أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن بلاده لن تدخر أي جهد في إطار مجموعة دول جوار ليبيا وبالتعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية المعنية، بغية تمكين الأشقاء في ليبيا من تجسيد أولويات هذه المرحلة الهامة، حفاظا على أمن واستقرار دول الجوار التي تتأثر بشكل مباشر وأكثر من غيرها بالأوضاع في ليبيا.
جاء ذلك خلال الكلمة، التي ألقاها نيابة عنه رئيس الحكومة الجزائرية أيمن عبد الرحمن، اليوم الجمعة بأديس ابابا، في اجتماع لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى بشأن ليبيا بحضور رئيس اللجنة، رئيس جمهورية الكونغو، دنيس ساسو نجيسو.
وأوضح الرئيس الجزائري أن الساحة الليبية تشهد مرحلة خطيرة من عدم الاستقرار السياسي والأمني وجمود مسارات التفاوض والانقسام المؤسساتي، وهو ما وضع على المحك كافة المكاسب المحققة في مسار حل الأزمة في هذا البلد الجار والشقيق، لما لذلك من تداعيات خطيرة على أمن واستقرار دول الجوار وكامل منطقة الساحل.
وأضاف أنه بالرغم القلق إزاء الوضع المتأزم، إلا أن هناك تفاؤلا نظرا للرغبة الصادقة للأطراف الليبية في تجاوز المحن وتغليب المصلحة العليا للوطن، معربا عن أمله في أن يجد تكاتف الجهود الأفريقية والدولية أثرا على أرض الواقع من خلال إعادة بعث مسار التسوية السلمية بين الفرقاء الليبيين.
وأشاد الرئيس الجزائري بالجهود الحثيثة والمضنية في سبيل تحقيق المصالحة في ليبيا التي ما فتئ يبذلها رئيس الكونغو ساسو نغيسو، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، لاضطلاعهما بدور محوري في تسيير العملية السياسية والمصالحة الشاملة في ليبيا.
كما رحب في نفس السياق بالديناميكية الجديدة مؤخرا لتفعيل مسار الحوار الليبي وإطلاق مبادرات الحوار بين الإخوة الليبيين، بهدف تقريب وجهات النظر وبناء الثقة المتبادلة وتوسيع التوافقات، مشيرا إلى أنه من هذه الخطوات الإيجابية، عودة اللجنة العسكرية 5+5 إلى الاجتماع بعد طول انقطاع، لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بشأن انسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب ووقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين.
وأكد أن الجزائر لم تزل تعرب وبشدة عن رفضها لمنطق القوة وتدعو إلى ضرورة تغليب لغة الحوار والمصالحة بين كافة مكونات الشعب الليبي، كما أدانت تواصل التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية لهذا البلد الشقيق وتورط عدد من الأطراف الخارجية في خرق حظر توريد الأسلحة.
وجدد الرئيس الجزائري الدعوة للأطراف الخارجية لاحترام سيادة ليبيا ووحدة أراضيها واستقلالية قرارها، لافتا إلى أن الحل الدائم والشامل والنهائي للأزمة الليبية لن يتأتى إلا عبر مسار يكرس مبدأ الملكية الوطنية ويحفظ وحدة ليبيا وسيادتها على كامل ترابها، ويتولى فيه الأشقاء الليبيون زمام الريادة، بما يحفظ لليبيين جميعهم حقهم الأصيل وغير القابل للنقاش في ثروات بلادهم وفي تسييرها واستغلالها بما يضمن لهم التنمية والازدهار المنشودين.
وشدد الرئيس الجزائري على أهمية معالجة التحديات المتعلقة بتوحيد المؤسسات العسكرية والمالية في ليبيا، مؤكدا في الوقت ذاته استعداد بلاده للمساهمة في إنجاح مسار المصالحة الوطنية الليبية بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي بهدف إيجاد أرضية توافقية تعزز الوحدة الوطنية الداخلية وتعيد لليبيا مكانتها الطبيعية على الساحة الدولية.
وفي ختام كلمته، أعرب عن يقينه التام بأن الليبيين سيتمكنون من تجاوز الظروف والصعوبات وسيتوصلون إلى تجسيد إرادة وسيادة الشعب الليبي بكافة أطيافه ومكوناته في اختيار قادته وممثليه وتحديد مستقبل بلاده دون أي ضغوطات أو إملاءات.