حذَّر الكاتب سامح فايز، الباحث في شئون الجماعات الإرهابية، من خطورة تزييف الوعي واللعب في العقول، مؤكدا أن المحتل أو المستعمر لا يحتاج إلى دبابات ورصاص من أجل السيطرة على الأوطان، بل يتجه فورا لحرب جديدة سلاحها الكتاب والسينما والمسرح والموسيقى من أجل ما وصفه بـ"اللعب في الدماغ"، وهو ما تحدث عنه باستفاضة في أحد فصول كتابه الجديد "الفرقة الضالة".
ولفت "فايز" إلى إقدام حسن البنا المؤسس لجماعة الإخوان الإرهابية على إنشاء مطبعة لنشر الكتب، وهي خطوة سبقت تأسيسه للتنظيم الخاص المسلح، في إشارة واضحة لإدارك مرشد الجماعة الإرهابية أن معركة تزييف الوعي هي المعركة الأكبر والأخطر.
في كتابه، أشاد مؤلف "الفرقة الضالة" بحلقات مسلسل "الاختيار3" التى أشارت إلى عداء جماعة الإخوان الإرهابية للمثقفين الذين تصدوا لهم فى عدد من الاعتصامات والمظاهرات الرافضة لحكم الجماعة، وفى الوقت نفسه أشار المسلسل إلى رغبة الجماعة فى بناء علاقات مع مثقفين لاختراق الوسط الثقافى، لذا جاء الفصل الرابع من الكتاب تحت عنوان «معركة الوعى».
ويؤكد المؤلف أن مصر واجهت ولا تزال العديد من محاولات اختراق وعيها وطمس هويتها لصالح سيطرة تنظيمات ومؤسسات وهيئات مدعومة بشكل مباشر من منظومة استعمارية تأبى أن تترك تلك المنطقة التى سرق الاستعمار خيراتها لمئات السنين، غير أن المواجهة قديما كانت صريحة ومباشرة، نكاد نراها أمامنا ظاهرة، أما الآن مع سيطرة الشركات متعددة الجنسيات على مجريات الأمور عالميا أصبحت المسألة أكثر تعقيدا.
ويقول «فايز»، إن مظاهر اختراق المؤسسة الثقافية لم تكن وليدة فترة حكم الإخوان، بل هى مسألة بدأت مع المؤسس الأول حسن البنا، تحديدا مجال الطباعة والنشر، مع تأسيس شركة الإخوان للطباعة، ثم شركة الإخوان للنشر بعد سنوات قليلة من تأسيس الجماعة، فى الأربعينيات من القرن الماضى، ثم دمجهما لاحقا فى شركة واحدة، تحت عنوان شركة الإخوان للطباعة والنشر شركة مساهمة مصرية، مسألة تكررت فى محاولة استقطاب بعض نجوم السينما أو الأدب أو المسرح.
ويتحدث «فايز» في كتابه عن قدرة عقل الإنسان على استقبال المعلومات فى لحظة واحدة، وقدرة هذه المعلومات على تشكيل سلوكه وآرائه ومعتقداته، ويرى أن الحركات الإسلاموية نجحت واهتمت بتأسيس دور نشر للكتب، ومطابع، وصحف، ومراكز بحثية، بنفس أهمية تأسيس خلايا عسكرية مسلحة، وهو ما فعله حسن البنا فى السنوات الأولى لتأسيس الجماعة، حتى قبل أن يؤسس النظام الخاص، الجناح العسكرى للجماعة.
واختتم الكاتب أن هذا الأمر يشير بوضوح إلى أن معركة تزييف الوعى هى المعركة الأكبر التى يضع التنظيم عليها كل آماله فى المرحلة الراهنة، بعد أن عجز عن المواجهة المباشرة مع مؤسسات الجيش والشرطة فى مصر، وهى معركة ليست وليدة اللحظة، بل هى ذات جذور ممتدة منذ أيام حسن البنا، ثم زاد نفوذها بعد التأسيس الثانى للجماعة، منتصف السبعينيات من القرن الماضى، وصعود نجم التنظيم الدولى للإخوان فى تلك الفترة، والعمل على نشر مصطلح أسلمة المعرفة، أو أخونة المعرفة.