بعد أن ضربها الإهمال على مدار سنوات بل وعقود.. عادت صناعة الغزل والنسيج من جديد إلى الواجهة بعدما خطت الحكومة المصرية في الاستراتيجية الوطنية لإعادة إحياء قلاع النسيج المقامة على أرض مصر، والتي على الرغم من الخسائر الفادحة التي طالتها خلال السنوات الأخيرة إلا أنها تسمح بما لا يقل عن 3% من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى، كما أنها تمتاز باستيعاب عدد كبير للغاية من العمال، فهي من الصناعات كثيفة العمالة وتستحوذ وحدها على نحو ثلث القوى العاملة الصناعية فى مصر، ولا تزال صادراتها تمثل ركنا مهما بين صادرات مصر للعالم إذ تتمتع صناعة النسيج المصرية بسمعة طيبة في كل دول العالم.
ومن أجل الوقوف على ما توصلت إليه خطط التطوير زار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، منتصف الأسبوع الجاري، مدينة المحلة الكبرى؛ لتفقد مشروعات تطوير عدد من مصانع الغزل والنسيج، وكذا تفقد عدد من المشروعات التنموية والخدمية بالمدينة، مشددا على حرص الدولة المصرية على تطوير الصناعات المصرية، ولفت إلى أن المحلة الكبرى تعد من أكبر القلاع الصناعية في مصر، والتي تميزت عبر مراحل مختلفة بصناعة الغزل والمنسوجات التي حظيت بسمعة عالمية فائقة.
وعلى هامش زيارته لمصانع الغزل والنسيج، قال رئيس الوزراء: "أمامنا اليوم استراتيجية قومية لتطوير هذه الصناعة المهمة، والحكومة، ممثلة في وزارة قطاع الأعمال العام، هدفها النهوض بصناعة الغزل والنسيج، وفق توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، وذلك في إطار التوجه التنموي الشامل الذي تنتهجه الدولة، بما يسهم في تعظيم الاستفادة من القدرات المصرية الكامنة في هذا الإطار، مما يدعم الاقتصاد الوطني، خاصةً أن صناعة الغزل والنسيج تعد من الصناعات كثيفة العمالة.
استراتيجية مصر لتطوير صناعة الغزل والنسيج
وتحرص مصر على النهوض بصناعة الغزل والنسيج، التي تعد أحد أبرز الصناعات الداعمة للاقتصاد المصري، والتي تستحوذ على قطاع كبير من العمال المهرة، بالإضافة إلى أهميتها في تنمية صادرات، حيث يعد قطاع النسيج من أبرز القطاعات التي تتمتع بسمعة طبية في الأسواق الإقليمية والعالمية، خاصة في ظل ما تتمتع به المنتجات المصرية من تنافسية كبيرة في الأسواق الخارجية.
وتتضمن خطة الوزارة للنهوض بقطاع الصناعات النسيجية في مصر مختلف مراحل الإنتاج بدءًا من زراعة وتجارة القطن وتطوير المحالج، مرورًا بتحديث مصانع الغزل والنسيج والصباغة والتجهيز وصولا إلى المنتجات النهائية، كما تسعى مصر للاهتمام بالتسويق وفتح أسواق جديدة، ومواكبة التطور العالمي في هذا المجال، حسبما صرح وزير قطاع الأعمال المهندس محمود عصمت.
خطة إعادة هيكلة شركات الغزل والنسيج
وتنفذ الدولة خطة الدولة لإعادة هيكلة بعض شركات الغزل والنسيج، بهدف زيادة الإنتاجية لجميع الأنشطة وتشمل الغزل، والنسيج، وملابس الصباغة، والتجهيز والوبريات، كما اعتمدت خطة الدولة على دمج الشركات؛ وفي ضوء ذلك تم دمج عدد 31 شركة لتصبح 9 شركات، إضافة إلى تطوير البنية التحتية للمصانع، وإعادة هيكلة الموارد البشرية، من خلال الهيكلة الإدارية والتدريب، وفقا للمهندس أحمد مصطفى، العضو المنتدب التنفيذي للشركة القابضة للغزل والنسيج.
وتطرق "مصطفى" للحديث عن الموقف التنفيذي لخطة تطوير مصانع الغزل والنسيج والصباغة، والتي تشمل 65 مصنعا ومبنىً خدميا بجميع الشركات التابعة، وتضم شركة مصر للغزل والنسيج وصباغي الببضا ( الببضا)، حيث إنه جار حاليا إنشاء مجمع مصانع الغزل والنسيج والصباغة بها، وكذا تنفيذ مجمع بشركة دمياط للغزل والنسيج، بالإضافة إلى تطوير مصنع غزل 2 القائم بشبين الكوم، التابع لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج، علاوة على استكمال أعمال إنشاء مصنع للنسيج ومصنع آخر للصباغة بشركة مصر حلوان للغزل والنسج.
وفيما يتعلق بالموقف التنفيذي لخطة تطوير شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، قدم الدكتور أحمد شاكر، العضو المنتدب التنفيذي، القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة الشركة، لمحة تاريخية عن الشركة، باعتبارها إحدى أكبر قلاع صناعة الغزل والمنسوجات والملابس في مصر، وتطرق في هذا الصدد للدور الكبير الذي قامت به المرأة المصرية العاملة على مدار تاريخ الشركة جنبا إلى جنب العاملين من الرجال، لدفع عجلة الإنتاج إلى النمو في مختلف المراحل، كما عرض خطط التطوير التي تنفذها الوزارة حاليا لرفع كفاءة الشركة.
وقال الدكتور أحمد شاكر: يستحوذ مشروع التطوير بشركة مصر للغزل والنسيج على جانب كبير من مشروع تطوير شركات الغزل والنسيج التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام؛ حيث يتضمن إنشاء خمسة مصانع جديدة، وإعادة تأهيل ثلاثة مصانع أخرى، وهي: إنشاء مصنع غزل 1، وكذا إنشاء كل من مصنع للنسيج، وتحضيرات النسيج1 و2، إضافة إلى “الصباغة”، فضلا عن إنشاء محطة للكهرباء، بينما يتضمن المشروع تطوير ورفع كفاءة وإقامة توسعات في كل من غزل 4، وغزل 6، و”التفصيل”.
وفي هذا الشأن، قال الدكتور حماد عبدالله رئيس شعبة هندسة الغزل والنسيج بنقابة المهندسين، إن صناعة الغزل والنسيج هي الأمل الأهم للاقتصاد المصري في المستقبل، حيث تعد الصناعة الوحيدة التي تمتلك فيها مصر أصول ضخمة وقلاع صناعية قادرة على يادة النمو الاقتصادي المصري على المدى القصير.
وأضاف "حماد" في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" أن النهوض بصناعة الغزل والنسيج يعتمد على الاهتمام بالتطوير على 3 مستويات، وهي الخامات والثروة البشرية والآلات، ومصر قادرة على توفير الخامات اللازمة للصناعة بلا من التصدير كمواد خام، ومنع تصدير القطن طويل التيلة كمرحلة أولى لتوفير الخامات، بالإضافة إلى تخصيص مساحات أراضي لزراعة القطن قصير ومتوسط التيلة والتي لها ميزة نسبية وهي أنها تروى بالمياه المعالجة، كما أنها توفر في فاتورة الاستيراد حيث تستورد 5.8 مليون قنطار قطن، بواقع مليار و250 مليون دولار.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي محمد البهواشي، إنه من الواضح اهتمام الدولة بالصناعات القائمة على الإنتاج، والصناعات الاستراتيجية مثل الصناعات النسيجية، وهو الأمر الذي يعكس نموذج من نماذج التكامل بين جهود الدولة لتنمية البنية التحتية، ودور القطاع الخاص المهم في التشغيل والإنتاج والتدريب.
وأضاف "البهواشي" أن الدولة اهتمت بقطاع الغزل والنسيج على جميع القطاعات بداية من الاهتمام بزراعة القطن وتوفير سعر عادل للفلاح المصري، ومنظومة المحالج والغزل والنسيج، وتوفير مدخلات الإنتاج للقطاع الخاص الذي يقوم بالتشغيل والإدارة والإنتاج، وهنا نرى أكثر نماذج الاهتمام بالقطاع على جميع المستويات، وهو الأمر الذي انعكس على تضاعف قيمة صادرات العزل والنسيج خلال السنوات الثماني الماضية من 1.5 مليار دولار، إلى 3.5 مليار دولار.