مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للغزو الروسي واستعداد أوكرانيا لصد هجوم روسي جديد من جبهتها الشرقي، يضغط الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكثر من أي وقت مضى على الدول الصديقة لإرسال الدبابات والطائرات المقاتلة والصواريخ.
فمن لندن إلى بروكسل مروراً بباريس، حضّ الرئيس ازيلينسكي حلفاء بلاده على منحها طائرات مقاتلة حديثة لصدّ الغزو الروسي، لكن من الصعب تلبية هذا الطلب المعقّد بسرعة.
وقال زيلينسكي من قصر الإليزيه الأربعاء "كلما حصلت أوكرانيا على أسلحة ثقيلة بعيدة المدى في وقت أسرع، حصل الطيارون على طائرات في وقت أسرع، واقترب موعد انتهاء هذا العدوان الروسي وأمكن لنا العودة إلى السلام في أوروبا". وقدم الطلب نفسه قبيل ذلك في بريطانيا، وكرّره أمام البرلمان الأوروبي أمس الخميس.
لكن يظهر الغربيون حتى الآن تردداً في اتخاذ هذه الخطوة الإضافية خوفاً من التصعيد مع موسكو. لكن المحظورات تتساقط واحداً تلو آخر منذ عام، لا سيما بعد أن وافق حلفاء كييف في يناير على إمدادها بدبابات ثقيلة.
وتستبعد واشنطن حتى الآن تزويد أوكرانيا بطائراتها من تصنيع شركة لوكهيد مارتن، وهي واحدة من أكثر المقاتلات انتشاراً في العالم وتمتلكها العديد من الدول الأوروبية.حيث أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن إن بلاده لن تزود أوكرانيا بطائراتها الحربية "إف-16"، لكن هولندا لا تستبعد منح كييف بعض طائراتها من هذا الطراز، على أن تعوّضها واشنطن بمقاتلات اف-35.
فرنسا تتردد ولكن..
أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لنظيره الأوكراني أن "لا شيء مستبعداً". فتملك فرنسا 13 طائرة ميراج 2000-سي خرجت من الخدمة قبل بضعة أشهر و"لا تزال لديها بعض الإمكانات"، كما أورد أشخاص من محيط رئيس أركان القوات الجوية الفرنسية أن إعادتها إلى الحالة الطبيعية ستتطلب وقتاً، فضلاً عن عدة أشهر سيتطلبها تدريب الطيارين الأوكرانيين المعتادين على قيادة الطائرات السوفيتية الصنع من طرازي ميغ وسوخوي. وأن الطائرات الفرنسية لن تفيد الأوكرانيين حاليا فهم غير جاهزون بالتدريب واغلب الطائرات كذلك تحتاج للصيانات.
أما في ما يتعلق بالطائرات المقاتلة الحديثة الرافال، فتمتد مدة التدريب النموذجية ستة أشهر للطيار المتمرس، وهي فترة يمكن اختصارها إلى ثلاثة أشهر لكن ليس أقل.
ووفق خبراء وزارة الدفاع الفرنسية، ستتيح الطائرات المقاتلة الغربية ضرب القوات الروسية على مسافات بعيدة، وردع القاذفات الروسية من قصف الأراضي الأوكرانية. لكن الطائرات وحدها لن تكون حلاً سحرياً، فضلاً عن أن بعض نماذجها ليست مناسبة للمسرح الأوكراني. فطائرات تايفون واف-16 ليست مناسبة للقواعد الجوية البدائية التي يستخدمها الأوكرانيون لتجنب الضربات الصاروخية الروسية. ومنح طائرات تايفون لكييف سيكون شبه رمزي ولن يخدم مصالح القوات الجوية الأوكرانية. لكن قد يستحق الأمر العناء إذا سمحت السويد سياسياً بتزويد طائرات جريبنز أو إذا وفرت دول أخرى طائرات اف-18"، فهاتان الطائرتان قادرتان على الانطلاق من قواعد ترابية، ومتطلباتهما اللوجستية قليلة.
من جانبها، تلوح موسكو بالرد على محاولة منح أوكرانيا بطائرات حربية غربية وهذا سر تردد كل من واشنطن وباريس وبون.
وقد حذّرت السفارة الروسية في بريطانيا من أن شحنات الطائرات الغربية لن تمر بدون رد، منبّهة من الحصاد الدامي لجولة التصعيد المقبلة وما يترتب على ذلك من تداعيات عسكرية وسياسية على القارة الأوروبية والعالم بأسره.
وعلى إثر ذلك، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء أمس الخميس أن الطائرات المقاتلة الفرنسية لا يمكن "تحت أي ظرف" أن يتم "تسليمها في الأسابيع المقبلة" إلى أوكرانيا التي تطالب بها منذ مدة، وفضل دعمها بأسلحة "أكثر فائدة" ويكون تسليمها بشكل "أسرع".
وبعد قمة أوروبية بحضور نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تحدث ماكرون عن مسألة تسليم مقاتلات لأوكرانيا قائلا: "لا أستبعد شيئا على الإطلاق"، لكن هذا "لا يتطابق مع الاحتياجات اليوم". وأشار ماكرون إلى أن مدافع قيصر ونظام الدفاع الجوي متوسط المدى المقدَّم من فرنسا تفي بهذه المعايير.
وطوال جولته الأوروبية يومي الأربعاء والخميس، أصر الرئيس الأوكراني على أن بلاده بحاجة إلى طائرات مقاتلة لإنهاء الحرب التي تقودها روسيا.
وأكد ماكرون أن "نقاشه العميق جدا والدقيق جدا" مع زيلينسكي الأربعاء في باريس قد أظهر أن الأولوية تتمثل في "القيام بكل شيء لمساعدة (أوكرانيا) على المقاومة في الأسابيع المقبلة".
وكان قد واجه كل من الرئيس الفرنسي والمستشار الألمانية انتقادات لبطئهما في دعم أوكرانيا، حيث أعرب زيلينسكي في وقت سابق، عن إحباطه من ماكرون الذي استمر في إجراء مكالمات هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد الحرب. لكن الرئيس الأوكراني صرح لصحيفة لو فيجارو الفرنسية، إنه يعتقد أن ماكرون تغير عن موقفه، مشيرا إلى أن التزام ماكرون بدعم أوكرانيا لتحقيق النصر وحقيقة أنه فتح الباب أمام تسليم الدبابات الشهر الماضي أظهر ذلك.
بيد أن الرئيس الفرنسي يريد صادقا مساعدة أوكرانيا بكل قوة لكنه يخشى عواقب غضب الرئيس فلادمير بوتين والذي قد ينتهي بحرب عالمية ثالثة مدمرة.
بريطانيا تدرك "مخاطر التصعيد المحتمل" ولكن تلعب بالنار
أعلنت بريطانيا أنها تدرك "المخاطر التصعيدية المحتملة" لتزويد أوكرانيا مزيدا من الأسلحة الغربية، بينما قللت من احتمال تسليم كييف مقاتلات "تايفون" من طرازات قديمة لكنها منحت الضوء الأخضر لارسال طائراتها الحربية وتدريب الطيارين الأوكرانيين عليها
ولهذا حذّرت السفارة الروسية في بريطانيا من أن شحنات الطائرات البريطانية المتفق عليها لن تمر بدون رد، منبّهة " من الحصاد الدامي" لجولة التصعيد المقبلة وما يترتب على ذلك من تداعيات عسكرية وسياسية على القارة الأوروبية والعالم بأسرها.
وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس إنه يعمل على إرسال دبابات تشالنجر 2 بريطانية الصنع إلى أوكرانيا، لكنه يحتاج إلى تصريح من الدول الأوروبية الأخرى لإرسال طائرات تايفون.
وشدد على أن "بريطانيا لم تقل إنها سترسل بالضرورة طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا"، موضحا "ما قالته هو أننا سنبدأ التدريب لتحسين قدرات أوكرانيا، وربما بعد انتهاء النزاع".