لا يفقد "سور الأزبكية" لبيع الكتب القديمة والمستعملة والنادرة قدرته على جذب جمهور القراء وتحديد وجهتهم إلى ضالتهم من إصدارات الكتب المختلفة، فالزائر لصالة (4) بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ54، أول ما يجذب انتباهه هو كتلة كبيرة مجتمعة من البشر وكل ما خٌط على ورق، سواء جمعًا أو فرادى، ليكتشف لاحقا أنه في المكان المخصص للسور داخل المعرض.
واستطاع "سور الأزبكية"، ورغم دخول الكثير من إصدارات الكتب إلى العالم الرقمي، الحفاظ على رواده من المثقفين وهواة القراءة في الكتب والمجلدات القديمة والقيمة، فضلا عن خلق قاعدة جماهيرية كبيرة لدى الأطفال.. فيما تعد مقتنيات المكتبات القديمة ومكتبات الأشخاص هي المصدر الأساسي للكتب المعروضة في السور، ثم يقوم أصحاب مكتبات السور، التي يحمل كل منها رقما خاص بها، بتصنيفها وفرزها وعرضها.
ويعرف السور بأسعاره الزهيدة إذا ما تم مقارنتها بأسعار المكتبات الأخرى، إلا أن النسخ النادرة وغير المكررة من أمهات الكتب والمجلدات والنسخ التي تحمل توقيع مؤلفيها أو مقتنيات الشخصيات البارزة استثناء لهذه القاعدة.
وهذا ما أكده أحد أصحاب المكتبات المشاركة ضمن "سور الأزبكية" في معرض الكتاب ويدعي خالد عبدالجواد، لوكالة أنباء الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن أسعار الكتب لديه تبدأ من خمسة جنيهات ولا تتجاوز 150 جنيها، وأنه يشارك بمكتبته في معرض الكتاب منذ 25 عاما، موضحا أنه يحصل على الكتب من المكتبات والأشخاص، وكذا في تصفيات دور النشر والمكتبات المشاركة بمعرض الكتاب عقب انتهائه.
وقال محمد نبيل، الذي يشارك في معرض الكتاب أيضا منذ أكثر من 20 عاما، إنه يبيع في مكتبته الروايات وكتبًا باللغة الإنجليزية ودواوين أشعار وكتب في كافة التخصصات العلمية والأدبية.. وبسؤاله عن معيار تحديد أسعار الكتب المستعملة أو القديمة، قال "إنه يتم تحديد السعر وفقا لأهمية الكتاب أو المرجع".
أما محمد حلمي فأشار إلى أنها المشاركة الأولى له ضمن أجنحة "سور الأزبكية" في معرض الكتاب، معربا عن سعادته بحسن التنظيم.. فيما قال حسن عبدالحميد إنه يشارك للمرة الثالثة في المعرض، وهو من أبناء مدينة الإسكندرية وتوجد مكتبته بسوق النبي دانيال للكتب القديمة.
وأمدت منصات التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية سور الأزبكية وتجارة الكتب القديمة والمستعملة بدماء جديدة وانتعاشة حقيقية، تبدأ من التواصل مع أصحاب المكتبات القديمة والتعرف على مقتنياتهم، مرورا بعرض الكتب وتسويقها والترويج عن طريق الصفحات والمجموعات الإلكترونية، وصولا إلى إتمام عملية البيع عبر الوساطة الرقمية بين المشتري وتجار الكتاب المستعمل.
وفي هذا الصدد، أكد جميعهم أن لهم صفحة على "فيسبوك" باسم السور، كما يجمعهم "جروب" مشترك عبر "الواتس آب".. وحذر كل من على العسلي ومحمود مجدي، اللذين يشاركان في معرض الكتاب منذ بداياته، من أنه توجد صفحات ومواقع مزيفة عبر صفحات التواصل لا تخص بائعي سور الأزبكية، موضحان أنه للتأكد من حقيقة البائع عبر الإنترنت فيجب أن يطلب المشتري رقم المكتبة في حي الأزبكية بمنطقة العتبة، للتأكد من وجودها على الأرض وأنها لا تبيع كتبا مقلدة.
وتعد المجلات والجرائد القديمة والوثائق التاريخية هي الأعلى سعرًا في "سور الأزبكية"، حيث أوضح إبراهيم متولي أن أسعار الصحف تبدأ من 200، أما جرائد فترة الحكم الملكي فتعد الأغلى حيث تبدأ من 500 جنيه.
وهكذا سيظل "سور الأزبكية" رمزا وفكرة وقيمة وشاهدا على أجيال من المؤلفين والناشرين ومعاصرا لأجيال من القراء من الشباب والمراهقين يدفعهم الولع بالقراءة والبحث عن كتاب يتناسب مع إمكانياتهم إلى طرق أبواب السور وارتياد حدائق كتبه الوارفة.
يشار إلى أنه تتعدد أماكن بيع الكتب القديمة في مصر ما بين سور الأزبكية، وسور جامعة القاهرة، وسور السيدة زينب في القاهرة، وسوق النبي دانيال الشهير للكتب القديمة في الإسكندرية.
جدير بالذكر أن "سور الأزبكية" هو مكان لبيع الكتب القديمة يحاوط حديقة الأزبكية، التي كانت إحدى أعرق الحدائق النباتية في مصر، والتي أنشأها المهندس الفرنسي باريل ديشان عام 1872 على مساحة 18 فداناً.. ويضم السور حاليا نحو 132 مكتبة.