تعددت الفترات الزمنية التي يصومها الأقباط في مصر على مدار العام ولكن يظل الصوم الكبير هو الأكثر روحانيات وتأثيرا في المجتمع المسيحي، ويأتي ذلك لعدة أسباب وبالرّغم من كثرة الأصوام في المسيحيّة، إلاّ أنّ الصّوم الذي يسبق عيد قيامة السيّد المسيح عليه السلام هو الأهم على الإطلاق.
تأتي أهمية الصيام طقسيًا وكنسيًا حيث يدعى أيضًا بالصوم السيّدي أو الأربعيني ، وهو الأطول زمنيًا بحيث يبلغ 55 يومًا غير متقطّعة، إذ يمتنع فيه الصائم عن تناول الأطعمة ذات المنشأ الحيواني، كاللحوم والبيض والألبان والأجبان، ليعمد إلى أكل الخضراوات والفاكهة، أو ما يعرف بالأكلات المطهوة بالزيت في مواقيت محدّدة يعرف بالقطاعة.
وهذا الصوم يتضمن أسبوع الاستعداد و يدعى أيضًا بدل السبوت وصوم السيّد المسيح والذي تكون مدّته أربعين يومًا، تشبّهًا بصيام السيّد المسيح ويتضمن ايضا أسبوع الآلام ويدعى أيضًا جمعة الآلام أو الجمعة العظيمة.
و قد قامت الكنيسة بتقسيم أيّام الصّوم الكبير إلى أسابيع سبعة، وحدّدت لكلّ أسبوع إسمًا خاصًّا أو عنوانًا يعرف فيه ويشير لخصوصيّته، مع التآلف والارتباط ببعضها و حدّدت كلّ أسبوع يبدأ اعتبارًا من يوم الإثنين، وينتهي مع نهاية يوم الأحد
وياتي الأسبوع الأوّل حاملا عنوان الكنوز أو ما يعرف بهداية المؤمن إلى ملكوت الله حيث تسعى الكنيسة لتوجيه أبنائها لعبادة الله بدلًا من عبادة المال، ليتحقّق قول المسيح بأن كنوزهم في السماء لا على الأرض.
وياتي الأسبوع الثّاني بعنوان التجربة وتعرف فيه الكنيسة المؤمن كيف يتجاوز تجارب إبليس، ويحاربه، ولا ينصاع لإغراءاته وإملاءاته وشهواته، فينتصر عليه
والاسبوع الثّالث عنوانه الابن الضّال فتعلّم الكنيسة المؤمنين أن مثال الابن الضّال الذي خاطبهم به السيّد المسيح خير دليل على مسامحة الله للخطأة التائبين وقبوله لهم من جديد.
و الأسبوع الرّابع عنوانه السّامريّة فتعلّم الكنيسة أبناءها على أن أفضل سلاحٍ للخاطئ هو كلمة الله المحيية
و الأسبوع الخامس: عنوانه المخلّع انطلاقًا من أعجوبة شفاء السيّد المسيح للمخلّع، الذي أقعدته الخطيئة، كونها هي السّبب الرئيسي في الأمراض الرّوحيّة منها والجسديّة
والأسبوع السّادس: عنوانه التجديدات وهذا الأسبوع هو تأكيد على أنّ المعموديّة لا بدّ منها لأنها الاستنارة الحقيقيّة، والولادة الثّانية بالرّوح للمؤمن، انطلاقًا من المعجزة التي قام بها السيّد المسيح بشفاء أعمى أريحا حيث أعاد له البصر
الأسبوع السّابع: عنوانه الشعانين و هي تذكير للمؤمنين بيوم دخول السيّد المسيح إلى أورشليم - باحتفال شعبي - على ظهر أتان، قبل أن يعاين الآلام والصّلب والموت، ليقوم ممجدًا فجر يوم الأحد الجديد الذي يعرف بأحد الفصح المجيد و لأنّ فترة الصيام هي فترة مقدّسة، هدفها النموّ الرّوحي للفرد بعيدًا عن الشعور الجسديّ، فمن لا يستفيد من هذه الفترة في تعزيز إيمانه وروحه لن يستطيع الاستفادة من حياته في أيّامٍ ربما تكون بعيدة عن الرّوحانيّة، أو قليلة، كونه من أولى درجات الصيام
الجدير بالذكر ان الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تستعد غدا لبدء الصوم الكبير الموافق 20 من شهر فبراير الجاري.