الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

كيف ساهم الإسلام السياسى فى عرقلة التحول الديمقراطى؟

مأزق «الجماعة» بين استعلاء التنظيم والعجز الديمقراطى

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الدولة والمواطنة، الديني والسياسي، الديمقراطية وحكم الشعب أم الشورى وأهل الحل والعقد، كل تلك الثنائيات وغيرها شغلت العديد من الباحثين والنشطاء خلال العقد الماضي، بعد صعود تيار الإسلام السياسي على السطح وتوليه مقاليد الحكم في عدد من البلدان، وما زال هذا التيار يعد لاعبا أساسيا في مسار الأحداث في عدد من هذه الدول وإن خفت وجوده في دول أخرى كان فيها لاعبا أساسيا في المجال العام.  

يتسم الفكر السياسي الإسلامي حول الدولة الوطنية بالفقر الشديد، ومرجع ذلك المفهوم الشامل للإسلام، الذي يراه حسن البنا أنه «عقيدة وعبادة، ووطن وجنسية، ودين ودولة، وروحانية وعمل، ومصحف وسيف»، وفي الدولة الإسلامية المفترضة، هناك غموض يُحيط بالمفاهيم، فالولاء مسألة خلافية: هل هو للدولة أم للدين؟ ومسألة غير المسلمين في الدولة الإسلامية ما تزال شائكة، كما أن مسألة ولاء المسلمين المواطنين في دول غير مسلمة هي مسألة أكثر تعقيدًا، وبذلك المعنى فإن الدعوة الإخوانية، من حيث الجوهر، هي دعوة عابرة للحدود السياسية ونافية لوجود الدولة الوطنية. 
وشكلت الحركتان الإسلاميتان، التونسية والمصرية، الحقل التجريبي الأول لمقاربة قدرة التنظيمات الإسلامية على الاندماج الطبيعي في معترك الدولة الوطنية وممارسة السلطة التنفيذية في مستوياتها القيادية، ولكن هناك عددا من الفروقات المهمة بين إسلاميي تونس ومصر، فعندما استطاعت حركة النهضة التي فازت بأعلى نسبة من الأصوات في انتخابات الجمعية التأسيسية التونسية، في سنة ٢٠١١، النجاح في تشكيل «ترويكا ثلاثية» تولت إدارة البلاد بعد الثورة، ما جعل بعض الباحثين يقول: إن التوافق الذي أدى إلى اقتسام السلطة بين الإسلاميين والعلمانيين المعتدلين يُعد أحد أهم الإنجازات السياسية التي تحققت بعد الثورة في تونس، نجد أن الإخوان المصريين لم يتمكنوا من إيجاد صيغة توافقية مع العلمانيين، الأمر الذي أدى إلى تعثر المسيرة وتخبطها، لأن الجماعة أرادت تكييف أهداف الثورة مع أهدافها الخاصة.
وتهربت جماعة الإخوان من معالجة القضايا الملموسة ذات الصلة بالدولة والخلط بين الدعوي والسياسي، وارتباك مفهوم الدولة المدنية، واختزال الرؤية السياسية في شعار «الإسلام هو الحل»، وثمة معركة حقيقية دارت حول مضمون وصياغات الدستور المصري الجديد، فبدلًا من أن تصبح كتابة الدستور وسيلة لإعادة صياغة العلاقات السياسية والاجتماعية في إطار عقد اجتماعي متوازن، فإن الرؤية الضيقة للجماعة حولتها إلى قضية خلافية تسببت في حالة الاستقطاب الأيديولوجي والسياسي بين المصريين.
التحول الديمقراطي
وقبل الحديث عن الدور السلبي لتيار الإسلام السياسي في التحول الديمقراطي، يجب أولا تعريف مفهوم ذلك التحول، والذي يشير إلى مرحلة وسطية يتم من خلالها تفكيك النظام الشمولي أو التسلطي السابق، وبناء نظام ديمقراطي جديد على أنقاضه، وعادة ما تشمل عملية الانتقال مختلف عناصر النظام السياسي، مثل البنية الدستورية والقانونية، والمؤسسات السياسية وأنماط مشاركة المواطنين في العملية السياسية، لكن تلك العملية لا تتم بشكل بيروقراطي دون مشاركة المجتمع المدني في صياغة معالمه الأساسية، وقد تشهد مرحلة الانتقال صراعات ومساومات وعمليات تفاوض بين الفاعلين السياسيين الرئيسيين.
فعملية التحول الديمقراطي لا يمكن أن تكتمل وتنجح، إلا إذا توافرت فيها شروط عديدة، أبرزها أن يعمل الفاعلون السياسيون الرئيسيون على صياغة دستور جديد وإصداره بصورة توافقية، وإقامة المؤسسات الدستورية والسياسية التي تشكل الأرضية الحقيقية لبناء ديمقراطي جديد، لاسيما تشكيل حكومة جديدة من خلال انتخابات عامة تكون حرة ونزيهة، على أن تمتلك هذه الحكومة القدرة والصلاحية على ممارسة السلطة وإقرار سياسات جديدة تعكس حالة الانتقال إلى الديمقراطية التعددية، فضلا عن عدم وجود قوى أخرى تنازعها السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية صلاحياتها واختصاصاتها، وتتم عملية التحول الديمقراطي بأحد الأشكال التالية:
الانتقال من الأعلى
وهو الذي يحدث من داخل النظام التسلطي، ويقوده في هذه الحالة الجناح الإصلاحي في النخبة الحاكمة، المقبول من المعارضة الداخلية ومن القوة الدولية المؤثرة في الخارج. 
الانتقال من الأسفل
وهو تقوده المعارضة الداخلية شرط أن تكون موحدة ومتماسكة وتمتلك القدرة التنظيمية والسياسية والتعبوية لقيادة العصيان المدني ضد النظام التسلطي، ما يضطره لتقديم تنازلات ضرورية متعلقة بالحريات السياسية، والديمقراطية التشاركية للشعب، مثلما حدث في الفلبين، وأندونيسيا، والمكسيك.
وفي حالة رفض النظام لمطالب المعارضة، تلجأ الأخيرة إلى الإطاحة به عبر الانتفاضة الشعبية، مثلما حدث في البرتغال واليونان.
الانتقال من خلال التفاوض بين النظام الحاكم وقوى المعارضة
ويكون هذا النمط من التحول الديمقراطي عندما يكون هناك نوع من التوازن النسبي في ميزان القوى بين الطرفين، ويستحيل حسم الوضع لمصلحة أي طرف منهما، وبالتالي تبقى المفاوضات السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، والانتقال إلى الديمقراطية بأقل الخسائر الممكنة، وذلك شرط أن تتوفر هذه القناعة بين الطرفين بهدف التوصل إلى إبرام عقد اجتماعي وسياسي جديد بإشراف أطراف إقليمية ودولية لتحقيق عملية التحول الديمقراطي.
الانتقال من خلال التدخل العسكري الأجنبي
وغالبا ما ارتبط هذا النمط من الانتقال بحروب وصراعات تؤثر فيها وتحكمها مصالح وتوازنات داخلية وإقليمية ودولية، وهو يحدث في حالة رفض النظام الحاكم للتغيير وعدم وجود جناح إصلاحي داخله وعجز المعارضة عن الإطاحة به بسبب ضعفها وهشاشتها، نتيجة لسياسات النظام القمعية، مثلما حدث في الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣، ويتخذ هذا النمط من التغيير عدة ذرائع لأجل كسب الشرعية الدولية كالتدخل باسم المساعدات الإنسانية وحماية الأقليات، أو لأجل وضع حد للحروب الأهلية، لكن ذلك شكل جديد من أشكال الاستعمار، لأجل تبرير التدخل في الشئون الداخلية للدول تحت راية هيئة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، أو وجه من أوجه العولمة.
معوقات التحول
رغم أن هناك فروقات ظاهرية وشكلية بين حركة النهضة في تونس والجماعة الأم في مصر، إلا أننا من خلال رصد آليات وأساليب العمل السياسي نجد تشابهات كبيرة تصل حد التطابق، ففي مرحلة ما بعد الثورة، وتحديدًا منذ أن تولت حركة النهضة السلطة، تزايدت العلامات التي تُظهر «أسلمة» المجتمع التونسي، ومنها سيطرة المجموعات السلفية على مئات المساجد في كامل التراب التونسي، بتواطؤ مكشوف من قبل التيار السلفي المتشدد في الحركة. 
كما يمكن الإشارة إلى المهمات التي ضبطها راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، في كلمته، التي سُربت في عام ٢٠١٣، أمام شيوخ السلفية، ومفادها أن الأمن غير مضمون، الجيش غير مضمون، الإدارة غير مضمونة، الاقتصاد ليس بأيدينا، لا يمكن تطبيق الشريعة قبل إنجاز هذه المهمات، ما ساعد القوى السلفية عمومًا، وأنصار الشريعة تحديدًا، على التمدد والتمكين، ووفر لهم الغطاء السياسي، بل الأمني، الذي أدى إلى استفحال ظاهرة الإرهاب وتوطينه في تونس. 
والمثل تقريبًا ما حدث في مصر من التقارب الشديد بين الفصائل السلفية وجماعة الإخوان ومحاولتهم أخونة المؤسسات المصرية، وخطة التمكين التي شرعوا في تنفيذها منذ تحقيق الأغلبية في مجلس الشعب ٢٠١٢، حتى تم عزلهم في يونيو ٢٠١٣.
وعلى الرغم من تأكيد حركة النهضة على طلاقها مع الإخوان المسلمين، إلا أن استمرار النقاش بين أعضائها، بشأن العلاقة بين السياسي والدعوي ليس سوى أحد المؤشرات الدالة على صعوبة مغادرتها مربع الإخوان، وإن كانت تسعى إلى أن تطور خصوصيتها، وتبني لنفسها مسارًا مختلفًا.
فـ«الغنوشي» يقول: «الدولة التونسية، ليست دولة علمانية بل دولة إسلامية، وأن الفصل الأول من الدستور كافٍ ليؤسس لكل قانون إسلامي». «صحيفة المغرب التونسية ١١ أكتوبر ٢٠١٢، كما يرفض في مقابلة أجرتها معه صحيفة «الشروق» التونسية في ١٩ يناير ٢٠١٦، الفصل بين المجالين السياسي والدعوي، ويصر على التمييز، وهو مصطلح يأتي بين الوصل والفصل، فهو مصطلح حمال أوجه ولا يخلو من المناورة، لأن «الغنوشي» لا يقر بالفصل بل يتحدث عن التمايز، فيكون بذلك الدعوي هو الجناح الأيديولوجي للسياسي.
بنفس المنطق خرج علينا محمود حسين، زعيم مجموعة أسطنبول والذي عين نفسه قائما بأعمال المرشد في نهاية ديسمبر الماضي، في لقائه مع قناة "وطن" التابعة للتنظيم، ليرد على مقترح إبراهيم منير، قبل وفاته، باعتزال جماعة الإخوان في مصر للعمل السياسي بشكل مؤقت، وهو مقترح يحظى بتأييد قطاع كبير داخل جبهة لندن وكذلك قيادات في التنظيم الدولي، وقد حاول إظهار المقترح باعتباره خروجًا عن أدبيات الإخوان ومخالفة للوائح التنظيم.
وأكد «حسين» خلال لقائه، استمرار ممارسة العمل السياسي للتنظيم في الداخل المصري، وهو تصريح يعكس استمرار الجماعة في محاولات اختراق المشهد السياسي المصري خلال الفترة المقبلة، سواء بشكل مباشر أو من خلال حلفاء.
وكذلك نجد أن حركة النهضة أعطت الانطباع أن طريقة تسييرها لا تنتمي إلى طرق التسيير الديمقراطي، بل المفارقة الكبرى أن زعيمها «الغنوشي» رفض قوانين اللعبة الديمقراطية الداخلية، التي تفرض انتخاب قيادة الحركة من المؤتمر العاشر مباشرة. وهذا يعني أن الخط السياسي، الذي أراد فرضه منذ أغسطس ٢٠١٣، لم يصبح بعد هو الخط الغالب، وأنه يخشى أن يجد نفسه في موقع الأقلية داخل الهيئة القيادية للحركة، ولذا فرض على المؤتمرين اختيارًا يشبه طرق التسيير التسلطية في أنظمة الحزب الواحد.
هكذا نجد رفض الجماعة الأم التعامل بشكل ديمقراطي على المستوى الداخلي ما أدى إلى تشرذمها وانقسامها إلى ٣ جبهات على أقل تقدير، والسؤال هو: هل الإعلان عن فصل العمل الدعوي عن العمل السياسي يكفي لحل معضلات الإسلام السياسي؟ 
من المجحف الحكم الجازم على هذه الخطوة، قبل ملاحظة تطبيقاتها السياسية في الواقع مستقبلًا، ولو أن أسئلة «حركة النهضة، والجماعة الأم في مصر» ومواقفهما تعيدنا إلى جذور موضوع توظيف الدين في العمل السياسي، إنها تعيدنا إلى ضرورة التفكير بطرق أخرى في كيفية التخلص من مختلف أشكال وآليات التلاعب بالدين بين النخب السياسية.
بناء الدولة الوطنية
شكل ربيع الثورات العربية اختبارًا عسيرًا للقوى والحركات الإسلامية، سواء التي وصلت إلى السلطة أو التي ظلت في المعارضة، وفي الوقت الذي نجحت فيه بعض هذه القوى في التكيف ولو بشكل مؤقت مع مخاض الثورات وتقلباته، كما هو الحال في المغرب، ظلت قوى أخرى على حالها، ولم تستطع التأقلم مع الأوضاع الجديدة، كما هي الحال في مصر وسوريا.
ونشوء تيار إسلامي مدني‏،‏ يؤمن بفصل الدين عن الدولة‏،‏ وبدعم الدولة الوطنية الحديثة التي ترعى كل الأديان وتصون مقدساتها، وتضمن حقوق مواطنيها من دون استثناء، وبغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والمذهبية والعرقية،‏ هو أمر بالغ الأهمية في زماننا الصعب الذي لا بد فيه من دعم مؤسسات الدولة الوطنية القائمة على مبدأ المساواة في المواطنة‏،‏ واستناد البرامج السياسية إلى أسس مدنية ومعايير عقلانية،‏ بعيدًا من المزايدات الدينية‏ والتدخل في حيوات الناس الشخصية‏.
لكن، لا ينبغي الإفراط في التفاؤل بشأن الامتدادات السياسية والاجتماعية المحتملة لتحولات بعض هذه الحركات، لقد أثبتت التجربة، بعد دفع أثمان باهظة، أنه لا يمكن لجماعات الإسلام السياسي أن تتجه نحو بناء الدولة الوطنية الحديثة إذا لم توائم نفسها مع الواقع والعصر والعالم، إذ يتعذر قبولها كقوة ماضوية وعنفية وتكفيرية وقسرية وإقصائية، لأن هذه وصفة للحروب الأهلية والعبث والضياع، كما لا يمكن لها حيازة شرعية سياسية من دون أن تُقر بقيم الحرية والمساواة والعدالة والمواطنة، والاعتراف بالآخر والقبول بالتعددية، ونقد أفكارها عن الحاكمية والحدود والخلافة، أو القطع معها، وتَفهم أنها مجرد أحزاب سياسية مثلها مثل غيرها، من دون الاتكاء على المقدس.
يبقى التحدي الأساسي المطروح على الجماعات الإسلامية هو القدرة على إدارة الحقل الديني في اتجاهات ثلاثة: الأول حيادية الدولة إزاء تعددية تأويلات النص المرجعي المقدس بدلًا من فرض سقف تأويلي له، والثاني الحفاظ على التنوع الديني في البلدان التي تضم أقليات غير مسلمة، ما يقتضي تكريس فكرة المواطنة المتساوية التي لا تزال تصطدم بمعوقات نظرية في الخطاب الإسلامي السائد؛ والثالث النأي بالمسألة الدينية عن صراعات الشرعية السياسية والتجاذبات الأيديولوجية، وتحويلها إلى سياج معياري ضامن للقيم المدنية المشتركة.
فالإسلام السياسي المصري يحاول التهرب من معالجة القضايا الملموسة ذات الصلة بالدولة الوطنية، ويبدو ذلك واضحًا من خلال الإشكاليات التي ما زالت قائمة في خطاب الجماعة: الخلط بين الدعوي والسياسي، وارتباك مفهوم الدولة المدنية، واختزال الرؤية السياسية في شعار «الإسلام هو الحل». 
وكعادتهم، يبدي الإخوان الكثير من البرجماتية على مستوى الأداء السياسي، من دون أن يحددوا موقفهم الواضح تجاه مفاهيم مختلفة من بينها: الديمقراطية والدولة الحديثة وحقوق المرأة وطبيعة المجتمع المدني الذي ينادون به، وكان مهما للإخوان المسلمين في مصر، لو كانوا جادين في الإسهام ببناء الدولة الوطنية الحديثة، والتعايش معها، عدم الركون للابتزاز الذي تمارسه القوى الإسلامية السلفية كـ«حزب النور» المنافس الذي أعاق بمزاوداته إفشال تجربة إنجاز مشروع الدستور لمصر ما بعد الثورة. ينطبق هذا الأمر أيضًا على تنظيمات الإخوان المسلمين في أكثر من بلد عربي.
مرحلة جديدة
ودخلت الجماعة مرحلة جديدة، بعد ثورة الثلاثين من يونيو ٢٠١٣، فبعد فشلها في الهيمنة على الدولة وأخونتها، عجزت عن المحافظة على وحدة التنظيم، الذي تتنازعه الآن قيادتان تكيل كل منهما الاتهامات للأخرى. وحتى اليوم يكاد لا يوجد نقد من داخل الجماعة لتجربتها في الثورة والسلطة، إذ أن خطاب المظلومية، وتحميل المسئولية للآخرين، هو الخطاب الغالب، ما يُضر بإدراكات هذه الجماعة للعوامل الذاتية، التي أدت إلى وصول مصر إلى ما وصلت إليه.
وظهر تيار داخل الجماعة رأى ضرورة إطلاق سيرورة المراجعات، وهو ما أفضى إلى إصدار ما يسمى بـ«المكتب العام لجماعة الإخوان»، الذي يُعرف أيضا بـ«تيار التغيير» أو «القيادة الشبابية»، في مارس ٢٠١٧، ما وصفه بأنه «منتج أولي»، بعنوان «تقييمات ما قبل الرؤية.. إطلالة على الماضي»، وأكد أن الجماعة أخطأت في أربعة أمور، هي: غياب ترتيب الأولويات في العمل العام وأثر ذلك في الثورة، والعلاقة مع الثورة، والعلاقة مع الدولة، والممارسة الحزبية للجماعة، ولم يكد التقييم يخرج إلى النور، حتى سارع مكتب الإرشاد، بقيادة محمود عزت، إلى التنصل منه رسميًا. لكن المراجعة هذه، تبدو قاصرة عن وضع تصور مستقبلي لما تنتقد غيابه خلال فترة حكم الجماعة، سواء عن مفهوم العمل السياسي، أم فصل مجالات العملين الدعوي والحزبي، أو المجتمعي والسياسي. لم نرَ في هذه المراجعة ما يُشير إلى تأسيس معرفي ومرجعي، ولو حتى بشكل أولي، للمسائل الأساسية: الديمقراطية، والمواطنة، وشكل الحكم، والدولة.