١٣ لجنة بالمجلس.. الفاعلون٣.. و« ١٠ حبرعلى ورق»
القس رفعت فكرى: المجلس يخطو ببطء ويسعى للتمدد بالمحافظات
الأب كميل وليم: المجلس جاء نتيجة ولادة غير طبيعية
10 سنوات مضت على تأسيس مجلس كنائس مصر، الذى يجمع العائلات المسيحية الخمس على طاولة واحدة فى أرض الكنانة، بعد أن كان جامع الشمل مجلس كنائس الشرق الأوسط طوال السنوات السابقة لتدشينه .
تحت تاج كاتدرائية جميع القديسين «الإنجليكانية» بالزمالك اجتمع مساء السبت الماضي ، رؤساء الكنائس الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية والروم الأرثوذكس والأسقفية للاحتفال بالعيد العاشر على تدشين المجلس الوليد .
وشّهد الحفل تسليم الأمانة العامة من كنيسة الروم الأرثوذكس إلى الكنيسة الأسقفية وذلك وفقًا للوائح المجلس التى تمنح منصب الأمين العام كل عامين لكنيسة مختلفة من الكنائس الخمس الأعضاء.
بداية إنشاء المجلس
2013 كان شاهدًا على خطوط وملامح ذلك الجنين المولود وسط ظروف استثنائية على صعيد الوطن والكنيسة حيث نيران الجماعة الإرهابية تحيط أرجاء الوطن وصراخ المواطنين يعلّو بثورة الخلاص، وسط تطلعات وآمال الكثيرين فى أن يكون مجلس الكنائس منصة لخلق المساحات المشتركة وفتح آفاق التعاون البناء بين الكنائس المختلفة فى الاتجاهات والطقوس والعقائد والخصائص؛ وتبادل موقع الأمين العام للمجلس بين الكنائس بهدف تحقيق رؤية كل منها بما يتوافق مع اللوائح المنظمة.
ورغم وجود المجلس حيّا ممثلا لكل كنائس مصر، لم يخفت صوت الاختلاف أو الصدع الظاهر على السطح للقاصى والدانى بين الطوائف المختلفة ولم يهمد خنجر التجريح والتشريح بين الكنائس تجلى ذلك فى عدة مواقف تجاوزت حد الطعن فى الزيجات لبعض الطوائف.
اللائحة التنفيذية للمجلس
شارك الجميع فى وضع لائحة تنفيذية لذلك الجنين والذى يرأسه البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وجاء فى طيات سطور اللائحة إلى جانب اللجنة التنفيذية ومسار أعمال المجلس لجان عددها 13 متعددة المهام والاختصاص وهى الدراسات اللاهوتية والحوار، والدياكونية، الخدمة الاجتماعية، الطفولة، الشباب، المرأة، التربية الكنيسة، خدام الرعايا، الكهنة، الطوارئ، المالية، القانونية، الرؤى والتخطيط والمتابعة، العلاقات، الإعلام والنشر.
وتيسيرا على أعمال المجلس لانطلاق المهام الجسيمة خصص البابا تواضروس قبل 10 سنوات مقرًا للمجلس بمنطقة تريوموف بمصر الجديدة للقيام بمهام وأعماله المتفق عليها، ولم نجد ردَا على السؤال هل سيظل أم سيتغير مع احتفال العيد العاشر للمجلس.
وتضمنت اللوائح قيمة اشتراك عضوية سنوى لكل كنيسة قدره عشرين ألف جنيه، يُسدد مرة واحدة أو على قسطين متساويين فى أول العام الميلادى وفى منتصفه، ويتم تعديل هذا الاشتراك كل سنتين أو إذا استلزم الأمر، على أن يكون هذا بقرار من اللجنة التنفيذية للمجلس، وتكون جميع تبرعات وهبات الكنائس والهيئات والأفراد موجهة باسم مجلس كنائس مصر ويمثله فى ذلك الأمين العام بصفته.
يبدو أن تطلع البعض أن يكون للمجلس دور فاعل فى كسر جمود التواصل بين العائلات المسيحية وبعضها التى شابها الكثير من الصدامات عبر سنوات طويلة لم يكون قدر المأمول ورغم مرور 120 شهرًا لا تعدو جلسات أو فعاليات المجلس سوى أمور معدودة من خلال تفعيل لجان الكهنة والرعية والمرأة والإعلام ولم نسمع صوتًا آخر دونهم.
غياب دور المجلس
نحو 3 لجان من أصل 13 نرى بصيصا من الأنشطة المعدودة لكل منها واللجان الأخرى لا نرصد لها خبرا أو فعالية، وخاصة اللجان غاية الأهمية منها الطفولة والشباب فلا تعدو حبرًا على ورق لم ير نور الواقع ولا طبيعية الحال.
ولم يستطع المجلس أن يكون له دور واقعى فى إرساء دعائم الود والتواصل، حيث رصدنا من واقع الأخبار عدة وقائع تعكر صفو المحبة الظاهرة فى المجلس، وهناك من رفض الصلاة على موتى خارج طوائفهم أو إتمام زيجة للمختلفين فى العقيدة أو تراشق الاتهامات وصلت إلى حد التكفير والطعن فى صحة الزواج ونسب الأولاد بسبب عدم وجود طقوس معينة وتبادل كلاهما النيل من الآخر.
وبالرغم من الحالة الجدلية، إلا أن المجلس نجح فى تنظيم عدة فعاليات وأنشطة من خلال لجنة المرأة والشباب الذى أخفق خلال سنواته الأولى والكهنة والرعايا، ولاقت هذه الفعاليات حضور عدد كبير من المنتمين لكل الكنائس الأعضاء.
المجلس طرأت فكرة تأسيسه عبر مشاركة الكنائس المصرية فى أعمال واجتماعات مجلس كنائس الشرق الأوسط، وحينها اقترح رئيس الطائفة الإنجيلية السابق، الدكتور القس صفوت البياضي، الأمر على البابا شنودة الثالث، بتكوين المجلس، فأجابه بابا الأقباط اسأل الكاثوليك عن رأيهم، وحينما اقترح الأمر ذاته على الكاثوليك سألوا عن رأى الأرثوذكس.
ظل الأمر عالقا سنوات طوال، وتأخر اتخاذ خطوات جادة لتأسيسه نظرًا لمرض البابا شنودة آنذاك، حتى بدأت ملامحه تزامنًا مع ذروة الأحداث والاعتداءات وحالة الغليان التى يشهدها الشارع المصرى ضد تنظيم الإخوان الذى اعتلى سدة الحكم.
جدوى مجلس كنائس مصر
ووسط الطوارئ والأزمات التى شهدتها الكنيسة أو الوطن والمبادرات هنا وهناك لم يظهر دور يذكر للجنة مجلس كنائس مصر التى تبدو دون تشكيل حتى اللحظة، بينما تبدل اسم لجنة الحوار اللاهوتى إلى لجنة الحوار المجتمعى مما يفرغ الأمر من معناه أو الغرض منه ليتبدل دورها من حوارات لاهوتية وعقائدية إلى أمور مجتمعية وعامة فى ظل وجود لجنة خدمة الاجتماعية ويغيب دورها، ومن الملحوظ لكل مطلع أن غالبية اللجان محلك سر.
اختلفت الآراء حول جدوى مجلس كنائس مصر، فمنهم من يرى أن المجلس تعامل بشكل سلبى مع الأحداث، وأن اللجان لا تعمل بانتظام، بينما رأى البعض أن المجلس يجتهد للعمل، ومع تدقيق وتحليل لأنشطة المجلس وتفاعل المواطنين وجدنا بمرور 10 سنوات للمجلس وصل متابعو صفحة التواصل الاجتماعى فيسبوك إلى 10 آلاف متابع فقط، بما يعادل ألف لكل عام، وهذا يعكس أمرا بديهيًا لحال المجلس لدى العامة.
وفى سياق سؤال «البوابة نيوز» عن نشاط مجلس كنائس مصر، قال القس رفعت فكرى رئيس لجنة الإعلام بمجلس كنائس مصر، والأمين العام المشارك لمجلس كنائس الشرق الأوسط، إن المجلس منذ تأسيسه يعمل من خلال لجان أعدت أنشطة، ولكن لظروف جائحة كورونا توقفت بعض المهام؛ مؤكدا أن لجنة الرعاية والكهنة عقدت لقاءات وأنشطة ولجنة الإعلام تقوم بدورها.
أنشطة المجلس
وأضاف فكرى، أن لجنة المرأة تفعل أنشطة وتؤدى دورا كبيرا، وكذلك ننتظر عودة نشاط لجنة الشباب، ونستهدف العمل المشترك والتقارب بين الجميع، وليس من المفضل أن تناقش الكنائس خلافتها، حيث إن المجلس يعمل على ما هو مشترك، ونتطلع أن يكون هناك حوار لاهوتى حتى تعبر كل كنيسة عن رؤيتها وهو ما يحدث ثراء ونضجا للحوار.
وعن سيامة المرأة قسًا وإمكانية مناقشتها فى المجلس، أوضح أن الأمر ليس من اختصاص المجلس ورغم عدم وجود رسامات للمرأة فى مصر حتى الآن؛ إلا أن الأمر يعود إلى خصوصية كل كنيسة وليس حق لكنيسة فرض رؤيتها على الأخرى.
وبشأن التراشق بين الكنائس وخاصة المتعلق بأمور الزواج الإنجيلى، قال إن التجاوز لم يؤثر فى كيان المجلس بينما أثر سلبا فى غير العاملين أو المتواجدين فى العمل المسكونى.
وأكد أن هذه التجاوزات لا تؤثر فى علاقات الكنائس ومن الطبيعى أن يكون بين الكنائس المتعصبة والرافضة للوحدة، ولكن هناك أيضا الناضجين والعاملين فى الحقل المسكونى ولا يعطون أهمية لتلك الآراء المتعصبة.
وبسؤاله عن مناقشة المجلس للأمور المشتركة مثل الأحوال الشخصية، كشف أن الأحوال الشخصية نوقشت من خلال لجنة مشكلة من الكنائس خارج إطار مجلس كنائس مصر، وكان معمولا بها من قبل تأسيس المجلس، ولم تطرح مخرجاتها على المجلس؛ مؤكدًا أن الكنيسة الإنجيلية فى رؤيتها وضعت التبنى والمواريث كأحد المحاور الخاصة بالأحوال الشخصية.
لجنة الحوار اللاهوتى
وردًا على انتقادات البعض بشأن تغير مسمى لجنة الحوار اللاهوتى بـ«المجتمعى»، أعرب عن تمنياته تفعيل لجنة الحوار دون غضاضة والاهتمام بالجانب الحوارى اللاهوتى، ونأمل أن تخرج اللجان من التمركز بالقاهرة إلى الصعيد وبالفعل بدأت التمدد فى الوجه القبلى لجان الرعاية والقسوس، ولو كان العمل بطيئا لكنه يستهدف البناء.
وأوضح، أنه لا تعارض بين المجلسين «كنائس مصر والشرق الأوسط»، فإن الأول يجمع الكنائس المصرية فى شراكة، والآخر يضم جموع الكنائس بالشرق الأوسط، وهناك شراكة معًا فى الصلاة من أجل الوحدة التى كانت تقام سنويًا برعاية مجلس كنائس الشرق والآن بالشراكة مع كنائس مصر، وعن المصروفات تكون من خلال الكنائس المشاركة، وشغل منصب الأمين العام الكنيسة الأرثوذكسية لثلاث سنوات والإنجيلية عامين وللكاثوليك والروم الأرثوذكس مثلها.
وحرصت «البوابة نيوز» على التواصل مع الدكتور الأب كميل وليم أستاذ العهد القديم بكليات اللاهوت، وعضو سابق بمجلس كنائس مصر، إذ قال: «مجلس الكنائس مصر جاء نتيجة ولادة غير طبيعية فى إطار توتر بين البابا شنودة وبطريرك الروم الأرثوذكس وتلويح البابا شنودة بالانسحاب وتعطل مجلس الشرق الأوسط وهنا بدأت فكرة مجلس كنائس مصر».
وأضاف كميل، أن المجلس لم يكن وليد اقتناع ولكنه جاء بهدف حل مشكلة كانت قائمة ليس لأسباب لاهوتية وإنما لظروف أخرى، موضحا أن مجلس كنائس مصر جاء فى صالح الكنيسة الأسقفية غير المتواجدة فى مجلس كنائس الشرق الأوسط.
وأوضح، أن اللجنة التى شُكلت لوضع دستور المجلس أخذت نسخة كاملة من لجان مجلس كنائس الشرق دون دراسة للواقع المصرى أو بحث احتياجات كنائس مصر وأولوياتها.
وأكد، أن هناك فارقا بين مجلس إقليم الشرق ومجلس محلى للبلاد من حيث اللجان وأعدادها وإمكانية الدمج أو التخصصات ومهام كل لجنة ودورها، ولكن ما حدث استنساخ لمجلس كنائس الشرق.
واستطرد: «خلال اجتماع اللقاء السنوى فى العام الثالث وقت اعتماد اللائحة مازحت الدكتور القس بيشوى حلمى هنغيرها إمتى؟، وتفاجأت أنهم يطالبون بتفعيل لجنة الحوار المجتمعى، وهنا طالبت بنقطة نظام وليس هناك لجنة حوار مجتمعى وأن لدينا لجنة الحوار والدراسات اللاهوتية».
وتابع: «ما سبق وذكرته مازحًا أقوله الأن بصورة جدية واعترضت على ألا تفقد اللجنة معناها والغرض منها وظلت متوقفة أعمالها طوال فترة وجودى».
وأكد أن الحوار اللاهوتى يستدعى إرادة من المسئولين والجميع يتجاور دون خوف أو تحفظ وهو أحد المحاور الأساسية التى كانت ضمن محاور المجلس فى لائحته، مشيرا إلى أن الحوار يستدعى شجاعة أدبية حتى يصحح مسار المجلس ويوضع على طريقه المأمول.