يدقق بعينيه ويتفنن بأنامله ويعمل منذ أكثر من خمسين عاما، في تحويل خيوط الصوف إلى سجاد يدوي يعكس ثقافة شعب ما زال يحافظ على أصالته.
يكشف عن مدى المهارة التي يمتلكها هؤلاء الرجال الذين يفنون حياتهم في هذه المهنة، فكل نقش أو رسم على السجاد يشير إلى رمز من الثقافة المصرية العريقة، أو ذكرى ما زالت خالدة في حياة الرجل الستيني.
إنه عم رضا الرجل البالغ من العمر ستين عامًا، ويعمل في تصنيع السجاد اليدوي، ويعاني بشدة من الأحوال المأساوية التي ألت إليه مهنته الفريدة.
ففي أحد الأزقة العتيقة بمنطقة وسط البلد، وعلى مقربة من المشهد الحسيني يجلس الرجل الستيني يفتل الخيوط، لا يكترث إلى الشيب الذي غير ملامحه والعمر الذي أضحى في منتهاه، ولكن عشقه لتلك المهنة الفريدة أفقده رغبة الابتعاد عنها، ويجد ضالته في هذه الدكان الصغير وبين هذه الخيوط.
ويقول عم رضا خلال لقاء مع «البوابة»: «أنا مش عايز أكون مَلك ولا يكون معايا عربية.. إحنا عايزين نشتغل ونلاقي مكسب يعيشنا»، ويتشارك مع صديقه سعد العمل في صناعة السجاد اليدوي الذي يتفننان فيه طوال السنوات الماضية، ولكنهما يحملان جبالا من الهموم على عاتقيهما بسبب عدم توافر العائد المادي لهما.
يقول «رضا» إنه يعمل منذ أكثر من خمسين عامًا في تصنيع السجاد اليدوي، وكان أجره في العمل ريالا في الأسبوع، ولكنه عشقها وعمل بها طوال العمر ولا يتمني أن يتركها، ولكن التطور الذي طرأ على المهنة جعله يعاني بسبب السجاد الجديد الذي يصنع في المصانع والماكينات الآلية، ما قلل الطلب على السجاد اليدوي.
يتميز الصديقان بحرفية شديدة في العمل حيث يقول «سعد»: «بنرسم من خيالنا وكل الرسومات الفرعونية على السجاد، وكمان لو حد عايز يرسم صورته على السجاد بنرسمها عادي، مهنة كلها فن بس مين يقدر».
وأضاف أن المعاناة الحقيقة تتمثل في تسويق الإنتاج، حيث يعمل كل منهما على تصنيع سجادة لأكثر من ٣ أشهر، وبعد ذلك لا يستطيع أن يبيعها بالثمن المرضي، ولكن يعطي الفرصة للتجار للتلاعب بالأسعار، وذلك لأنه لا يوجد مكان حكومي رسمي يبيع إنتاج صانعي السجاد، ذلك بالإضافة إلى أن المهنة تقترب من الانقراض لعدم الاهتمام بها وليس هناك أشخاص جدد يتعلمونها.
