الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

جوزيف ثابت يكتب: موقف غربي بأبعاد متغيرة!

زلزال
زلزال
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هذا الزلزال الرهيب سلط الضوء على سياسة كل دولة تجاه القضية السورية
لأسباب سياسية واضحة.. لا يندفع الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة إلى دمشق لتقديم المساعدات الإنسانية
 

بينما تستمر حصيلة الزلزال المروع فى الازدياد مع أكثر من ٢٢٠٠٠ ضحية، فإن المساعدات الغربية لا تتسرع إلى البوابة السورية ولا شك أن تسييس التضامن بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى يفسد فى الوقت الحالى الدعم الموجه لسوريا. ومع ذلك، يمكن لدمشق، المعزولة والمختنقة اقتصاديًا، أن تعتمد على انتفاضة عربية ودعم يأتى من دول أخرى.
ضربت عدة زلازل فى صباح يوم ٦ فبراير جنوب تركيا وشمال سوريا. حتى أن الهزات الأرضية أيقظت سكان بيروت وبغداد. بالفعل حصيلة هذه الكارثة الطبيعية الرهيبة ليست نهائية بعد بالنظر إلى عدد الأشخاص الذين ما زالوا تحت الأنقاض. وفى ١٠ فبراير، بعد أربعة أيام من الزلزال، توفى أكثر من ٢٢٠٠٠ شخص بينما لا يزال رجال الإنقاذ يعملون.
أرسلت أكثر من ٦٠ دولة مساعدات مالية أو فرق إنقاذ إلى الأراضى التركية، بما فى ذلك اليونان والسويد وأرمينيا، وهى ثلاث دول لها علاقات متضاربة مع أنقرة، على أقل تقدير. كما قدمت إسرائيل، التى طرد مؤخرًا سفيرها فى تركيا، مساعدة لوجستية. ومن المقرر أن تؤسس فرنسا مستشفى ميدانيًا على مساحة ٢٠٠٠ متر مربع، يضم غرفة طوارئ وغرفة عمليات ومختبرًا ووحدة إنعاش والعديد من التخصصات الطبية.
أكدت وكالة التنمية الأمريكية (USAID) فى بيان صحفى يوم ٩ فبراير أنه سيتم دفع ٨٥ مليون دولار للشركاء على الأرض «لتوفير المساعدة العاجلة اللازمة لملايين الناس» خاصة فيما يتعلق بالغذاء والرعاية الصحية. إذا كانت المساعدات الغربية والدولية نشطة لمد يد العون لتركيا، فهذا ليس هو الحال بالنسبة لسوريا بعد.
منحة لبشار الأسد!
لأسباب سياسية واضحة، لا يندفع الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة إلى دمشق لتقديم المساعدات الإنسانية. وهذا التسييس للتضامن يثير حفيظة الحكومة السورية والمرجعيات الدينية حيث أطلق بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك جوزيف الأول والبطريرك السريانى الأرثوذكسى أفرام إغناطيوس الثانى وبطريرك الروم الأرثوذكس يوحنا العاشر نداءً مشتركًا لرفع «الحصار».
ويأتى هذا الطلب ليساند ما قاله مدير الهلال الأحمر السورى، إذ قال خالد الحبوباتى فى مؤتمر صحفى بدمشق «أدعو جميع دول الاتحاد الأوروبى إلى رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا». كما دعت المنظمة الإنسانية التى تعمل فى المناطق الحكومية «الوكالة الأمريكية للتنمية (USAID) لتقديم المساعدة للشعب السوري». وضاعف النظام السورى من جهته دعواته للمساعدات الدولية للعمل بشكل عاجل فى المناطق المتضررة من الزلزال.
كما أكد رئيس الدبلوماسية السورية فيصل المقداد أن نظام دمشق على استعداد «لتسهيل الإجراءات كافة اللازمة للمنظمات الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية». علاوة على ذلك، تمت مشاركة حملة إعلامية لرفع العقوبات على نطاق واسع على الشبكات الاجتماعية السورية.
ترفض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى أى اتصال مباشر مع بشار الأسد. لأكثر من عقد من الصراع، كانت المساعدات الإنسانية تمر عبر مناطق لا تسيطر عليها دمشق، على التوالى مناطق المعارضة فى الشمال الغربى إلى إدلب عبر معبر باب الهوى الحدودى مع تركيا أو المناطق الخاضعة للسيطرة الكردية. ومع ذلك، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية رفععا مؤقتا لبعض العقوبات المتعلقة بسوريا، بهدف رؤية المساعدات تصل إلى السكان المتضررين فى أسرع وقت ممكن. هذا الإجراء «يسمح لمدة ١٨٠ يومًا بجميع المعاملات المتعلقة بمساعدة ضحايا الزلزال والتى كانت ستُحظر لولا ذلك» بموجب العقوبات المفروضة على سوريا.
من جهتها، أعلنت فرنسا أنها بصدد تقديم مساعدات طارئة للسكان السوريين تصل قيمتها إلى ١٢ مليون يورو. وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فرانسوا ديلماس، أن هذه المساعدات سيتم توزيعها «فى اتصال مع المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة، فى جميع المناطق المتضررة من الزلازل»، موضحًا أن هذا لا يغير «النهج السياسي» لفرنسا تجاه نظام بشار الأسد.
منذ ما يقرب من ١٠ سنوات، تخضع سوريا للعقوبات الدولية. كانت إدارة ترامب قد قررت تشديد هذه الإجراءات القسرية فى يونيو ٢٠٢٠ بتنفيذ قانون قيصر. ونتيجة لذلك، لا تستطيع الشركات السورية التجارة مع العالم الخارجى، وتم تجميد حسابات العديد من رجال الأعمال والسياسيين السوريين. إن هذا الحظر يغرق السكان أكثر قليلًا، وتظل مبادرات إعادة بناء السلام حبرًا على ورق.
رغبة منه فى تأكيد مهامه السيادية، يطالب الرئيس السورى بأن تكون المساعدات الإنسانية تحت سيطرة السلطات السورية وليس تحت تأثير منظمة أجنبية. وفقًا لفابريس بالانش، المتخصص فى سوريا، يمكن لبشار الأسد الاستفادة من هذه الكارثة الطبيعية لاستعادة السيطرة على المناطق التى لا تزال بعيدة عنه. فى الواقع، المنطقة المتضررة من الزلزال نفسها مقسمة إلى أربع مناطق تسيطر عليها مجموعات مختلفة: حلب تحت سيطرة القوات الحكومية، علاوة على ذلك، ذهب رئيس الدولة السورية إلى هناك فى ١٠ فبراير لرؤية الأضرار، والشمال الغربى فى إدلب يقع بشكل أساسى فى أيدى هيئة تحرير الشام (HTS) التى كانت تحت سيطرة القاعدة سابقًا. وتسيطر القوات الموالية لتركيا على شمال حلب، وهى نفسها التى تعارض تلك الموجودة فى إدلب. ويهيمن الأكراد من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على شرق المدينة.
التضامن العربي
فى الوقت الحالى، بينما تنتظر رفع العقوبات المعقد وتسليم المساعدات الغربية، يمكن لسوريا الاعتماد على التضامن العربى. وسط الصعوبات الاقتصادية، سارع لبنان إلى إرسال فريق إنقاذ، إضافة إلى ذلك، أبدى الرئيس الأسبق ميشال عون تضامنه مع الرئيس السورى.
وأرسلت الأردن والبحرين ومصر والجزائر وحتى ليبيا مساعدات طارئة شملت متخصصين طبيين وعمال إغاثة ومواد غذائية أساسية. وبالفعل هبطت ثلاث طائرات نقل عسكرية تابعة للقوات الجوية المصرية فى مطار دمشق وأفرغت ما لا يقل عن ٥٢ طنًا من المساعدات الطبية والإنسانية. كما نقل العراق المجاور عدة شاحنات إلى المدن المنكوبة. فى أعقاب هذا الزلزال المدمر، قرر الرئيس التونسى قيس سعيد من جانبه إعادة العلاقات بشكل كامل مع دمشق. وصرح رئيس الدولة التونسية خلال مؤتمر صحفى بأن «مسألة النظام السورى هى شأن داخلى يخص السوريين فقط». وعدت الإمارات العربية المتحدة، الداعمة القوية للنظام السورى منذ إعادة تطبيع العلاقات فى ٢٠١٨، بإرسال أكثر من ٥٠ مليون دولار من المساعدات، ستقيم المملكة العربية السعودية، التى لم يتم ربطها رسميًا بدمشق بعد، جسرًا جويًا.
علاوة على ذلك، استطاعت دمشق الاستفادة من دعم حلفائها التقليديين. دعمت القوات الروسية الموجودة فى قاعدة حميميم العسكرية فرق الإنقاذ فى الموقع. لقد أتت دول أخرى مثل الصين والهند وباكستان وأرمينيا وحتى فنزويلا لمساعدة سوريا.
هذا الزلزال الرهيب له ميزة تسليط الضوء على سياسة كل دولة تجاه القضية السورية وبغض النظر عن الكارثة، يقوم الغرب بتسييس مساعداته لمنع بشار الأسد من جنى الفوائد.


معلومات عن الكاتب 
جوزيف تابت.. صحفى فرنسى لبنانى، متخصص فى قضايا الشرق الأوسط، يتناول، تداعيات الزلزال، كاشفا حقيقة الموقف الغربى الذى تحكمه السياسة ولا يقيم وزنا للإنسانية فيما يخص المنطقة العربية.
لمطالعة موقع ديالوج.. عبر الرابط التالي:

 

https://www.ledialogue.fr/