التحديات بسبب موقع فرنسا الجغرافى الاستراتيجى والتهديدات الجديدة تتطلب زبادة الميزانية بواقع 5 مليارات يورو سنويا
قدم الرئيس ماكرون، الجمعة ٢٠ يناير، تمنياته للقوات المسلحة وأعلن أن فرنسا ستنفق ٤٠٠ مليار يورو على الدفاع عنها بين عامى ٢٠٢٣ و٢٠٣٠.. هذا المبلغ مهم وكبير بالفعل ولكنه لا يكفى لهذا الملف.
إنه أمر مهم لأن قانون البرمجة العسكرية (LPM ٢٠٢٣-٢٠٣٠) سيزيد من ميزانية جيوشنا من حوالى ٤٤ مليار يورو فى عام ٢٠٢٣ إلى ٦٥ مليار يورو فى عام ٢٠٣٠ عن طريق إضافة ٣ مليارات يورو إضافية كل عام.
بالفعل، هذه الجهود الكبيرة مهمة للغاية لأنه يجب أن ترفع من قدرة وقوة أسطولنا من SSBN ومدى استطاعته إطلاق الصواريخ النووية التى تحملها تلك الأساطيل وبالتالى الحفاظ على مصداقية قوتنا النووية الرادعة. وكل هذا يمثل بالفعل القاعدة والملاذ الأخير لدفاعنا الوطني.
لكن لا يكفى مواجهة التحديات التى يتعين على جيوشنا مواجهتها بسبب موقع فرنسا الجغرافى الاستراتيجى والتهديدات الجديدة التى تظهر فى العالم منذ نهاية الحرب الباردة.
فى الحقيقة تعد فرنسا قوة قارية مثل ألمانيا وأيضًا قوة بحرية مثل بريطانيا العظمى بسواحلنا التى تبلغ مساحتها ١٨٠٠٠ كم (فرنسا وخارجها) ومنطقتنا الاقتصادية الخالصة التى تبلغ مساحتها ١٢.٥ مليون كيلومتر مربع (EEZ) التى تضعنا فى المرتبة الأولى فى العالم مع الولايات المتحدة بالإضافة إلى قوة الردع النووي. هنا يجب أن أؤكد أنه يجب على جيوشنا الحفاظ على المكونات الثلاثة: القوات البحرية والجوية والبرية جميعها على نفس المستوى؛ فى حين أن ألمانيا لا تحتاج إلى أسطول كبير (بطول مساحتها الجانبية على الناحيتين ٢٣٨٩ كم) وأيضا الوضع نفسه بالنسبة بريطانيا العظمى، التى تحميها قوات «شانيل البريطانية» وهى عبارة عن جيش بأعداد منخفضة.
وبالتالى فإن هذه الميزانية ستساهم فقط فى التخفيف من المشكلات التى تواجه جيوشنا والتى سألخصها بكلمة واحدة هى: العدد!
عدد أفرادنا غير الكافيين لمواجهة المهام المتعددة من خلال ضمان توافر عمليات كبيرة، وفى نفس الوقت وتوافر ظروف عسكرية مقبولة أو حتى محفزة. وبالتالى، فإن الجيش لديه حوالى ١٠٠٠٠٠ وظيفة فى الميزانية المفتوحة ولكن لا نحتاج هذا الرقم فى القيادات المختلفة فى القوات ولكن فى الوظائف الإدارية أيضا التى نعانى فيها من النقص نتيجة لصعوبة تجنيد الأفراد والاحتفاظ بهم. وهكذا فإن جنودنا يعملون بشكل مستمر يصل لأكثر من ٢٥٠ يومًا فى السنة والتعويض عن القيود الاستثنائية للحالة العسكرية لا يزال غير كافٍ على الرغم من اللحاق بالركب عن طريق توفير تلك الميزانيات الأخيرة.
تمت مناقشة العديد من مستلزماتنا وذخائرنا بشكل مكثف فى أوكرانيا بسبب معدل الخسارة وعدم توفر المستلزمات واستهلاك الذخيرة الذى لوحظ فى تلك المناطق ويضاف إلى ذلك بالنسبة لجيوشنا معدل الاستعداد التقنى والتشغيلى غير الكافى (DTO) والذى، وفقًا للمقرر لميزانية ٢٠٢٣، يبلغ حوالى ٥٠٪ فقط لطائرات الهليكوبتر التابعة للجيش، و٦٠٪ لسفن البحرية الفرنسية و٧٠٪ للقوات الجوية وأقصد الطائرات الحربية.
إذا كانت فرنسا تريد أن تكون قادرة ليس فقط على اللحاق بالركب فى جميع المجالات ولكن لمواجهة تحديات المستقبل، فسيكون من الضرورى الانتقال من عام ٢٠٢٦ إلى زيادة سنوية قدرها ٤ ثم ٥ مليارات يورو.
معلومات عن الكاتب
الجنرال جان برنارد بيناتيل.. دكتوراه فى الدراسات السياسية، وحاصل على درجة الماجستير فى الفيزياء النووية. له ستة كتب جيوسياسية، منها كتاب «تاريخ الإسلام الراديكالى ومن يستخدمه».. يتناول هنا زيادة ميزانية الجيش الفرنسى بعد التطورات التى تشهدها القارة الأوروبية مع اندلاع العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا.
لمطالعة موقع ديالوج.. عبر الرابط التالي:
https://www.ledialogue.fr/