الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

ماكرون يسبح عكس التيار لجمع شمل المسلمين فى فرنسا تحت كيان واحد

جانب من اللقاء
جانب من اللقاء
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يعاني نحو عشرة ملايين مسلم في فرنسا حالة من التشرذم لانعدام مندوب شرعي أو فعلي لتمثيل الإسلام في البلاد، وفقدان مخاطب رسمي للسلطات الحكومية، المركزية منها أو الجهوية، في الأمور التنظيمية والاستشارية والبروتوكولية، على عكس باقي الأديان، وهذا في الواقع يمثل صداع مزمن في رأس فرنسا. وقد بدا للعيان بأن ثمة خللاً ونقصانا في علاقة فرنسا بثاني أديانها. 

وهذا الخلل آت لاعتبارات رمزية وسياسية أكثر مما هي قانونية ودينية إذ ليس من شؤون الدولة العلمانية الاهتمام بقضايا دين ما أو التدخل للتنظيمه. 

وقد حاولت الدولة الفرنسية مرارا باختلاف الحكومات، خلق كيان واحد يمثل المسلمين قادر على أن يدير شؤونهم ويتحاور مع الدولة وظهرت عدة مبادرات مهمة، خصوصا في سنة 1989 أَسس بيار جوكس، وزير الداخلية حين ذاك، مجلسا استشاريا (CORIF) ضمّ خمسة عشر عضوا من بين مديري المساجد الكبرى وشخصيات إسلامية مرموقة. 

لكنّ خليفته شارل باسكوا تخلّى عن هذا المجلس الاستشاري واعتمد كليا على المعهد الإسلامي ومسجد باريس الكبير، في تحقيق ما كانوا يسمّونه «إسلام فرنسا»، ولكن هذا ما غيّره الوزير اللاحق جان لويس دوبري إذ فضل استدعاء عشرة من الشخصيات المتعدّدة المشارب ليكونوا قائمين على الدين في فرنسا، وبعد وصول اليسار إلى الحكم شرع الوزير جان بيار شوفانمون في القيام باستشارة واسعة اسفرت في عهد الوزير نيكولا ساركوزي، وبدافع منه، على تأسيس هيكل «رسمي» وهو ما عرف بالمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (CFCM). ولكن سرعان ما أحله وزير الداخلية الحالي جيرار دارمانان مع نهاية ولاية ماكرون الاولى، وأسس  منتدى الإسلام في فرنسا" (FORIF)، 
في شهر فبراير 2022 ، بهدف تأطير العلاقات بين السلطات العامة من جهة، والدين الإسلامي من جهة أخرى.
بادر في تشكيلها في أعقاب خطاب الرئيس ماكرون في ليس مورو ، بمحافظة الإيفلين ، حيث وضع سياسته في عام 2020 ضد التطرف في الدين الاسلامي وعلى اثر هذا الخطاب تم مناقشة مشروع قانون الانفصالية ثم سنه.

يريد وزير الداخلية للهيئة الجديدة أن تحل محل "المجلس الفرنسي السابق، بعدما اتهمه بأنه مقرّب جدا من البلدان الأصلية، لا سميا الجزائر والمغرب وتركيا وغير موال لفرنسا، بالإضافة إلى خشيته من سيطرة حركات إسلامية عديدة عليه، منها جماعة الإخوان المسلمين.
يتألف المنتدى الجديد من حوالي ستين عضوا، تم اختيارهم من قبل المحافظين (الجمعيات الثقافية والدينية والزعماء الدينيون ومحامون وقانونيون ومثقفون) ستة عشر منهم من رجال دين، وخمسة من المحامين، وأربعة يمثلون المجتمع المدني.

 مبادرة وسط الأشواك 

بعد عام على إطلاقه، استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الخميس، في قصر الإليزيه، أعضاء  منتدى الاسلام في فرنسا ( الفوريف) ضمن مساعٍ متواصلة للتخلص من التأثير الأجنبي على مُسلمي فرنسا ومُحاربة التشدّد والفكر الانفصالي.

التقى الرئيس  وللمرّة الأولى، أبرز الفاعلين في الديانة الإسلامية من مختلف المُدن الفرنسية، والذين يُمثّلون أعضاء مُنتدى الإسلام في فرنسا، هذا التجمّع الذي يُشارك فيه مسؤولون وأئمة ومفكرون وأفراد من المجتمع المدني، وقد حضر نحو مئة شخصية وعلى رأسهم عميد مسجد باريس الكبير شمس الدين حافظ وكبار رؤساء المراكز الإسلامية في فرنسا ونواب من أصول عربية في البرلمان الفرنسي ومحامين واستاذة جامعات ومستشرقين. 
وأراد الرئيس لهذا المنتدى أن يصبح مسؤولاً عن إعادة تنظيم وإدارة الإسلام في فرنسا ويتحاور رسميا مع الدولة بدلا من تعدد الخطابات والجهات والتخبط الذي يعانيه مسلمو البلاد.
وتسلّم رئيس الدولة من أعضاء "منتدى الإسلام في فرنسا" الخلاصات الأولى للأعمال التي قامت بها أربع لجان حول انتداب الأئمة وتأهيلهم، وتنظيم وتشغيل دور العبادة، ومكافحة الأعمال المعادية للمسلمين، وتأمين دور العبادة بشكل يتطابق مع القانون، واحترام مبادئ الجمهورية.

تمثل هذه الخلاصات ثمرة عام من الأعمال، تحت رعاية وزير الداخلية جيرار دارمانان .. أما بالنسبة للحكومة، فيتمثل رهانها الرئيسي في إدامة هذه الهيئة ودعم القادة المسلمين في جهودهم لهيكلة تنظيمها، والتخلص من "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية" الذي "كان الخلاف يسوده، وتابعاً لدول أجنبية".

ماكرون يحث مسلمي فرنسا على إنجاح المبادرة 

دعا ماكرون اليوم خلال اجتماعه بممثلي مسلمي فرنسا إلى "مضاعفة الجهود" من أجل "الخروج من التدخل" ، الأجنبي في كثير من الأحيان ، والذي يضر ، حسب قوله ، بتطوير "إسلام التنوير" في البلاد.
وأشاد في كلمته بالتقدم الذي تم إحرازه ولم يتردد في معارضة الهيئة التمثيلية السابقة .
والتي اعترف بأنه طالب بحلها وانتهز الفرصة لشرح الأسباب التي دفعته إلى قطع الحوار مع المجلس الفرنسي لعبادة المسلمين ، الذي كان تقليديًا المحاور المميز للرئيس في شؤون الإسلام ، ولكن تم استبعاده في ديسمبر 2021.

قال الرئيس "كانت الحالات السابقة ذات قيود أتيحت لي الفرصة بالفعل لتسميتها. كان هناك حوار مع الدولة، كان هناك تقدم حقيقي. ولا أريد التقليل من شأن ما تم القيام به من أمور طيبة.
لكن المجلس تناقش في كثير من الأحيان أيضًا مع الدول الأخرى ، في إطار شكل من الأنفاق ، ليس فقط دبلوماسيًة ولكن أيضًا التي شرعت في تاريخ كامل من الأحداث كان من الضروري الخروج منها تدريجيًا "، تابع ، مضيفًا:" لهذا السبب قررنا إنهاء اعمال المجلس. بوضوح تام ".

أما فيما يتعلق بتمويل العقيدة الإسلامية أو مكانة الأئمة أو محاربة الدعاية المتشددة ، قدر رئيس الدولة، أن هناك عقبات كانت ولا تزال عالية ك "الجبال يجب أن تتحرك".

"آليات مبهمة"

وأقر ماكرون أن "الآليات الغامضة" و "التدخلات الخارجية" و "ألعاب النفوذ" ، "ما زالت موجودة على الأرض الفرنسية" وهذا الامر يرفضه تماما. وأضاف "ليس خطابي في مورو ولا القانون ضد الانفصالية ولا منتدى فوريف" هو الذي يمكن أن "يوقف" هذا ، "لنكن صادقين تمامًا". لكن يجب ان نتكاتف

وأوضح رئيس الدولة "يجب أن نوضح التمويل يجب أن يتمتع ب "الشفافية" و "احترام" العلمانية ، دون الخوض في تفاصيل سبل العمل. وقال "يجب أن نضاعف جهودنا في هذه الهيئة الوليدة".
أيضًا ، يجب الاهتمام بتدريب الأئمة وإنشاء نظام خاص بهم. "إذا تركنا للآخرين بطريقة ما مهمة تدريب الدعاة أو تصديرهم إلى فرنسا ، فيمكننا أن نواصل كما فعلنا منذ 20 عامًا ، أي نأسف للعواقب التي نعانيها ونعرف أسبابها. وقال إيمانويل ماكرون.
يجب "إعادة الاستثمار على نطاق واسع" في الدراسات الإسلامية والعلوم

وقال "يجب أن نوافق على التأهيل الجامعي ، وأن نبني نظامًا علميا حتى يتمكن الأشخاص الذين تتخصص كفاءاتهم في المجال من القول إن هذا الشخص إماما متصل بالعصر وليس جاهلا". 
وعد "بإعادة الاستثمار على نطاق واسع" في الدراسات الإسلامية العليا ، من خلال إعادة إنشاء المنظومة ومناصب الدكتوراه".
وطالب بـ "نظام يمكن بموجبه عندما ينحرف الأشخاص الذين يعظون ويفتون بأشياء مجنونة تهدد الجمهورية ويستهزئون بدين الإسلام ، أن نقول لهم" لن يكون لكم الحق في فعل ذلك بعد الآن".

وقال رئيس الدولة أيضا إنه يريد "مزيدا من الشفافية" في تمويل الحج إلى مكة ومحاربة "الخطاب المتلاعب". أخيرًا ، قال ماكرون معترفا بأن هناك الكثير في فرنسا يشكلون في نجاح الفوريف ويحكمون عليه بالفشل حتى قبل أن يبدأ العمل مبررين بأنه سيفشل كسابقيه لكنه طالب المسلمون بأن يتوحدوا وستساعدهم الدولة بفضل عزيمته وتاريخها العلماني الذي لا يعادي أي ديانة في إنجاح هذا المكان لما فيه خير للإسلام والمسلمين في فرنسا ولكي تكون الهيئة الوحيدة التي تحاور مع الدولة..ولكن يبدو أن الرئيس يسبح عكس التيارات المختلفة في البلاد فرغم أن الجالية الإسلامية الفرنسية تمثل أكبر جالية في أوروبا اذ تقدر بنحو عشرة مليون نسمة غير ستة مليون مسلم أجنبي الا انها تعاني من تشتت لوجود عدة زعامات مختلفة وتفضل القطرية على مصالح مسلمي فرنسا وبالتالي ترفض هذه الزعامات رئاسة فرنسا مفضلة تلقي الأوامر والتعليمات من رؤسائهم الأصليين في دول شمال أفريقيا وتركيا وإيران وهذا ما أفشل قوة مسلمي فرنسا مقارنة ببقية البيانات الدينية المنتظمة

هل ينجح المنتدى ؟

عقد المُنتدى الاسلامي الجديد قبل أيام اجتماعياً تمهيدياً مع السلطات الفرنسية برئاسة وزير الداخلية جيرالد دارمانين، في خطوة جديدة لعقد اجتماعات مُجدية بين الدولة والجهات الفاعلة والمؤثرة في مُسلمي فرنسا، وذلك بهدف منع أيّ تدخل أو تأثير مالي أو أيديولوجي خارجي على مُسلمي البلاد، وبحث قضية الحق في الدين والمُعتقد بعيداً عن إقحامهما في السياسة.

ويسعى الطرفان، الحكومة ومُنتدى الإسلام، إلى دراسة ملفات تكوين الأئمة والإسراع في إنشاء مجلس وطني لهم في فرنسا، ووضع ضوابط لتمويل الجمعيات التي تُدير المساجد، بحيث يُصبح من الممكن الوصول بسهولة إلى الحسابات المصرفية لهذه الجمعيات والمسؤولين عنها.

وقدمت الهيئة الجديدة "للحوار مع المواطنين الفرنسيين الذين يعيشون دينهم بسلام في إطار قوانين الجمهورية الفرنسية"، اليوم نتائجها إلى إيمانويل ماكرون، وفق قصر الإليزيه.
ولكن أثار تشكيل هذا المنتدى 
بعد عام من إطلاقه، الكثير من الانتقادات في فرنسا، من حيث تمثليه وشرعيته والتأثيرات الأجنبية، لا سميا تلك المتعلقة بالجزائر والمغرب وتركيا، ولكن أيضا بعض الدول الخليجية.
أيضاً، ينتقد البعض وزير الداخلية جيرار دارمانان، الذي زقف وراء إنشاءه ، ويتهمونه بأنه يسعى إلى ترك بصماته على حوكمة الإسلام في فرنسا، وبالتالي تعزيز مكانته السيادية وليس مصلحة المسلمين.

في الواقع، يعتبر "منتدى الإسلام في فرنسا"، محاولة اضافية جديدة للدولة في مسألة تمثيل الإسلام في فرنسا، التي لم تجد لها الحكومة حلاً حتى الآن، معتبرة أن التحدي الأكبر اليوم هو" تمكين الأجيال الجديدة لمسلمي فرنسا من ممارسة عقيدتهم مع الاحترام التام لقيم الجمهورية الفرنسية.
يُشار إلى أنّ منتدى الإسلام في فرنسا، قد أطلقته الحكومة الفرنسية بحثاً عن تمثيل أكثر شرعية وفاعلية لثاني أكبر ديانة في البلاد، مُعلنة بشكل رسمي وفاة "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية" الذي كان يُحاور الدولة منذ 2003، لكنّه بات مشلولاً تماماً بسبب خلافات حول توازنات النفوذ والسلطة داخلياً بين الجزائر والمغرب، وانقسامات إيديولوجية ما بين التصدّي لتغلغل الإخوان أو تأييدهم، وخاصة منذ أن أقرّت الحكومة "شرعة مبادئ لإسلام فرنسا" شدّدت على رفض توظيف الإسلام لغايات سياسية، وضرورة عدم تدخل أي دول أجنبية في شؤون مُسلمي فرنسا، وحظر تقديم التمويل المادي والدعم الترويجي لهم.


هذا وتعلن باريس أولوية اليوم في عدم ترك المُسلمين لدينهم في أيدي الإخوان المُسلمين والسلفيين، أي عدم ترك الإسلام للإسلامويين الذين يُساهمون في خلق المُتشدّدين، ويعملون على استغلال الحريات والديمقراطيات المُتاحة في الدول الأوروبية ضدّ مبادئ هذه الدول نفسها.
ونتيجة لما كشفته البيانات الرسمية للجهات المختصّة من أنّ الجزء الأكبر من التمويل للإخوان في البلاد يأتي من داخل فرنسا نفسها، رغم وجود دعم مالي خارجي، فإنّ الحكومة تعتزم، بالتنسيق مع مُنتدى الإسلام في فرنسا إنشاء هيئة رقابة وشفافية بهدف حرمان الإخوان المسلمين والسلفيين من دخل مالي ضخم مرتبط بالحج وتجارة الطعام الحلال، بالإضافة إلى التبرعات المشكوك فيها.


ونجحت الحكومة الفرنسية في تحقيق إنجازات ملحوظة العامين الأخيرين في مُحاصرة الإسلام السياسي وممثليه من الذين تمكنوا على مدى السنوات الماضية من السيطرة على العديد من المراكز الدينية الإسلامية والترويج لخطاب مُتشدد في عقول الشباب المُسلم.

وشهدت فرنسا حلّ وحظر العديد من الجمعيات الدينية، وذلك لتأكّد وجود شبهات تطرّف وتمويل من مصادر خارجية. كما صعّدت الحكومة من حربها ضدّ الكراهية والخطاب الانفصالي وقننت ذلك بقانون للحفاظ على مباديء العلمانية وقيم الجمهورية.
وكانت العديد من المُدن الفرنسية قد نظّمت العام الماضي مُنتديات تمهيدية مُصغّرة حول كيفية إعداد المسؤولين الدينيين والتصدّي للأعمال المُعادية للمسلمين، وذلك بهدف الوصول من خلال مُنتدى الإسلام لتوصيات حول سُبل الشراكة والتعاون. وتُشكّل إعادة التأكيد على مبادئ الجمهورية مطلباً مُلحّاً من الرئيس الفرنسي في إطار حملته ضدّ التطرف الإسلامي والنزعات الانفصالية.
فهل ينجح ماكرون فيما فشل به أسلافه ويلم شكل المسلمين تحت كيان واحد بعيدا عن القطرية والمصالح الشخصية وصراع النفوذ؟ هذا ما ستعلن عنه الأيام القادمة وإن غدا لناظره قريب.