على الرغم من توقيع الحكومة الإثيوبية اتفاق سلام مع جبهة تحرير شعب تيجراي، أنهى الحرب بينهما والتى استمرت قرابة العامين، إلا أن عشرات الآلاف من موظفى الخدمة المدنية فى تيجراي مازالوا يعانون بسبب عدم حصولهم على رواتبهم منذ يونيو ٢٠٢١.
وقال موظفو الخدمة المدنية إنهم الجزء الذي لم يلاحظه أحد ولكن الأكثر تضررًا من المجتمع الذين كانوا يتألمون بين الحياة والموت حيث أُجبروا على العيش فى منطقة حرب، دون رواتب لأكثر من عام.
وأوضحت صحيفة "أديس ستاندرد" الإثيوبية أنه بعد اندلاع الحرب التى استمرت عامين فى تيجراى فى نوفمبر من عام ٢٠٢٠، توقفت المؤسسات الحكومية تحت رعاية الحكومة الفيدرالية، وكذلك المؤسسات الإقليمية والمنظمات غير الحكومية عن دفع رواتب موظفيها.
لكن تم تصحيح هذا النمط خلال فترة الإدارة المؤقتة التى أنشأتها الحكومة الإثيوبية والتي استمرت بين ديسمبر ٢٠٢٠ ويونيو ٢٠٢١، وعندما استولت السلطات الإقليمية بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي على إدارة المناطق التي سيطرت عليها.
وقالت سلطات تيجراي إن أكثر من ١٣٠ ألف موظف حكومى لم يتلقوا رواتبهم عن الأشهر السابقة من يونيو ويوليو ٢٠٢١، ونزح أكثر من ٢٧٥١٦ موظفا حكوميا من غرب وجنوب تيجراي فى بداية الحرب ولم يتلقوا رواتبهم طوال مدة الحرب.
وقال المحاضر تيم ملا، فى كلية كوريم التقنية الواقعة فى منطقة الدبوباوى بجنوب تيجراي، والذى عمل لسنوات عديدة كمدرس. إنه مثل الآلاف، أصبح عاطلا عن العمل دون أى دخل بعد اندلاع الحرب، مضيفا "لم تدفع لى الكلية راتبا لمدة ١٦ شهرا، وحتى قبل الحرب، وقفت على أصابع قدمى لدعم والدتي، ولكن منذ بداية الحرب حتى الآن، وجدت نفسى فى وضع مالى خطير".
وأكد أن غياب السلام أثر بشكل رئيسى على العمال الذين يتقاضون رواتب والذين هم الأكثر تضررا، وتلقيت فقط ٣٠ كيلوجراما من المواد الغذائية على شكل مساعدات إنسانية فى غضون عامين".
وأشار إلى أنه بعد معاناة العامين الماضيين، وكونك "محظوظًا بما يكفي للبقاء على قيد الحياة حتى الآن"، لم يتغير شيء يذكر و"نحن فى أزمة حادة، وأعرب تيمى عن أمله فى أن تساعده الحكومة الإثيوبية فى تلقى رواتبنا بعد اتفاق السلام الأخير".
موظف مدنى آخر، وهو محاضر حاصل على درجة الدكتوراه، وكان موظفا فى جامعة ميكيل التى تديرها الحكومة الفيدرالية لمدة ١٨ عاما، هو من بين أولئك الذين عاشوا محنة مماثلة دون راتب، قائلا "لدى عائلة تتوقع منى أن أوفى باحتياجاتها الأساسية، لكننى لا أستطيع ذلك لأننى لا أتقاضى راتبا؛ قال المحاضر الذى طلب عدم الكشف عن اسمه: "كانت أيام الحرب صعبة، حتى بعد اتفاق السلام، توقعنا أن نتقاضى رواتبنا لكن لا يوجد تقدم".
وتفاقمت معاناة موظفي الخدمة المدنية فى تيجراى بسبب حقيقة أن البنوك، سواء المملوكة للدولة أو الخاصة، تم إغلاقها إلى جانب الخدمات الأساسية الأخرى، ولم يتمكن الناس من الوصول إلى مدخراتهم الخاصة. قال تيمي: "كان أقاربنا وأصدقائنا من أجزاء أخرى من إثيوبيا يرسلون إلينا القليل من المال لمساعدتنا على البقاء على قيد الحياة، ولكن ٤٠٪ من المبلغ أخذها السماسرة لأنه لم يكن هناك بنك".
ولم يسلم موظفو الخدمة المدنية فى تيجراى فى أماكن أخرى من البلاد، بما فى ذلك العاصمة أديس أبابا، حيث تم القبض على العديد منهم واحتجازهم لشهور ووجدت الأغلبية نفسها عاطلة عن العمل عند إطلاق سراحهم.
وكشفت موظفة من تيجراى فى إحدى الوزارات الفيدرالية فى أديس أبابا، والتى فضلت عدم ذكر اسمها، أنها احتُجزت لمدة شهرين فى عام ٢٠٢١ أثناء ذروة الحرب وتم إعلان حالة الطوارئ فى جميع أنحاء البلاد، وكانت واحدة من آلاف التيجراى التى اعتقلتها الحكومة الفيدرالية بشكل جماعي، ولكن عند إطلاق سراحها، تم إبعادها من منصبها نتيجة لاختفائها من العمل خلال شهور احتجازها.
وعلى الرغم من أنها ناضلت فى طريقها وتمكنت من العودة إلى وظيفتها لاحقا بمساعدة مفوضية الخدمة المدنية الإثيوبية، إلا أنها لا تزال فى حالة ذهول من المحن خلال تلك الأوقات.
ولعبت مفوضية الخدمة المدنية الفيدرالية دورا فعالا فى التعامل مع شكاوى مماثلة من موظفين مدنيين اعتقلوا خلال الحرب، ونتيجة لذلك فقدوا وظائفهم أو حرموا من رواتبهم خلال فترة التوظيف، وفقا لقاضى اللجنة، يبكال ميشيجياو، الذى أكد أن عدم وجود بيانات كاملة عن العدد الدقيق لموظفى الخدمة المدنية الذين أصبحوا عاطلين عن العمل فى المناطق المتضررة من النزاع بسبب تقييد الوصول بشكل أساسي، فإن اللجنة تناقش مع وزارة العدل والهيئات الأخرى ذات الصلة حول إيجاد طرق للعودة الموظفين الاتحاديين إلى وظائفهم والحصول على رواتبهم.
وفيما يتعلق بالموظفين الفيدراليين فى منطقة تيجراي، والذين هم الأكثر تضررا، فإن اللجنة تنتظر قرارا شاملا تتخذه الحكومة الفيدرالية، وأضاف إيبكال أنه "سيتم التحقيق فى أى شكوى وستدافع اللجنة عن الحقوق والموظفين".