وثّق فتى تركي في عمر السابع عشر اللحظات الأخيرة فيما كان الزلزال يهدم البيوت على رؤوس أصحابها.
ففي شريط مصور انفطرت له القلوب، ودّع الفتى أسرته وأحبته بينما كان يرزح تحت ركام منزله الذي سُوّي بالأرض من أثر الهزة التي بلغت شدته 7.8 درجات على سلم ريختر.
وجد الفتى نفسه تحت أنقاض أطنان من الإسمنت، وكأنّ الهزة الأولى لم تكن تكفي، فقد عاد ليعيش هوْل الهزات الارتدادية التي تلت الزلزال الأول ما زاد في تضييق الخناق عليه مع وقوع مزيد من الدمار وسقوط كميات إضافية من الركام الذي كان كلُّه إسمنتا وحديدا.
في تلك اللحظة لم يجد طه بدّا من التفكير في الأسوأ، وأنه قد لا يخرج حيّا من محنته هذه، فأخذ هاتفه وبدأ في تسجيل بعض الكلمات يودع بها أحبّته على أمل أن يتم العثور على الهاتف بعد رحيله.
وقال الفتى وهاتفُه ويده يرتجّان من شدة الهزات الارتدادية التي أتت على ما تبقى من أنقاض البناية: “أعتقد أنه الفيديو الأخير الذي يكُتب لي أن أصوّره لكم”.
ورغم جسامة الحدث، فإن طه وهو يسجل كلماته الأخيرة قد أظهر رباطة جأش غير عادية بالنسبة لصبيّ في عمرهن بدأ في تعداد الجراح التي أصيب بها وتحدّث عن أسفه لأشياء فعلها وعن أمله في فعل أشياء أخرى لو كُتبت له النجاة، وما زاد في قتامة المشهد أن الفتى كان يسجل كلماته فيما كانت تُسمع في الخلفية أصوات وصراخ العالقين تحت الركام.
يقول طه في خطابه الوداعي: "نحن لا نزال تهتزّ، الموت يزحف نحونا، فاجأنا على حين غفلة يا أصحابي"، ثم بدأ لسان الفتى يلهج بالدعاء ويقول: "لقد فعلت عدة أشياء أنا نادم عليها الآن. عسى الله أن يغفر لي كل خطاياي. إذا كُتبت لي السلامة وخرجت من تحت الركام اليوم فهناك عدة أشياء أود القيام بها. نحن لا نزال تهتز.. نعم، إنها ليست يدي التي تهتز.. إنه إثر الزلزال".
ويمضي طه ويقول: "أعتقد أن أسرتي ماتت مع كل من توفي من أهل المدينة وأنا سألحق بهم قريبا".
لكن كانت للقدر تصاريف أخرى، فبعد ساعتين، كان الصبي ضمن الأشخاص الأوائل الذين أخرجوا من تحت الأنقاض بعد أن أنقذه أحد الجيران ونقله إلى بيت خالته، وبعد عشر ساعات، جاء الدور على شقيقيْ طه ووالديه ليتم إخراجهم من تحت الركام في عمليات إنقاذ استُعملت فيها الأيدي وبدون أي معدات مخصصة لهذا الغرض.
التقت وكالة أسوشياتد برس الأسرة في مخيّم خصصته الدولة لإيواء المنكوبين. تقول زليخة والدة الفتى وهي تنظر لركام البناية المهدمة: "هنا كان بيتي".