شهد اليوم الثلاثاء، حفل ختام وعرض نتاج ورش منحة "نقطة انطلاق" بمركز الفيوم للفنون، والذي نظمه المركز برئاسة الفنان التشكيلي محمد عبلة، بالتعاون مع مؤسسة ساويرس الثقافية، وذلك بحضور الدكتور أحمد عبدالله الأنصاري محافظ الفيوم، والدكتور وليد قانوش رئيس قطاع الفنون التشكيلية.
وفي بداية الحفل أعرب الدكتور أحمد عبدالله الأنصاري محافظ الفيوم، عن سعادته بالمشاركة في هذا الحدث المهم، وأصبحت قرية تونس منارة للثقافة والفنون في الفيوم، موجها الشكر للفنان التشكيلي محمد عبلة لما يقدمه من جهد لجعل هذه المنطقة قبلة للفن والفنانين.
ومن جهته قال الفنان التشكيلي محمد عبلة، رئيس مركز الفيوم للفنون: "لقد حضرت إلى قرية تونس من ٣٨ سنة، وكان الوضع صعب للغاية، لكن مع الوقت استطعنا بالفن أن تصل إلى ما وصلنا إليه الآن لتصبح قرية تونس محط أنظار العالم، فالمركز هو محاولة لرد الجميل للمحافظة التي عايشنا بها أجمل أيام حياتنا، معربا عن سعادته بالشراكة مع مؤسسة ساويرس لتوفير منحة لأربعة من شباب الفنانين، ليقدموا ما لديهم من فنون".
وتابع: أن المنحة فرصة كبيرة للفنانين الشباب للعيش والعمل في هذه البيئة الفنية التي بنيناها على مر السنين، فأن تكون قادرا على التركيز بشكل كامل، وتتعايش مع فنانين آخرين تتبادل معهم التجربة وتتعمق فيها - إنها فرصة فريدة ومهمة، فكنت محظوظا بما يكفى للمشاركة في بيوت إقامة مختلفة للفنانين، تلك التجارب كانت لا تقدر بثمن وأنها تشكل شخصيتك وعملك على مدى الدافع الرئيسي هو تعريف الجمهور المحلي والدولي بكل جوانب المجتمع المصري عن طريق معالجة الموضوعات الاجتماعية والسياسية من خلال طبقات معقدة التركيب.
وأضاف عبلة، أن الهدف من إقامة الأنشطة الاجتماعية هو جزء من رد الجميل للبيئة والمجتمع الذي يعيش فيه الفنان كانت الفكرة هي التركيز على جيل الشباب في المجتمع واستخدام الفن كأداة قوية للتغيير، ففي كل شهر أقيم نشاط اجتماعي، شارك الفنانون المقيمون في يوم للأطفال قدموا لهم فيه ورش عمل فنية متنوعة، وفي الشهر التالي كان اللقاء على ضفاف البحيرة لجمع القمامة وإعادة تدويرها مما أدى إلى عمل تمثال كبير الحجم ليكون شاهدا علي النفايات وتأثيرها المباشر علي البيئة والحياة البرية، فالنشاط الأخير كان يوما لرسم الجداريات، وفيه أتيحت للأطفال فرصة للحصول على لمحة حول ما يعنيه بناء البيئة التي يعيشون فيها بأيديهم وجعلها أجمل، حيث تركت تلك الأنشطة التي قام بها الفنانون الشباب تأثيرًا إيجابيا على المجتمع، كما تعلموا دروسا قيمة لا تقدر بثمن، دروسا ساعدتهم للنمو على مستوى مختلف.
وقد شارك في المنحة كل من: الفنان إبراهيم صلاح، وهو من مواليد المنيا عام ١٩٩٣، لم يدرس الفن لكنه علم نفسه بجهود ذاتية، قدم أكثر من عمل ميداني كبير في عدة محافظات مصرية بخامات معاد تدويرها.
وعن الإقامة الفنية بمركز الفيوم للفنون قال: "إن المنحة كانت مفيدة للغاية، حيث تركت أثرا كبيرا على أسلوبي الفني، فكنت قبل المنحة أقوم فقط بأعمال ميدانية كبيرة الحجم، لكن بعد قبولي في منحة الإقامة الفنية بالفيوم استطعت أن أضع أفكاري الخاصة في أعمال من الحجم الصغير بحيث يمكن المشاركة بها في المعارض، فكانت المتابعة والإرشاد من فنانين كبار من ذوي الخبرة الفنية العالية بمثابة إضاءة ساعدتني على تصحيح طريقي في العمل الفني، وعلى تصور أفكار جديدة والتوصل لنتائج جيدة في أعمالي، أرى أن هذا المشروع هو بالفعل "نقطة انطلاق" حقيقية".
وقال الفنان أحمد مجدي أحد المشاركين في المنحة: "إنه من أول يوم في الفيوم كان هناك هدف محدد، وهو العمل على معرض شخصي، لكن بعد أول أسبوع من الإقامة أدركت تماما أن المكان يتمتع بكثير من المميزات التي ينبغي استغلالها بشكل أمثل، فهو يوحي بالكثير من الشخوص والموضوعات، من هنا سمحت لأول مرة بخوض تجربة العمل بحرية مطلقة، حيث الاستمتاع بكل لحظة وإقامة حوار رحب وخاص مع كل عمل أقوم به دون النظر للنتيجة، فقد ساعدتني تلك التجربة على الوصول إلى نقاط بداخلي أبعد مما أتصور، كما ساعدني أيضا على تخطي تجارب سابقة كان دائما الهدف منها إنتاج فني تقييمي، تخلصت أثناء المنحة من تلك الفجوة وتحررت من تلك الضغوط، حيث أتاحت المنحة الفرصة للعمل على عدة تجارب وموضوعات مختلفة ناقشت خلالها عادات وتقاليد زواج القاصرات، والثأر، والزار الشعبي، وتنوع الإنتاج من رسم شخوص من الفيوم ومناظر طبيعية من المكان وأحداث يومية، كل ذلك التنوع في الموضوعات وطريقه التنفيذ قد أضافت الكثير من الخبرات، فالمشاركة كانت تجربة رائعة تساعد في الاكتشاف والمعرفة والأساليب والتقنيات التي كانت سببا في الإضافة للرؤية والإنتاج الفني".
ومن الفنانين المشاركين أيضا الفنانة إنجي عمارة، التي ولدت بالإسكندرية عام ۱۹۹۳، حيث درست الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية، تخصصت في النحت وتخرجت عام ۲۰۱۷ ، برزت في الحركة الفنية المصرية منذ سنوات الدراسة عن طريق المشاركة بالعديد من المعارض الجماعية المحلية، التحقت بعد تخرجها ببرنامج "ماس الإسكندرية" وهو برنامج الدراسة الفنون المعاصرة تم إقامته في ۲۰۱۹/۲۰۱۸، كما شاركت في مهرجان تشويش للنسوية بتنظيم من معهد جوته بالقاهرة عام ۲۰۱۹، وبجمعية الفنانين والكتاب، وشاركت أيضا كفنانة مقيمة بمراسم أتيليه الإسكندرية من ۲۰۱۹ حتى ٣٠٣٣، في العام الماضي، وكذلك في سمبوزيوم أسوان الدولي لنحت الجرانيت، وعرض أعمالها بالمتحف المفتوح بأسوان.
وعن الإقامة الفنية بمركز الفيوم للفنون قالت الفنانة التشكيلية إنجي عمارة: "لقد تحمست كثيرا لفكرة الإقامة الفنية بالمركز خصوصا لأهمية الفيوم كونها أرض الفخار من هنا جاءني الشغف بالعمل عليها وإعادة استخدامها لتقديم تجربة جديدة مستوحاة من معتقدات المصري القديم وإيمانه بفكرة البعث والخلود وتعبيره عن الطاقة الأنثوية والذكورية معا مثلما رأينا في تجسيد أخناتون، وأيضا فكرة التعبير عن الروح وإمكانية تنقلها من جسد كائن حي - لجسد كائن حي آخر. دائما يشغل تفكيري التعبير عن الروح وقدراتها غير المنتهية والتحرك بكامل الحرية".
وتعمل الفنانة التشكيلية دينا صموئيل، مدرس مساعد في قسم التصوير بكلية التربية الفنية، أقامت معرضا شخصيا بمتحف محمود مختار، وشاركت في عدة فعاليات فنية مثل ملتقى الأقصر الدولي للتصوير، وملتقى مراسم النوبة.
وقالت صموئيل، "إن تجربتي الفنية ترتكز على بحثي المستمر في قضايا الهوية من خلال تصوير لقطات ذاتية في لوحات سردية تسلط الضوء على قصة فتاة تعيش في المجتمع المصري في القرن الحادي والعشرين، فعند الحصول على منحة نقطة انطلاق كان كل ما يشغلني هو الوقت المتاح للإبداع والعمل على هذه التجربة الفنية، لكن عندما ذهبت للفيوم التقيت بفنانين من مختلف الثقافات واستمتعت بالإنتاج الفني لسكان قرية تونس في الخزف، كما قمت بعدة زیارات لاستكشاف الطبيعة المميزة للفيوم، فقد أسهمت تلك التجارب والخبرات الثقافية والبصرية في إضافة أبعاد جديدة هذه التجربة الفنية، فمن أبرز تلك المؤثرات التبادل الثقافي مع فنانين من مختلف الدول، فتشاركنا الأفكار كل المشاركين والتحدث عن الفن بشكل يومي، فكانت لطبيعة الفيوم دورا مهما في إعادة استكشاف وتجريب "بالتّات" لونية جديدة مستلهمة من تأثير الضوء الطبيعي على التحليل اللوني للعناصر، كما تأثرت بالدور الثقافي والفني والاقتصادي للخزف في قرية تونس، وألهمني الإبداع التقني الظاهر وتضافرت كل تلك المؤثرات تاركة أثرا ملحوظا في تجربتي الفنية".
وقد تأسس مركز الفيوم للفنون عام 2006 على يد الفنان المصري محمد عبلة بهدف إنشاء منصة لدعم وتمكين الفنانين في مصر وخارجها. ونظرًا لإيمان المؤسس القوي بالتأثير الكبير للتبادل الثقافي على عمل الفنان استضاف المركز برامج متنوعة تجمع الفنانين من كل أنحاء العالم مغا للتعاون والإبداع الفني من خلال رد الجميل للمجتمع المصري والدولي، فإن مركز الفيوم للفنون عازم على دعم القضايا والمبادرات التي تسعى جاهدة للمساهمة الإيجابية في المجتمع العام والبيئة.
وينظم المركز معارض ومبادرات اجتماعية تهدف للتوعية بعدد من القضايا، ويعد المركز أيضا موطنا لأول متحف كاريكاتير في إفريقيا والشرق الأوسط، والذي يحتوي مجموعة تضم أكثر من 500 عمل فني أصلي لفنانين مصريين وعرب المشاركة بين مركز الفيوم للفنون ومؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية أدت إلى تعاون فريد، حيث كرس الكيانان مغا لإنشاء منحة نقطة انطلاق"، وهي أول منحة إقامة فنية احترافية للفنانين في مصر، حيث يمكن للمواهب المصرية الشابة التركيز بشكل كامل على إبداعهم وتطورهم الفني للوصول إلى النمو المكتمل على المستوى الشخصي والمهني. أظهرت الإقامة أهمية مثل هذه البرامج للشباب من الفنانين.
ولد الفنان التشكيلي محمد عبلة، عام 1953 في بلقاس بدلتا النيل المصرية، بعد تخرجه في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية 1973، وانطلق في رحلة مدتها 7 سنوات حول أوروبا، حيث زار متاحف في إسبانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وألمانيا، وفي نهاية المطاف، درس النحت والجرافيك في فيينا، وزيورخ، وأقيم معرضه الفردي الأول في جاليري هوهمان هامبورغ ألمانيا عام 1979، وعروض في العديد من الأماكن والبلدان منها: جاليري إيوات لپوواردن، هولندا عام 1989 وارت هول، أوريبرو، السويد عام 1991، والأكاديمية المصرية في روما - إيطاليا 1991.
وفي عام 1994 فاز الأولى في بينالي الكويت، وتلتها الجائزة الكبرى في بينالي الإسكندرية، مصر عام 1997، وشارك أيضا في العديد من الفعاليات الفنية الدولية مثل بينالي هافانا كوبا، وكان عمله جزءا من عدة معارض جماعية في أماكن مختلفة، منها المتحف البريطاني في لندن ومتحف الفنون في بون، إلى جانب التدريس في مؤسسات دولية مختلفة إلى تأسيس مركز الفيوم للفنون في عام 2006 في عام 2009، أسس متحف الكاريكاتير بالفيوم، في عام 2022 حصل عبلة على وسام جوته الألماني المرموق عن إنجازائه الحياتية.