أسدلت وزارة الثقافة الستار عن فعاليات الدورة الـ 54 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، وذلك بعد أن حقق هذا العام إقبالا جماهيريا كبيرا تجاوز الثلاثة ملايين زائر، وكانت شخصية هذا العام تتحدث عن الشاعر الراحل صلاح جاهين، شاعر العامية، الذي ملأ الدنيا وسقاها من أشعاره، فارتوى المتلقيون منها لتظل ذكراه باقية حتى وقتنا هذا، فيموت المبدع بجسده، لكن تبقى أعماله خالدة وباقية تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل دون أن يمل منها أحد، التي عبرت عن هموم وقضايا الشعب المصري بكافة طوائفه، خاصة الطائفة الكادحة.
يقول الناقد المسرحي أحمد خميس الحكيم، إن الشاعر صلاح جاهين رجل متعدد المواهب، فهو شاعر، ورسام كاريكاتير، وكاتب للأطفال، ومؤلف، إلى جانب أنه يكتب الأغاني، فقد حقق نتائج عظيمة في كل اتجاه سلكه، ففي الإنتاج نرى أن صلا ح جاهين هو منتج "عودة الابن الضال"، و"أميرة حبي أنا"، وفي السيناريو هو من كتب الفيلم العظيم "شفيقة ومتولي"، و"خلي بالك من زوزو"، فهو رجل متجدد وسابق عصره.
يرى خميس، أن شعر صلاح جاهين يعد أفضل شعر عربي قد كُتب خلال المائتي عام الماضية وأبرزها رباعيات صلاح جاهين، التي تخطت مبيعاتها الـ 125 ألف نسخة، وذلك دليلا على كفاءة ما يكتبه ذلك الشاعر النابغة، الذي صنع طفرة كبيرة في شعر العامية ونقله لدرجة أنه يصل إلى جميع طوائف الشعب بشكل بسيط وعميق وفلسفة تخص رؤية الإنسان لعالمه وقضاياه ومشاكله وحتى نفس الإنسان من داخله وبقي ذلك لأن شعر جاهين قوي فما يُكتب بقوة وبصدق يبقى عن الناس.
وذكر خميس أيضا، أن رباعيات صلاح جاهين غناها الملحن سيد مكاوي، هذا ما جعل علي الحجار يغنيها بصوته، فمكاوي قدم نسيجا خاصا لكل رباعية يكتبها، نسيج لحني يناسب تلك الرباعية، إلى جانب ذلك نجد أن صلاح جاهين حقق إنجازا كبيرا في الكتابة للمسرح، فعلى سبيل المثال أتقن كتابة المسرحية التي تصلح أن تكون مغناه في البداية حتى النهاية مثل أوبريت "الليلة الكبيرة" الذي ما زال يعيش في وجدان الكبار والصغار حتى وقتنا هذا، فهو لم يكن للأطفال فحسب بل يصلح لجميع الأعمار.
أوضح خميس، أن صلاح جاهين هو واحد من أعظم من كتبوا شعر العامية، فكتب الشعر بطريقة السهل الممتنع وفلسفة تبقى في خيال القارئ، فكثير من الكُتاب يكتب ما كتبه الشاعر الذي يسبقه لكن بصيغة أخرى تناسبه، وهكذا كان صلاح جاهين كما أنه نقل خبرات كثيرة إلى شعراء من التراث الشعبي العربي.
وكذلك في كتابة الفيلم السينمائي برع في كتابة وتسجيل الموقف، كما أنه في أقصى لحظات اكتئابه يبدع في الكتابة أيضا، ورثاه الشاعر سيد حجاب بعد وفاته في قصيدة بعنوان: "عشر كلمات عند افتراق الطريق" إلى الأب صلاح جاهين والصديق قائلا: سامحني.. ياصاحبي البرئ الجميل / واحنا هناك.. علي "بوابات الرحيل"
سبتك.. وسبت البوابات تاخذك / ورجعت عاجز كليل..
سامحني – مهما قلت – قولي قليل / لاهو أد حبي ليك.. ولا أدك
وأي قول بعدك قليل وهزيل / ياللي ضمير النبيل ودك
وشقاك بكاره رعشه الترايل / ووحشه المواويل
ودهشه الزغاليل / واختصك النيل والأمين جبريل
اختصك النيل الأصيل وحدك / بصادق التنزيل.
محبوب الشعب
في حين تحدث بهاء جاهين نجل الشاعر صلاح جاهين عن الراحل قائلا: إنه يعد محبوب الشعب المصري واختياره شخصية معرض الكتاب كان موفقا، لأن الشخصية التي وقع عليها الاختيار هذا العام تمنحها قدرة على استخدامها يوميا طوال أيام المعرض بطرق مختلفة وذلك نتيجة تعددا أعمال الراحل في شتى مجالات الأدب والفن، كما أن الشاعر صلاح جاهين كان يعمل بالمثل الشعبي القائل "إن كبر ابنك خاويه" في تعامله مع أبنائه، وكنت أشعر إلى جانب حكمته أن بداخله طفولة ولذلك كنا أصدقاء.