الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

غول الزيادة السكانية يلتهم جهود التنمية.. «الإحصاء»: نصف مليون مولود زيادة فى 115 يومًا.. و15 ألفًا فى 4 أيام فقط من يناير

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تُشكل الزيادة السكانية؛ أحد أهم وأخطر الملفات التي تُؤرق الدول وشعُوبها؛ على اختلاف أنظمتها سواءً المُتقدمة أو النامية؛ لكونها تُعيق الأنظمة الحاكمة بشأن إحراز أى خُطوات جادة وحقيقية نحو التقدم والتنمية المنشودة؛ فكارثة «الانفجار السكاني» باتت أزمة مُجتمعية وحُكومية، تجاوزت الحدود الإقليمية ووصلت للعالمية.

تحديات دولية وجهود مضنية لمواجهة الزيادة السكانية 
حتى إنها فرضت على المجتمع الدولى كُله؛ جُهودًا مضنية لمُواجهتها والتصدى لها بأسرع وقت ممكن؛ خاصة فى ظل الأزمات الاقتصادية الطاحنة التى طالت تأثيراتها السلبية أكبر اقتصاديات العالم؛ دون توقف حتى الآن؛ تتربع الأزمة السُكانية على عرش الأزمات الكُبرى فى مصر؛ والتى تشكل تحديًا رئيسيًا وأساسيًا للدولة.

وفى المقابل؛ تعكف الأجهزة التنفيذية والتشريعة المُختلفة لتحجيمها والحد منها؛ أملًا فى إنهاء التهامها ثمار التنمية المُختلفة التى يُفعلها مختلف قطاعات الدولة فى المجالات كافة؛ فضًلا عما تُسببه أزمة الزيادة السكانية من ضغط على سوق العمل والطاقة الاستيعابية للأنشطة الاقتصادية المختلفة والمتنوعة.
 عدد سكان في 2023

وكشفت الساعة السكانية بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عن أن عدد سكان مصر، سجل فى ١٦ يناير ٢٠٢٣ «١٠٤ ملايين و٤٦١ ألفًا و٥٣٠ نسمة»، فيما سجل عدد سكان مصر يوم ١٢ يناير ٢٠٢٣ «١٠٤ ملايين و٤٤٦ ألفًا و٦١ نسمة»، بزيادة ١٥ ألفًا و٤٦٠ نسمة سكانية فى أربعة فقط، ووفقًا لأحدث تقرير للجهاز المركزى للإحصاء؛ فإن ١٦ مليونا و٤٨٠ ألف مواطن عربي؛ مُقيمون فى مصر.

وفى ٢٥ من يناير ٢٠٢٣، سجلت الساعة السكانية التابعة للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء وصول عدد سكان مصر بالداخل إلى ١٠٤ ملايين و٥٠٠ ألف نسمة، وزاد عدد سكان مصر بنحو ٥٠٠ ألف نسمة خلال ١١٥ يومًا، حيث سجل عدد سكان مصر ١٠٤ ملايين نسمة بالداخل فى الأول من أكتوبر من العام الماضي.

وأشار الإحصاء إلى أن مصر سجلت الربع مليون نسمة الأول بعد الـ١٠٤ ملايين بالداخل فى يوم ٢٦ نوفمبر الماضى أى خلال ٥٦ يومًا، ليصبح عدد إجمالي سكان مصر ١٠٤ ملايين و٢٥٠ ألف نسمة، ثم زادت ربع مليون نسمة مرة أخرى اليوم أى خلال ٥٩ يومًا. 

تعداد سكان مصر في 2030

وفى منتصف مايو ٢٠٢٢؛ قال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، إنه من المتوقع أن يصل عدد سكان مصر فى ٢٠٣٠ إلى ١٢٠ مليون نسمة، وهو عدد سكان ١٥ دولة أوروبية. وفى يناير ٢٠٢٣ توقع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن تؤدى مستويات الإنجاب لوصول عدد سكان مصر إلى ١٦٥ مليون نسمة فى عام ٢٠٥٠، بينما يصل عدد السكان إلى ١٣٩ مليون نسمة فى عام ٢٠٥٠ إذا انخفضت مستويات الإنجاب لتبلغ ١.٦ طفل لكل سيدة بحلول عام ٢٠٤٢ أى بفارق ٢٦ مليون نسمة.

التعبئة والإحصاء: 6 آلاف مولود يوميًا.. وكل دقيقة حالة زواج 
وكان اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، قال إن عدد المواليد يسجل ٦ آلاف مولود يوميًا؛ مشيرًا إلى أن حالات الطلاق تحدث فى المجتمع المصرى كل ٢.٢ دقيقة، أما حالات الزواج فتحدث كل دقيقة. وحسب تصريحات متلفزة لـ«بركات» فى نوفمبر ٢٠٢٢، فإن أرقام الطلاق على مستوى الدولة سنويًا تصل لـ٢٥٠ ألف حالة، وحالات الزواج سنويًا تصل لـ٨٩٠ ألف حالة زواج، ولدينا ٢.١ مليون مولود سنويًا.

وفى يناير ٢٠٢٣ أظهرت بيانات جهاز الإحصاء تراجع أعداد المواليد خلال آخر ٥ سنوات؛ وهو انعكاس ملموس للجهود الحكومية لمواجهة «غول» الزيادة السكانية؛ وأظهرت بيانات مسح صحة الأسرة انخفاض مُعدل الإنجاب من ٣.٥ مولود لكل سيدة عام ٢٠١٤ إلى ٢.٨٥ مولود لكل سيدة عام ٢٠٢١؛ إلا أن هذا التراجع بأعداد المواليد الحالية- والتى تتجاوز ٢.١ مليون مولود سنويا- تستنزف موارد الدولة وتلتهم جهود التنمية وتمثل تحديًا تجاه ما تطمح إليه الدولة فى خفض معدلات الإنجاب.
 توجيهات رئاسية نحو بناء الإنسان
 وفى فبراير ٢٠٢٢؛ أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي، المشروع القومى لتنمية الأسر المصرية؛ وعلق حينها على الزيادة السكانية؛ قائلًا: «أنا عايش معاكم الحكاية وفى ٢٠١٤ قولت الكلام ده، وفى ٧ سنين زدنا ١٤ مليون نسمة.. هل جالى أرقام دخل تكفى هذا النمو الـ ١٤ مليونا».
وأضاف الرئيس السيسى يومها: «نحتاج أن نتحرك جميعًا لإيصال الوعى للناس، بأن هذا العدد من النمو السكانى لن تكفيه الأراضى الزراعية والمدارس والطرق وسوق العمل».

ودعا الرئيس لتضافر جهود الدولة لتحقيق التنمية، ومحاربة الفقر والجهل والتخلف، والتحول إلى الغنى والوعي والمعرفة والتقدم والازدهار، مؤكدًا أن ذلك لن يتحقق إلا عندما نضع المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية ٢٠٢١-٢٠٢٣ كركيزة نتحرك بها لتغيير واقعنا للأفضل فى كل شيء.

جهود حكومية وتشريعات برلمانية لمواجهة غول الزيادة السُكانية 

وشرعت الحكومة المصرية فى اتخاذ العديد من الإجراءات والمُبادرات لإنهاء أزمة الزيادة السكانية؛ عقب توجيهات ومُبادرات رئاسية. ففى نوفمبر ٢٠١٤ أطلق المجلس القومى للسكان «الاستراتيجية القومية للسكان ٢٠١٥-٢٠٣٠». وفى مايو ٢٠١٨ أطلقت التضامن حملة «السند مش فى العدد.. ٢ كفاية»؛ بـ ٦٥ عيادة متنقلة بـ١٠ محافظات الأكثر فقرًا والأعلى إنجابًا.
 أما فى فبراير ٢٠٢٢، أطلقت الاستراتيجية القومية لتنمية الأسرة المصرية؛ بالإضافة إلى إطلاق وزارة الصحة والسكان، الحملة التنشيطية والخدمية والتوعوية المجانية لتقديم خدمات ووسائل تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، بمحافظات الجمهورية كافة شاملة المناطق النائية؛ فضلًا عن استفاد ما يقرب من ٥.٢ مليون أسرة حتى الآن بتكلفة تتجاوز ٢٥ مليار جنيه سنويا، من برامج «تكافل وكرامة».
ووجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى يوليو ٢٠٢٢ بصرف مساعدات استثنائية لـ٩ ملايين أسرة لمدة ٦ أشهر مقبلة، بتكلفة إجمالية حوالى مليار جنيه شهريًا للأسر الأكثر احتياجًا.

مشُروعات قوانين وتوصيات وتحفيزات
وتلقى مجلس النواب العديد من مشروعات القوانين، بشأن الزيادة السكانية والصحة الإنجابية من بينهم، مشروع قانون قدمته هالة أبو السعد وكيل لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ويتضمن فصل تبعية المجلس القومى للسكان عن وزارة الصحة، وأن يكون مجلسًا قوميًا مستقلًا تابعا لرئيس الجمهورية. كما تقدمت النائبة رانيا الجزايرلى بمشروع قانون للبرلمان فى ٢٠٢١ لتنظيم النسل ومواجهة الزيادة السكانية. وفى يناير ٢٠٢٠؛ وافقت لجنة الاقتراحات والشكاوى على مشروع قانون قدمه البرلمانى الراحل كمال عامر، بشأن الحوافز الإيجابية للأسرة المصرية المكونة من ٤ أفراد أو أقل لحث الأسر على تقليل الإنجاب مُقابل حوافز حُكومية.

وفى الثانى عشر من أبريل ٢٠٢٢؛ أحال مجلس الشيوخ تقريرًا للجنة الصحة والسكان ولجنة حقوق الإنسان والتضامن، لرئيس الجمهورية بشأن مُشكلة الزيادة السكانية، مُتضمنا ٣٦ توصية، أبرزها «إنشاء هيئة قومية للسكان للحد من التسرب من التعليم، وكارت ذكى بالخدمات ونسبة من الإسكان الاجتماعى، وقروض مُيسرة للأسر النموذجية، وزيادة التحاق الإناث بالتعليم الثانوى والجامعى وتنمية المهارات».

النائبة رانية الجزايرلي: عمالة الأطفال وزواج القاصرات يُضيع فرصة الحياة الكريمة للمصريين

بدورها، أكدت رانية الجزايرلى عضو مجلس النواب؛ صاحبة مشروع قانون قُدم للبرلمان بشأن تنظيم النسل ومواجهة الزيادة السكانية، أن الغرض من مشروع القانون؛ هو الحد من الزيادة السكانية من خلال إعطاء امتيازات خدمية للأسرة المُلتزمة بطفلين.
 وأضافت «الجزايرلي» فى حديثها لـ«البوابة»، أن القانون يتضمن منح الأسرة المُكونة من أبوين وطفلين بالعديد من الامتيازات الخدمية كافة؛ منها «مجانية التعليم- التأمين الصحي»، والحصول على الدعم كاملًا للخدمات كافة؛ وفى حالة إنجاب الطفل الثالث؛ يُخفض ٥٠٪ من قيمة الدعم والخدمات المُقدمة للطفل الثالث، وفى حالة إنجاب الطفل الرابع أو أكثر؛ فلا حق له فى الحصول على أى خدمات مجانية أومُدعمة من الدولة. على أنه يتم تطبيق القانون بعد الإعلان عنُه بمُده زمنية مُحددة وليس بأثر رجعي؛ مُشيرة إلى أنه تُفضل دعم الأسر المُلتزمة بالامتيازات الخدمية أكثر من توقيع العقوبات على الأسر غير المُلتزمة بانجاب طفلين.
وعن مردود مُبادرات الصحة السكانية وتنظيم الأسرة؛ والتى تنادى بها الدولة مُنذ ستينيات القرن الماضى وتحديدًا منذ إنشاء وتأسيس المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة عام ١٩٦٥. أجابت عضو مجلس النواب قائلة: إن الحملات الإعلامية والإعلانية بشأن تنظيم الأسرة فى الثمانينات كان لها مردود كبير على أرض الواقع؛ خاصة وأنا كانت تُخاطب أغلب فئات الشعب؛ مُشيرة إلى أنه فى الوقت الحالى لابد من استحداث طًرق الحملات التوعية بشأن الصحة الانجابية وخطورة الزيادة السكانية.

وأكدت البرلمانية لـ«البوابة»، أن الأعمال الدرامية عليها دور كبير جدًا فى توعية المُواطنين بشأن خطورة الزيادة السكانية؛ خاصة وأن بقدُرها تغيير المُعتقدات الخاطئة؛ مُؤكدة أنه يُتحتم على القائمين على الدراما مُعاونة القيادة السياسية؛ عبر صناعة مسلسلات درامية توعوية بخُطورة الانفجار السكاني وأثره السلبي على البلاد والمواطنين.

ولفتت عضو مجلس النواب، إلى أن هُناك العديد من المُعتقدات الخاطئة لدى فئة كبيرة من المواطنين؛ خاصة غير المُتعلمين؛ وأنه يعتقدون أن إنجاب المزيد من الأطفال يُساعدهم على المعيشة من خلال عمالة الأطفال؛ مُؤكدة أن تفعيل قوانين تجريم عمالة الأطفال سينعكس بالتأكيد على الحد من الزيادة السكانية؛ خاصة وأن الطفل سيُصبح عبئًا على أسرته وليس عاملًا مُساعدًا فى زيادة الدخل المالي. فضلًا عن تجريم زواج القاصرات وملاحقته بالمُتابعة والرقابة الصارمة.

النائبة رانية الجزايرلى 

الشيتاني: 18% من السيدات بـ «حملوا غلطة».. والفحص الطبى للمُقبلين على الزواج يحد من الانفجار السُكاني

من ناحيته؛ قال الدكتور عاطف الشيتاني، المُقرر الأسبق للمجلس القومى للسكان: إن هناك مُعادلة اتفق عليها الخبراء وهى أن النمو الاقتصادى لابد أن يُساوى ٣ أضعاف النمو السكاني؛ حتى يشعر المواطن بآثار النمو الاقتصادي؛ مُؤكدًا أنه كُلما زاد عدد السكان عن حاجة الدولة؛ كُلما قل الإحساس والشعور بالمكاسب الاقتصادية.
وأوضح «الشيتاني» فى حديثة لـ«البوابة»، أن النمو السكانى فى الوقت الحالى فى مصر حوالى ٢٪ وهذا يعنى أنه ببساطة مصر بحاجة لنمو اقتصادى يُعادل ما يزيد على ٦٪؛ مُؤكدًا أن أى حكومة مصرية ستظل فى تحدٍ كبير بشأن تقليل النمو السكانى وزيادة النمو الاقتصادى إلى أعلى درجة. 

وفى ديسمبر ٢٠٢٢، قال وزير المالية محمد معيط، إن الحكومة تستهدف تسجيل مُعدل النمو بنسبة ٥.٥ ٪ من الناتج المحلى الإجمالي، وتحقيق فائض أولى مستدام يصل إلى نحو ٢٪ فى المتوسط، وذلك فى العام المالى ٢٠٢٣ – ٢٠٢٤.
وعن كيفية خفض معدلات النمو السكاني؛ أوضح «الشيتاني» أن الدولة تعمل جاهدة على عدة محاور لتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية؛ لافتًا إلى أن تنظيم الأسرة هو برنامج يتيح للأزواج الاختيار الحُر والرشيد لوسائل تنظيم الأسرة والخدمات؛ للحصول على عدد من الأطفال على فترات بينية بين الحمل والآخر بما يحافظ على صحة الأسرة والطفل.

 وأضاف المُقرر الأسبق للمجلس القومى للسكان؛ أن الدولة تنفذ برنامج تنظيم الأسرة من خلال محورين مهمين الأول هو: الاستثمار فى البشر والمجتمع والأسرة ومساعدة الأزواج على اتخاذ قرار رشيد واعي، بالنسبة للأسرة ونوعية الحياة التى تعيشها الأسرة. وكلما ارتفع مستوى المعيشة كلما كان الفرد قادر على اتخاذ قرار جيد. وهو محور مجتمعى بحت فكلما رغبت الأسرة فى حياة كريمة ومستوى معيشة أفضل بحث الأزواج على تنظيم الأسرة والنسل.

وأوضح أن «التعليم والصحة والبطالة» كُل منها له آثار كبيرة على تنظيم الأسرة؛ ومن بينها تعليم الفتيات مؤكدًا أن إصدار قوانين يجبر الأسرة على الالتحاق بالمدارس وملاحقة التسرب من التعليم يكون ذات مردود كبير على تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية. مُشيرًا إلى أن إلحاق الفتيات بالعمل يحد من زواج القاصرات والزواج المبكر. أما المحور الثانى وهو توفير الدولة لخدمات تنظيم الأسرة لجميع المواطنين على مستوى الجمهورية بشكل عادل. 

وبشأن جودة مبادرات الصحة الإنجابية؛ أكد أن وزارة الصحة بالتعاون مع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء؛ تُجرى مسح سكانى صحى مُنذ عام ١٩٨٨؛ وذلك لقياس نسب أداء ومردود مُبادرات صحة الأسرة؛ مُوضحًا أن آخر مسح فى ٢٠٢٢ أشار إلى ٦٦٪ من النساء المُتزوجات يُمارسن تنظيم الأسرة؛ ولكن مصر فى الوقت الحالى بحاجة لرفع نسبة مُمارسة السيدات لتنظيم الأسرة بنسبة ٧٥٪. 

وأوضح أن نحو ٤ ملايين سيدة لا يمُارسن تنظيم الأسرة وفى الوقت ذاته لا يرغبن فى الإنجاب؛ ولكن عدم مُمارستهن لتنظيم الأسرة يعرضهن للإنجاب دون الرغبة فيه؛ وهو الأمر الذى يلزم بضرورة ترغيب السيدات فى ممارسة تنظيم الأسرة واتباع إرشادات الصحة الإنجابية. مشيرًا إن أن حوالى ٣٠٪ من السيدات الممارسات لتنظيم الأسرة ينقطعن فى أول سنة؛ وذلك لأسباب عديدة أبرزها متعلقة بجودة الخدمة المقدمة لهن. 
 ولفت إلى أن هناك نسبة كبيرة من السيدات اللواتى يحملن وهُن غير راغبات؛ ويطلق عليه شعبيًا بـ «حمل غلطة» تصل لنحو ١٨٪ من السيدات؛ مُشيرًا إلى أن الفقراء هم أكثر الناس إنجابًا؛ فهم يعتقدون أن إنجاب الأطفال وحدات اقتصادية إنتاجية. 

زحام وتكدس مروري في مصر

وعن مساهمة الفحص الطبى للمُقبلين على الزواج بشأن الحد من الانفجار السُكاني؛ قال: الفحوصات الطبية للمقبلين على الزواج وإعطاء مشورة للعروسين؛ له قرارات إيجابية كبيرة لما بعد الزواج؛ خاصة وأن الزوجين سيكونان مؤهلين لاتخاذ قرارات سليمة بشأن الصحة الإنجابية وحماية الأجيال الجديد من العديد من الأمراض ومنها الأمراض الوراثية؛ وهو ما سيخفف العبء على المسئولية الصحية نحو المواليد الجُدد. 

وحول سن قوانين تُلزم الأبوين بإنجاب عدد مُعين من الأطفال فقط؛ قال الخبير السكاني: إن هذه المسألة شائكة وعلينا أن نعى جيدًا ماذا نُريد تحديدًا قبل تشريع القانون؟ مؤكدًا أن مصر مُلتزمة بحقوق إنسانية من عدة اتفاقيات دولية تُعطى الحق لكل الناس بأخذ القرارات الإنجابية بحرية تامة؛ وهو الأمر يُجبرنا على التفكير فى سد احتاجات الناس من التعليم ورفع الوعى أولًا؛ مُشيرًا إلى أن هناك قصورا واضحا فى مشاركة الدراما والإعلام والميديا بشكل عام؛ فى التوعية الجدية لخطورة الأزمة السكانية على الاقتصاد والبلاد؛ رغم تأثير الإعلام على وجدان الشعب. 

وأوضح أنه بالأحرى تشريع قانون يُلزم التليفزيون المصرى والقنوات الخاصة؛ ببث دقائق يوميًا بشأن الرسائل الصحية والصحة الإنجابية وتعريف وتوعية المواطنين بخطورة الزيادة السكانية وتأثيرها السلبى على التنمية والحالة الاقتصادية للفرد والمجتمع؛ وهو الأمر الذى سيُساعد الناس على اتخاذ القرار؛ مُؤكدًا أنه كلما زادت التنمية فى البشر؛ كلما كان القرار الإنجابى للأسرة قرار رشيد؛ لافتًا إلى أن ارتفاع معدل التنمية فى محافظتى «الإسكندرية وبورسعيد» عاد ذلك بقرار سليم بشأن الصحة الإنجابية مُقارنة بالشرقية ومحافظات الصعيد. 

الدكتور عاطف الشيتاني المُقرر الأسبق للمجلس القومى للسكان

مدحت نافع: الزيادة السكانية تلتهم حق المواطنين في الخدمات والتنمية والحياة الكريمة

من جانبه، أكد الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي، أن الزيادة السكانية أحد أكبر الأزمات التى تواجه الدولة وتُؤزم التقدم الاقتصادى والمشروعات التنموية؛ مؤيدًا لضرورة سن قوانين صارمة لمواجهة مُعضلة الزيادة السكانية. 

وأضاف «نافع» لـ «البوابة»، أنه بات ضروريًا إصدار قانون ينص على تحديد النسل ودعم الدولة لطفلين بحد أقصى؛ وفى حالة إنجاب الطفل الثالث فأكثر؛ يُرفع الدعم وتتحمل الأسرة كافة المصرفات وخاصة التعليمية وعلاجية؛ على أن تدعم الدولة العملية التعليمية للأطفال حتى التعليم الأساسى «الابتدائى والإعدادي»؛ وأن تكون تكلفة التعليم فيما بعد الأساسى على حساب الأسرة؛ ويُمنح المتفوقين استكمال دراستهم على نفقة الدولة. مؤكدًا أن الاستثمار فى البشر وتخريج طفلين على دراية علمية وصحية سليمة أفضل بكثير من استخدام الأطفال كوسائل إنتاجية لجلب الأموال لمواجهة فقر أسرهم. 
 

الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي 

وأوضح الخبير الاقتصادي؛ أن هناك الآلاف من الأسر التى تُصر على كثرة الإنجاب؛ وذلك اعتقادًا منهم أن الأطفال ثروة إنتاجية مالية ستدر لهم الأموال؛ من خلال العمالة فى الورش والأعمال الأخرى وهم تحت السن القانونية؛ مؤكدًا أن تجريم عمالة الأطفال ومُلاحقة المتجاوزين من أولياء الأمور وصاحب العمل؛ بات أمرًا ضروريًا للحد من التسرب التعليمى والزيادة السكانية الطاغية على التنمية الاقتصادية. 

وأكد «نافع» أن تحديد النسل والتزام الدولة بدعم طفلين فقط؛ ورفع الدعم عن باقى الأطفال؛ تزامنًا مع تجريم عمالة الأطفال؛ سيُجبر الأسرة على التفكير جيدًا فى تنظيم العملية الإنجابية؛ مُؤكدًا أنه فى ظل الأزمة الاقتصادية التى يشهدها العالم باتت قضية الزيادة السكانية أزمة محوارية على رأس أولويات كل دول العالم. 

ولفت «نافع» إلى أنه مع كل طفل يُولد يكون زيادة عن نسبة الإنجاب المرجوة من الدولة، فهو أزمة كبرى تلتهم حق الآخرين فى الخدمات؛ فموارد الدولة مُحددة ومعروفة، فما تواصل الزيادة السكانية التهام التنمية المنشودة للحياة الكريمة.

الزيادة السُكانية.. أرشيفية 

شريف الدمرداش: لا مُقارنة بين مصر والصين.. والزيادة السكانية أكبر أزمة تواجه الاقتصاد المصرى وجُهود التنمية

من جانبه؛ رفض الخبير الاقتصادى شريف الدمرداش، مُقارنة الزيادة السكانية بين مصر- وبلد المليار ونصف المليار نسمة «الصين»؛ مؤكدًا فى حديثه لـ «البوابة» أن إحداث التنمية الاقتصادية يتطلب أن يكون الناتج المحلى ضعف مُعدل النمو السكاني؛ وأن الزيادة السكانية أكبر الأزمات والتحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى والتهامها جُهود التنمية. 

وقال «الدمرداش»: إن الصين خلال عدة عقوت استطاعت أن تجعل من اقتصادها أحد أكبر اقتصاديات العالم؛ فيما تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى ويليها الصين وروسيا فى المركزين الثانى والثالث فى تصنيف عام ٢٠٢٢؛ مؤكدًا أن الصين حققت طفرتها الاقتصادية بعد أن استطاعت أن تصل بنسبة الناتج المحلى لـ١٢٪ لمدة تتراوح بين ١٠- ١٥ سنة، وفى المقابل كان النمو السكانى لا يزيد على نسبة ١٪؛ مؤكدًا أن الطفرة التنموية والاقتصادية فى الصين؛ رغم بلوغ عدد سكانها نحو الـ١.٤٠٣ مليار نسمة وهو ما يُشكل ١٨.٥٣٪ من سكان العالم أجمع؛ أن قوة اقتصادها مكنها من الهيمنة على سلاسل التصدير والتصنيع فى العالم.
وأوضح «الدمرداش» أن تحقيق طفرة اقتصادية ولمس المواطن جهود التنمية؛ يتطلب رفع مُعدل التنمية والناتج القومى المحلى بشكل عالى جدًا؛ مُتجاوزًا على الأقل ضعف مُعدل النمو السكانى وليس العكس؛ مُؤكدًا أن العلاج الجذرى للزيادة السكانية يتطلب وقف النزيف السكاني، والاهتمام بالكتلة البشرية والنهوض بالعملية التعليمية والمعرفية والمهارات والتدريب. 

وتابع أن من الأسباب الهامة فى إنهاء أزمة التكدس السكانى والنمو السكانى المُتسارع؛ لابد أن يتزامن مع وقف نزوح المواطنين من الأرياف إلى المُدن وتحديدًا القاهرة؛ واصفًا إياها بـ«أريفة الحضر»؛ مؤكدًا أن الهجرة الداخلية إحدى الأزمات التى تُعانى منها مصر منذ أكثر من ٦٠ عامًا؛ وهو الأمر الذى جعل ثُلثى المصريين يعيشون على ٦٪ من مساحة مصر فقط؛ وأدى النمو السكانى لاستقطاع جزء كبير من أراضى الدلتا. وفى يناير ٢٠٢٠، قال الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، إن المصريين يعيشون فقط على ٧٪ من مساحة مصر الإجمالية، مضيفًا أن هذا الحيز العمرانى أصبح غير قادر من الناحية الاقتصادية، على إعالة ١٠٠ مليون مصري، مؤكدًا أن ٢٦٪ من مساحة مصر قابلة للتنمية العمرانية.

الدكتور شريف الدمرداش الخبير الاقتصادي 

عرفة: الزيادة السكانية مسؤولية المحافظين

من ناحيته، قال الدكتور حمدى عرفة، أستاذ الإدارة الحكومية والمحلية: إن وقف توغل الزيادة السُكانية تقع مسئوليته من ناحية كبيرة على ٢٧ محافظًا، فعليهم دور كبير فى إدارة إعادة التوزيع السكانى من جانب والتوعية السكانية من جانب آخر؛ ويأتى ذلك من خلال تدشين وإدارة الندوات التثقافية فى أكثرمن ٤٢٠٠ مركز شباب موزعين على مستوى محافظات الجمهورية. 
 وأضاف «عرفة» فى تصريحه لـ«البوابة»، أنا مُبادرات التوعية فى مراكز الشباب تأتى تزامنًا شن قوافل توعوية لـ٥١٠٠ وحدة صحية منتشرة فى المراكز والقرى؛ وذلك فضلًا عن التوعية من خلال أماكن العمل من قاعة المؤتمرات بأفرع الـ٣٣ وزارة المُجودة فى المُحافظات؛ وذلك بعد وضع كُل مُحافظ خطة استراتيجية للاستفادة من الزيادة السكانية فى العمل الخاص والعام ووضع خطة لتنمية الأسرة المصرية.

الدكتور حمدى عرفة، أستاذ الإدارة الحكومية والمحلية


وأوضح «عرفة» أن طبقا لقانون الإدارة المحلية رقم ٤٣ لعام ١٩٧٩ من المادة ٢٥ إلى المادة ٢٨ تشير إلى أن المحافظ مسئول عن القضايا المجتمعية ويقوم بالتنسيق مع الوزارات المختلفة لحلها، وتعد القضية السكنية من حيث التعامل معها من أحد أهم محاور ومهام المحافظين للتعامل معها مثل ما يحدث فى دول الاتحاد الأوربى وأمريكا.