في ظل ما تتعرض له بعض البلاد من زلزال، كان آخرها الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، ووصل عدد الضحايا إلى ما يقرب من 33 ألف شخص، يبحث الكثيرون عن المباني المضادة للزلازل التي تستطيع مقاومته، وإذا ماىحدث تتراقص وتتمايل معه دون أن تسقط، وهذا ما يحدث في اليابان التي تتعرض إلى مايقرب من 1500 زلزال سنويا، دون سقوط للمباني بسبب أنها صممت مقاومة للزلازل.
كيف تبني مباني مقاومة الزلزال؟
تتميز المباني عامة، وتلك المقاومة للزلازل خاصة بمجموعة من الخصائص التي تجعلها صالحة للسكن والاستخدام، وتندرج هذه الخصائص ضمن 3 محاور رئيسية فيحاول المهندسون جاهدين التوفيق بينها بما يضمن سلامة البناء، والوجه الأمثل لاستخدامه، هذه المحاور هي:
المرونة:
هناك مستويان رئيسيان من المرونة يسعى المهندسون لضمانهما وهما الضروري للصمود في وجه الزلازل الأقل قوة، من النوع الذي يمكن أن يضرب أي مبنى 3 أو 4 مرات خلال عمره الافتراضي.
وفي هذا المستوى يهدف مهندسو الإنشاءات إلى عدم حدوث أي أضرار تحتاج لإصلاح في المبنى جراء هذه الزلازل ضعيفة القوة، وهو ما يعني أن يكون التصميم محكما على نحو يمكن البناء من مواجهة أي من هذه الهزات الزلزالية بدون أن تُلحِق به أذى.
أما المستوى الثاني من المرونة، فهو المستوى المطلوب لمواجهة الزلازل شديدة القوة، وهي أقل عددا وفرصا في الحدوث . .ففي اليابان مثلا، تم تحديد مستوى مثل هذه الهزات بناء على شدة زلزال كانتو الكبير الذي حدث عام 1923، وبلغت شدته 7.9 درجات على مقياس ريختر، ما أدى لتدمير مدينتي طوكيو ويوكوهاما، ومقتل أكثر من 140 ألف شخص.
المتانة
وتتمثل في تعديل وتصحيح مقاومة وصلابة العناصر الإنشائية منفردة،أو الجملة الإنشائية ككل، وذلك لتحسين أداء المبنى ضد الزلازل المفترضة، وتشمل التقوية غالبا زيادة مقاومة العناصر المنفردة أو مطاوعتها أو إضافة عناصر إنشائية جديدة لزيادة مقاومة المبنى للقوى الجانبية بشكل جيد.
ويعتبر حديد التسليح المادة الأقوى في البناء، ويستخدم في تسليح المباني الخرسانية باستخدام قضبان فولاذية عالية المقاومة وتتوفر بأقطار ما بين 6 مليمترات إلى 40 مليمترا وأكثر،
ويستخدم الحديد نظرا لمقاومته العالية لقوى الضغط والشد بنفس الكفاءة، ويعد من أهم المواد المطاوعة، ما يجعله مساعدا على تحقيق مطاوعة أعلى في المباني الخرسانية بقدرته على احتواء أحمال أعلى بدون انهيار مفاجئ.
لكن طرق جعل المبنى مرنا بما يكفي للصمود أمام الزلازل لا تقتصر على استخدام وسائل معقدة تستهدف امتصاص الطاقة الزلزالية وتخفيف قوة الاهتزازات، بل إن هناك أساليب أخرى تُعنى بالتصميم الداخلي والخارجي للمبنى وهيئته كذلك.
فالحالة المثالية هي أن يكون المبنى منتظما ومتناسقا بقدر الإمكان، وإذا ما كانت الطوابق كلها بالارتفاع نفسه وكانت الأعمدة على شكل شبكة تفصلها مسافات متساوية، فإن ذلك يزيد قدرة المبنى على الصمود أمام أي زلزال.
لكن مصممي ناطحات السحاب ذات الشكل المتميز لا يرحبون في أغلب الأحيان بتقديم مثل هذا النوع من التنازلات، لذلك من الشائع حدوث تباينات بين المعايير المطلوبة من جانب المهندسين لجعل المبنى قادرا على مقاومة الزلازل.
برج "سكاي تري" الموجود في طوكيو، وهو ثاني أعلى مبنى في العالم، شيّد على طراز معماري معروف باسم "المستقبلية الجديدة"، تتجلى فيه العناصر المعمارية من تصميمات المعابد اليابانية التقليدية المعروفة باسم "باغودا"،كما يتضمن عمودا مركزيا مرتبطا بصمامات زلزالية. ويمكن للعمود والصمامات أن تمتص مجتمعة الطاقة التي يولدها الزلزال.
بعض الزلازل التي دمرت اليابان
هناك العديد من الزلازل التي دمرت اليابان ومنها موخرا عدما ضرب زلزال بقوة 7.8 قوة تركيا بالقرب من الحدود السورية في وقت مبكر من صباح الإثنين الماضي، مما تسبب في أضرار جسيمة، وأسفر عن إصابة ووفاة الآلاف، لكن هذه الكارثة ليست الأولى عبر تاريخ المائة عاما الماضية، إذ وقع عدد من الزلازل التي أبادت مدنا بأكملها.
اليابان مارس 2011
يعتبر زلزال وتسونامي توهوكو في اليابان عام 2011 ثاني أسوأ زلزال في القرن الحادي والعشرين حيث بلغت قوته 8.9 درجة. تم الإبلاغ عن أكثر من 19000 شخص بين قتيل ومفقود ، بالإضافة إلى إصابة 6000 آخرين.
وتسبب الزلزال في حدوث تسونامي هائل على طول الساحل الياباني وتسبب في أكبر كارثة نووية في العالم - محطة فوكوشيما للطاقة النووية منذ تشيرنوبيل في عام 1986.
هايتي يناير 2010
وضرب زلزال مدمر بقوة 7.0 درجات حول العاصمة الهايتية بورت أو برنس في 12 يناير 2010 ، مما أسفر عن مقتل 2،30،000 شخص وتسبب في أضرار ودمار لا يوصف. كان الزلزال قويا لدرجة أن الدول المجاورة مثل كوبا وفنزويلا شعرت أيضا بهزات أرضية.
القواعد التنظيمية التي تعتمدها هيئات السلامة
في مختلف الدول تعتمد الهيئات الهندسية والسلطات المحلية لمنح تراخيص البناء معايير ومحدِّدات تشريعية ومهنية، من شأنها ضمان الحد المطلوب من معايير السلامة عند إنشاء المباني، وتتم مراقبة مدى مراعاة المباني لشروط الأمان وسلامة المواطنين، ودرجة حمايتها من الكوارث الطبيعية، ومن هذه المعايير والمحددات تحديد خريطة الفوالق أو الصدوع بين الصفائح الأرضية (التكتونات)، وهو معيار مهم يتحدد على أساسه قرب البلد أو بُعده عن خطر الزلازل.
و بناء على المعيار الأول يمكن تحديد مواصفات المواد الإنشائية الأساسية للبناء، والمعامِلات الهندسية لها (كودات البناء)، وذلك بناء على الموقع الجغرافي والجيولوجي للبلد. كما أن الغرض من استخدام البناء، سواء كان سكنيا أو تجاريا أو أمنيا، وحجمه وعدد أدواره له تأثير مهم في تطبيق القواعد التنظيمية.
وتدخل في هذه المعايير التكلفة المادية، فلا ينبغي تطبيق مواصفات أعلى مما تستلزمه المنطقة الجغرافية، فيكون إسرافا غير مبرر، كما لا ينبغي التساهل في تطبيق المواصفات المطلوبة بحجة ضبط الإنفس.