقت باريس سفارتها فى دمشق عام ٢٠١٢).
فى الواقع، كان بعض مستشارى الرئيس الفرنسى يتساءلون عن استدامة منصب قائم فقط على الأخلاق - "نحن لا نعيد الاتصال بمجرم" وأنه "من المناسب دراسة شروط أى شكل من أشكال استئناف الاتصال مع دمشق"، هذا ما يشير إليه جورج مالبرونو فى صحيفة لوفيجارو.
التقارب بين باريس ودمشق هو أكثر ملاءمة لأن المفاوضات تحت رعاية روسيا تجرى على قدم وساق بين أنقرة ودمشق وقد يؤدى هذا الأخير إلى عودة حلفائنا الأكراد إلى حضن دمشق مع انسحاب القوات الأمريكية الموجودة إلى جانبهم فى شمال شرق سوريا.
فى الوقت الحالى، لا تعارض باريس تقديم المساعدات الطارئة للسكان الموجودين؛ هل يمكن لهذا التدخل الإنسانى أن يسمح لباريس بالعودة إلى سوريا؟
أعلن مارك بيرينى، السفير السابق للاتحاد الأوروبى فى سوريا والزميل الأول فى مؤسسة كارنيجى أوروبا، أنه سيكون مفهومًا، على أى حال، أن إعادة الإعمار "لن تتم بأموال غربية بل بأموال عربية وبشركات مقاولات تركية"، وأضاف "على المدى المتوسط، أعتقد أن الغرب سيعمل على التطبيع مع النظام السورى بطريقة أو بأخرى أيضًا".
معلومات عن الكاتب
أوليفييه دوزون.. مستشار قانونى للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى. من أهم مؤلفاته: "القرصنة البحرية اليوم"، و"ماذا لو كانت أوراسيا تمثل الحدود الجديدة؟"، و"الهند تواجه مصيرها".. يتناول فى هذا المقال، التداعيات الدبوماسية للزلزال الأخير ومدى التقارب العربى والغربى أيضًا مع سوريا فى ظل التطورات المتلاحقة.
لمطالعة موقع ديالوج.. عبر الرابط التالي: