ما بين لحظة وأخرى تتوالى علينا مشاهد مأسوية آتية من المدن الحدودية الواقعة بين تركيا وسوريا، التي تصارع منذ الساعات الأولى من صباح أمس الإثنين، من سلسلة زلازل عاتية قضت على الأخضر واليابس في تلك المناطق، وبالتحديد في فجر الإثنين تعرضت منطقة كهرمان مرعش لهزة أرضية بقوة 7.8 درجات على مقياس ريختر لقياس الزلازل، قبل أن يتم تسجيل هزة ارتدادية ثانية بعد ظهر الإثنين بشدة 7.5 درجات.
وعادت الزلازل لتضرب تركيا مرة أخرى مساء اليوم الثلاثاء، حيث أفادت فضائية "سكاي نيوز عربية" قبل دقائق معدودة من كتابة هذه السطور بتعرض تركيا لزلزال جديد ضرب شرقي البلاد بقوة 5.7 على مقياس ريختر، ليعمق من جراح الأتراك والسوريين المكلومين منذ الأمس بعد سقوط ما يزيد عن 5 آلاف قتيل، والآلاف من المصابين.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء الثلاثاء، ارتفاع حصيلة ضحايا الزلزال إلى 3549 قتيل، ليرتفع العدد الإجمالي لضحايا الزلزال في سوريا وتركيا إلى ما يزيد على 5000 قتيل، حيث سجلت سوريا حتى صباح اليوم أكثر من 1400 قتيل على الأقل نتيجة الزلزال.
مشاهد إنسانية تدمي القلب من تركيا وسوريا
وفي الوقت الذي تعد فيه أعداد الضحايا مجرد أرقام لدى البعض، يعاني الشعبين السوري والتركي الأمرين، بعدما فقدوا أحبابهم وذويهم تحت أنقاض الزلزال، والبعض الأخر مما حالفهم الحظ نجوا من الزلزال بأعضاء مبتورة وعاهات في أجسادهم، ومن بين الصورة المؤثرة، أناس ناجون في تركيا يذرفون الدموع وهم ينظرون إلى بيوتهم التي صارت أنقاضا بعد انهارت على رؤوس من يسكنونها.
أم تضع مولودها تحت الأنقاض وتفارق الحياة
وبينما يتساقط ضحايا الزلزال في المدن التركية والسورية، انتشرت صورًا لمولود جديد لفظ أنفاسه الأولى تحت أنقاض زلزال سوريا، وبالتحديد في بلدة جنديرس شمال غرب حلب، وتداول نشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي صورًا للمولود بعد أن أخرجته فرق الإنقاذ، إلا أن والدته لم تستطع النجاة من ويلات الزلزال لتلفظ أنفاسها الأخيرة تحت الأنقاض.
ومن طفل حلب إلى الطفلة رغد إسماعيل، وهي الطفلة السورية التي رصدتها عدسات الكاميرات وهي تبكي بشدة بعد أن فقدت عائلتها بالكامل تحت أنقاض الزلزال، حيث فقدت والدتها وأشقائها.
وخرجت رغد محمولة بين ذراعي أحد عمال الإنقاذ دون أن تصاب بأذى، في مدينة أعزاز السورية فجر الإثنين، وقال قريب لها يتولى رعايتها إن شقيقها وشقيقتها ووالدتها الحبلى لقوا حتفهم جراء الزلزال، وفق سكاي نيوز عربية.
وقال أحد أقاربها ويدعي أبو حسام، في تصريحات صحفية عقب إنقاذ الطفلة، هناك خوف على الأب من كسر في الظهر، البنت بخير، الأم الحامل توفيت وتوفي كل من ابنتها عمرها خمس سنوات وابنها عمره أربع أعوام، وكانت أسرة رغد قد نزحت عن بلدة مورك خلال الحرب السورية المستمرة منذ أكثر من 11 عاما.
وأضاف أبوحسام إنه جرى إنقاذ أسرة أخرى في المبنى تتكون من أم وثلاثة أطفال.
فيديو الطفلة رغد:
طفلة تحتضن شقيقها تحت الأنقاض
وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لطفلة سورية في مدينة حارم بريف إدلب، تحتضن شقيقتها وتعمل على حماية رأسها تحت أنقاض منزلهم الذي هدم جراء الزلزال المدمر.
وأشار نشطاء سوريين إلى أن الطفلة وشقيقتها ظلوا تحت الأنقاض قرابة 17 ساعة حتى تم إنقاذهم وإخراجهم سالمين، حيث نشر الناشط السوري عمر مدنية صورة جديد للطفلتين تشير إلى أنهم بحالة جيدة بعد إنقاذهم.
إنقاذ طفل بعد تلقينه الشهادتين
وفي مشهد مؤثر، تناقلت وسائل إعلام محلية صورة لطفل سوري يتدلى نصف جسده الأعلى لأسفل فيما بقيت قدماه تحت أنقاض سطح عقار، وذلك بعد لحظات من وقوع زلزال تركيا وسوريا.
وأثار مقطع فيديو تلقين الطفل الشهادتين عندما حاول المواطنون الوصول إليه لكنهم فشلوا وسط حزن الملايين من مشاهدي مقطع الفيديو، وتلقين أحد الموجودين الشهادتين له قائلا: "لا تخاف عمو قول لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله".
وبالفعل ردد الطفل الشهادتين وراء الرجل بصوت باكٍ ما أثار حالة كبيرة من التعاطف معه والحزن على وضعه حتى تم إنقاذه، وفقًا لشبكة "أخبار حلب" السورية.
وكتبت الصفحة الرسمية لأخبار حلب عبر "فيس بوك": أخبار سارة تم انقاذ الطفل العالق في البناء السكني المنهار الذي سبق وتم نشر فيديو للطفل وهو عالق من قدميه، ألف حمدا لله على السلامة.
نزلاء دار مسنين يهربون من الزلزال إلى العاصفة الثلجية
وفي مدينة مالاتيا، شرقي تركيا، حيث البرد ودرجة الحرارة المنخفضة، وثق مقطع فيديو خروج نزلاء أحد دور رعاية المسنين، إلى الثلج، حتى لا يظلوا تحت سقف يمكن أن يقع في أي لحظة.
وبدأ المسنون وهم يرتعدون حول نار أوقدوها، عسى أن يشعروا ببعض الدفء، في انتظار إيجاد ملجأ يختبئون به، في حين يواجه عمال الإنقاذ ضغطا يُوصف بالرهيب.
تركيا.. لحظة إنقاذ طفل من تحت الأنقاض
ونشرت فضائية "عربي TRT" التركية مشاهد لإنقاذ طفل رضيع من تحت الأنقاض بعد أن تقطعت به السبل، حيث تمكن اثنين من رجال الإنقاذ من مساعدة الطفل على النجاة من تحت الأنقاض.
تحذيرات دولية من تضاعف أعداد الضحايا
حذرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الثلاثاء، من احتمال تضرر ما يصل إلى 23 مليون شخص من الزلزال المدمر الذي أودى بحياة الآلاف في تركيا وسوريا، مؤكدة أن عدد الضحايا قد يرتفع بشكل كبير مع عثور رجال الإنقاذ على مزيد من الضحايا.
من جهتها، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، يوم الثلاثاء، إن الزلزال والهزات الارتدادية التي دمرت عشرات الأبنية في تركيا وسوريا، ربما تسببت في مقتل آلاف الأطفال.
إنقاذ أطفال من تحت أنقاض زلزال تركيا وسوريا
وقال جيمس إلدر، المتحدث باسم المنظمة، خلال مؤتمر صحفي عُقد في جنيف: "الزلازل التي ضربت جنوبي تركيا وشمالي سوريا في وقت مبكر من صباح أمس، ربما قتلت آلاف الأطفال"،مضيفا أن المنظمة لم تتمكن من تحديد حصيلة محددة للقتلى من الأطفال.