الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

حسن الطلفاح «سند رغم الإعاقة»| أصحاب «أشهر صورة» لإنقاذ ضحايا الزلزال في سوريا يتحدثون لـ«البوابة نيوز» .. شاهد

أصحاب «أشهر صورة»
أصحاب «أشهر صورة» لإنقاذ ضحايا زلزال سوريا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على طاولة حديدية تُحيطُها أكوام من الرُكام والمُخلفات؛ جلسَ يأخذ قسطًا من الراحة؛ بعد أن أنهكه الجُهد والتعب؛ مُرتديًا خوُذة بيضاء ونظارة بلاستيكية وبجواره جهاز لاسيلكي؛ يُغطي الغبُار ملابسه ولحيته الصغيرة؛ يُناظر ويُتابع بدقة وإمعان أمرًا رُبما يكون مهمًا؛ وذلك بعد أن خلع قدمه اليُسرى ووضعها بجوار ساقه اليُمنى.

كان هذا وصفًا تفصيليًا لإحدى الصور الفُوتوغرافية التي أُلتقطت مؤخرًا لأحد أفراد الدفاع المدني السُوري؛ خلال عمليات البحث والتنقيب عن ضحيا الزلزال المُدمر الذي ضرب عدة مناطق من الشمال السوري مُؤخرًا. 

فرغم قسوة الحياة ومتاعِبها بشكل عام في الشمال السوري تحديدًا؛ ومُعاناته الصحية والجسدية خاصة بسبب فقد ساقه اليُسرى؛ إلا أن الشاب السوري حسن الطلفاح، لم يتوقف عن العمل الخيري والتطوعي لمُساعدة الآخرين؛ ساعيًا لإنقاذ أكثر الناس ضعفًا من تحت الأنقاض؛ مؤكدًا أن الإعاقة قدر أما الإنسانية فهي قرار؛ وأن الإصابة لا تُعيق إلا المُعاق نفسيًا. 

حسن الطلفاح «سند رغم الإعاقة»

هُنا داخل مجمع بسينا التابعة لمركز حارم بمحافظة إدلب بالشمال الغربي السوري؛ بعث الشاب حسن الطلفاح برسالة للعالم يؤكد من خلالها أن «الإنسانية لا تتجزأ»؛ بعد رفضه التخلي عن جيرانه وأهل قريته؛ رغم إصابته البالغة وبتر ساقه اليسرى؛ ليمضى مُسرعًا مُساعدًا في إنقاذ ما يستطيع إنقاذه من تحت أنقاض الزلزال المُدمر الذي ضرب بلاده على غفلة؛ صباح يوم السادس من فبراير 2023؛ مخلفًا آلاف الضحايا والمُصابين والمُهجرين. 

«البوابة» تحدثت للشاب السوري «حسن الطلفاح»؛ صاحب أشهر صورة خلال عمليات إنقاذ ضحايا زلزال سوريا؛ مُؤكدًا أن الصورة تم التقاطها من قبل «حاتم الخضر – مُصور جوي حر في المجال الإنساني»؛ وذلك منذ أيام خلال عمليات إنقاذ ضحايا الزلزال بقرية بسينة بمحافظة إدلب.

وأضاف «الطلفاح»، لـ«البوابة» أن «الصورة المتداولة» تم التقاطها بالقرب من الخامسة مساءً يوم الـ 7 من فبراير الجاري؛ بعد أن خرج ليستريح قليلًا؛ من العمل الشاق في مُحاولات إنقاذ الضحايا والأسر من أسفل الأنقاض؛ مُؤكدًا أن الزلزال دمر المُجمع السكني بقرية بسينة كاملًا؛ وهرع ضمن وفد كبير من أعضاء الدفاع المدني السوري للعمل في إنقاذ الضحايا ومُساعدة الأشقاء والإخوة. 


وأوضح «الطلفاح» صاحب الـ29 ربيعًا؛ وهو أبًا لـ 3 أبناء أن إنقاذ المدنيين من تحت الأنقاض ليس مُرتبطًا بكونه متطوعًا في الدفاع المدني؛ بل إن الأمر مُرتبطا بالضمير الإنسانى؛ والحس القلبي؛ مؤكدًا أنه لم ولن يتأخر يومًا ما عن تقديم المُساعدة للأشقاء والأهل من الشعب السوري. 

ويكمل الشاب الذي نزح بسبب الحرب من قرية كفرزيتا التابعة لمدينة حماة؛ ويُقيم حاليًا بـ(كفرلوسين الحدودية)، قائلًا: «أنا عضو متطوع بالدفاع المدني السوري؛ رغم إصابتي وبتر قدمي اليُسرى عام 2014؛ إلا أنني متطوع لتفكيك العبوات العنقودية غير المُتفجرة، مؤكدًا أنه لم يتخيل يومًا ما عن معاونة الشعب السوري من المدنيين بسبب إصابته». 

حسن الطلفاح خلال عملية إنقاذ ضحايا زلزال سوريا 

من جانبه؛ روى الشاب السوري «حاتم الخضر - مصور جوي حر»؛ لـ«البوابة» كواليس التقاطه صورة الشاب حسن الطلفاح أثناء عمليات إنقاذ المدنيين ضحايا الزلزال بمجمع بسنيا والذي يقطنه أكثر من نحو 120 عائلة.

ويقول «الخضر»: «توجهت لمجمع بسنيا يوم الـ 7 من فبراير برفقة عدد من أفراد فريق إدلب الوطن التطوعي؛ لمُساعدة الناس بشكل عام ودعم فرق الدفاع المدني وإنقاذ ضحايا الزلزال بشكل خاص؛ وأحضرنا الطعام والعصائر والماء لفرق الدفاع المدني وبعض الأدوات التقليدية للمساعدة في الحفر وإنقاذ ضحايا الزلزال». 

وأضاف، «المجمع كله هدم على سكانه، ومئات المصابين والجُثث تحت الأنقاض والعشرات من الأهالي يُحاولون إنقاذ ذويهم من تحت الأنقاض؛ وسط تعالي أصوات الصُراخ والعويل ورائحة الموت والعجز تنتشر في كل مكان؛ وازدحام المكان بالمواطنين وفرق الدفاع المدنية وآلات الحفر والتنقيب». 

المصور السوري حاتم الخضر 

واستكمل حديثه لـ«البوابة» قائلًا: «استمرعملي التطوعي ودعم فرق الإنقاذ إلى جانب قيامي بتصوير المكان وكيفية انتشال الأطفال من تحت الأنقاض؛ وكنت شاهدًا على انتشال طفل وطفلة وامرأة، وكانت فرق الدفاع المدني تعمل بشكل مستمر دون توقف أوانقطاع».

وقال «الخضر»: خلال عمليات الإنقاذ لفت انتباهي عنصرفريق إنقاذ «حسن الطلفاح»، وللنظرة الأولى شعرت بالعجز أمامه وانتابني شعور الفخر لعظمة هذا العمل المُتعب الذي يقوم به الدفاع المدنى؛ والتقطت هذه الصورة على عجل بسبب صعوبة المكان وكثرة الناس بالإضافة إلى أنني كنت أصور بـ«الدرون».

مجمع بسينا التابعة لمركز حارم بمحافظة إدلب بالشمال الغربي السوري

وتابع: «بعد ما انتهينا من هذا المكان ذهبنا إلى مكان آخر في مدينة سلقين لاستكمال توزيع باقي المعونات لفرق الدفاع المدني؛ وفي العودة إلى المنزل وكانت الساعة الحادية عشر ليلاً؛ وأنا أتامل الصورة ولم أستطع كتابة أي نص يشرح تفاصيل هذه الصورة».

واستكمل منذ يوم الثلاثاء الـ 7 من فبراير، وأنا أتردد في نشر الصورة، حتى مساء يوم الـ 12 من فبراير نشرتها على حسابي بموقع التواصل فيسبوك دون أن أدون عليها أي شرح؛ لأن الصُورة وتفاصيلها قصة عزيمة وصمود لا تنتهي.