ألقى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، اليوم الخميس، كلمة نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال قمة "داكار لتمويل تنمية البنية التحتية في إفريقيا"، التي يحضرها على رأس وفد رسمي يضم: الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والفريق كامل الوزير، وزير النقل، ومُمثلي مجموعة من الشركات المصرية العاملة في مجال البنية التحتية.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: أنقِلُ لحضراتكم تحيات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، والذي حالت ارتباطات مُسبقة دُون مشاركة سيادته في القمة.
وأعربَ عن تقديره للرئاسة السنغالية للاتحاد الإفريقي على مدار عام كامل، والتي شهدت جُهداً خالصاً من جانب الرئيس ماكي سال؛ لدعم مواقف القارة الأفريقية، والدفاع عن مصالحها في شتى المحافل الدولية.
كما توجّه رئيس الوزراء بالشكر إلى سكرتارية وكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية (النيباد)، لمساهمتها في الإعداد للقمة، ولما تبذُله من جُهود لحشد التمويل الدولي لمشروعات البنية التحتية القارية.
وتابع: أؤكدُ تطلع مصر لرئاسة "لجنة توجيه النيباد" على مستوى رؤساء الدول والحكومات للفترة من فبراير 2023 إلى فبراير 2025؛ لتعزيز الدور الذي تقوم به الوكالة على الصعيد الدولي، للتعريف بأولويات التنمية في أفريقيا، وسد الفجوة التمويلية، من أجل تحقيق أهداف أجندة التنمية الأفريقية 2063.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن ما تتضمنه هذه القمة من فعاليات وجلسات مهمة من بينها هذه المائدة المستديرة، وبحضور الشركاء الدوليين - بعد مرور تسعة أعوام على تنظيم النسخة الأولى لمؤتمر تمويل مشروعات البنية التحتية في القارة في عام 2014 - يحمل دلالةً واضحةً على تجديد عزمنا على تطوير الشراكة بين أفريقيا والشركاء الدوليين، بما يُمكّننا من إيجاد حلول ترفع عن شعوبنا عبء الأزمات المُتتالية، وتُسهم في تأمين مستقبل أفضل لهم.
وأضاف: إن محور تمويل الممرات الاقتصادية والمشروعات التنموية بقارتنا، لاسيما تلك المتعلقة بالبنية التحتية، يُعد ركيزة أساسية نحو تخطي التحديات القائمة والسعي نحو تنفيذ أهداف أجندة 2063، إذ تشير إحصاءات البنك الدولي إلى احتياج القارة الافريقية لما يقارب 100 مليار دولار سنوياً لسد الفجوة التمويلية المرتبطة بمشروعات البنية التحتية.
ثم انتقل "مدبولي" إلى الحديث عن 5 محاور تمثل ركائز َمهمة لتحقيق التطلعُات لدفع مجالات التنمية بالقارة السمراء، وأولها، أهمية بذل المزيد من الجهد لحشد التمويل لمشروعات الربط القاري في إطار برنامج تنمية البنية التحتية الأفريقية PIDA PAP 2 والتي من بينها مشروع الربط النهري بين بحيرة فكتوريا والبحر المتوسط، مشيرا في هذا الصدد إلى ما تُسهم به مصر من دور عبر الترويج للمشروعات المُشار إليها، ومن أمثلة ذلك استضافة مصر الاجتماع الوزاري الذي ضم الدول المشاركة في هذا المشروع يوم 12 ديسمبر 2022، والذي نتج عنه التوافق على تعزيز جهود حشد الموارد اللازمة لإعداد دراسات الجدوى الخاصة به.
وأردف قائلا: أمّا المحور الثاني فيتضمن الحاجة لقيام الدول الإفريقية على المُستوى الوطني بتحفيز سياسات تشجيع الاستثمار. وقد اتخذت مصر خطوات إيجابية في هذا الصدد ومن بينها إصدار "وثيقة سياسة ملكية الدولة"، وكذا إصدار "الرخصة الذهبية" للمشروعات الاستثمارية، وتعزيز مُحفزات الاستثمار في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لتكون منصة رئيسية لجذب الاستثمارات في المنطقة، والاعتماد على نهج الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ثم تطرق رئيس الوزراء إلى المحور الثالث الذي يركز على أهمية مشاركة الدول الافريقية لخبراتها فيما بينها، قائلا: انخرطت مصر في تجربة تنموية رائدة في مجال البنية التحتية على مدار الأعوام الثمانية الماضية، وبلغت الاستثمارات في مجال البنية التحتية ما يقارب 170 مليار دولار، ولم يُسهم ذلك فقط في تطوير شبكة البنية التحتية القائمة، وبناء مدن جديدة تعمل على جذب الاستثمارات، بل أسهم أيضا في توفير نحو 5 ملايين فرصة عمل للشباب المصري.
وتابع: أود ُفي هذا السياق الإشارة إلى المشروع التنموي الضخم الذي يُنفذ بأيادٍ مصريةٍ وتنزانيةٍ، وهو مشروع سد "جوليوس نيريري" في تنزانيا، والذي يُعد نموذجاً يُحتذى به للتعاون بين الدول الأفريقية في المجال التنموي، ويُبرز الإمكانات والخبرات التي راكمتها الشركات المصرية في مجال البنية التحتية، وتقف مصر على أتم استعداد لمشاركة كل الخبرات مع الدول الأفريقية الشقيقة.
وأشار إلى أن المحور الرابع يتمثل في وجود دور ومسئولية على الشركاء الدوليين، ومؤسسات التمويل الدولية؛ لسد الفجوة التمويلية في مشروعات التنمية المُستدامة، وتخفيف أعباء الديون عن الدول الأكثر تضرراً، إذ وصلت مُعدلات ديون الدول النامية لمستويات خطيرة جاوزت الـ 250% من إيراداتها، ويتطلب الأمر إجراءات عاجلة، منها استمرار تفعيل مبادرة مجموعة العشرين لـتعليق الديون، بجانب صياغة آليات لتحويل الديون إلى استثمارات.
ولفت قائلا، ولا يفوتني هنا التأكيد على أهمية تفعيل مبادرة حصول القارة الإفريقية على مقعد بمجموعة العشرين الاقتصادية، لما سيمثله ذلك من فرصة لإيصال صوت الدول الأفريقية، وصياغة سياسات أكثر اتساقاً مع الواقع.
وأوضح أن المحور الخامس يسلط الضوء على أهمية الاستفادة من "اتفاقية التجارة الحرة القارية" التي دخلت حيز النفاذ في عام 2019 خلال ترؤس مصر للاتحاد الأفريقي، إذ إن ثمار اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية لا يمكن جَنْيُها دون استثمارات كبيرة لتحقيق الربط القاري، وتُعلي مصر من أهمية هذا المحور في ضوء رئاستها الحالية لتجمع الكوميسا.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أهميةَ أن نأخذ هذه المحاور في الاعتبار عند صياغة مقاربة لتعزيز جهود التنمية في قارتنا الأفريقية، خاصة في ظل الظروف الدولية الراهنة، مُعربا عن أمله أن يتبنى اجتماع اليوم رؤية واضحة لكيفية تعزيز الشراكة مع الفاعلين الدوليين، لتمويل المشروعات التنموية بقارتنا، لا سيما تلك المتعلقة بالبنية التحتية، باعتبار الاستثمار في هذا المحور شرطاً رئيسياً للاستجابة لطموحات شعوبنا الأفريقية.
وفي ختام كلمته قال رئيس الوزراء: لا يسعني إلا أن أُجدد الشكر لدولة السنغال الشقيقة وفخامة الرئيس ماكى سال، على حسن الاستضافة وعلى تنظيم هذا المحفل المهم، والذي سوف يشهد نقاشات مُثمرة حول قضية من أهم القضايا المطروحة على أجندة عمل قارتنا التنموية.