ملك الريمونتادا، حلال العقد، رجل المواقف الصعبة، البديل الذهبي، ومنقذ الملكي، جميعها ألقاب أطلقتها جماهير نادي ريال مدريد على رودريجو سيلفا دو جوس، المعروف بـ«رودريجو»، الذي يعد نجمًا من نجوم النادي الإسباني في المواسم الأخيرة، والذي أسهم في تتويج فريقه ببطولة دوري أبطال أوروبا، والدوري الإسباني وكأس السوبر الإسباني وكأس السوبر الأوروبي وذلك خلال الموسم الماضي، وكان له بصمة بارزة في صعود الريال على منصات التتويج في كل بطولة حصدها.
رودريجو، شاب برازيلي يبلغ من العمر 22 عامًا فقط، ولد في 9 يناير 2001، والده لاعب كرة قدم سابق، الذي أسهم بشكل بارز في تكوين شخصيته مع الملكي، كما عمل على تدريبه في المنزل لتحقيق هدف نجله المنشود.
علي الرغم من ذلك فإن اللاعب الشاب يعتبر أن لديه أبوين في نفس العمر، هما إريك باتيستا والده الحقيقي، والثاني هو الكرواتي لوكا مودريتش أحد قادة الفريق الحاليين، لما تربطه بنجم خط الوسط علاقة مميزة.
وبالرغم من أنه كان قريبًا من انتقاله إلى الغريم التقليدي للريال، برشلونة، إلا أن ضغط مواطنه فينيسيوس جونيور عليه، ساهم في تغيير وجهته من كامب نو إلى سانتياجو برنابيو، فضلًا عن تأثره بنجم السيلساو، روبينيو لاعب الميرينجي السابق.
رودريجو وبيليه
بيليه، أسطورة كرة القدم البرازيلية الراحل، كان يعتقد أن نيمار دا سيلفا جناح باريس سان جيرمان الفرنسي هو خليفته في الملاعب بسبب مهاراته التي كان يقدمها خلال فترة ارتدائه قميص سانتوس في بداياته، لكن الجوهرة السمراء تخلى عن موهبة نيمار.
وأكد أن رودريجو هو الوريث الشرعي له في الملاعب لما يظهره من موهبة فذة وإقناعه بالشخصية القوية داخل أرضية الميدان، لذا ارتدى صاحب الـ22 عامًا نفس رقم بيليه 10 في سانتوس، ولم يمتعض من تحمل المقارنات مع ما يعتبره الكثيرون أفضل لاعب في التاريخ على الرغم من أن مساراتهم كانت مختلفة تمامًا.
بات الساحر البرازيلي الصغير، منقذًا لريال مدريد في الآونة الأخيرة، حيث يحل بديلًا في كتيبة المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، ويأتي معه الخبر اليقين والحل الأمثل لمشكلة اللوس بلانكوس في مباراة ما، ليصبح صانعا للمعجزات في 5 مناسبات سابقة مع فريقه.
كان أولها، في الجولة الأولى من دور المجموعات لبطولة دوري أبطال أوروبا في الموسم الماضي، وذلك أمام إنتر ميلان الإيطالي، عندما حل بديلًا لزميله لوكاس فاسكيز في الدقيقة 66، حيث هبط كحلال العقد، الذي انتزع للملكي فوزًا قاتلًا على ملعب جوزيبي مياتزا ووسط أنظار جماهير النيراتزوري، ليستلم كرة عرضية من إدواردو كامافينجا في الدقيقة 89 من لمسة واحدة أسكنها في شباك الحارس المخضرم سمير هاندانوفيتش، ليمنح ريال مدريد أول 3 نقاط مكنته من احتلال المركز الثاني بالمجموعة الرابعة وقتها.
وثانيها في 17 إبريل 2022، حينما كان الفريق المدريدي متأخرًا في نتيجة الشوط الأول من مباراته أمام إشبيلية بهدفين دون رد، بالجولة 32 من بطولة الدوري الإسباني، ونزل رودريجو إلى أرضية الملعب كبديل لزمليله كامافينجا في بداية الشوط الثاني، وبعدها بأربع دقائق فك شفرة مرمى الفريق الأندلسي بهدف قلص به الفارق.
ومن ثم حقق الفريق وقتها ريمونتادا مثيرة، عن طريق ناتشو فيرنانديز في الدقيقة 83، ليتأهب الجميع بعدها لانتهاء المباراة بالتعادل، عاد راقص السامبا مجددًا ليهدي الفرنسي كريم بنزيما هدف الحصول على الثلاث نقاط في الدقيقة الثانية من الوقت المحتسب بدلا من الضائع، حيث ساعدت هذه المباراة في اقتراب لقب الليجا من قلعة الميرينجي.
أما ثالثها، فكان أمام تشيلسي الإنجليزي في إياب ربع نهائي كأس ذات الأذنين في النسخة الماضية، وعلى ملعب فريقه سانتياجو برنابيو، قتل أحلام الضيوف في تحقيق ريمونتادا، بعد انتهاء مباراة الذهاب بين الفريقين بانتصار الريال بثلاثة أهداف مقابل هدف، حيث كانت النتيجة تشير بتقدم البلوز بثلاثية نظيفة، حتى قرر أنشيلوتي الدفع بالأسمر الصغير بدلًا من مواطنه كاسيميرو في الدقيقة 7.
وبعدها بدقيقتين قدم له والده الثاني مودريتش تمريرة سحرية، أسكنها شباك السنغالي إدوارد ميندي، لتتجه المواجهة من بعدها إلى شوطين إضافيين ليحرز بنزيما الهدف الثاني، وبالتالي يتأهل ريال مدريد إلى نصف النهائي بنتيجة 5-4.
بينما كان رابعها في مباراة تعد الأمتع في الموسم الماضي، أمام مانشستر سيتي الإنجليزي في إياب نصف نهائي البطولة ذاتها، بعدما انتهت المباراة الأولى في ملعب الاتحاد بإنجلترا بفوز السماوي بنتيجة 4-3، وفي لقاء العودة سجل الجزائري رياض محرز هدفًا في الدقيقة 73، ليعتقد الجميع أن الأكثر تتويجًا بالبطولة غادر المسابقة، إلى أن جاء دور البديل رودريجو في الدقيقة 90 ليحرز هدفًا.
لكن لم يعد هذا كافيًا، بل يحتاج نادي القرن في أوروبا هدفًا آخر ليتعادل في النتيجة ويعبر إلى النهائي، ليصبح ملك الريمونتادا بهدف في الدقيقة الأولى من الوقت بدل الضائع، لتلتقط جماهير الملكي الأنفاس، باحتكام الفريقين إلى شوطين إضافيين، نجح خلالهما بنزيما في إحراز هدف الفوز من ركلة جزاء، ومن ثم بلغ ريال مدريد المباراة النهائية للبطولة بعد تخطي السيتي بنتيحة 6-5.
فيما كان آخر المناسبات، عندما نجح في إعادة فريقه في مباراة الديربي أمام أتلتيكو مدريد في ربع نهائي كأس ملك إسبانيا، حيث ظل ريال مدريد متأخرًا في النتيجة لمدة نصف ساعة بهدف سجله موراتا في الدقيقة 19، حتى جاء الإنقاذ من الاقصاء خارج البطولة عن طريق رودريجو جوس في الدقيقة 79 بهدف مارادوني رائع، ليقود فريقه نحو شوطين إضافيين أمام الروخي بلانكوس، سجل بنزيما وفينسيوس هدفي التأهل لنصف النهائي.
وبحسب شبكة «أوبتا» للإحصاءت، فإن 12 من 27 هدفًا سجلها رودريجو بقميص ريال مدريد في مختلف المسابقات، جاءت في آخر 15 دقيقة من المباريات بنسبة 44.4% من أهداف الشاب الذي يستمد السحر والبركة من قدوته رونالدو الظاهرة، حيث كان يجلس بجواره في مقابلة تليفزيونية خلال بطولة كأس العالم قطر 2022، وارتداء رودريجو لقميص منتخب البرازيل في المونديال.
وقبل نهايتها وبعد أن صافح اللاعب قدوته، قام بلمس ساقي الأسطورة البرازيلية ثم مسح بيديه على ساقيه، في محاولة من لاعب ريال مدريد الشاب للحصول على شيء من سحر الظاهرة، وقال رودريجو لرونالدو حينذاك بعد مسح ساقيه: «دعني آخذ منك البركة»، ليقابل الظاهرة البرازيلية ذلك الموقف المفاجئ بالضحك.