عقد ملتقى الشربيني الثقافي، ندوة بعنوان "قناة السويس وصمود مدن القناة"، بحضور الدكتور عاصم الدسوقى، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، مصطفى رجب أستاذ الأدب والبلاغة، وأمين عام حزب التجمع بالقليوبية كامل السيد، والنائب محمد عبدالعليم داود، والكاتب محمد الشافعي، والكاتب عبد الحميد ﻛﻤﺎﻝ.
في البداية وجه الكاتب الصحفي محمود الشربيني، تحية وطنية للجميع، واصفا ملحمة شق قناة السويس بالخالدة، التي دفع فيها شعبنا البطل من أرواح أبنائه الآلاف على مر الزمان.
وقال: "كم من السياط ألهبت ظهر أجدادنا، كم من الهروات خدشت كبرياء أهلنا البسطاء، كل لسعة كرباج لا زلنا نشعر بها اليوم وكأن ظهورنا هي التي تلسع بالكرباج، كل جرعة موت جراء جوع أو عطش توجع بطوننا إلى الآن، هذه قناة شقت بدمائنا".
وأشار إلى مقدمة الطبعة الجديدة من كتاب "مشكلة قناة السويس" لمؤلفه الدكتور أحمد عبدالرحيم مصطفي، حيث كتب الدكتور أحمد زكريا الشِّلْق قائلا: "لقد شهد يوم ٢٥ أبريل عام ١٨٥٩ أول ضربة فأس في ثري المنطقة التي صارت بورسعيد الآن، واستمر العمل فيها عشر سنوات حتى تلاقت فيها مياه البحرين في بحيرة التمساح في نوفمبر عام ١٨٦٩التي قامت على ضفافها مدينة الإسماعيلية، بعد أن دفع الفلاحون من أبناء مصر ثمنا باهظا من دمائهم وأرواحهم، حين سخروا في الحفر وحمل الأتربة دون أن تساعدهم آلة أو يرحمهم المشرفون الأجانب الذين كانوا يلهبون ظهورهم بالسياط فسقط منهم على جانبي القناة أكثر من 120 ألف شهيد .
ودعا الشربيني الحضور للوقوف لحظة إجلال على أرواحهم الطاهرة، تلك الروح التى لم يشأ حتي الخديوي اسماعيل وهو يفتتح القناة في الاحتفال أن يتذكرهم بكلمة.
من جهته استعرض الدكتور عاصم الدسوقى، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، تاريخ شق القناة منذ أن كانت فكرة وصولا إلى اطماع الاستعمار فيها، مشددا على أن قرار تأميم قناة السويس كان من أهم وأخطر القرارات، لأنه ليس صحيحا أن بريطانيا كانت ستتخلى عن امتياز قناة السويس في موعدها، كما يقول خصوم عبد الناصر .
وقال الكاتب الصحفي والمحلل الجيوسياسي أسامة الدليل، إن قناة السويس هي حصة مصر من النفوذ على خريطة العالم، وليست مجرد ممر ملاحي يربط الشرق بالغرب، وليست أيضا مجرد مشروع اقتصادي يجني ثمرة من رسوم المرور، فهي نفوذ استراتيجي في ذاتها وعندما أمم الزعيم الخالد جمال عبد الناصر الشركة العالمية لقناة السويس البحرية عام 1956، وقاتل المصريون لأجلها ودفعوا الدم مقابل ما هو حق وليس غنيمة دفع العالم ثمنا فادحا عند اغلاقها في 67 وإلى أن أعيد افتتاحها بعد نصر أكتوبر في يونيو 74، فهي ملحمة من النضال من أجل الحق والحرية وأعظم مكون من مكونات الثقل الجيوسياسي للدولة المصرية في عالم اليوم، ولن يمضي زمن طويل قبل أن نكافح من أجلها من جديد، في عالم يتغير بشكل عنيف ومتطور من أجل إعادة رسم خارطة النفوذ، بما فيها الهيمنة على الممرات الملاحية الدولية وأخطرها قناة السويس.
وأوضح النائب محمد عبد العليم داوود: إنه كان من بين الأصوات التي تصدت لتعديلات القانون الجديد الخاص بانشاء صندوق مملوك لهيئة قناة السويس، يهدف لتنمية موارد القناة من خلال استغلال وتعظيم قيمة أموال ستوضع فيه، وبحسب مشروع القانون، سيتمكن الصندوق الجديد من شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، وفي هذا خطر على المرفق، لأنه مع خطر الديون قد تتحول الأمور إلى ارتهان هذا المرفق لصالح الجهات الدائنة، فنحن نعاني من شروط صندوق النقد الدولي، التى تكبل مصر وقراراتها الاقتصادية، منوها بأنه تم إرجاء الموافقة النهائية على المشروع لجلسة قادمة.
وقال كامل السيد، أمين عام حزب التجمع بالقليوبية، إن مشروع تعديل قانون هيئة قناة السويس يثير الجدل وتخوف الغالبية المطلقة من المصريين لأنه بصياغته الغامضة يفتح الباب أمام بيع وتأجير قناة السويس ومشاركة الأجانب وطرح أسهمها فى البورصات المحلية والعالمية، ويكتسب هذا التخوف بعدا مشروعا عندما ينضم لهذه التخوفات قامة قانونية بحجم المستشار عدلى حسين، والفريق مهاب مميش الرئيس السابق لقناة السويس ومستشار الرئيس حاليا، فى ظل تأكيد المسئولين شفاهة أن تخوفات الناس ليست فى محلها دون أن تضع هذه التأكيدات فى مشروع التعديل فى صياغة قانونية اعتمادا على الثقة لا النصوص، من جهة أخري فإن طرح أسهم القناة فى البورصات العالمية عمليا يعنى زيادة الدين الخارجى المتفاقم أصلا .
وطبقا للمفكر الوطني كمال زاخر: فإن قناة السويس تجاوزت كونها ممر مائى مؤثر واستراتيجى فى حركة التجارة ومن ثم الاقتصاد العالمى، إلى كونها رمزًا للنضال والدفاع الشعبى عن الحق والأرض والوجود فى تحد لكل حسابات التفوق التقنى والعسكرى والمادى وعنفوان القوة، كانت أسطورة فى حفرها وفى ادارتها حتى بعد انسحاب المرشدين الأجانب وفى الزود عنها ثلاثاً وفى استردادها مرة وعبورها أخرى وصونها دوماً، اختلط بل امتزج فيها قاطنوها مع جحافل من حفروها وعشقوها واختاروا ضفافها موطناً لذلك أورثوا أجيالهم الجلد والصمود والعزة، فصارت زاداً للوعى الوطنى وامتداداً لملاحم الإنسان المصرى وموالاً فى اهازيج الكرامة والعزة والأمل.
وطبقًا لرئيس الحزب الاشتراكي المصري المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، فإن القناة بالنسبة لمائة مليون من أبناء الشعب المصري، ليست مُجرد ممر عادي للمياه، مثله مثل ممرات أخرى عديدة، وليست مُجرد مصدرٌ للدخل الوفير المضمون وحسب، فعوائد البترول أضمن، وهو ممرٌ مصنوعٌ من الأنفة والكبرياء، حُفر بأظافر عشرات الآلاف من أبناء الشعب المصري النبيل، وتعمَّد بدماء عشرات الآلاف من شهدائه الأبرار، والسفن التي تبحر فيه، محوطةً بحفيف أرواحهم الطاهرة من كل جانب ومن هنا فليس من حق فردٌ واحد، وليس من المسموح لجيل واحد من المصريين يتنازل برعونة عن ملكية وميراث الأجداد للأحفاد وعلينا كما تسلمناها حرة معززة أن نسلمها إلى الأجيال القادمة على هذه الشاكلة وهذا عهد علينا لا يجب أن نفرط فيه .
وقال الكاتب الصحفي محمد الشافعي قناة السويس شريان اختصر الجغرافيا وصنع التاريخ ويخطئ إلى حد الخطيئة من يظن أن ما يجري بين البحرين الأحمر والمتوسط مجرد مياه مالحة فتحت تلك المياه نهر مقدس من دماء المصريين الشهداء الذين اقتادوهم بالسخرة ليموتوا تحت سياط الخائن الجلاد ديليسبس والشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في كل حروب مصر الحديثة.
من جهته أشار البرلماني عبد الحميد كمال، إلى أن السويس مدينة عريقة لها تاريخ وطنى ممتد عبر المعارك الوطنية، وخاضت كافة الحروب منذ الرومان والحملة الفرنسية والآن، ولولا المقاومة الشعبية للدبابات الأمريكية والإسرائيلية، وقيامها بردهم خارج السويس ما كانت هنا للفرحة والانتصار بحرب ٦ أكتوبر .