جماعة الإخوان المسلمين تقود حملة مكثفة فى أوروبا ودوائر الديمقراطية الأمريكية من أجل شيطنة الدولة المصرية وإثارة الرأى العام العالمى والغربى ضد البلاد
منظمو ومرتكبو موجات الهجمات الإرهابية فى فرنسا وأوروبا هم نفس المسئولون عن آلاف الضحايا الأبرياء فى مصر
أقدم الديمقراطيات الغربية نصت فى دساتيرها وقوانينها على استخدام حالة الطوارئ وتقييد بعض الحريات عند الضرورة حتى تتمكن من مجابهة أى خطر على المجتمع واستئصاله
العديد من المنظمات فى الغرب تستقى معلوماتها من كوادر الجماعة الهاربين للخارج والمحكوم عليهم بأحكام قضائية تؤكد تورطهم فى عمليات قتل وسفك للدماء
كان الدفاع عن حقوق الإنسان هو القيمة التأسيسية للغرب خلال فترة ما بعد «النظام الشمولي» كما يعد أحد الأسس الفلسفية لعصر التنوير والثورة الفرنسية، والتى أطلقت الإعلان الشهير لحقوق الإنسان والمواطنة عام ١٧٨٩، إلا أن هذا المفهوم النبيل غالبًا ما يتم الإفراط فى استخدامه، بل وحتى تشويهه، من قبل عدد من الحركات والجهات الفاعلة التى لا علاقة لأجندتها الحقيقية بقيم حقوق الإنسان ولكنها تسعى فى الحقيقة إلى تحقيق أهداف سياسية تخريبية تحت هذه الذريعة. أفضل مثال على هذا الاستغلال المؤسف هو ما يتم تنفيذه، فى فرنسا وأماكن أخرى فى الغرب، من قبل العديد من المنظمات اليسارية المتطرفة المعادية للغرب والتى يطلق عليها «اليساريون الإسلاميون» والتى تهاجم الأنظمة العربية بشكل دائم، مثل مصر، تلك الدولة التى تقف على خط المواجهة ضد التنظيم المتعصب للإخوان المسلمين مصنع ومحرك الإرهاب الإسلامي، الذى أشعل النار وأراق الدماء فى العديد من الدول منذ ما سمى «الربيع العربي» والهبات الجماهيرية التى تلت تلك الفترة.
لقد قطعت مصر شوطًا طويلًا فى محاربة الإرهاب وعلينا أن ندعم جهودها لا أن نعيقها، فلسوء الحظ غالبًا ما يتم تجاهل هذا الاعتبار عندما يشن المدافعون عن حقوق الإنسان حملاتهم ضد مصر.
أود أن أذكركم بأن منظمى ومرتكبى موجات الهجمات الإرهابية التى تسببت فى مقتل مئات الأشخاص فى فرنسا وأوروبا هم نفس الأشخاص المسئولون عن آلاف الضحايا الأبرياء فى بلدى.
فى هذا السياق العالمى لمكافحة التطرف والإرهاب، صوَّت البرلمان المصرى لمشروع كبير لإعادة إعمار البلاد، ويتميز هذا المشروع بأنه يوسع أسس المفهوم التقليدى لحقوق الإنسان - مثل الحرية والمساواة وفصل السلطات - لتضمينها الحقوق الاجتماعية والاقتصادية الملموسة، والتى هى أساسية أيضًا شأنها شأن بقية الحقوق الطبيعية المذكورة فى الإعلان الفرنسى حقوق الإنسان والمواطن لعام ١٧٨٩ وكذلك فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الموقع فى باريس فى ١٠ ديسمبر ١٩٤٨ فضلًا عن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التى ولدت فى روما فى ٤ نوفمبر ١٩٥٠.
نتذكر جميعًا أن تعبير حقوق الإنسان يستخدم بشكل منهجى من قبل جماعة الإخوان المسلمين، التى تقود حملة مكثفة من أوروبا ودوائر الديمقراطية الأمريكية، من أجل شيطنة الدولة المصرية وإثارة الرأى العام العالمى والغربى ضد مصر. وباعتبارى مواطنًا مصريًا وخبيرًا متخصصًا فى شئون الحركات الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين والحركات الجهادية، لا يسعنى إلا أن أؤكد أن حملة التنديد التى يطلق عليها البرلمان الأوروبى مصطلح «انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر» لا تفيد إلا المتشددين وحركاتهم الإرهابية.
فى الحقيقة، هؤلاء الذين يشنون هذه الحملات ضد القاهرة يساهمون، طوعًا أو كرهًا، بسذاجتهم، فى إبطاء جهود مصر على طريق محاربة الإرهاب، ويسعون بشتى الطرق إلى التعتيم على أهمية الدور الذى يقوم به هذا البلد من أجل استعادة الأمن والاستقرار فى الوطن العربى وعلى مستوى العالم.
والغريب أن العديد من المنظمات فى الغرب تستقى معلوماتها بشأن حقوق الإنسان فى مصر، من كوادر جماعة الإخوان الهاربين للخارج والمحكوم عليهم بأحكام قضائية تؤكد تورطهم فى عمليات قتل وسفك للدماء واعتداء على منشآت تم ارتكابها فى مصر منذ عام ٢٠١٣ وأودت بحياة الآلاف من الأبرياء فى الشوارع والمساجد والكنائس والمنشآت الأمنية والعسكرية. وأتذكر هنا، أنه فى الوقت الذى قام فيه المدافعون الزائفون عن حقوق الإنسان بالهجوم على مصر، تناسوا أو تجاهلوا أنه لم يسلم مكان فى مصر ولا منشأة من اعتداء إرهابى طوال العشر سنوات الماضية.. أكثر من ألف ومائتى عملية إرهابية خلفت أكثر من أربعة آلاف شهيد من الجيش والشرطة والمدنيين من المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
قدم تنظيم الإخوان الدولى من العواصم الغربية، ليس فقط لندن، ولكن أيضًا من بروكسل وبرلين وستوكهولم، معلومات مغلوطة وكاذبة إلى العديد من نشطاء حقوق الإنسان ونشطاء اليسار المتطرف أو «اليسار الإسلامي» والذين يقومون بتداول أطروحات جماعة الإخوان الإرهابية فى وسائل الإعلام وصولًا إلى البرلمان الأوروبي.
لقد قطعت مصر شوطًا طويلًا، فى محاربة الإرهاب، وعلينا أن نقدم لها المساعدة بدلًا من عرقلة جهودها فى صراعها ضد تلك الجماعة.
وغالبًا ما يتم نسيان تلك الفترة، للأسف، عند الهجوم على مصر؛ لقد عرفت القاهرة ثورتين كبيرتين: الأولى شهدت خطف جماعة الإخوان المسلمين للبلاد فى يونيو ٢٠١٢، والثانية شهدت وصول الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى السلطة فى يونيو ٢٠١٤، بعد أن أصيب أكثر من ٣٠ مليون مصرى بالرعب جراء السياسة الفوضوية وقمع الحريات التى اتبعتها جماعة الإخوان ليقوم الجيش فى النهاية بالانحياز إلى الشعب وتنفيذ مطالبه بعزل الرئيس السابق محمد مرسى الذى أراد إقامة دولة إخوانية متشددة.
وعندما تم انتخاب الرئيس السيسى لاحقًا من قبل الأغلبية الشعبية، كان الاقتصاد المصرى على وشك الانهيار، والفوضى تعم المجتمع، وكان الإرهاب يغزو العاصمة والبلدات والقرى. فى تلك الفترة، ضربت المنظمات الإرهابية، التى يدعمها الإخوان المسلمون، الهيئات والمؤسسات ودور العبادة المسيحية والكنيسة البطرسية (بيت الأقباط الكبير) فى قلب القاهرة ولم تسلم حتى المساجد المعتدلة غير الخاضعة للإخوان من تلك الاعتداءات التى تسببت فى سقوط مئات الشهداء من المسلمين والمسيحيين.
كان من الضرورى إعادة بناء مصر بالكامل، وإعادة الانضباط إلى الشوارع وإخراج البلاد من الركود الاقتصادى والمالي، لذلك كان على البرلمان المنتخب فى أكتوبر ٢٠١٥ أن يتبنى قوانين تنتقص فى بعض الأحيان من بعض الحقوق السياسية مثل حرية التعبير والتظاهر وكذلك الحق فى التقاضى أمام القاضى الطبيعى وبخاصة للمدنيين. ولكن فى ظل ظروف الحرب على الإرهاب وحالة الطوارئ التى كانت تمر بها البلاد تم اللجوء لتلك القوانين، ونذكر هنا بأن أقدم الديمقراطيات الغربية نصت فى دساتيرها وقوانينها على استخدام حالة الطوارئ وتقييد بعض الحريات عند الضرورة وذلك حتى تتمكن من مجابهة أى خطر على المجتمع واستئصاله.
وهنا يمكننا أن نسأل أعضاء البرلمان الأوروبى سواء الخضر منهم أو اليساريين وغيرهم ممن صوتوا فى نوفمبر الماضى لصالح قرار ضد مصر: ماذا كانوا سيفعلون إذا انهارت مصر، وتحولت إلى مرتع للإرهابيين والمافيا وأولئك المتاجرين بالمهاجرين؟ ما الذى سيتبقى من حقوق الإنسان والمواطن إذا أفلست البلاد بالكامل وأصبحت مثل دول الساحل الأفريقى بعد سقوط القذافى والتى باتت مركزًا للإرهاب فى أفريقيا والبلدان العربية؟ وماذا سيحدث للسلام العالمى إذا سُمح للإرهاب بضرب استقرار المنطقة، من خلال زعزعة أمن واستقرار أكبر دولة عربية وأكثرها سكانًا؟.
سؤال آخر يجب طرحه على «التقدميين» ونشطاء حقوق الإنسان الغربيين الذين يدافعون عن نشطاء وكوادر الإخوان المسلمين الذين تم سجنهم فى مصر منذ عام ٢٠١٣ على خلفية قضايا إرهاب.. أولئك الذين يقدمونهم على أنهم «سجناء سياسيون» تحت ذريعة أن الإخوان قاموا بإنشاء حزب سياسى (حزب الحرية والعدالة) فاز مرشحه فى انتخابات الرئاسة عام ٢٠١٢:
هل تعلمون أن عبد الله عزام، مؤسس القاعدة وأستاذ أسامة بن لادن، كان أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين؟ وهل تعلمون أن سيد قطب صانع الأيديولوجية الإخوانية مع حسن البنا هو المؤسس و«الأب الروحي» للمنظمات الإرهابية والمرجع الأساسى لمنظرى القاعدة وداعش وحتى آية الله الخميني؟ وأن الراحل يوسف القرضاوى، كان أحد الشخصيات البارزة فى جماعة الإخوان المسلمين فى العالم وهو المؤسس المشارك لمعظم جمعيات الإخوان المسلمين الرسمية فى أوروبا، وهو المسئول عن مئات الفتاوى التى تدعو إلى القتل والإرهاب.
فهل تدرك منظمات حقوق الإنسان «المعادية للفاشية» التى تدافع عن الإخوان بدعوى أن البعض من تلك الجماعة يفضل العمل السياسى «الديمقراطى» على العنف حقيقة تلك الجماعات؟، هل يعرفون حقًا أن الإخوان كانوا معجبين بهتلر على سبيل المثال؟ وأن مفتى القدس أمين الحسيني، تلميذ حسن البنا ورفيقه فى تأسيس الجماعة كان أكبر المتعاونين مع ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، وقد رحب به الإخوان المسلمون كبطل فى القاهرة عام ١٩٤٥ عندما هرب من سجنه بفرنسا بعد إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية فى محكمة مناهضة النازية فى نورمبرج؟ هل سيسامح المناهضون للفاشية من الأوروبيين والغربيين الفاشيين الإسلاميين وما يروجونه من الأكاذيب والانتقادات للقادة الأوروبيين الوطنيين أو للقادة القوميين؟
تحديات متعددة:
إلى أولئك الذين يطالبون (عبثًا) من خلال دعوات وقرارات أعضاء البرلمان الأوروبى ضد مصر (فى نوفمبر ٢٠٢٢) بفرض حظر على الأسلحة الأوروبية إلى القاهرة، يجب أن نذكرهم جميعًا أنه كانت لدينا تحديات عديدة بالإضافة لمواجهة الإرهاب، وتقوية جهاز الشرطة ليقوم بدوره فى تأمين البلاد، وبناء قدرات الجيش المصرى كى يواجه التحديات المتزايدة فى المنطقة.. ليس فقط لمصر، ولكن أيضا للاتحاد الأوروبى نفسه؛ خاصةً أن هناك دولتين من أعضائه وهما اليونان وقبرص، تواجهان الكثير من التهديدات والتحديات فى شرق البحر المتوسط.
وفى هذا السياق العالمي، عززت مصر شراكتها الاستراتيجية مع فرنسا ووقعت اتفاقات مع اليونان وقبرص كما عززت شراكتها أيضا مع حليف فرنسا الآخر، الإمارات العربية المتحدة، التى تضم قاعدة عسكرية فرنسية. من جهة أخرى، قام البرلمان المصرى المنتخب بالتصويت على مشروعات قوانين لعملية إعادة إعمار كبرى فى إطار استراتيجية التنمية المستدامة للبلاد. وفى إطار تلك الاستراتيجية تم تطوير المفهوم التقليدى لحقوق الإنسان ليشمل الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، باعتبارها حقوقًا أساسية مثل الحقوق السياسية؛ فتمت إزالة العشوائيات، ومنح المواطن الحق فى سكن لائق، والقضاء على فيروس التهاب الكبد الوبائى C، وتحسين الخدمات الصحية، وتحديث التعليم، وهو أمر ضرورى لمحاربة التشدد، ومنح المرأة والأقباط الحق فى التمثيل السياسى المناسب - من خلال التمييز الإيجابي- أثناء الاستحقاقات الانتخابية، وبفضل هذه الإجراءات، حصلت المرأة لأول مرة فى تاريخ مصر على ٢٥٪ من مقاعد البرلمان. أما الأقباط، فقد حصلوا على ٣١ مقعدًا، أى ستة أضعاف ما كانوا يحصلون عليه فى البرلمانات السابقة.
كنا سنقدر لو أن المدافعين عن حقوق الإنسان المهتمين بما سموه «القمع» فى مصر والدفاع عن الإخوان المسلمين / الإرهابيين المسجونين منذ ٢٠١٣ على ذمة قضايا إرهابية، قد ذكروا تلك الإنجازات أو تابعوا الحوار الوطنى أو ما تقوم به لجنة العفو التى أفرجت حتى الآن عن أكثر من ١٢٠٠ سجين لم يدانوا فى قضايا عنف أو تخريب.
وأخيرًا، نطرح هذا السؤال على من يتهمون مصر وينتقدونها تحت ذريعة التدخل باسم حقوق الإنسان: هل يريدون منا من أجل إرضائهم أن نضحى بتماسكنا الاجتماعى والوطنى وسيادتنا والموافقة على آرائهم الموجهة ونساهم فى إشاعة الفوضى فى البلاد؟ ونجيبهم بأن مصر دولة ذات سيادة، وأنها قادت وما زالت تقود بمفردها الحرب ضد الإرهاب، ولن تتوقف عن ذلك حتى تحقق النصر الكامل، وأن الشعب المصرى وحده هو المخول وصاحب السلطة الوحيدة لمساءلة حكامه، وليس البرلمان الأوروبى أو غيره من المنظمات الدولية.
لمطالعة موقع ديالوج.. عبر الرابط التالي:
https://www.ledialogue.fr/